أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (خاص)

نعم، أصدر تنظيم القاعدة رسالة أخرى بمناسبة ذكرى الحادي عشر من سبتمبر. وكما هو متوقع، فإن الرسالة استبعدت العديد من القضايا الرئيسية حول التنظيم. وهذا أمر طبيعي, فالقاعدة والظواهري فشلا في معالجة أهم مشاكلهما في كل رسالة. ولكي نكون قادرين على الحصول على الحقيقة، يجب على المرء أن يتحدث إلى خبراء حقيقيين. هذا ما فعلناه وحاولنا الحصول على صورة واضحة لعقل وجسم القاعدة الميتين، قابلنا الخبيرين حمدي مراد وحسن أبو هنية.

في ذكرى 11 سبتمبر.. هل آن الأوان لأفول القاعدة؟

السؤال الأول:  بعد 18 عاماً من هجمات 11 سبتمبر التي شكّلت إنعطافاً في العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب، ماذا برأيك أرادت القاعدة تحقيقه من هذا العمل وما حققت بالفعل؟

حمدي مراد: لا شك أن هذا الحدث كان خطيراً وأليما وقد أنعكست تداعياته أكثر ألما على المجتمع العربي الإسلامي، وأعتقد أن المسالة ذات أبعاد وزوايا ليست قليلة. دارت مدارها ما قبل وبعد 11 من سبتمبر.

الـ11 من سبتمبر جزء من معادلات إرهاب ممتد ليس من منطلق إسلامي أو عربي وإنما له أبعاد أخرى غير ذلك، ولكن الحدث كان إرهاباً خطيراً والموقف الإسلامي كان في منتهى الوضوح والصراحة أننا براء من هذا العمل وهذا ما ينص عليه القرآن والشريعة الإسلامية.

هذا الحدث الإجرامي لا نقبله إطلاقاً لا مع أصدقائنا ولا أعدائنا، ما حدث ضد إنسانية الإنسان.

وفي ردّ على السؤال ذاته قال أبو هنية أنه “لا شك أن العالم العربي والإسلامي دفع الثمن باهظاً نتيجة بروز تنظيم القاعدة، لكن ينبغي أن نقول أن القاعدة هي إبنة شرعية لهذا النظام العربي.

وأضاف “لأننا نعلم أن تشكيل القاعدة هو إنعكاس لظروف دولة على الهيمنة والعولمة الأمريكية، وظرف إقليمي أي القضية الفلسطينية وعدم التوصل لحل سياسي وظرف محلي بسبب الأنظمة الديكتاتورية.

وحول ما تحقق منذ ذلك الوقت هو أن ما فعلته القاعدة قد عمّقت تلك الفجوة، فإذا نظرنا إلى الواقع نجد أن امريكا إزدادت توحشاً وإمبرالية، وإذا نظرنا إلى واقع فلسطين فنحن أمام إستحقاقات ما يطلق عليه صفقة القرن.

وإذا نظرنا إلى العالم العربي فقد إنقلب ربيعه إلى شتاء، وبالتالي أصبحنا أمام أنظمة أكثر ديكتاتورية وأكثر شمولية.

وبالتالي على نقيض ما أرادت القاعدة فقد إنقلبت كل الأشياء من التحرر من الهيمنة والرغبة في تطبيق نظام إسلامي كل هذا لم يتحقق على الإطلاق لكن العالم أصبح أكثر عسكرياً وعسكرة للمجتمعات، وقد شاهدنا في السنوات الأخيرة في العالم العربي أصبح الإرهاب يتمدد.

وتم تصفية معظم وأهم القادة في التنظيمات الإرهابية مثل اسامة بن لادن وابو عطية الله الليبي وأبو يحي الليبي، حتى شاهدنا تنظيمات خرجت من تنظيمات إرهابية، مثل داعش والنصرة وغيرهم.

