أخبار  الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (بيانات تحليلية – نسمة الحاج)

ظهرت في السنوات الأخيرة ميليشيا الفاغنر الروسية كجيش موازي للجيش الروسي النظامي، لتصبح الفاغنر ظل روسيا الطويل في الدول التي تشهد حروباً ونزاعاتٍ أهلية. وبمباركة من الكرملين، تتواجد اليوم مرتزقة الفاغنر في 5 دول على الأقل منها سوريا وليبيا والسودان وأوكرانيا.

ما هي حكاية الفاغنر؟

يقف وراء تأسيس ميليشيا الفاغنر التي تعمل كشركة عسكرية/أمنية خاصة، ضابط استخبارات روسي سابق يدعى ديمتري أوتكين، وهو من المقاتلين السابقين في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا، وكان يعرف بالاسم الحركي “فاغنر”. وتضم ميليشيا الفاغنر حوالي 2500 رجل روسي على الأقل، يصل الدخل الشهري للواحد منهم إلى 5300 دولار بحسب تقرير كتبته BBC.

يُذكر أن النظام الروسي يسعى دائماً لإنكار أية صلة له بميليشيا الفاغنر، أو حتى بوجودها في الدول التي تحارب فيها الفاغنر، وبالتالي لا يتم الإعلان رسمياً عن الوفيات والإصابات بل على العكس تنفي روسيا وجود الجنود في الدول التي قتلوا فيها.

من أين يأتي تمويل الفاغنر؟

يُعتقد أن تمويل الميليشيا يأتي من رجل أعمال ثري يدعى يفغيني بريغوجين، يعرف بـ”طباخ بوتين”، الرئيس الروسي. وفي هذا السياق كتبت كل من صحيفة Meduza الروسية الإلكترونية و The Guardian مقالاً يحكي عن تفاصيل حياته. يذكر المقال أن بريغوجين قضى 9 أعوام في السجن بتهم مختلفة تتراوح بين السرقة، السطو المسلح، والتزوير بالإضافة إلى تهم تفيد استخدامه القصر في نشاطات جنسية. وبعد خروجه من السجن، اتجه بريغوجين، إلى مجال الأعمال وقام بإنشاء سلسلة متاجر، وافتتح فيما بعد مطعماً على سطح سفينة سجل له بوتين، عدة زيارات في مناسبات مختلفة مع شخصيات كبرى مثل رئيس الوزراء الياباني، كما احتفل كذلك بعيد ميلاده في المطعم، مما منح بريغوجين مسمى “طاه بوتين”. لاحقاً أصبح بريغوجين يقدم الطعام في ولائم الكرملين، ومن ثم اتجه إلى مجال تقديم الطعام لطلاب المدارس وللجنود الروس. ويذكر المقال أن بريغوجين وصل إلى الثراء الفاحش بسبب قربه من الرئيس الروسي مما أتاح له العديد من الفرص نهاية بتمويل الفاغنر.

 

تجنيد المقاتلين: الفاغنر تستحوذ على حياة موظفيها، ذهاب بلا عودة

يسعى العاملين في إدارة الفاغنر لاستهداف الطبقة الفقيرة، والعاطلين عن العمل من المدنيين لتجنيدهم من خلال إغرائهم بالأموال، بجانب إعادة تجنيد عساكر سابقين بحسب وثائقي صنعته France 24. حيث قام صحفيو القناة بإجراء مقابلات مع أهالي جنودٍ قتلوا أثناء مشاركتهم في الحروب، أكدوا أنه لم يكن لديهم أدنى فكرة عن مشاركة أبنائهم في قتالات، وكانوا يظنون أنهم ذاهبين لتقديم المساعدات الطبية وما شابه، إلا أنهم في الحقيقة ليسو سوى مرتزقة تتاجر بها الحكومة الروسية للاستيلاء على ثروات الدول التي تشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة. وحتى بعد موتهم، تواصل الحكومة الروسية في نفي أي علاقة لها بالأمر، ونتيجة لذلك لا يتحصل الأهالي على جثث أبنائهم أو على التعويضات المالية المفروضة. يُذكر أن الفاغنر تستخدم قاعدة تدريبية تقع في مولكينو في منطقة كراسنودار في جنوب روسيا، يتم تدريب المجندين فيها بالإضافة إلى إبقاء الجثث في ثلاجات الموتى.

الدول التي تحارب فيها ميليشيا الفاغنر:

بالرغم من أن القانون الروسي يحظر الشركات العسكرية الخاصة، إلا أن التقارير أثبتت أن عدداً ليس بالقليل من المدنيين والجنود السابقين تمت إعادة تجنيدهم ليشاركوا في عمليات عسكرية في عدد من الدول منها سوريا حيث حاربت المرتزقة جنباً إلى جنب مع صفوف النظام السوري، بالإضافة إلى ليبيا والسودان وأوكرانيا. وبالرغم من أن النظام الروسي قد نكر وجود ميليشيا الفاغنر تماماً إلا أن صوراً قد ظهرت لأوتكين، الذي يعرف بأنه قائد الميليشيا، بجانب الرئيس الروسي في مناسبة عسكرية في الكرملين مما أثار التساؤلات حول موقف الكرملين من الفاغنر. ومن الجدير بالذكر أن النظام الروسي يلجأ إلى استخدام مرتزقة الفاغنر لتقليل الخسائر البشرية بين صفوف الجيش الروسي، ويتلقى جنود المرتزقة الأوامر مباشرة من الجيش الروسي.

جرائم ارتبطت بالفاغنر:

تعرض ثلاثة صحفيون لعملية اغتيال في جمهورية أفريقيا الوسطى في يوليو/تموز العام الماضي أثناء قيامهم بتحقيق حول ميليشيا الفاغنر، إلا أن موسكو نفت وجود علاقة لها بالأمر وأكدت أن الصحفيين قتلوا خلال عملية سطو مسلح. إلا أن تقرير نُشر على Telegraph أكد أن أغراض الصحفيين الشخصية ومعدات التصوير وحتى أموالهم وُجدت في الطريق مما يناقض التصريح الروسي، إضافة إلى ظهور عدد من التسجيلات الصوتية التي تؤكد وجود علاقة بين السائق الذي كان يقل الصحفيين وقتها، وبريغوجين، وأن الشرطة المحلية كانت تلاحقهم.

موقف المجتمع الدولي:

بالرغم من استمرار روسيا في إنكار وجود ميليشيا الفاغنر، إلا أن المجتمع الدولي يستمر في التحرك ضدها، حيث أكد الجنرال البريطاني نيك كارتر، أن بريطانيا تسعى إلى تعزيز وجودها العسكري في أفريقيا لمنع روسيا من إضافتها إلى دائرة نفوذها والاستيلاء على ثروات القارة الأفريقية، وهو ما تسعى روسيا لتحقيقه من خلال وجود ميليشيات موازية للجيوش النظامية مثل الفاغنر، بحسب تقرير نُشر على Crime Russia.

وفي هذا السياق، حذر تقرير نشرته مؤسسة “كارنيغي للسلام الدوليCEIP” من حملات التضليل الشرسة التي تديرها موسكو وتحاول من خلالها تبرئة سمعتها من الجرائم التي نفذتها فاغنر. مؤكداً أن الأسلوب الذي تعمل به الفاغنر يؤكد أنها خلقت لخدمة نظام بوتين بشكل أو بآخر، وأنها ستستمر في التوسع إلى دولٍ مختلفة.

 

اقرأ المزيد: 

“أخبار الآن” تتعقب نهب “الفاغنر” لمناجم الذهب بالسودان