أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (خاص)

ينتشر مرتزقة فاغنر في كل من شبه جزيرة القرم، وأوكرانيا، والشيشان، وسوريا، واليمن، وليبيا، وفنزويلا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وأخيراً في السودان!. فما الذي تفعله شركة خدمات أمنية روسية أو جيش الظل الروسي الخفي في بلد مثل السودان.

رسميا، لم تعلن روسيا مشاركتها في قمع الاحتجاجات السودانية، لكنّ مشاركة مرتزقة روس في قمع التظاهرات السلمية هي آخر ما كشف الوجود الروسي المستتر في السودان، إذ تناقلت وسائل اعلام متعددة مقاطع فيديو لمقاتلين روس أثناء المظاهرات السودانية. التأكيدات والتوضيحات بشأن مرتزقة فاغنر جاءت على لسان مصادر من المعارضة السودانية، ومصادر مقرّبة من جهاز الأمن والمخابرات السوداني، أكدت أن مجموعة فاغنر تعمل بالفعل في السودان، وتساند الأجهزة الأمنية في قمع المتظاهرين. وجاءت أيضا على لسان وزير الداخلية السوداني أحمد بلال عثمان، الذي نفى مشاركة مرتزقة روس في فض المظاهرات السلمية في البلاد.

إقرأ أيضا: لماذا هبطت طائرة مؤسس فاغنر الروسية في بيروت؟

وجاءت أيضا على لسان المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية ماريّا زاخاروفا التي نفت ما تناقلته وسائل الإعلام البريطانية بشأن الشركات الأمنية الروسية في السودان ومساعدَتها السلطاتَ في فض الاحتجاجات، مشيرة إلى أن الشركات الأمنية الروسية في السودان هي شركات خاصة، لا تربطها علاقة بحكومة روسيا. مضيفة أن وظيفتها محددة، وهي تدريب كوادر قوات الأمن في السودان.

الوجود الروسي المستتر في السودان ليس حديثا، ففي عام ألفين وسبعة عشر، ظهر فيديو جاء في وصفه أنه لمقاتلين روس يدربون واحدة من المليشيات السودانية المدعومة من الحكومة. وفي مقابلة له مع شبكة الإذاعة البريطانية (bbc) أكد أوليج كرينتسين رئيس مجموعة ار اس بي الروسية للاستشارات العسكرية، أكد وجود مرتزقة روس في السودان، وأوضح أن المقاتلين العائدين من سوريا وشبه جزيرة القرم يستعدون للذهاب إلى السودان حيث سبقهم رفاقهم إلى هناك.

بالعودة إلى تصريحات الخارجية الروسية، وتصريحات الكرملين قبل ذلك، التي تؤكد أنْ لا وجود لمقاتلين روس في السودان، يتبين لنا دور مجموعة فاغنر، فحسب ما يوضحه بافيل باييف، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.. هي جيش ظلٍ روسي، يسمح لروسيا بالتواجد حيث لا ينبغي أن تكون، مع أقل قدر من الخسائر المادية والديبلوماسية والبشرية.

بالرغم من تصريحات الكرملين التي نفت وجود أي جيوش روسية خاصة كمجموعة فاغنر، إذ يحظرها القانون الروسي، إلا أن الواقع ينفي ذلك وينافيه، ففي سوريا قدّم مرتزقة فاغنر الدعم للجيش الروسي في معارك الأسد لقمع الثورة، وحصلوا على معاملة مطابقة لما يحصل مع القوات النظامية، فوصلوا إلى سوريا على متن الطائرات العسكرية الروسية، وتلقى جرحاهم العلاج في المستشفيات العسكرية، ومُنحوا الميداليات العسكرية الروسية التي تُوقّع  من قبل ڤلاديمير بوتين شخصياً.

إقرأ أيضا: خفايا “الفاغنر”.. هذه هي الحقيقة

ويرجح باحثون هذا النفوذ القوي والمستفحل لمجموعة فاغنر كونها تابعة لِ يفغيني بريغوجين، رجل الأعمال الروسي المُلقب بطباخ بوتين، وأن المجموعة تنفذ أجندة بوتين الطامحة إلى استعادة أحلام روسيا القيصرية وبسط نفوذها شرقاً وغربا.

وبالرغم من أن نظام الضبط والربط المتبع في مجموعة فاجنر مقتبس عن النظام الداخلي للجيش الروسي، إلا أن قواعدا أشد صرامة تفرض على مرتزقة الفاجنر، خاصة فيما يتعلق بالسرية، فهم ممنوعون من الإتصال الخارجي طول فترة المهمة. ويحظر عليهم إنشاء حسابات على السوشيال ميديا ضمن قائمة محظورات طويلة وصارمة.

فاجنر المُكونة من عسكريين روس وأوكران متقاعدين، تدربهم في مولكينو، منشأة وزارة الدفاع الروسية، ويخضعون لتدريبات قاسية تتضمن التدريب على الإغتيالات وحرب الشوارع، وافتعال الفوضى. ويتلقى المرتزقة العاملون فيها، فضلا إلى الإجراءات الصارمة، رواتب ضعيفة جدا، بالرغم من عقودٍ بملايين الدولارات في دول متعددة.

وبعيدا عن تاريخ فاغنر الملطخ بدم سوريا ونفطها، ومرورا بدورها المؤثر في أحداث جزيرة القرم، نعود  إلى دورها في أفريقيا، حيث تتأكدُ مساعي روسيا في مدّ هيمنتها على أفريقيا، خاصة في الدول ذات المكانة الاستراتيجة والنفع الاقتصادي. وكل ذلك عبر مرتزقة فاغنر التي تأكدَ وجودُها في السودان، السودان  التي يمكن أن تصبح سلة غذاء العالم. وجمهورية أفريقيا الوسطى الغنية بالمناجم المتعددة، فضلا عن ليبيا الغنية بالثروتين النفطية والسمكية. ولا يتوقف نشاط مجموعة فاغنر في أفريقيا، بل إن طموحات روسيا تمتد كذلك إلى اليمن، حيث أكدت تقارير دعم مرتزقة فاغنر للمليشيات الإيرانية وميليشيا الحوثي في الحرب ضد الشرعية.