 

السؤال الثاني : بعد مقتل أسامة بن لادن ما كانت آمال الجهاديين من أيمن الظواهري وما سيقدم لهم؟

 حسن أبو هنية: تزامن مقتل بن لادن مع بداية الربيع العربي في العام 2011، وبالتالي هناك ثورات سلمية إجتاحت العالم العربي تطالب بالحرية والعدالة والديمقراطية، وبالتالي حتى تنظيم القاعدة بدأ يغيّر مثلا في اواخر أيامه كان أسامة بن لادن يطالب بالإندماج مع المجتمعات والدخول في هذه الحراكات الشعبية.

 لكنه كان يراهن أن هذا الحراك سوف يتحول من حالة إلى العنف، ويومها معظم الخبراء والمحللين راهنوا على أن التنظيمات الإرهابية سوف تزول كون الأنظمة الديكتاتورية في زوال.

وبالتالي لم يعد تنظيم القاعدة وغيره قادراً على إستقطاب وبالتالي قد ماتت القاعدة بفعل موت بن لادن الذي تزامن مع موت الديكتاتورية.

لكن للأسف الشديد شاهدنا أن كل هذا قد إنقلب سريعاً مع موجات التراجع في مسارات التحول الديمقراطي في العالم العربي.

وأضاف ” إلى جانب ذلك تم كسر الهيكل الأساسي لتنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان وبقية الفروع، ولكن المشكلة أنه ظهرت من رحم هذه الحركة حركة أكثر راديكالية وتطرفاً في العالم.

 

السؤال الثالث : هل إنكسار القاعدة بعد مقتل بن لادن هو بسبب سوء إدارة أيمن الظواهري ؟

أبو هنية: في الحقيقة كان بن لادن يتمتع بكاريزما عالية ولديه قبول لدى أنصاره، وكان الظواهري أكثر رجاله الذين عايشوه في كل المراحل خاصة على صعيد العمليات اللوجستية، بعد وفاة بن لادن تم إغتيال وإعتقال معظم القيادات الفعالة. مثل أبو يحي الليبي وابو زبيدة (في غوانتامو).

وإلى جانب ذلك كان بن لادن يوازن بين الجنسيات في تشكيلة الهيكل التنظيمي خاصة من الجزيرة العربية ومصر .

بعد مقتله أصبح التنظيم مسيطرا عليه من جناح واحد وأصبحت رؤية الظواهري قصيرة المدى. وبالتالي أصبح للتنظيم فروع عديدة تمردت على الظواهري، فلم يعد لديه سيطرة على حركة الشباب المجاهدين. وكذلك الأمر حدث مع جبهة النصرة إذ تمرد عليه أبو محمد الجولاني وهذا الأمر لم يكن ليحصل في عهد بن لادن الذي كان يحظى بإحترام وتقدير لدى الجهاديين في العالم بخلاف الظواهري.

السؤال الرابع :  ليس حمزة بن لادن فقط. يبدو أن الظواهري أساء إدارة جميع ملفات القاعدة. كيف يؤثر ذلك على المجتمع الجهادي كما هو ملاحظ في وسائل التواصل الاجتماعي؟

أبو هنية: أعتقد أنّه كان لـ”الظواهري” تحدٍ كبير لأن في عصره ظهر داعش، وهذا التنظيم لديه خبرة منذ أيام الزرقاوي وصولاً للبغدادي لديه خبرة على صعيد الإعلامي، فهناك فرق بين الدعاية الإعلامية المعتمدة من داعش وبين القاعدة التي كانت دعايتها بدائية جدا بخلاف داعش المحترفة في الصناعة الإعلامية والرأي العام المنحاز لها.

داعش أقامت دولة وحكمت أكثر من مليون شخص من الوصل حتى الرقة، إستطاعوا أن يديروا عبر خبرة ويديروا نظام مالي متقن ويتعامل مع شبكات الجريمة المنظمة ويبيع النفط للدول ويدير شبكة إستخباراتية كبيرة.

