أخبار الآن | شينجيانغ- الصين (بيانات تحليلية- نسمة الحاج)

عاشت أقلية الإيغور في الصين عاماً من الانتهاكات الجسيمة طالت حتى الأموات منهم في قبورهم، وعانى الإيغوريين خلاله شتى أنواع الاضطهاد والتمييز العرقي والديني من قبل الحكومة الصينية، ولتتفاقم الأزمة الإنسانية في تصدر تام لأزمات حقوق الإنسان المبنية على الحروب والإبادات الثقافية والعرقية، بداية من حملات الاعتقالات التعسفية، والاختفاءات القسرية، واختراقات خصوصية المواطن الإيغوري عبر تطبيقات أجبروا على تحميلها على هواتفهم، أو عبر الكاميرات التي تعمل بالبصمة البيومترية والموزعة في شوارع إقليم شينجيانغ، ونهاية بحملات الاغتصاب الجماعية لنساء الإيغور، وإجبارهن على تناول عقاقير تسبب لهن العقم لمحو عرق الإيغور تماماً.

نكشف في هذا التقرير الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها السلطات الصينية في حق الإيغور، والتي أزيح عنها الستار خلال عام 2019:

أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان في الصين لعام 2019، أن السلطات الصينية صعدَّت بشكل كبير من حملات القمع والانتهاكات الممنهجة ضد 13 مليون مسلم من القومية الكازاخستانية بما يشمل الإيغور في شمال غربي البلاد في إقليم شينجغيانغ، خلال هذا العام. حيث عانى الإيغوريين الأمرين ما بين حملات الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة في منشآت الاحتجاز التي تطلق عليها الحكومة الصينية اسم “مراكز إعادة التأهيل”، والقيود المتزايدة التي تفرضها عليهم السلطات خلال حياتهم اليومية.

1- معتقلات الإيغور (معسكرات إعادة التعليم والتدريب المهني- كما تطلق عليها السلطات الصينية):

اتخذت الحكومة الصينية معسكرات الإيغور كوسيلة قمع تمارسها على الإيغوريين منذ عام 2017 كجزء من الحرب على “الإرهاب”، التي أعلنت عنه في عام 2014. وتم إنشاؤها تحت إدارة الأمين العام شي جين بينغ وقادها سكرتير الحزب الشيوعي شين كوانغو.

  • ما الذي نعرفه عن سجون الإيغور السرية؟  

أزمة الإيغور في 2019: عام من الانتهاكات طالت حتى الأموات

  • ما الذي يواجهه الإيغوريون المعتقلون داخل المعسكرات؟

كشفت وثائق سربت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ولأول مرة، ما يحدث بالتفصيل لمئات الآلاف من المسلمين الإيغوريين المعتقلين داخل سجون السلطات الصينية شديدة الحراسة، حيث أوضحت الوثائق أن الحكومة الصينية تتبنى أساليب ممنهجة لغسل أدمغة المعتقلين، وقوضت الأدلة التي أزيح عنها الستار إدعاء بكين بأن المعسكرات لأغراض إعادة التوعية -الطوعية- لمكافحة التطرف، إليكم الحقائق التي كشفت عنها الوثائق المسربة:

بجانب الوثائق المسربة، أدلى الكثير من الإيغوريين الذين اعتقلوا سابقاً في السجون السرية بشهاداتهم إلى وسائل الإعلام، لتتضح أنها تتوافق مع الوثائق المسربة، حيث أكدت شهاداتهم تعرض المعتقلين لأقسى أنواع الضرب والتعذيب الذي يصل إلى اقتلاع الأظافر واغتصاب النساء على مرأى من الجميع:

  • جرائم نكراء ترتكبها الحكومة الصينية في حق النساء الإيغوريات:

ظهرت أدلة جديدة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تكشف جريمة جديدة ارتكبتها ولا زالت ترتكبها الحكومة الصينية في حق النساء الإيغوريات، حيث تجبر السلطات النساء على تناول عقاقير ولقاحات تمنع الحيض والحمل لمنعهن من الإنجاب.  وفي هذا السياق، تحدثت امرأة إيغورية تدعى سايرغول سايوتباي لـ”أخبار الآن”، عن الانتهاكات التي عرضتها لها الحكومة الصينية، بعد أن استطاعت الفرار إلى كازاخستان حيث سجنت عدة أشهر، وكادت السلطات أن تعيد تسليمها إلى الصين قبل أن تقبل بها السويد كلاجئة.

