أخبار الآن | إيران iranwire

 

عندما عاد محمد طه زنجاني، طالب الصف الثالث في إيران، إلى المنزل وأطلع والده على الكتب المدرسية للعام الدراسي الجديد ، سرعان ما غضب والده. أكد فحص سريع للكتاب الشائعات التي كانت تنتشر على الإنترنت. كان هناك تغيير كبير في تصميم كتاب الرياضيات المدرسي للصف الثالث: تمت إزالة جميع صور الفتيات من الغلاف. في السابق ، أظهر غلاف الكتاب المدرسي خمسة أطفال يلعبون تحت شجرة ، بينهم فتاتان ، يرتدون الحجاب الإسلامي ويلعبون بشكل منفصل عن الأولاد. في الإصدار الجديد ، تم إزالت الفتيات ببساطة. الآن كان هناك ثلاثة أولاد فقط.

والد محمد ، محسن بيات زنجاني ، هو نجل آية الله زنجاني ، رجل دين مؤثر في مدينة قم المقدسة ونائب سابق لرئيس مجلس النواب. يظهر رده أن التعصب الذي أبدته ايران لا يثير غضب الآن فقط الفئات ذات الميول العلمانية من السكان ، ولكن أيضًا العديد من المتدينين.

كتب عبر تويتر “أنا على وشك الانفجار”. “في أي مكان في العالم تسكن؟ ما هي نسبة المجتمع الذين يشاركونك أفكارك؟ ”

إن تهميش المرأة والترويج للصور النمطية ليس بالأمر الجديد في ايران. في عام 2017 ، احتلت إيران المرتبة 109 من بين 160 دولة في مؤشر عدم المساواة بين الجنسين، الذي يقيس الصحة الإنجابية والتمكين والمشاركة في سوق العمل. في الأفلام أو التلفزيون الإيراني ، لا يُسمح للمرأة بلمس الرجل ، حتى لو أظهر الممثلون مشاعر بين أم وابنها على سبيل المثال. حتى وقت قريب لم يكن يُسمح للنساء بدخول الملاعب الرياضية وما زالت هناك قيود كثيرة.

وأصدرت وزارة التربية والتعليم بياناً لتبرير الأمر و”تفسير الغموض” بشأن الانتقادات، وجاء فيه أن سبب حذف صور الفتيات هو ازدحام الغلاف وتعدد المفاهيم الموجودة عليه، ولذلك “اقترح المعنيون بالمنظور الفني والجمالي والنفسي للكتب جعل الصورة أقل ازدحاماً”.

وأوضحت دائرة البحوث والدراسات التربوية في بيانها رداً على التساؤل بشأن حذف الصورة، “أنه كان من منطلق حمل الفتاتين لبعض الأشكال الهندسية، وتم استنتاج بعض الانطباعات مثل تعليمات بحذف صور الفتيات؛ إلا أنه ومع تصفح الكتاب وكتب الرياضيات الأخرى، سنجد صوراً لفتيات وطالبات، ومن ثم فلا صحة لوجود تعليمات بحذف صور الفتيات”.

وبعد هذا التصريح، تدخل “محسن حاجي ميرزائي” وزير التربية والتعليم وكتب في العاشر من سبتمبر (أيلول) على تويتر: “تجري التغييرات على الكتب الدراسية كل عام وفق تقييم المؤلفين، وقد كلفتُ رئيس دائرة البحوث والدراسات التربوية برصد وتعديل التغييرات التي طرأت على شكل ومحتوى الكتب الدراسية بحساسية تامة، نحن نهتم بمخاوف الشعب وفتيات الوطن يستحققن الاحترام” .

ويعتقد النقاد أن “علي ذو علم” مساعد قسم التحقيق في “مكتب حفظ آثار ومؤلفات الخميني” والرئيس السابق لدائرة البحوث والدراسات التربوية في إيران لعب دوراً رئيسياً في التغييرات التي طرأت على الكتب الدراسية خلال السنوات الأخيرة.