داعش عاصر وسائل التواصل الإجتماعي وإستقطب العدد الأكبر من الخبراء التقنيين بينما القاعدة ادركت الإنترنت في وقت لم يكن له ذلك الإنتشار، واصبح محصارا في باكستان وأفغانستان وتمرد عليه بعض أفراده.

في ذكرى 11 سبتمبر.. هل آن الأوان لأفول القاعدة؟

السؤال الخامس: هناك الكثير من حالات عدم الولاء بين الجهاديين ما هي الأمثلة عن الفساد الذي حدث داخل القاعدة؟

مراد: المتغييرات التي تحدث على الساحة حاليا هي ان التنظيم غير مرغوب فيه في كل الأنظمة العربية، كذلك يشكل حصارا وضغوطات  في إتجاهات متعددة في مقدمتها الإتجاهات الامنية والإقتصادية وخاصة بعد ذهاب بن لادن أصبح الامر مضطربا أكثر، السيطرة تكاد تكون تفككت تماما القدرة على التفكير والتخطيط على ضوء الإستراتجية التي يعرفها عن طريق بن لادن لم يعد قادرا على السير فيها بعيدا عن الفروع التي تشكل الاجنحة الحقيقية الرافضة الفاعلة وتعددت وإتسعت بعد 2011 بسبب الثورات العربية وأصبح هناك مطلب.

فجاءت داعش لتشكل بعدا جديدا على الأرض لم يكن هذا البعد خارج باكستان وأفغانستان واضحا وانما خلايا منتشرة هنا وهناك ليس لها أرض تنطلق منها بمفهوم الإنطلاق.

فهي مجموعات متحركة غير ثابتة، وان تحركت لا يشكل تحركها شيئا مهما في المنطقة إنما هناك أصبحت دولة تعلن عن نفسها وتفرض وجودها على الأرض بكل مفهوم الدولة الإقتصادي والعسكري حتى في العلاقات السرية مع بعض الدول.

هذا البعد شكل ايضا ازمات داخلية عند القاعدة، جزء شكل بعد الدولة وجزء منها بقي بعيدا عن ذلك حتى ان البعض اختلف في موضوع البيعة للدولة واميرها، حتى في المفاهيم الفقهية وأصول الحكم الشرعي بينهما وهذا أدى إلى تضعضع مهما كانت نسبته ولكنها أضعفت القاعدة.

أبو هنية: يجب ان نفهم ان معظم أفراد  تنظيم داعش كانوا في القاعدة، داعش كانت جزء من القاعدة في بلاد الرافدين. ثم أعلن بعد ذلك أنه إنفصل عن القاعدة،  وان الظواهري قد تغير ولم يكن مثل بن لادن وبالتالي اخذ نخبة مهمة والخبرات التي كانت للقاعدة و أسسوا لنموذج جديد أكثر وحشية وتطرف من القاعدة.

في ذكرى 11 سبتمبر.. هل آن الأوان لأفول القاعدة؟

السؤال السادس : كيف بدأ داعش وتتطور مالياً  وعسكرياً؟ 

أبو هنية: هو بدأ حين كان هناك فرع للقاعدة في بلاد الرافدين بزعامة أبو مصعب الزرقاوي، ثم تحوّل إلى تنظيم الدولة الإسلامية بعصر البغدادي، ومعه أصبح هنالك في العراق  والشام دولة إسلامية وبالتالي أصبح هناك خلاف مع القاعدة وإعتبر تنظيم داعش أن القاعدة إنحرفت عن مفاهيم وقوانين  تنظيم القاعدة الحقيقية.

وتابع “لذلك قامت حروب وإتهامات بين الطرفين خاصة القاعدة اتهمت البغدادي بالمناكف والغدارن والظواهري يتهم البغدادي والأخير يتهم الأول، أي ان الإتهامات والحروب قامت بين الطرفين فضلا عن تهم الفساد وغيرها.

