أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (راديو آسيا الحرة)

كشف راديو آسيا الحرة، عن قصة يابانية برسوم “المانغا” لامرأة من أقلية الإيغور تعرضت للضرب والاحتجاز، انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في الأشهر الماضية.

فهل يستطيع فن المانغا تسليط الضوء أكثر على المعاناة اليومية التي يعيشها الإيغور في إقليم شينجيانغ , ولفت انتباه العالم للظلم الممارس بحقهم؟

تعتقد الكاتبة ورسامة الكاريكاتير اليابانية تومومي شيميزو، أن ما يحدث كافٍ لنشر ستة كتب من كتب المانغا، تشرح فيها بالتفصيل الاضطهاد الذي يعيشه الإيغور في شينجيانغ، من قمع يومي إلى حبس في معسكرات الاعتقال هناك.

وتقول سيدة الأعمال الإيغورية غلبهار جليلوفا، والتي كان احتجازها لمدة 17 شهرًا موضوع كتاب الفنانة شيميزو الثاني، “إن اهتمام كتب المانغا بتجربتها في معسكرات الاعتقال التي أنشأها الحزب الشيوعي الصيني، عملت على جذب الشباب للانضمام إلى الاحتجاجات الداعمة للإيغور.

واستعملت شيميزو في كتابتها نسقاً معيناً مع تأثير خاص، لتسليط الضوء على شهادات المحتجزين السابقين في الشبكة الواسعة من معسكرات الاعتقال في شينجيانغ، حيث يُعتقد أن السلطات الصينية احتجزت قرابة 1.8 مليون من الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى منذ أبريل 2017.

إلى ذلك، يحاول كتاب بعنوان “ما حدث لي” للمصور الثاني البالغ من العمر 50 عامًا مانغاكا، تجسيد تجربة النساء الإيغوريات داخل معسكرات الاعتقال، وذلك من خلال شهادة سيدة الأعمال الإيغورية غولبهار جليلوفا التي احتُجزت في أورومتشي عاصمة شينجيانغ ، بدءاً من عام 2017.

الكتاب الذي كُتب في الأصل باللغة اليابانية وتُرجم إلى الإنجليزية، صدر في 30 أغسطس باللغة التركية، ونال إشادة من وسائل الإعلام التركية، حيث تقطن جليلوفا الآن، حالها كحال 50.000 شخصاً من الإيغور ممن يعيشون في المنفى.

وتولي شيميزو من خلال أعمالها الفنية في الكتاب، اهتمامًا دقيقًا بالتفاصيل الصغيرة كالتعابير على وجوه كل من جيليلوفا وحراس المعسكرات الى كاميرات المراقبة التي تم تثبيتها على جدران الزنزانات.

وبناءً على روايات المحتجزين السابقين، تستخدم شيميزو أيضًا، الحوار والسرد لوصف تجارب محددة للمعتقلين، وصولاً إلى الكمية الضئيلة من ورق التواليت التي يتم توفيرها لهم كل يوم وكيف أُجبرت جليلوفا – التي تلقت تعليمها باللغة الروسية في كازاخستان – على حفظ الأغاني السياسية باللغة الصينية وترديدها في ظل المراقبة الدقيقة من قبل أمن معسكرات الحزب الشيوعي الصيني والمسؤولين، التي يقبع فيها قرابة 200 امرأة إيغورية تم احتجازهن إلى جانب جليلوفا في زنازين مختلفة.

ويسلط الكتاب الضوء أيضًا، على الطريقة التي تم بها حبس الكُتَّاب والمحامين والأساتذة والفنانين معًا، عقب مزاعم الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بأن المعسكرات هي مراكز تدريب مهني طوعية.
ويتضمن الكتاب بشكل خاص كذلك، قصة مؤثرة لامرأة إيغورية تم إحضارها إلى معسكر اعتقال جليلوفا، بعد فترة وجيزة من الولادة في المستشفى.

شيميزو، التي لم تجني أي ربحٍ من الكتب التي تكتبها عن الإيغور، أخبرت مؤخرًا خدمة الإيغور التابعة لـموقع راديو آسيا الحرة “RFA” من خلال المفكر الإيغوري في اليابان ” جوليستان” ، أنها سعيدة بأن معاناة الإيغوريين في شينجيانغ أصبحت محط اهتمام أكثر بسبب كتب المانغا الخاصة بها.

وأوضحت أنه في خريف العام 2019،  صُدمت بعد مشاهدتها مقطع فيديو لغلبهار جليلوفا، التي كانت في تركيا في ذلك الوقت، تحدثت فيه عن قيام السلطات الصينية بحلق شعرها في المعسكر، ما دفعها إلى تسليط الضوء على قصة جليلوفا.

