أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (ألفة الجامي)

مرة أخرى تجد إيران نفسها محرجة أمام الرأي العام العالمي. تعامل طهران مع فيروس كورونا على ضوء ارتفاع اعداد المصابين والقتلى الى مستويات قياسية أثار عدة تساؤلات أمام مدى مسؤولة السلطات الإيرانية في الاستجابة للفيروس اولا والإعلان عن الفيروس في اوساط الشعب الإيراني من جهة واخرى..ومدى حرص طهران على المصداقية والشفافية مع الوضع الصحي للبلاد والذي وصفه المراقبون بالكارثي.

من داخل الحكومة الايرانية وبالتحديد من وزارة الصحة، جاءت التصريحات لتضرب قلب قلب النظام الايراني.

مسؤولان في وزارة الصحة الإيرانية ومسؤول وزاري سابق وثلاثة أطباء فضحوا النظام وكشفوا أن السلطات الايرانية تجاهلت تحذيرات الأطباء في أواخر ديسمبر كانون الأول ويناير كانون الثاني من تزايد عدد المرضى الذين يعانون من الحمى الشديدة والتهابات الرئة في مدينة قم التاريخية والتي تحولت الى بؤرة انتشار لفيروس كورونا في ايران.

صحافي إيراني: استجابة إيران لتفشي كورونا كانت بطيئة في البداية

ووفقا لمسؤول رفيع مطلع مباشرة على الأمر، فعندما علمت السلطات بالحالات المحلية لفيروس شبيه بالإنفلونزا في أوائل يناير كانون الثاني، لم تعلن عن الأنباء إلا بعد أسابيع، خشية أن يؤدي نشر معلومات مفصلة إلى إثارة مخاوف الرأي العام قبيل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 21 فبراير شباط.

وقال المسؤول “آخر شيء كنا بحاجة إليه هو جائحة. الروح المعنوية كانت منخفضة بالفعل”

وأضاف المسؤول الرفيع وأحد مسؤولي وزارة الصحة أنه علاوة على ذلك، كان هناك سبب آخر للقلق، فالفيروس نشأ في الصين، وإيران لا تريد المخاطرة بزعزعة علاقاتها التجارية والدبلوماسية الحيوية مع بكين، إحدى أهم حلفائها.

وفي 19 فبراير شباط، أعلنت الحكومة الإيرانية عن أول حالتي إصابة ووفاة بسبب فيروس كورونا المستجد، والذي يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في التنفس والالتهاب الرئوي.

إيراني مصاب بالكورونا: كثير من الناس ماتوا بسبب نقص الدواء.. والحكومة ضللت الشعب

وأعلنت إيران الآن أن عدد المتوفين بلغ 3294 أما إجمالي الإصابات المؤكدة بلغ 53183 إصابة 4035، منهم تحت الملاحظة وهو مصطلح ربما يشير إلى أنهم في حالة حرجة.

مما يجعلها الدولة الأكثر تضررا في الشرق الأوسط. وبحسب إحصائيات لرويترز، تم الإعلان عن أكثر من 900 ألف حالة إصابة على مستوى العالم.

وتأتي التفاصيل الجديدة عن تحذيرات الأطباء ولماذا لم تكشف المؤسسة الإيرانية في وقت مبكر عن انتشار الفيروس في أعقاب مزاعم بعض الإيرانيين، بمن فيهم مسؤولون سابقون وعاملون في القطاع الطبي، بأن الحكومة أعلنت حصيلة منخفضة للوفيات.

وتسلط هذه الرواية التي تستند إلى مقابلات مع مسؤولين وأطباء في إيران، الضوء على كيفية قيام الحكومات، سواء كانت ديمقراطية أو استبدادية، بأخطاء مماثلة في الحسابات.

طبيب من داخل طهران: الإصابات في إيران ستتجاوز الصين

وإيران ليست وحدها في مواجهة الانتقادات لغياب التعامل المبكر مع الفيروس. فمن الصين واليابان إلى إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، اتهم خبراء الصحة الحكومات بالتقليل في البداية من خطورة المرض أو عدم اتخاذ إجراءات سريعة بشكل كاف للحد منه.

وقال مسؤولون إن إيران، مثل الولايات المتحدة على سبيل المثال، واجهت صعوبات بسبب نقص معدات اختبار الكشف عن الفيروس التي كان من شأنها مساعدة البلاد على إدارة أزمة الوباء بشكل أفضل.

وتنفي الحكومة الإيرانية إخفاء الحقائق حول تفشي المرض. وقال الرئيس حسن روحاني خلال خطاب بثه التلفزيون في 18 مارس آذار إن حكومته كانت “صادقة وصريحة مع الأمة”.

وردا على أسئلة من رويترز حول ما إذا كانت الحكومة علمت بأمر وصول الفيروس إلى إيران في وقت أبكر مما هو معترف به، قال علي رضا مير يوسفي، المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك “ظهور فيروس كورونا وانتشاره السريع أخذ كل بلد، بما في ذلك الدول الغربية، على حين غرة. لم تكن إيران استثناء”.

