“لكون الرجل يحمل جواز سفر مفتوح والمرأة تحمل جواز سفر لمرة واحدة”، راجت مؤخرا على مواقع الانترنت عدة وصفات وطرق تساعد الفتيات اللواتي وقعن في الخطيئة وتمكّنهن من استرجاع عذريتهن بأساليب عديدة منها باتباع وصفات عشبية وأخرى عن طريق خياطة الغشاء عند طبيب مختص في أمراض النساء والتوليد، ولأن العذرية موضوع حساس جدا وهام بالنسبة للبنت والعائلة أجمع، فهو دليل على شرفها وطهارتها وعفتها، لذلك تسعى من فقدنها جاهدات لاستعادة أعز ما يملكن بشتى الطرق ومهما كان الثمن، غير آبهات لما قد ينجم عن هذا العلاج من أضرار ومشاكل صحية واجتماعية.

 

يعدُّ موضوع غشاء البكارة من الطابوهات المحظور الخوض فيها في المجتمع الجزائري، فهي مسلّمات لا تقبل المناقشة أو الجدل، وهو هدية الفتاة لأهلها وعريسها ليلة زفافها ومصدر فخر لهم، فكثير من جرائم القتل ترتكب بدافع الشرف. وإن كان الدين الإسلامي قد نبذ هذه السلوكيات والأعراف المترسخة في البيئة العربية، إلا أن مجتمعنا لم يتمكن بعد من التخلي عن هذا التقليد إلى يومنا هذا، فلازالت النحائر تذبح والحفلات تقام بعد “ليلة الدخلة”، ودليل عفة الفتاة يعرض على الملأ في أجواء بهيجة، غير أن بعض الفتيات اللواتي وقعن في المحظور يلجأن للبحث عن أساليب لاستعادة ما فقدنه مصدّقات خدعة الأعشاب السحرية التي تعيد للفتاة العذرية، غير أن بعضهن أصبن بحروق وتشوهات تسببت في القضاء على حلمهن بدلا من مساعدتهن.

   

أوهام تباع على الانترنيت

“منال” إحدى ضحايا دواء الأعشاب السحري اتصلت بـ”الشروق اليومي”، لتحذر الفتيات من مغبة الركض وراء وهم استعادة العذرية بالأعشاب، وهو ما جعلها تعاني من حروق من الدرجة الثالثة حولت حياتها إلى جحيم.

تقول “منال” إنها كانت على علاقة مع أحد الشبان ووقعت في المحظور ففقدت عذريتها، غير أنها وبعد فترة وجيزة تمت خطبتُها لأحد أقاربها وظلت مشكلة ليلة الدخلة تؤرقها، فاهتدت إلى الحل عندما قرأت على شبكة الانترنيت في أحد المواقع تقول إن الشيخ “مسرور” قد اكتشف علاجاً بالأعشاب يساعد البنات على استعادة غشاء البكارة، فتناولت الرقم ليرد عليها وسيط يدعى “عبد الله” طمأنها ومنحها رقم سكرتيرته وأرقام 10 بنات أخريات شفين بفضل الدواء، فاتصلت بالسكرتيرة وأعلمتها أن سعر الدواء يبلغ 62 ألف دينار مع احتساب مصاريف النقل.

وتضيف الفتاة أنها لم تكن تملك المال الكافي لكونها تعمل في عقود ما قبل التشغيل وتقبض شهريا ما قيمته 8 آلاف دينار فقط، فاضطرت لاستدانة جزء من المبلغ المطلوب وأمَّنت 25 ألف دينار، فوافقوا على منحها الدواء رغم أن المال ليس كاملاً، وضربوا لها موعدا في باب الرحمة بالبليدة فاستلمت الدواءَ داخل ظرف بنِّي اللون ومنحته نسخة من بطاقة التعريف الوطنية، ثم غادرت.