وإستطاع تنظيم داعش من سحب خيرة وخبراء تنظيم القاعدة، خاصة في أفغانستان مهد القاعدة اليوم لم يعد لها أي وجود مهم في هذا البلد.

مثلا في ولاية خراسان يوجد اكثر من 4500 مقاتل لداعش، هم يأخذون مقاتلي القاعدة والمقاتلين الاجانب مثل أوزبكستان والطاجيك والإيغور. ويأخذون من حركة طالبان عناصر من القاعدة.

تنظيم داعش هو إمتداد للقاعدة ولكنه يتفوق عليه بحجم العنف والإعلام والإستقطاب والتجنيد، وعلى مستوى الهجمات الخارجية منذ 2014 حتى الآن إستطاع ان يصل إلى عدد من الدول الأوروبية.

والتنظيم ، حسب التقرير الأخير للأمم المتحدة ، لديه أكثر من 300 مليون دولار اميركي رغم تراجعه وتتضعضه، كما انه  يملك عشرات الشبكات في العالم، وتمكن من إفراغ القاعدة من القوة البشرية والتقنية.

القاعدة هي ظل وفي طريقها إلى الأفول.

 

السؤال السابع : هل يعترف داعش بتنظيم القاعدة وانه منشق منه؟

أبو هنية: ذريعة عناصر وأفراد داعش انهم يعتبرون بأن الظواهري إنحرف عن قانون وأهداف القاعدة مع العلم انهم يعترفون بانهم إنشقوا عنه.

ويعتبرون ان سوء الإدارة للظواهري وقلة خبرته بعكس قوة شخصية بن لادن، هي أسباب ادت إلى هشاشة القاعدة وعزوف أفرادها عنها حتى أنهم يتهمون الظواهري بان له صلات مع الباكستانيين ومع امريكا.

وتابع ” هم يتهمون الظواهري ويقولون انهم هم من يمثلون بن لادن وليس هو، بينما الظواهري أضاع تنظيم القاعدة ولكن في الواقع ستبقى القاعدة لن تزول بهذه السرعة نعم هي تتراجع وتتقلص لكنها ستبقى في بعض الأماكن مثلا في شمال مالي، في الصحراء الأفريقية وفي اليمن ، هنالك بعض المجموعات تبايع القاعدة”.

لكن حتى نهج هذه الحركة مختلف عن نهج القاعدة سابقاً، لان هدف القاعدة الأساسي في عهد بن لادن هو عدم السيطرة المكانية والإكتفاء بشن هجمات على العدو في مناطقه، يعني مهاجمة امريكا رأس الأفعى بحسب رأيهم هو هدفهم فيما الظواهري لم يقم بأي هجوم على أمريكا.

وفي الختام أقول ان الأمور تذهب إلى أشد رادكالية وأن القاعدة تذهب في طور الأفول، لم تعد للظواهري قدرة للسيطرة كان هنالك أمل من أن يمسك زمام الامور حمزة بن لادن، لكنه قتل في مايو /أيار الماضي ولكن ظهر تنظيم من رحم القاعدة هو أكثر راداكلية واشد تطرفا من القاعدة.

ويعني هذا ان الظروف والشروط والأسباب الموضوعية ستخلق “وحش آخر”، الأسباب التي تصنع الوحش موجودة مثل الفقر والجهل وعدم العدالة والظلم، وداعش يستند إلى قضايا حقيقية يأتي إلى مشاكل تعاني منها الشعوب .

والجدير ذكره ان نهاية القاعدة  لا يعني هذا العنف والتطرف في العالم عندما أتى الربيع العربي غابت الحركات الجهادية نوعا ما وحتى بن لادن طالب بالتخلي عن العنف.

في ذكرى 11 سبتمبر.. هل آن الأوان لأفول القاعدة؟

يمكنكم متابعة المقابلة كاملة من هنا