أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة ( وكالات )

 وسط احتدام الحرب الكلامية والتهديدات والصواريخ التي تتصاعد في سماء شرق أسيا ، يصل إلى الحكم في كوريا الجنوبية رجل يجمع التناقضات والتقاربات ، رجل يتساءل الكثيرون ، هل سيكون وجه التغيير في المنطقة ، هل سيهدئ من جنون كوريا الشمالية ، هل سيجد لغة الحوار المفقودة بين الغرب والشرق .. ربما إذا تعرفنا على الرئيس الكوري الجنوبي الجديد قد نقرأ بعض طالع الغد 

 مون جاي  هو ابن لاجئين من كوريا الشمالية قضى اول سنين عمره مربوطا الى ظهر امه التي كانت تمتهن بيع البيض من أجل كسب لقمة العيش 

هرب والدا مون من كوريا الشمالية إبان الحرب الكورية (1950 الى 1953). وكانا يقيمان عندما ولد مون في عام 1953 في جزيرة غيوجي الجنوبية. وحسب ما ذكر مون في سيرته الذاتية، كان والده يعمل في معسكر لأسرى الحرب، بينما كانت والدته تبيع البيض في ميناء بوسان الجنوبي.
وفي عام 1972، انتظم مون في كلية القانون، ولكنه لم يمض فيها وقتا طويلا.

اعتقل مون لقيادته احتجاجات ضد حكم بارك تشونغ هي التسلطي، وحكم عليه بالسجن. واثناء وجوده في السجن تمكن من التخرج من كلية القانون واصبح محاميا قبل ان يطلق سراحه في نهاية المطاف.
وفي عام 1976، بدأ مون الخدمة الاجبارية في الجيش الكوري الجنوبي. وشارك في العملية التي نفذتها القوات الكورية الجنوبية ردا على قيام كوريا الشمالية بقتل ضابطين أمريكيين لتشذيبهما شجرة تقع على الحدود بين الكوريتين.

وبعد ست سنوات، افتتح وصديقه – الرئيس المستقبلي رو مو هيون – مكتبا للمحاماة في بوسان ركزا من خلاله على القضايا والدعاوى المتعلقة بحقوق الانسان والحقوق المدنية. ويقول احد زملائه السابقين وهو سيول دونغ أيل إن مون كان كثير المذاكرة وانه كان يقضي ساعات وساعات في اعداد الدعاوى قبل المرافعات.
افتتح مون مكتبا للمحاماة في بوسانولكن سيول يتذكر ايضا مدى عناية وتعاطف مون مع مراجعيه الذين كانوا يقصدونه طلبا للعون.

وقال سيول للصحافة: عندما كان يسعى العمال الى طلب المساعدة، كان مون يقضي ساعات طويلة في الاستماع الى تظلماتهم أصبح مون ورو شخصيتين بارزتين في الحركة الديمقراطية التي اجتاحت كوريا الجنوبية وأدت في نهاية المطاف الى اجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد في عام 1987.
ولكن بينما قرر رو، المنحدر من أسرة ريفية متواضعة، ولوج عالم السياسة، اختار مون البقاء في بوسان وخوض النضال من خلال المحاكم.

وفي عام 2003، انتخب رو رئيسا لكوريا الجنوبية وأصبح مون واحدا من كبار مستشاريه مكتسبا بذلك لقب (ظل رو) يقول السياسي الكوري الجنوبي السابق تشوي ناك جيونغ إن مون بدا خلال حملة رو الانتخابية في عام 2004 خجولا جدا.

وبدا أن مون يتفق مع ذلك التقييم، إذ كتب فب عام 2011، : كنت اشعر بالحرج دائما، وكنت اشعر ان هذه الوظيفة لم تخلق لي كأنني ارتدي ملابس ليست بحجمي، وكنت دائما افكر بالعودة الى مهنتي الأصلية، المحاماة.
ولم تخل الفترة التي قضاها مون في حكومة الرئيس رو – والتي كلف فيها بمحاربة الفساد – من اللغط. ففي عام 2007، واجه انتقادات نتيجة ادعاءات بأن حكومة الرئيس رو استشارت كوريا الشمالية قبل امتناعها في عام 2007 عن التصويت في الأمم المتحدة على قرار يدين انتهاكات حقوق الانسان في الشمال.
وينفي مون هذه الادعاءات.

وفي عام 2009، أقدم رو على الانتحار بعد ان ترك منصبه واثناء تحقيق في ادعاءات بأنه تقاضى رشاوى قيمتها 6 ملايين دولار. تأثر مون جدا بموت صديقه وزميله رو، ففي مذكراته التي نشرها عام 2011 قال : اتذكر احيانا الماضي واسأل نفسي ما الذي يعنيه رو مو هيون لحياتي؟ لقد غير حياتي، وكانت حياتي ستتغير كثيرا اذا لم التق به. لذلك فهو قدري.

ويبدو ان مون، المتزوج الذي لديه طفلان، قرر ان يواصل السير على الطريق الذي اختطه رو بعد مماته. ترشح للرئاسة للمرة الاولى في عام 2012 ولكنه خسر امام بارك بفارق ضئيل، ولكنه فاز بمقعد ميناء بوسان في البرلمان الكوري الجنوبي.

وفي التاسع من أيار / مايو 2017، وبعد أكثر من عقدين من مشاركته في قيادة البلاد نحو الديمقراطية، انتخب مون رئيسا للبلاد. ومن غير الواضح ما الذي ستعنيه رئاسة مون بالنسبة لكوريا الجنوبية، ولكن مما لا شك فيه ان احدى اولوياته البحث عن سبل لتحسين العلاقات مع كوريا الشمالية.

كشف مون في كتاب نشره في وقت سابق من هذا العام عن انه يحلم بالعودة الى قرية هونغنام التي ينحدر منها والداه في كوريا الشمالية. وكتب افكر في قضاء ما تبقى من حياتي هناك في هونغنام أمارس عملاً دون أجر. عندما تتوحد الكوريتان سلميا، اول شيء ارغب في عمله هو اصطحاب والدتي البالغة من العمر 90 عاما الى مسقط رأسها.

إقرأ أيضاً: 

الهروب من الإهمال في كوريا الشمالية الى النجومية في كوريا الجنوبية

رئيس كوريا الجنوبي الجديد يعد بإصلاح العلاقات مع الشمالية