أخبار الآن| بكين – الصين (فورين بوليسي)

الصين تهدد حقوق الإنسان في العالم، هكذا أشار تقرير من مجلة فورين بوليسي إلى سياسات الصين تجاه التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بشكل عام، بوتيرة ثابتة وليست وليدة المواقف.

وأوضح التقرير أنه لا توجد حكومة تهدد نظام حقوق الإنسان الدولي مثل الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، وعلى الرغم من توقيعه على اتفاقيات دولية معينة، إلا أنها لم تكن أبدًا على استعداد لضمان الحق في حرية التعبير والمحاكمات العادلة والحرية الدينية والتحرر من التعذيب والعمل القسري، كما ترفض بكين دور مراقبي حقوق الإنسان داخل أراضيها، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والصحفيين المستقلين.

التقرير أشار إلى فشل التوقعات التي رجحت أن يجبر التعاون الاقتصادي للصين مع بعض الدول الغربية على الانفتاح، حيث كان من المفترض أن تؤدي المشاريع الحرة إلى مجتمع أكثر حرية.

ولكن في الواقع، أدى الصعود الاقتصادي والعسكري للصين إلى تعميق قناعة قادة الحزب الشيوعي بأن الاستبداد ضروري للازدهار الاقتصادي والاستقرار المدني.

وبنظرة سريعة على الانتهاكات التي ترتكبها بكين سواء كانت تقضي على الهويات العرقية المنفصلة بوحشية مثل ما يحدث مع مسلمي الإيغور في شينجيانغ عبر الإشراف على الرقابة الجماعية والضوابط الاجتماعية المتطفلة واحتجاز الكثير منهم في معسكرات الاعتقال ؛ أو حتى خنق أنشطة منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات ووسائل الإعلام الأجنبية؛ أو إلغاء الديمقراطية بشكل فعال في هونغ كونغ، بعض من تلك السياسات تعكس مدى عدم التزام بكين بمعايير حقوق الإنسان العالمية برغم  الانتقادات الدولية.

ويوضح التقرير أن عزوف بكين عن الاستجابة لضغوط حقوق الإنسان داخل حدودها ليس بالأمر الجديد، حيث تعمل بكين على استباق التطورات في جميع أنحاء العالم التي قد تؤدي إلى تآكل ضوابطها الداخلية، مثلما يصدر الحزب الشيوعي الصيني قرارات مسبقة، مثل إحكام قبضته بشدة على وسائل التواصل الاجتماعي خوفًا من أن تسهم شبكات التواصل في إلهام الصينيين للنزول إلى الشوارع اعتراضا على السياسات القمعية.

ويشرح التقرير استراتيجية بكين للقضاء على هذه التهديدات الناشئة التي قد تبرز سوء تعامل الصين مع حقوق الانسان، عبر تشكيل الحياة السياسية والمدنية على مستوى العالم، حيث تعمل الحكومة الصينية من خلال شبكة واسعة لضمان تمرير المبادىء التي يتبعها الحزب الشيوعي الصيني.

وفي الوقت نفسه، الصين تعمق أيضا سيطرتها على المؤسسات الأكاديمية في عدة دول من خلال توفير منح دراسية ولعل المثال الأبرز هو أكثر من 480 معهدًا مخصصًا لتدريس اللغة والثقافة الصينية داخل الكثير من الجامعات في جميع أنحاء العالم ويمولها الحزب الشيوعي، الذي يفرض على تلك الجامعات ما يتم تدريسه وكذلك انتقاء الطلاب الذين قد يلتحقون بتلك المنح.

ومن بين مئات الآلاف من الطلاب الصينيين الذين يدرسون في الخارج ، يرتبط العديد منهم بعلاقات مهنية أو عائلية مع الحكومة الصينية ، مما يثير أسئلة معقدة حول إمكانية التجسس وسرقة الملكية الفكرية في العلوم والتكنولوجيا.

كما يؤكد التقرير وجود  قوانين أمنية في الصين تفرض على الشركات الخاصة بالتكنولوجيا، تقديم جميع بيانات المستخدمين إلى الحكومة عند الطلب، لضمان سيطرة كاملة من الحزب الشيوعي على كل ما يتم تداوله او استخدامه بواسطة المستخدمين.

ويسرد التقرير شرحا أكثر في هذا الأمر، حيث يشير إلى جهود إعادة كتابة قواعد الإنترنت من خلال استبدال التركيز القائم للحقوق على الحرية الرقمية عبر فكرة ” السيادة الإلكترونية ” ، وهو مبدأ لمراقبة العالم الرقمي كما تراه الصين مناسبًا، بغض النظر عن حرية التعبير أو الخصوصية أو الحقوق المدنية الأخرى.

ومن خلال هذه الجهود ، تعمل الصين على ترسيخ نهجها القائم على الدولة لتقويض الحرية الإبداعية والأكاديمية والخصوصية ومعايير حقوق الإنسان الأخرى خارج حدودها.

ولا تعمل الصين على تقويض معايير حقوق الإنسان فحسب، بل تعمل أيضًا على إعادة صياغتها، ففي مجلس الأمن الدولي ، منعت بكين قرارات لحماية المدنيين في سوريا، والروهينغا في ميانمار، وضحايا الانتهاكات في فنزويلا، كما سعت بكين لتوسيع نفوذها بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث قامت بغرس المعايير التي تدعم سيادتها على حساب معايير حقوق الإنسان الأساسية.

ويوضح التقرير أن الصين تستغل كونها عضوا في المجموعة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، حيث تسعى لاختيار المرشحين لأدوار رئيسية في الأمم المتحدة ؛ بما تضمن أن هذه التعيينات لا تتحدى بكين.

وكمحاولة لمقاومة تلك السياسات الصينية، يعطي التقرير خططا لذلك، مثلاً في التكنولوجيا، يجب معالجة المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات وحرية التعبير على منصات مثل TikTok و WeChat الصينيتين، من خلال بروتوكولات عالمية جديدة تحمي المستخدمين من الاختراقات الرقمية.

ومن خلال تناول القضايا في الوقت المناسب التي تؤثر على حياة الشعوب، يمكن لمناصري حقوق الإنسان وضع الدبلوماسيين الصينيين في موقف دفاعي ، مع يجعل من الصعب على بكين التخفيف من نظام حقوق الإنسان والتلاعب به، كما يمكن للقادة الذين يحترمون الحقوق في الديمقراطيات مثل ألمانيا وكندا واليابان، من بين دول أخرى، زيادة هذه الجهود ،

ومع محاولات الصين في التوسع الإقليمي والعالمي وبسط نفوذها، فإنه ليس من المبالغة الإشارة إلى أن مستقبل حقوق الإنسان والديمقراطية على الصعيد العالمي قد يتوقف.، لذا فإن تركيز الجهود بشكل واسع النطاق دوليا، يضمن أن أطماع بكين التوسعية لن يجلب معه تصاعدا للقمع في العالم.