أخبار الآن | كابو ديلغادو – موزمبيق (موسكو تايمز)

في تقدم جديد لمرتزقة فاغنر الروسية، التي تعمل كشركة عسكرية/أمنية خاصة بتمويل من رجل الأعمال الثري ذو العلاقات المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يفغيني بريغوجين، اتخذت المرتزقة من موزمبيق، الواقعة جنوب شرقي القارة الأفريقية، وجهة جديدة، للمتاجرة بمجنديها الروس المعدومين، للقيام بعمليات عسكرية غير قانونية للنظام الموزمبيقي الحاكم، بمقابل مادي زهيد.

وتبدأ القصة من حاجة الحكومة الموزمبيقية إلى دعم عسكري لمحاربة الجماعات الإرهابية المتمردة في شمال البلاد، والتي تثير شغباً وترتكب جرائماً دموية في حق سكان المنطقة. وعليه، فقد التجأ النظام إلى الشركات العسكرية الخاصة المحلية، أو المرتزقات، مثل مرتزقة بلاك هاوك ومرتزقة أوام، اللتان تقايضان مجنديها بمقابل مادي تبلغ قيمته ما بين 15 إلى 25 ألف دولار أمريكي مقابل كل مجنّد، إلا أن مرتزقة الفاغنر دائماً ما تنجح في اكتساح الساحة والنيل بعقود الحكومات، بسبب المبالغ الزهيدة التي تطالب بها الشركة مقابل كل مجند، والتي تبلغ 1800 إلى 4700 دولار أمريكي فقط، وفق ما ذكرته صحيفة موسكو تايمز، على لسان ضابط عسكري روسي سابق على تواصل مع الفاغنر، يدعى يفغيني شباييف.

وفي ذلك السياق، صرح خبير الشؤون الأمنية الروسية مارك جالوتي، لصحيفة موسكو تايمز أن “قرب الفاغنر من الكرملين، بجانب المبالغ الزهيدة التي تطلبها الشركة مقابل مجنديها، هما ما جعلا من الفاغنر شركة مرغوبة وناجحة”، فامتلاك دعم سياسي قوي من شخص مثل بوتين، يمثل مصدر قوة كبير، خاصة عندما تكون العمليات غير قانونية، كما يجري في العادة.

لذا، فقد نجحت مرتزقة الفاغنر في غرس جذورها في دول عديدة في أفريقيا، مثل السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا. كما كشفت صحيفة نيويورك تايمز، مؤخراً، عن اجتماع عقد بين بوتين، وبريغوجين، ورئيس مدغشقر هيري راجاوناريمامبيانين، بهدف إرسال عملاء روس إلى مدغشقر للتلاعب بالانتخابات الرئاسية، بحماية من جنود الفاغنر.

لكن في الحقيقة، محاربة جماعة إرهابية متمردة في بلد مثل مدغشقر، يتطلب معايير أكثر من مجرد “سعر منخفض”. فبعد وصول مجندي الفاغنر إلى أرض المعركة في موزمبيق، بدأت الخسارات تتوالى عليهم، وخسرت المرتزقة مجموعة من المجندين في صفوفها بأبشع الطرق على أيد المتمردين الذين نصبوا لهم الكمائن، وعذبوهم، وقطّعوا رؤوسهم.

ويعود ذلك إلى ضعف حصيلة المرتزقة الروس المعرفية بحيثيات المنطقة سواء من الجانب الجغرافي أو الثقافي أو غيره، وفي هذا السياق كتب الصحفي الخبير بالمرتزقات في أفريقيا، آل جي فنتر، أنه “يجب معرفة أن الظروف الحياتية اليومية في منطقة كابو ديلغادو، التي أرسلت مرتزقة الفاغنر مجنديها إليها، قاسية جداً، والمجندين الروس لا يمتلكون الخبرة العسكرية الكافية لخوض حروب في مناطق شبيهة، مما سيودي بهم حتماً إلى الفشل”. يذكر أن منطقة كابو ديلغادو، واحدة من أفقر وأقل المناطق تطوراً في المنطقة، ببنية تحتية ضعيفة جداً، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة اليومية مثل الطرق والقطاع الصحي وغيره. لذا فقد سمح ذلك لعناصر الجماعات الإرهابية، بالإيقاع بالمجندين الروس ونصب الكمائن لهم بكل سهولة، خاصة وأنهم لم يكونوا مستعدين، وجاؤوا بتصورات خاطئة وتقنيات لا تناسب المنطقة مثل الطائرات من دون طيار، وانتهى بهم الأمر عاجزين عن استخدامها”.

ومن جانب آخر، لم تكن الظروف المعيشية الصعبة، هي التحدي الوحيد الذي واجهه مجندي الفاغنر، بل وجدوا أنفسهم في مواجهة أفراد الجيش الموزمبيقي، بحسب ما نقلت صحيفة موسكو تايمز، عن مصادر من الجيش الموزمبيقي، أن هنالك توترات متصاعدة ما بين مجندي الفاغنر وأفراد من قوات الدفاع المسلحة الموزمبيقية، بعد أن خاضوا معهم مجموعة من العمليات العسكرية التي باءت بالفشل، بسبب قلة خبرتهم، وصرح أحد المصادر “تقريباً توقفنا عن العمل معاً”.

وعن ذلك، تحدثت خبيرة الجماعات الإرهابية في المنطقة، ياسمين أوبرمان، أن “هنالك عاصفة مشحونة تدور حول وجود مرتزقة الفاغنر في روسيا، فالروس لا يفهمون الثقافة المحلية ولا يثقون بالجنود المحليين، ويتعين عليهم القتال في ظروف قاسية جداً ضد عدو يتقدمهم على أصعدة مختلفة”.

وعلى صعيد آخر، طرح الخبير في الشؤون الأمنية الروسية مارك جالوتي، مجموعة من التساؤلات حول محاولات توسع الفاغنر في مناطق تفتقر فيها إلى الخبرة اللازمة حيث قال “من الواضح أن الأمر أصبح مختلفاً عن الأيام التي كانت مرتزقة الفاغنر تحارب فيها في سوريا فقط، يبدو أنهم أصبحوا مضطرين إلى التوسع وزيادة هامش الربح، مما يدل أنهم قاموا بخفض سقف المعايير التي يستندون عليها لاختيار المجندين، إذ بتنا نرى أنهم يعملون بشكل متزايد في مناطق لا يمتلكون فيها أدنى خبرة أو معرفة”.

وعليه، أكد يفغيني شباييف، الضابط العسكري الروسي السابق، أنه من المتوقع ازدياد عدد القتلى بين صفوف المرتزقة في السنوات المقبلة، إلا أن سيكون من الصعب تحديد الأرقام نظراً إلى السرية التي تعمل بها المرتزقة، وقال إن “جثث المجندين الذين قتلوا في موزمبيق وصلت بالفعل إلى روسيا، وتلقت العائلات تعويضات مالية ضخمة مقابل السكوت وعدم فضح الحقائق”.

 

اقرأ المزيد:

فيديو مسرب.. مرتزقة الفاغنر الروس “ضربوا وقطعوا رأس رجل سوري”