وأضاف “فكرة إخفاء الوقائع بشكل متعمد أمر مناف للعقل”. وذكر أن منظمة الصحة العالمية أكدت أن الإجراءات الإيرانية “صارمة”. وقال مسؤولو منظمة الصحة العالمية في أوائل ومنتصف مارس آذار إن استجابة إيران للفيروس كانت منسقة وتتطور في الاتجاه الصحيح، لكن هناك حاجة لعمل المزيد.

هل باتت السيطرة على فيروس كورونا في إيران أمراً مستحيلاً؟

وقال المتحدث باسم الحكومة علي ربيعي على التلفزيون الحكومي في أوائل مارس آذار إنه تم تنبيه روحاني في 24 يناير كانون الثاني إلى التقارير التي تفيد بوجود فيروس كورونا في الصين وبعض الدول المجاورة وإلى أن إيران لديها سياح من تلك الدول. وأضاف أنه بعد يومين، أمر الرئيس باتخاذ الإجراءات اللازمة.

وقال المتحدث في التلفزيون الحكومي “لكن في ذلك الوقت لم نكن نعرف أن الفيروس دخل إيران”.

ذعر بين الأطباء:

ترتبط مدينة قم، التي تعد من أهم مدن إيران، بصلات وثيقة بالصين وتستضيف العديد من الصينيين. وقال وزير الصحة الإيراني علنا إنه يعتقد أن الفيروس وصل من الصين عن طريق تاجر من قم توفي بسبب الفيروس.

في 31 ديسمبر كانون الأول، أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية بحالات “التهاب رئوي لسبب غير معروف” . وبحلول 7 يناير كانون الثاني، اكتشف باحثون صينيون نوعا جديدا من فيروس كورونا، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الصيني.

وقالت ممرضة في مستشفى قم إنه في أواخر ديسمبر كانون الأول وأوائل يناير كانون الثاني، شهد المستشفى زيادة في عدد الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي. ورفضت سلطات المستشفى التعليق.

وقالت الممرضة “مات العشرات منهم في غضون أسبوع. أبلغ طبيبنا كبار المسؤولين في وزارة الصحة، لكن طُلب منا أن نمنحهم أدوية ونصرفهم”.

ولم تستطع رويترز تأكيد رواية الممرضة بشكل مستقل ولم يتسن الوصول لكبير الأطباء للتعليق.

وقال مسؤول وزارة الصحة إنه بحلول منتصف يناير كانون الثاني، تلقى كبار المسؤولين في الوزارة رسائل من الأطباء تحذر من المشكلة في قم، تلتها تحذيرات مماثلة من مشهد ومدن أخرى. وقال المسؤول “لكن الوزارة أسكتت الجميع”.

مسؤول في الصحة العالمية: إصابات كورونا في إيران أعلى 5 أضعاف من المعلن

وذكر مسؤول بوزارة الصحة في قم أنه علم بإبلاغ الوزارة بوجود زيادة حادة في عدد المرضى في أواخر يناير كانون الثاني.

وقال أحد كبار أخصائيي أمراض الرئة في قم، الذي يعمل في مستشفى خُصص لاستقبال حالات كورونا، إن أعدادا كبيرة من الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الرئة كانوا يأتون إلى المستشفى كل يوم تقريبا، قبل إعلان الحكومة في 19 فبراير شباط بوقت طويل.

وقال “لم نكن نعرف ما هو. كنا نظن أنها الإنفلونزا، لكن لم تفلح معها أي من أدوية الإنفلونزا”.

وقال نائب وزير الصحة رضا مالك زادة للتلفزيون الحكومي في مارس آذار إنه يعتقد أن الفيروس دخل إيران منذ فترة. وأضاف “لكن لأنه كان لدينا وباء إنفلونزا في البلاد، ولأن الصين لم تعلن عن أي انتشار لفيروس كورونا… لم يفكر أحد في فيروس كورونا”.

العلاقات مع الصين:

عندما بدأت أنباء انتشار الفيروس على مستوى العالم، بوغت الزعماء الإيرانيون بمقتل القائد العسكري قاسم سليماني، الذي قتلته الولايات المتحدة في العراق في 3 يناير كانون الثاني.

وفي الوقت ذاته، تراجعت ثقة الإيرانيين في قادتهم بعد حملة دامية ضد الاحتجاجات في نوفمبر تشرين الثاني والاعتراف المتأخر بإسقاط طائرة ركاب أوكرانية في يناير كانون الثاني مما أسفر عن مقتل 176 شخصا كانوا على متنها.

وقدمت الصين شريان حياة اقتصاديا لإيران منذ عام 2018، عندما سحب الرئيس دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية وأعاد فرض العقوبات على طهران.

وحثت الصين، وهي طرف في الاتفاق النووي، واشنطن على رفع العقوبات عن إيران في ظل انتشار الوباء.

وقال المسؤول الصحي السابق إن المؤسسة الحاكمة لم تلق بالا للتحذيرات بشأن الفيروس لأن ذلك كان يعني تعطيل السفر والأعمال بين إيران والصين.

وتعمل عشرات الشركات الصينية في إيران، بما في ذلك الشركة الصينية لهندسة السكك الحديدية التي تبني خط قطارات فائقة السرعة عبر قم.

لماذا يلوم بعض الإيرانيين العلاقة مع الصين على تفشي فيروس كورونا؟

(مصدر الصورة: رويترز)

للمزيد:

إيران تواجه كورونا وسط معركة بين العلم ونظريات المؤامرة