تقول سايوتباي التي تم اصطحابها إلى أحد معسكرات الاعتقال قسراً، وتم إجبارها على تدريس اللغة الصينية للمعتقلين الآخرين، وتهديدها إن تفوهت بأية كلمة عن الأمور التي تدور خلف جدران المعتقلات، بأنها ستكون عرضة للسجن أو الموت “لقد رأيت إحدى الفتيات تتعرض للاغتصاب بالتناوب من قبل الحراس، وهذا أكثر شيء سيئ رأيته”، وتضيف “هنالك أدوية غريبة وحقن يجبر المعتقلين على تناولها، وهي مسببة للعقم عند النساء حيث يتوقف الحيض مباشرة بعد تناول الأدوية، كما يتم حقن الرجال أيضاً بحقن تتسبب بعجزهم عن الإنجاب”.

 

2- هل تقل حياة الإيغوريين “الطلقاء” سوءاً عن المعتقلين؟

استطلعت موفدة “أخبار الآن” نهاد جريري، في وثائقي خاص بـ”أخبار الآن”، جوانب من حياة الإيغوريين الموجودين خارج المعتقلات، في 3 مدن تقع في إقليم شينجغيانغ شملت عاصمة الإقليم أرومتشي، والعاصمة الروحية للإقليم مدينة قشقر ومدينة توربان. أمضت جريري 3 أسابيع في الإقليم، تجولت فيهم بين المدن الثلاث بحثاً عن إجابة مرضية عن السؤال أعلاه، وجسدتها في الوثائقي، الذي أكد أن سياط الحزب الشيوعي الصيني تلاحق الإيغوريين حتى خارج معتقلاته، مثلاً، يعرض الوثائقي بوابات إلكترونية تم تثبيتها في مداخل المساجد تمنع مرور أي مصلٍ من المدخل دون أن يتم تسجيل حضوره من خلال قراءة علاماته البيومترية، ويتم حفظها في ملف، ليتم استدعاء الشخص لاحقاً. بالإضافة إلى ذلك، قامت السلطات بنزع مكبرات الصوت الخاصة بآذان الصلاة وثبتت مكانها كاميرات مراقبة، ورفعت علم الصين على المساجد، ووضعت لوحات أمام بعض المساجد “المغلقة” تقول “على كل العرقيات أن تنتظم معاً كما حبات الرمان”.

كما كشف الوثائقي عن برنامج أطلقته الحكومة الصينية في عام 2011 يسمى “مدني”، يجبر النساء على خلع حجابهن، إذ أن كل المسموح لهن ارتداءه اليوم هو “قطعة صغيرة من القماش أشبه بمنديل شفاف، مزخرف وبراق، يربط إلى الخلف، ليكشف العنق والأذنين” كما وصفته نهاد جريري. ويوضح الوثائقي أن الحكومة بدأت برنامج “مدني” بمشروع اسمه “الجمال”، ضم لوحات جدارية انتشرت في أنحاء مدينة قشقر، تدعو النساء لخلع الحجاب والرجال لحلق اللحى، حتى يبدو مظهره “مدنياً/ متحضراً”، كما أقامت السلطات نقاط تفتيش في الشوارع لاستجواب المحجبات، حيث تسجل أسماؤهن ويطلب منهن خلع الحجاب، وإذا تكرر اسم المرأة 3 مرات، يتم احتجازها لفترة تصل إلى أسبوعين. لاحقاً، صدرت تعليمات تمنع دخول المحجبات والملتحين إلى المؤسسات الحكومية والمستشفيات والمدارس وحتى المحاكم. وفي النهاية، أصدرت السلطات الصينية قانوناً يمنع ارتداء الحجاب، وتعاقب المخالفات بالحجز في مراكز الاعتقال، إلا أن البرنامج لا يزال قائماً.

تفاصيل أخرى يتضمنها البرنامج كلها تصب في قمع الإيغوريين ومنعهم من ممارسة شعائرهم العقائدية، كشفها الوثائقي الخاص بأخبار الآن:

  • اعتقال فرد من أفراد الأسرة الإيغورية.. يعني ملاحقة وتهديد بقية أفراد الأسرة:

يبدو أن اعتقال فرد واحد من الأسرة الإيغورية الواحدة لا يشفي غليل السلطات الصينية غير المبرر تجاه الإيغوريين، لذا تقوم السلطات بملاحقة ذوي المعتقلين بأبشع السبل الوسائل، فقد كشف تقرير لإذاعة آسيا الحرة، أن السلطات الصينية تقوم بإرسال رجال “ضباط أمن” للعيش مع نساء المعتقلين، ويؤكد التقرير أن هولاء الرجال ينامون مع النساء على نفس الأسرة، حسبما ذكر مسؤولون صينيون لم يتم الكشف عن هوياتهم.

