جوهانسبورغ, جنوب افريقيا, 6 ديسمبر، وكالات، أخبار الآن –

غيّب الموت الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، الذي اصبح أيقونة في التاريخ الحديث لجنوب إفريقيا بنضاله ضد نظام الفصل العنصري.
وقاد مانديلا الذي رحل عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عاما جنوب إفريقيا في المرحلة الانتقالية لنقل السلطة من الأقلية البيضاء إلى الأغلبية السوداء في تسعينيات القرن الماضي بعد أن قضى سبعة وعشرين عاما في السجن.
وكان يتلقى رعاية صحية مكثفة في منزله لعلاج عدوى في الرئتين، بعد أن قضى ثلاثة شهور في المستشفى.
وقال زوما في بيان ألقاه في التلفزيون الوطني إن مانديلا قد رحل بسلام, وأضاف خسر شعبنا أعظم أبنائه.
             
وقال زوما في كلمة بثها التلفزيون مباشرة بعيد الساعة 21,30 بتوقيت غرينتش ان “الرئيس السابق نلسون مانديلا رحل (…) لقد ارتاح الآن والامة فقدت اشهر ابنائها”.
واضاف “لقد توفي بهدوء (…) وشعبنا خسر ابا”، قبل يعلن ان الاعلام ستنكس اعتبارا من الجمعة وحتى جنازة الدولة التي لم يحدد موعدها.
وتابع زوما “لنعبر عن امتناننا العميق لحياة عاشها في خدمة الناس في هذا البلد وفي خدمة الانسانية”، مؤكدا انها “لحظة حزن (…) وسنحبك دائما ماديبا”.
واستخدم زوما الاسم الذي يطلقه شعب جنوب افريقيا على مانديلا الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة.
واشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بمانديلا معتبرا انه كان “مصدر الهام” للعالم.
وقال بان للصحافيين في مقر الامم المتحدة في نيويورك “علينا ان نستلهم من حكمته وتصميمه والتزامه لنسعى الى جعل العالم افضل”.
             
ونعى الرئيس الاميركي باراك اوباما مانديلا معتبرا انه كان رجلا “شجاعا وطيبا”.
واشاد اوباما في كلمة مقتضبة بعد 45 دقيقة فقط على الاعلان عن وفاة مانديلا “بارادته القوية للتضحية بحريته من اجل حرية الآخرين”.
 وكان نلسون مانديلا الذي احتفل بعيد ميلاده الخامس والتسعين في 18 تموز/يوليو، نقل الى المستشفى اربع مرات منذ كانون الاول/ديسمبر بسبب اصابته بالتهاب رئوي متكرر.
وشخصت اعين العالم على مانديلا في 11 شباط/فبراير 1990 يوم خرج بهالة من البطولة بعد قرابة ثلاثة عقود قضاها وراء القضبان لمعارضته نظام الفصل العنصري المفروض من الاقلية البيضاء في البلاد — في واحدة من اكثر الصور المؤثرة في تلك الفترة.
             
وبعد اربع سنوات، اصبح السجين رئيسا للجمهورية، مطلقا مسيرة مصالحة وطنية في جنوب افريقيا من خلال اعادة الاعتبار للاكثرية السوداء في البلاد وطمأنة البيض لعدم وجود ما يخشونه بسبب التغيير.
وقال مانديلا عند توليه الرئاسة في العام 1994 “ندخل في عهد لبناء مجتمع يكون فيه جميع مواطني جنوب افريقيا، السود والبيض على السواء، قادرين على السير برؤوس شامخة من دون ان يعتصر قلوبهم اي خوف، مطمئنين الى حقهم الثابت بالكرامة الانسانية — أمة قوس قزح بسلام مع نفسها والعالم”.
وكرم معهد نوبل مانديلا وسلفه الرئيس الابيض فريديريك دو كليرك بجائزة نوبل للسلام للعام 1993.
             
