أخبار الآن | نيويورك – أمريكا (صحف)

في فصل جديد من إدعاءات الصين حول تعاطيها مع فيروس كورونا، وفي محاولة لامتصاص الغضب العالمي تجاه الحكومة الصينية بسبب تفشي الفيروس، دافعت بكين بقوة عن الإجراءات التي اتخذتها مدعية أنها لم تخف ظهور الجائحة في بداية تفشيها أواخر شهر ديسمبر الماضي.

وفي مؤتمر صحفي عقد اليوم الأحد، نفى مسؤول صيني كبير الاتهامات بشأن سلوك بكين، واصفاً إياها بـ “الغير مبررة وغير معقولة على الإطلاق”، في إشارة واضحة إلى الاتهامات والتقارير الاستخباراتية التي حملت بكين مسؤولية تفشي الوباء.

ووضعت الحكومة الصينية قوتها الدعائية الكاملة وراء تقرير نوقش في المؤتمر الذي عقده ثلاثة وزراء ونائب وزير ورئيس الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية في مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة اليوم الأحد.

ووصف “شو لين”، الوزير الذي يشرف على المكتب، طريقة تعامل الصين مع المرض بـ “البطولي”، وقال “إن معركة الصين ضد كوفيد-19 استثنائية ويجب تذكرها إلى الأبد”.

ودافعت الحكومة الصينية بقوة عن تعاطيها مع الوباء منذ تفشيه في مدينة وووهان الصينية، وأوردت في التقرير تفاصيل دور المسؤولين الصينيين في التعاطي مع الأزمة، وصور كذلك الصين كأنموذج عالمي يحتذى به في مواجهة الجائحة متناسياً  حجم الخسائر التي لحقت بالبشرية جراء تفشي كورونا على المستويين البشري والاقتصادي.

تلكؤ الصين بالكشف عن فيروس كورونا أحبط منظمة الصحة العالمية

وترى صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن بكين حاولت في التقرير توصيف الوباء على أنه “اختبار حاسم”، وبنت صورة شاملة “لجهودها المضنية” للتعرف على الفيروس ووقف انتشاره وتحذير الدول الأخرى منه، متجاهلة أخطاء الحكومة في بداية تفشي المرض.

واعتبر التقرير الصيني، أن المسؤولين المحليين والإقليميين تصرفوا بشكل حاسم، مدعياً أنه تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية بكافة التفاصيل منذ الثالث من شهر يناير الماضي أي مع بدء تفشي الوباء، كما سارع العلماء الصينيون إلى نشر تسلسل الجينوم، في حين وصف التقرير الزعيم الصيني “شي جين بينغ” بأنه لعب دورًا محوريًا طوال الأزمة.

وحاول التقرير إعطاء تصور عن مدى روح التضامن التي جمعت الشعب الصيني مع الحكومة في مواجهة الفيروس، وهو الأمر الذي كلل بالنجاح لصالح بكين التي تفتح دائماً ذراعها للشعوب في مواجهة الكوارث، كما يصف التقرير.

نسخة منقحة من الأخطاء

كما هو الحال مع الدعاية الرسمية الصينية، قدم التقرير نسخة منقحة من الأحداث والأخطاء، متناسياً المشاكل السياسية والبيروقراطية التي فاقمت الأزمة عندما ظهرت لأول مرة في مدينة ووهان بوسط الصين.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يتطرق التقرير إلى ذكر الطبيب “لي وينليانغ” الذي تم تهديده من قبل الشرطة لأنه أثار إنذارًا مبكرًا بشأن الفيروس ولاحقاً لقي حتفه جراء اصابته بالوباء، كما لم يذكر المدونين الصينيين الشباب الذين كانوا محتجزين بعد نشر مقاطع فيديو للمعاناة التي عاشها سكان مدينة ووهان الصينية.

التقرير لم يناقش كذلك تأخر المسؤولين المحليين في الإبلاغ عن حالات الإصابة والتقليل من هول تفشي المرض، بل بدلاً من ذلك أشاد بالمسؤولين الذين كرسوا أنفسهم وفق التقرير لهزيمة الفيروس.

