أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (منى عواد)

أقلية الإيغور المسلمة تواجه حتى الآن أسوأ أشكال الاضطهاد والمعاملة السيئة داخل ما تسميه الصين بمعسكرات التثقيف او “إعادة التأهيل” ، لكن من الرجل المسؤول عن هذه المعسكرات وحتى عن عملية الإضطهاد برمتها؟ إنه المسؤول البارز في الحزب الشيوعي الصيني “تشين تشوانغو”.

من هو تشين تشوانغو؟

ولد “تشين تشوانغو” عام 1956 في إقليم هنان الداخلي، فكانت نشأته خلال الثورة الثقافية التي أطلقها الزعيم الصيني “ماو تسي تونغ”، وأراد منها سحق المعارضة، حيث قام بإطلاق ملايين الطلبة من المدارس العليا والجامعات ليخدموا كحرس حمر، ولكنهم سببوا الفوضى في البلاد، ودفعوا بها نحو حافة الحرب الأهلية . في سن الـ 18، انضم ” تشوانغو ” للجيش، ثم أصبح عضوًا في الحزب الشيوعي الصيني والتحق بالجامعة، وبعد تخرجه انضم لبلدية ريفية في إقليم هنان، ومنها بدأ رحلة صعوده داخل الحزب حتى أصبح عضوًا في المكتب السياسي.

تحوّل في حياة تشوانغو

في عام 2011 حدث تحول غير متوقع في حياة “تشوانغو”، عندما تم تعيينه كأكبر مسؤول حزبي في إقليم التبت، وفي ذلك الوقت كان “التبت” لا يزال يعاني من الاضطرابات، فعمل على فرض حزمة من الإجراءات الصارمة تجاه سكان الإقليم ، زرع كوادره في كل القرى والمعابد، كما إخترق ما كان مقدسًا في البوذية التبتية، وعمل على تكييفها مع الحضارة الاشتراكية، وأجبر معابدها على رفع الأعلام الصينية وتعليق صور قادة الحزب الشيوعي.

“تشين تشوانغو” وخلال السنوات الـ5 التي قضاها في “التبت” أشرف على إقامة شبكة متطورة من المراقبة والسيطرة ، وبعد نقله إلى إقليم “شينجيانغ ” في أغسطس/آب 2016، سرعان ما طرح إستراتيجيته الأمنية نفسها، وحقق في عام واحد ما استغرقه 5 سنوات في منطقة “التبت”.

ماذا فعل تشوانغو في شينجيانغ؟

بعد أن أسندت إليه إدارة إقليم “شينجيانغ ” أرسل “تشين تشوانغو” كوادر الحزب الشيوعي إلى قرى الإيغور , ونشر نقاط التفتيش على نطاق واسع وأغلق المساجد وجمع عينات من الحمض النووي وبصمة قزحية العين للسكان الإيغور , ووضع كاميرات مراقبة بالفيديو في أماكن وجودهم , وحلل محتويات أجهزتهم الرقمية.

كما بدأ بإجراءات قمعية لم يسبق لها مثيل ضد شعب الأيغور عبر ما يسمى التطهير الأيديولوجي ضد ما يسمى بمسؤولي الأ يغور ذو الوجهين” – وهو مصطلح تطلقه الحكومة على الأيغور الذين لم ينفذوا التوجيهات الشيوعية ضد أبناء جلدتهم بحذافيرها.

الأسوأ من ذلك كله أقام ” تشوانغو” معسكرات ما يسميه الحزب الشيوعي الصيني “إعادة التثقيف” التي يقبع فيها الآن أكثر من 1,8 مسلم , كما تسميها السلطات الصينية بالمستشفيات, إذ إنها تعتبر المعتقلين فيها مرضى يجب تطهير أدمغتهم من الفيروس الديني , وإعادة توطينهم وتثقيفهم سياسيا , فيجبرون على نبذ الإسلام وانتقاد معتقداتهم وترديد شعارات الحزب الشيوعي “.

لم يكتفِ “تشوانغو” بذلك فحسب، بل مارس رقابة صارمة على أداء الشعائر الدينية لمسلمي الإيغور، إذ أغلق المساجد ومنع تداول المصاحف، وحذف كل النصوص الدينية من المناهج الدراسية، ومنع كافة الاحتفالات الدينية للإيغور أو تطبيق شريعتهم الإسلامية فيما يخص الزواج أو الميراث ، وأجبرهم على الإفطار خلال شهر رمضان ، كما منع ارتداء النقاب والبرقع في الأماكن العامة، ومنع الرجال من إطلاق اللحى، أو إظهار الدين الإسلامي في أي مظهر شخصي. هذا وقد حظرت السلطات المحلية تعدد الزوجات، أو تصنيع وإرتداء اللباس الشرعي للنساء، أو أية ملابس تحمل رمز الهلال والنجمة، كما قامت بحظر الطعام الحلال، وأجبرت الطلاب في المدارس على تناول لحم الخنزير.

ويعيش في إقليم “شينجيانغ” ما يقرب من 23 مليون مسلم، بحسب إحصاءات رسمية، في حين تتحدث إحصاءات الأيغور عن أرقام أكبر من ذلك، وهم يشكلون نحو 45% من سكان شينجيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40%.

“تشين تشوانغو” تحول إلى سياسي لا يعرف إلا القليل خارج الصين، ولكن في الصين اكتسب سمعة باعتباره مبتكرًا في السياسة العرقية، ورائدًا في مجموعة من الأساليب الجديدة لتأمين حكم الحزب الشيوعي الصيني على الإيغور والتبت، والأقليات العرقية الأخرى في غرب الصين.

وفي إقليم شينجيانغ حازت أفعاله إضافة إلى مظاهر الولاء للرئيس الصيني “شي جين بينغ” ترقية منح إياها العام الماضي بضمه للمكتب السياسي القوي للحزب الشيوعي، ما يجعله واحدًا من بين أقوى 25 مسؤولاً في الصين.