ورغم عدم تولي “ذو علم” هذا المنصب إلا في مايو المنصرم، يرى بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أنه إلى جانب مؤسسة أخرى بخلاف التربية والتعليم، هما المسؤولان عن هذه التغييرات.

 

 

وفي هذا الصدد، يصرح خبير علم الاجتماع التربوي “سعيد بيوندي” في رد على سؤال “الصحافة ليست جريمة” بشأن ما إذا جرت هذه التغييرات في الكتب الدراسية من قبل وزارة التربية والتعليم أم أن مؤسسة أخرى شاركت فيها، قائلًا: “حتى الآن لا نعرف ما إذا كانت هناك أي منظمة أخرى بخلاف دائرة البحوث والدراسات التربوية قد لعبت دوراً في هذا الأمر، لكن علينا أن نعرف أن هذه المنظمة كانت ولا تزال متأثرة بالقوى الدينية المتطرفة منذ السنوات الأولى للثورة، وبالطبع تتأثر وزارة التربية والتعليم بأكملها لا سيما فيما يتعلق بقطاعات وضع السياسات بهذه القوى الدينية المتشددة؛ ولطالما كانت لهم اليد العليا في المؤسسات التعليمية، فلم يكن بإمكان رؤساء الحكومة تعيين وزراء التربية والتعليم مباشرة، وكان يتم انتخابهم دائماً وفق رأي السيد علي خامنئي”.

ويشير “بيوندي” إلى أن النظام التعليمي الإيراني هو نظام ديني وشيعي التوجه، قائلًا: “في سياق مشروع الهندسة الثقافية العامة الذي يتبعه خامنئي بكل إصرار، فإن المدارس والجامعات ووسائل الإعلام مثل الإذاعة والتلفزيون تحتل المكانة الرئيسية، وإذا عدنا إلى التغييرات العديدة التي طرأت على الكتب على مدار الأربعين عاماً الماضية، سنرى أنها جاءت من جهات عليا حيث كانوا مهتمين بتقريب المناهج الدراسية من السياسات الدينية للحكومة والنظام؛ ومن ثم علينا ألا ننسى أن النظام التعليمي الإسلامي في إيران قد خصص أغلب برامجه في المناهج الأسبوعية لموضوعات دينية إسلامية مقارنةً بالأنظمة التعليمية في العالم، كما تشبَّع محتوى العديد من الكتب مثل اللغة الفارسية والدراسات الاجتماعية والتاريخ واللغة العربية بالمفاهيم الدينية”.

ويؤكد “بيوندي” على أن وزارة التربية والتعليم لم تكن مؤسسة مستقلة مطلقاً: “من غير المعروف من المسؤول عن هذه التغييرات، وما إذا كانت تتم من قبل الحكومة أم هيئة الدعاية الإسلامية أم مجلس الثورة الثقافية أم ربما من قبل خامنئي مباشرة، لكن الواضح هو أن وزارة التربية والتعليم لم تكن مستقلة، حتى أنه لم يكن بإمكان الإصلاحيين السيطرة عليها على مر العصور؛ ونتذكر جميعاً كيف أعرب خامنئي عن معارضته لوثيقة اليونسكو 2030 التي ترسم أفق التعليم المستقبلي والتي وافقت عليها دول العالم؛ وتشير لضرورة التعليم دون عنصرية، والمساواة بين الرجل والمرأة، وأهمية تعليم ثقافة السلام والصداقة، والتأكيد على العدالة التعليمية، والتعليم لخدمة التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، لكنه عارض هذا التوجه بشدة”.

 

هذه شروط ترامب لرفع العقوبات الأمريكية عن إيران
إثنا عشر شرطا أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إيران تنفيذها مقابل رفع العقوبات الأكثر قسوة في التأريخ, و إلا واجَهت كارثة اقتصادية.