أخبار الآن | بكين – الصين (يامن النواصرة)

في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية – الصينية توتراً كبيراً ، فإن اتفاقًا ثنائيًا كاسحًا يدق ناقوس الخطر لدى واشنطن، يجري التفاوض عليه بين الصين وإيران .

ومن شأن هذا الاتفاق أن يسكب الزيت على النار، مؤججاً العلاقة بين الولايات المتحدة وخصمها الرئيس الصين ، وأن يقوض محاولات البيت الأبيض لعزل إيران عالمياً.

مسودة مسجلة باللغة الفارسية من 18 صفحة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق من شهر يوليو، تم اعتبارها حجر الأساس لبناء شراكة في قطاعات التجارة والاقتصاد والسياسة والثقافة والأمن، برؤية متشابهة للعديد من المصالح الثنائية والمتعددة الأطراف، والتي ينظر فيها الطرفان إلى بعضهما البعض كشركاء استراتيجيين.

وظهرت الوثيقة المسربة عقب حرب إغلاق القنصليات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة .

في غضون ذلك ، جدد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تعهده بتوجيه “ضربة ” لأمريكا كرد على مقتل قائد فيلق القدس “قاسم سليماني” في يناير / كانون الثاني.

وفي 27 يوليو / تموز 2020 ، أظهرت صور الأقمار الصناعية، أن إيران قامت بنقل مجسمٍ لحاملة طائرات أمريكية الى مضيق هرمز لأغراض تدريبيةعلى ما يبدو,  لتعرب واشنطن عن إدانتها لسلوك طهران “المتهور وغير المسؤول”، مشيرة إلى أن هدفها هو “التخويف”.

ما هو فحوى هذه الاتفاقية؟

وفقًا للمسودة التي تم تسريبها، فإن الإتفاقية تمهد الطريق أمام استثمارات صينية بقيمة مليارات الدولارات في قطاعات الطاقة والنقل والخدمات المصرفية وحماية الأنظمة والشبكات والبرامج في إيران من الهجمات الرقمية.

حيث أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في 5 يوليو / تموز أن إيران تتفاوض مع الصين لمدة 25 عاما.

ووفقاً لصحيفة التايمز ، فإن مسودة الاتفاقية تعزز التعاون الصيني-الإيراني في تطوير الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية ، والتدريبات العسكرية المشتركة ، ويمكن أيضاً أن ترفع سقف الاستثمارات الصينية في إيران إلى 400 مليار دولار، لكن الاتفاقية لم يتم تأكيدها رسميًا من قبل البرلمان الإيراني أو كشف النقاب عنها علنا ​.

وردا على سؤال حول ذلك من مراسل في 13 يوليو ، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية “هوا تشاون ينغ”، “إن الصين تعلق أهمية على تطوير علاقات تعاون ودية مع الدول الأخرى، وإيران دولة صديقة تتمتع بتبادل وتعاون طبيعي مع الصين.

كيف تم التوصل الى الإتفاق؟

زار الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، طهران في يناير 2016 ، لفتح “فصل جديد” في العلاقات بين البلدين، وقد تمت هذه الزيارة بعد عام من إبرام الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، صفقة لكبح برنامج إيران النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، قبل أن يسحب الرئيس ترامب من جانب واحد من الاتفاقية.

وأُعلن عن الشراكة بين الصين وإيران على أنها حددت هدفًا لتطوير العلاقات التجارية بقيمة 600 مليار دولار.

ومع ذلك ، لم تكن التجارة مع إيران أولوية للصين في السنوات الأخيرة،  فالصين استثمرت في إيران بأقل من 27 مليار دولار في الفترة ما بين عامي 2005  و 2019 وفقًا لمعهد “أمريكان إنتربرايز” لكن طارئاً طرأ وجعل هذه الاستثمارات يبلغ قدرها 400 مليار دولار .

لماذا تريد إيران صفقة مع الصين الآن؟

ترى طهران، أن الاتفاق الجديد مع الصين، هو وسيلة للفوز بمزيد من العلاقات التي لم يسدها  حتى الآن سوى الفتور”، ولكن حتى لو خضعت التجارة بين البلدين لنوع من الدعم الموضح في المسودة المسربة ، فإن “الصين لا يمكنها التعويض بالكامل عن النقص في التجارة الأوروبية”.

وبالنسبة للصين، سيوفر النفط الإيراني مصدرًا إضافيًا مفيدًا للطاقة في الصين التي سعت منذ فترة طويلة إلى تنويع إمداداتها.

وفي الوقت نفسه ، تفتح الجغرافيا الإيرانية مسارًا بريًا إضافيًا لمبادرة الحزام والطريق في بكين، التي اعتمدتها الحكومة الصينية في عام 2013.

وفي هذا السياق قال “جون ألترمان”، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن ، إن “الصين لا تحتاج إلى إيران ، لكن إيران مفيدة للصين وبأقل التكاليف”.

ويضيف أن جزءًا من هذه الفائدة يأتي من عداوة طهران لواشنطن، وستؤدي إلى وضع إسفين بين الولايات المتحدة وحلفائها.

وبدوره، سيكون نعمة للصين التي تعتمد سياستها الخارجية على الاستثمار في شراكات ثنائية، بدلاً من تحالفات أوسع، كونها تسعى لبسط سيطرة بحرية.

وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية، في تصريح للتايمز، من أن الصين بتعاملها مع إيران، “تقوض هدفها المعلن الخاص لتعزيز الاستقرار والسلام” .

ما هو موقف الشعب الإيراني من هذا الاتفاق؟

رفض قاطع للإتفاق, وقد شبهه النقاد بمعاهدة تركمانشا المهينة ، التي وقعتها في عام 1828 بلاد فارس مع روسيا , وبموجبها تخلت إيران عن مناطق القوقاز المتبقية لروسيا.

وقال إيرانيون على وسائل التواصل الإجتماعي أن الاتفاق يستلزم أو يتضمن تخلي إيران عن أراض للصين ، أو السماح للصين بنشر قواتها في البلاد.