وقالت الفنانة اليابانية، “لقد فهمت أنه لا يمكن للعديد من الأشخاص الخروج من معسكرات الاعتقال في شينجيانغ، ولا يستطيع الكثير من الناس الشهادة بالنيابة عنها، ولذا قررتُ استخدام رسوماتي للفت انتباه وعي المجتمع الدولي بقصتها.

وأشارت شيميزو، إلى أن الصين تدفع باتجاه الرواية التي تزعم فيها، أن الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى “يعيشون حياة سعيدة” في إقليم شينجيانغ وكأن شيئاً لم يكن!

وذكرت أن كذب الصين وتضليلها للحقائق بشأن معاناة الإيغور دفعها إلى رسم ما يحدث بالفعل، وذلك ليتسنى للقراء الفرصة لإصدار حكمهم بأنفسهم ويدركوا أن السلطات الصينية تكذب.

ولدى شيميزو، كتب مانغا أخرى حول تجارب المحتجزين داخل معسكرات الإيغور السابقين، تعتزم نشرها في اليابان في أواخر تشرين الأول\ أكتوبر، مؤكدة أنها تخطط لمواصلة إنتاج المزيد من الأعمال المشابهة حول الوضع في شينجيانغ.

وفي السياق ذاته ، صرحت رسامة الكاريكاتير اليابانية، أن هذه القضية ليست شأناً إيغورياً خالصاً فحسب، معربة عن امتنانها للعديد من الأشخاص حول العالم الذين تطوعوا بوقتهم لترجمة أعمالها في السنوات الأخيرة إلى لغات كالإنجليزية والإيغورية والتركية والفرنسية والإيطالية.

دور مهم

بدورها إذاعة آسيا الحرة تحدثت مع جولستان المفكر الإيغوري الموجود في اليابان حول الصيغة التي استخدمتها شيميزو في إنشاء المانغا، والتي قالت إنها كانت اختيارًا متعمدًا بسبب معرفتها باهتمامات الجمهور في اليابان.

وقال إن شيميزو قامت في البداية برسم كل شيء بناءً على المعلومات التي تمكنت من جمعها، وما كانت تعرفه عن الوضع، ثم عرضت أولى رسوماتها عن الناجية من المخيم – غولبهار جليلوفا – وطلبت تعليقاً عمّا إذا كانت هناك أشياء مفقودة أو أشياء أراد جولستان أن يضيفها.

وبحسب جولستان، فإن الكاتبة اليابانية شيميزو، تلعب دورًا مهمًا في إيصال قضية الإيغور للقراء الذين يحبون أعمال المانغا اليابانية ونسقها، وخاصة جذب الشباب منهم ، لأن الكثير من الفئة الشابة شاركت في المظاهرات بعد قراءة أحد أعمال شيميزو.

وقال جولستان، إن أعمال شيميزو قد نالت الثناء أيضاً  لأنها استخدمت نموذجًا يمكنه “نقل ووصف الموقف بشكل مباشر” إلى قرائها، وأن حلمها هو رسم ونشر الأعمال التي تساعد في حماية حقوق الإنسان، وفي كشف الأشياء الخفية والسرية التي تحدث للإيغور، كالأشياء التي يساء فهمها جراء المعلومات المضللة لجمهور واسع من قبل السلطات الصينية، حتى يتمكن الناس من معرفة الحقيقة وتفهم الوضع.

الإعراب عن الامتنان

أدلت جليلوفا بتصريحات لإذاعة آسيا الحرة، مفادها أنه حينما كان من الصعب عليها سرد ما حدث لها، تأثرت كثيرًا بتفاني شيميزو في عملها وكانت سعيدة بالعمل معها.

وفي المقابل أيضاً، عبّرت شيميزو عن شكرها وامتنانها لجليلوفا، مضيفة أن كتب المانغا قامت بعمل ممتاز في تجسيد تجاربها إبان فترة احتجازها داخل معسكرات الاعتقال.

وتابعت جليلوفا في تصريحاتها للإذاعة ذاتها، أنها تأمل في عمل المزيد من المنشورات والمشاريع مثل “مانغا شيميزو” للمساهمة في لفت الانتباه إلى الانتهاكات التي يرتكبها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم بحق الإيغوريين في منطقة شينجيانغ.

ولفتت إلى أنها لا تعرف حتى ما إذا كانت رفيقاتها في الزنزانة لا زلن على قيد الحياة أو ما إذا قامت السلطات الصينية بتصفيتهن.

وقالت إنها خلال العامين الفائتين لم تتوقف عن الحديث عن تلك النساء.