وأوضح التقرير، أن هؤلاء الرجال/ الضباط، يقيمون عادة لمدة تصل إلى 6 أيام مع كل أسرة، وأشار أحد المسؤولون إلى أنه عادة ما ينام شخص أو شخصان على نفس السرير، وإذا كان الطقس بارداً، ينام ثلاثة أشخاص معاً.

 

  • السلطات الصينية تلاحق الإيغوريين حتى في قبورهم:

كشفت مجموعة من الصور التقطتها الأقمار الصناعية وحللتها وكالات أنباء بالتعاون مع منظمة “آرثرايز آلاينس”، مجموعة من مدافن الإيغوريين قامت الحكومة الصينية بإزالتها بالكامل وتسويتها بالأرض، كما أشارت التحليلات إلى أن عمليات التدمير تعود لأكثر من عشرة سنوات إلى الوراء:

[twenty20 img1=”350210″ img2=”350211″ width=”1000″ offset=”0.5″ before=”قبل” after=”بعد”]

تظهر في الأعلى صورة التقطت في يوم 29 أغسطس/آ ب 2017 لمقبرة تقع في إكسو بغرب المنطقة، أما الصورة الثانية فالتطقت في 5 يوليو/تموز 2019 بعد إزالة المقبرة وتشييد “حديقة للسعادة” في مكانها تضم بحيرة اصطناعية وألعاباً للأطفال وغيرها.  يذكر أن هذا الموقع يعتبر مقدساً لدى الإيغوريين، إذ كان يضم ضريح أحد أهم شعرائهم في القرن العشرين لطف الله مطلب، أما مصير رفات الشاعر فبات مجهولاً الآن.

[twenty20 img1=”350143″ img2=”350144″ width=”1000″ offset=”0.5″ before=”قبل” after=”بعد”]

أما الصورتين أعلاه يعودان إلى مقبرة سولانيم في هوتان بمقاطعة شينجيانغ، حيث التطقت الصورة الأولى للمقبرة في 24 أبريل/نيسان 2018 والثانية في 6 أغسطس/آب من العام الذي يليه دون وجود أي علامة للمقبرة بعد أن استبدلتها الحكومة الصينية بموقف للسيارات.

وفي هذا السياق كشف تحقيق مصور أجراه صحفيو فرانس برس في أيلول/سبتمبر الماضي،أن عدد مقابر الإيغور التي دمرتها الحكومة الصينية يصل إلى أربعين مقبرة، زاروا منهم 10 مقابر، ووجدوا عظاماً مبعثرة بين آثار سلاسل معدنية لجرافات، وعلى سفوح تلال شايار وجدوا القبور قد تحولت إلى أكوام من الحجارة مبعثرة في كل مكان.

[twenty20 img1=”349982″ img2=”349983″ width=”1000″ offset=”0.5″ before=”قبل” after=”بعد”]

الصورتان أعلاه على سبيل المثال التقطت إحداهما في 29 أغسطس/آب 2017 توضح وجود مقبرة، بينما التقطت الصورة الثانية في 5 يوليو/تموز 2019 بدون أي أثر لوجود المنشأة.

3- هل تنتهي رحلة عذاب الإيغوري بمغادرة الحدود الصينية؟

كشف تقرير نشره موقع “channelnewsasia” الإلكتروني أن الأمن الصيني وسع نطاق عملياته لتطال الإيغوريين الذين يعيشون في دول أخرى مثل نيوزلندا والوليات المتحدة، خاصة أن معظم الذين يفرون إلى الخارج يكرسون جهودهم لفضح ممارسات الحكومة الصينية في حق الإيغور.

وشمل التقرير شهادة إيغورية تدعى جولي ماهسوت، فرت إلى كندا، قالت خلالها إنها “أصيبت بالخوف الشديد عندما وردتها رسالة من شرطة شينجيانغ تهدد أسرتها في المقاطعة”، وأكدت أنها وبقية الإيغوريون في الخارج، يتلقون العشرات من الرسائل الصوتية والنصية من السلطات الصينية، تأمرهم بالالتزام بالصمت وبالتعاون مع السلطات، وأوضحت أن هنالك جهود حثيثة من أجهزة المخابرات الصينية لتوظيف مخبرين يعملون لصالحهم في الخارج.

وفي هذا السياق، تقوم السلطات الصينية بإنشاء سجل عالمي للإيغوريين الذين فروا إلى الخارج، وتسعى إلى معاقبة ومحاسبة وملاحقة ذويهم الذين ما زالوا في الصين، خاصة النشطاء منهم، وفي غالب الأمر، يتم اقتياد عائلاتهم إلى المعتقلات سيئة السمعة.

 

اقرأ المزيد:

تقرير يكشف سر عملاق الاتصالات الصينية هواوي وتورطها في أحداث شينجيانغ