فعلى سبيل المثال، لم يذكر التقرير دور المسؤولين الصينيين الكبار في بداية تفشي الوباء بشكل شفاف، ولم يذكر الزيارة التي قاموا بها إلى ميانمار المجاورة في منتصف يناير مع بدء انتشار الفيروس بسرعة عبر ووهان، كما لم يتطرق إلى إرسال رئيس الوزراء “لي كه تشيانغ”، ثاني أعلى مسؤول في البلاد إلى ووهان بعد فترة وجيزة من بدء إغلاق المدينة في 23 يناير، وجعله مسؤولاً عن التعامل مع رد الحكومة، بل أشاد بالمسؤول الصيني في عبارات عسكرية كوصفه بأنه قائد حازم في القتال، ويتخذ قرارات مهمة كل أسبوع وأحيانًا كل يوم، دون أن يتحدث عن قراراته بكل شفافية التي اتخذها أثناء تفشي الوباء.

بسبب فيروس كورونا.. دول ومنظمات وأفراد قد يجرون الصين إلى أروقة المحاكم

التقرير أشار كذلك إلى أن الزعيم الصيني شارك في مكافحة تفشي المرض منذ 7 يناير، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل حول دوره في ذلك الوقت.

وقرب نهاية فبراير، دعا ارئيس الصيني “شي جين بينغ” “إلى بذل جهد أكبر لتعبئة موارد البلاد بأكملها لتعزيز ووهان وهوبي، حسبما جاء في التقرير. وبعد ذلك بشهرين، قال إن البلاد “كسبت معركة حيوية في الدفاع عن ووهان وهوبي ضد الفيروس التاجي الجديد، وحققت نجاحًا استراتيجيًا كبيرًا في جهود المكافحة على مستوى الدولة”.

مخاطر الدعاية الصينية

لدى الصين الكثير من المخاطر في التصورات العالمية لأفعالها، وسواء كان لبكين دور سلبي أو إيجابي في التعاطي مع الوباء، فإنه لا يمكن إغفال التأثير الكبير لدور الدعاية على مكانة بكين العالمية في الأشهر والسنوات المقبلة وقدرتها على الاستمرار في لعب دور أكثر حزما في المنظمات الدولية وفي الشؤون الجيوسياسية.

وفي سبيل الغرض السابق، تكافح بكين للعب على تناقضات الأوضاع الحالية وماخلفها تفشي الفيروس، فعلى سبيل المثال تسلط الضوء وبشكل مركز على تفاقم تفشي كورونا في أمريكا في حين تصور الوضع في الصين على أنه مثالي مع حلات معدودة من الإصابات على أراضيها معظمهم أتوا من الخارج.

وسجلت أمريكا أكثر من مليون إصابة مؤكدة بالفيروس، فيما سجلت نحو 110 آلاف حالة وفاة، في مقابل تسجيل الصين نحو 84 ألف حالة إصابة ونحو 4634 حالة وفاة في البلاد.

واشتكى “ما تشاو شو” نائب وزير الخارجية الصيني بمرارة من الانتقادات الخارجية لمعاملة الصين للفيروس التاجي، واعتبر أن الانتقادات هدفت إلى “تشويه سمعة الصين”.

ما سبق يدلل على حقيقة واحدة، وهي أن الصين مهما حاولت تسويق انجازاتها حول التصدي لكورونا، فإن ذلك لا ينفي مسؤوليتها عن تفشي الوباء ولو كان بشكل غير مقصود، كما أن سمعة بكين باتت على المحك بعد هول الفاجعة التي ضربت العالم ومازال وقعها مستمر حتى الآن اثر تفشي جائحة كورونا المستجد، والتقارير الاستخباراتية والصحفية والتسريبات كلها تصب في خانة واحدة، “الصين مسؤولة عن تفشي الوباء وتتحمل وزره أمام البشرية جمعاء”.

أقرأ أيضا:

مجلس الشيوخ الأمريكي يُقرّ مشروع لفرض عقوبات على الصين على خلفية انتهاكات حقوق الايغور