واوضح الاسقف الانغليكاني ديسموند توتو الحائز ايضا جائزة نوبل للسلام، في احد تصريحاته ان السنوات التي امضاها مانديلا في السجن هي التي حولته الى شخصية ملهمة.
وقال “لقد خرج من السجن شخصا اعظم بكثير مما كان لدى دخوله… (خرج) شخصا يتحلى بالرحمة، رحمة كبيرة حتى تجاه مضطهديه. لقد تعلم كيف يفهم هفوات البشر وضعفهم وبان يكون اكثر سخاء في حطمه على الاخرين”.
وبفضل اسلوبه الذكي في النقد الذاتي وانسانيته الواضحة، سحر مانديلا المعروف لدى محبيه باسم “ماديبا” الجماهير.
ونلسون مانديلا واسمه الاصلي روليهلالا داليبونغا مانديلا مولود في قرية مفيزو في منطقة ترانسكي، احدى افقر مناطق جنوب افريقيا، في 18 تموز/يوليو 1918. وهو الحفيد الاكبر لزعيم من قبيلة تمبو.
وتم اطلاق اسم نلسون عليه من جانب استاذه في المدرسة.
وافتتح مانديلا، الناشط منذ ايام الدراسة في كلية فورت هير جنوب شرق البلاد، اول مؤسسة قانونية للسود في جوهانسبرغ في العام 1952 بمشاركة رفيقه الناشط اوليفر تامبو.
واصبح قائدا اعلى للجناح المسلح السري للمؤتمر الوطني الافريقي في العام 1961، ثم خضع في العام التالي لتدريبات عسكرية في الجزائر واثيوبيا.
             
وبعد اكثر من عام من العمل السري، تم اعتقال مانديلا وحكم عليه في العام 1964 بالسجن مدى الحياة خلال ما عرف ب”محاكمة ريفونيا” حيث القى كلمة تحولت بيانا رسميا لحركة مناهضة نظام الفصل العنصري.
وقال مانديلا في هذه الكلمة “طوال حياتي، كرست نفسي لهذا الكفاح للشعب الافريقي. لقد حاربت سيطرة البيض وحاربت سيطرة السود. لقد دافعت عن مثل المجتمع الديموقراطي والحر… هذه مثل انا مستعد للموت في سبيلها”.
وامضى مانديلا 18 عاما في سجن على جزيرة “روبن ايلاند” قبل نقله في العام 1982 الى سجن “بولزمور” في كيب تاون ثم في سجن “فيكتور فيرستر” في مدينة بارل المجاورة.
وتولى مانديلا الرئاسة لدورة واحدة من خمس سنوات، لكن بعد انسحابه من المشهد السياسي في بلاده في العام 1999 كرس وقته، على رغم تدهور حالته الصحية، لمهام وساطة في نزاعات مختلفة خصوصا في الحرب في بوروندي.
وفي العام 1998، عند احياء عيد ميلاده الثمانين، تزوج مانديلا الذي طلق ويني ماديكيزيلا مانديلا، من غراسا ماشيل ارملة الرئيس الموزمبيقي سامورا ماشيل.
             
وبعد حرمانه من رؤية اولاده يكبرون بسبب سنوات الحبس الطويلة، اظهر مانديلا التزاما في تحسين حياة الشبان موظفا الاموال في بناء مدارس في مناطق نائية.
وفي سن ال83، تم تشخيص اصابة مانديلا بمرض سرطان البروستات خضع بعده لعملية ناجحة.
وفي ايار/مايو 2004، اعلن مانديلا انه سيخفف نشاطاته العامة ليتمتع “بحياة اكثر هدوءا” مع عائلته واصدقائه.
واستدعى الصحافة الى منزله بعد ثمانية اشهر للاعلان عن وفاة اخر ابنائه المتبقين جراء اصابته بمرض الايدز وللدعوة الى مزيد من الانفتاح في التعاطي مع هذا المرض.
ولدى مانديلا ثلاث بنات هن ماكي وزيندزي وزيناني.
وفي العام 2009، اعلنت الامم المتحدة يوم ميلاد نلسون مانديلا يوما عالميا، في اول تكريم من نوعه لفرد.
ومن اخر المناسبات البارزة التي ظهر فيها مانديلا على الساحة الدولية هي مساعدته على حصول جنوب افريقيا على حق استضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2010، للمرة الاولى في القارة الافريقية. وقام باسعاد الجماهير في المباراة النهائية لدى ظهوره المفاجئ على مؤخر عربة للغولف.