وعن كيفية تحضير الدواء، تصرح “منال” أنه يتم في طقوس خاصة، حيث يجب وضع كوبين من الماء وإفراغ المسحوق وهو عبارة عن غبار فيه، ثم تركه يغلي إلى أن تصل الكمية إلى النصف مع التحريك عكس عقارب الساعة بملعقة خشبية، ثم يوضع في علبة زجاجية ويُغطى بغلاف بلاستيكي. تكمل “منال” حديثها بأن الدواء يستعمل بعد أول يوم طهر من الحيض، ويوضع على قطعة قطنية طولها حوالي 2,5 سنتيم، وتنام على جانبها الأيمن مع عدم الحراك لفترة ما بين 10 و15 يوما مع المحافظة على الصلاة، وتجنب حمل أشياء ثقيلة أو التحرك، فاضطرت إلى أخذ عطلة مرضية من العمل للالتزام بالوصفة رغم أنها كانت تصاب بحرقة شديدة، لكنها تحملت، وبعد انتهاء فترة العلاج توجهت إلى إخصائية النساء والتوليد التي تفاجأت عندما شاهدت وضعيتها الكارثية، وصارحتها بإصابتها بحروق من الدرجة الثالثة، أما فيما يخص عذريتها فأكدت لها أنها لاتزال غير عذراء.

وتختم منال حديثها بأنها أضاعت مالها فليس بإمكانها متابعتهم قضائياً، لأن الموضوع حساس جدا، فكثير من الفتيات ضحايا النصّاب “مسرور” يعانين بصمت ولا يقوين على مصارحة أحد.

 

أعشاب مجهولة بـ5 ملايين

مباشرة بعد المكالمة الهاتفية، بحثنا عبر الانترنيت وتحصلنا على أرقام المعنيين، اتصلنا بالمدعوّ “عبد الله”، حيث كان صوت القرآن الكريم وقراءة سورة “الناس” أول ما طرق مسامعنا، فتحدث إلينا “عبد الله” بلهجة مشرقية أدهشتنا، فلم يكن أمامنا سوى أن نسأله عن جنسيته فصارحنا بأنها جزائرية، لكنه تأثر بأسفاره العديدة إلى لبنان وسوريا ومصر، وبعدها استفسرنا عن طلبنا، فادعينا أن إحدى صديقاتنا وقعت في الرذيلة، وهي بحاجة ماسة لـ”الدواء”، فواسانا وطمأننا بعبارات متقنة، ثم شرح لنا طريقة تعامله وبلغنا أنه سيرسل لنا رسالة قصيرة تحمل أرقام سكرتيرته فورا، كما طلب منا الاتصال به بعد العشاء ليشرح لنا الموضوع أكثر، وبالفعل بعد أن أنهينا المكالمة وصلتنا الرسالة القصيرة وعليها الأرقام.

اتصلنا بالسكرتيرة “ماريا” فشرحت لنا بالتفصيل ما وصفته بـ”الدواء السحري” الذي اكتشفه “الشيخ مسرور” في سنة 1999، مصنوع بخلاصة أعشاب تُجلب خصيصا من السعودية، وهو “معتمد من قبل وزارة الشؤون الدينية الجزائرية والأزهر الشريف؟”، وهو ما أثار استغرابنا فتراخيص الأدوية تمنح من وزارة الصحة فقط، لتكمل أنه “ساعد 5 ملايين فتاة على تحقيق حلمهن واستعادة عذريتهن وليس له أي مضاعفات أو آثار جانية غير محببة”. ومن أهمّ شروطه أن يوضع بعد انقطاع الدورة الشهرية مباشرة مع إعلان التوبة نهائيا عن المعاصي والمواظبة على الصلاة، ويتوفر بسعر 62 ألف دينار يُجلب حسب الطلب وليس متوفرا في الأسواق، فوصفته سرية ولا يوجد في علب، بل يوضع في ظروف للابتعاد عن الإشهار والدعاية، وبعد سماعنا عن مزايا الدواء طلبنا منها مهلة للتفكير.

 
المصدر : الشروق اون لاين