اتهامات للرئيس التونسي قيس سعيّد بالاستفراد بالساحة الإعلامية

بعد فوز الرئيس التونسي قيس سعيّد تشهد الساحة السياسية في تونس توترات كبيرة، مما يثير المخاوف بشأن حقوق الإنسان وحرية التعبير في البلاد. جراء المرسوم 54 الذي يعتبر جزءًا من مجموعة الإجراءات التي تتخذها الحكومة، والتي تُعتبر بمثابة محاولات لكبح المعارضة والحد من النقد العام.

منذ إعلان التدابير الاستثنائية في عام 2021، عانى الإعلام في تونس من تضييق متزايد من قبل النظام. حيث تم مراقبة وسائل الإعلام وتوجيهها لتقديم صورة إيجابية للرئيس قيس سعيد، في حين تم تقليص أو حتى منع تغطية أنشطة المعارضة. جاءت هذه السياسات بالتزامن مع حملات إعلامية تهدف إلى تمجيد إنجازات سعيد، وتصويره كقائد لا غنى عنه في هذه المرحلة، مما أثار انتقادات واسعة من المعارضين الذين يعتبرونها تقييدًا للحريات الإعلامية والتعددية السياسية في البلاد.

في تصريح خاص لقناة أخبار الآن، أكد مجدي الكرباعي، النائب السابق في البرلمان التونسي والناشط السياسي، أن الصحافة والإعلام يواجهان تضييقات كبيرة، حيث يسلط السيف على أقلامهم، مما جعل الرقابة واقعًا يثير مخاوفهم بسبب المادة 54، التي قد تؤدي إلى السجن.

 

بعد فوز قيس سعيّد اتهامات للنظام التونسي بقمع الحريات

وأشار إلى أن العديد من الصحفيين أصبحوا مضطرين للدخول فيما يُعرف بـ”بيت الطاعة”. وفيما يتعلق بالإعلام العمومي، لاحظنا غيابًا تامًا للمعارضة، خاصة في البرامج السياسية. كما أفاد بأنه لم تُجرَ أي حوارات أو نقاشات حول البرامج الانتخابية خلال هذه الانتخابات، مما يشير إلى قمع واضح للحريات وحرية الصحافة. ولفت إلى أن تقارير دولية تؤكد تراجع حرية التعبير والصحافة في تونس.

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحذر من أي تشكيك في نتائج الانتخابات الرئاسية 2024

من ناحيتها، أصدرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس بيانًا على صفحتها الرسمية، جاء في البيان: “تعلم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنّه تم الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية 2024 بصفة رسمية وتعليقها بمقرات الهيئة بعد التثبت في جميع محاضر الفرز ومحاضر التجميع، وأن جميع محاضر الفرز تم تعليقها أمام مكاتب الاقتراع ونشرها على الموقع الإلكتروني للهيئة تطبيقًا لمقتضيات الفصلين 140 و144 من القانون الانتخابي. وعليه، فإن كل اتهام مجاني لهيئة الانتخابات بتدليس أو تزوير النتائج تصريحًا أو تلميحًا سيتم معاينته بصفة قانونية وإحالته للنيابة العمومية من أجل بث ونشر الأخبار الزائفة ونسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي دون الإدلاء بما يثبت صحة ذلك طبق القوانين الجاري بها العمل.” يُعتبر هذا البيان خطوة مهمة لضمان الشفافية والمصداقية في العملية الانتخابية في ظل الأوضاع السياسية الحالية في تونس.

و تعليقا على هذا البيان قال  الكرباعي : حتى نتائج الانتخابات التي تعلنها الهيئة المستقلة، المعروفة بـ”هيئة بوعسكر”، تُعرض أي تشكيك فيها لعقوبة السجن بموجب المادة 54. لم نرَ أي جهات رسمية أو حزبية معارضة تشارك في هذا السياق.

بعد فوز قيس سعيّد اتهامات للنظام التونسي بقمع الحريات

مما يُعيق حرية التعبير والرأي في القضايا السياسية. لقد بدأ المسار الانتخابي الحالي، بكل تشوهاته، برفض قرارات الهيئة، مثل استبعاد ثلاثة مرشحين، مما يزيد من تعقيد الوضع في تونس.مزاعم التزوير وتشكيك المعارضة

المرحلة المقبلة: تهدئة أم تصعيد؟

قيس سعيّد يُعيد تونس إلى أرقام الدكتاتوريات

فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة، أشار العديد من المراقبين إلى أن فوز سعيّد سيؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي التونسي. يعبّر البعض عن أمله في أن يسهم هذا الفوز في تحقيق تهدئة سياسية وإطلاق سراح المساجين السياسيين، بمن فيهم المرشح العياشي زمال. مع ذلك، يظل المجتمع المدني والمعارضة مصممين على مواصلة نضالهم السلمي من أجل استعادة الديمقراطية.

على الرغم من النتائج المرتفعة التي حققها سعيّد، يشكك العديد من معارضيه في نزاهة الانتخابات. إذ يرى هؤلاء أن الرئيس لا يحظى بتأييد يتجاوز 10% من الناخبين، ما يعادل حوالي 900 ألف صوت. وذهب بعضهم إلى مقارنة هذه النسبة المرتفعة بفوز الرئيس السابق زين العابدين بن علي في انتخابات كانت تتميز بنسب تأييد ساحقة تجاوزت 90%.

وقد زادهم في حدة هذه الشكوك نشر نتائج استطلاع للرأي على التلفزيون الرسمي، كانت متقاربة مع النتائج الأولية. ويرى المعارضون أن هذه الخطوة تهدف إلى التأثير على الرأي العام ودفعه للقبول بنتائج الانتخابات من دون مساءلة.

حيث كتب وزير الخارجية التونسي السابق، رفيق عبد السلام، معلقًا على نتائج الانتخابات، حيث أشار إلى أن “قيس سعيد أعاد تونس لمربع الأرقام السحرية للدكتاتوريات العربية”. يُعبر عبد السلام عن قلقه من أن نتائج الانتخابات الحالية قد لا تعكس الإرادة الحقيقية للشعب، إذ يلاحظ أن الرؤساء بعد الثورات غالبًا ما يحصلون على نسبة تفوق الـ 50% قليلاً. أما في عهد سعيّد، فقد زادت النسبة بشكل مثير للقلق لتصل إلى حدود 90%، وهو ما يعكس، وفقًا له، غياب التنافسية ووجود قمع حقيقي ضد المعارضين.

وذكر عبد السلام أنه تم استبعاد العديد من المنافسين وسجنهم، بالإضافة إلى عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية المتعلقة بالانتخابات، مما يعكس عدم احترام القوانين والأحكام القضائية. كما اتهم سعيد بالتلاعب بنتائج الصناديق، مما يزيد من الشكوك حول نزاهة العملية الانتخابية. وختم الوزير السابق تصريحه بالتعبير عن أمله في أن “يفرج الله عن تونس وشعبها الممتحن من هذه الدكتاتورية العمياء”، مما يعكس استياءً عميقًا من الوضع السياسي الراهن.

من ناحية أخرى، يرى أنصار قيس سعيّد في فوزه دليلاً على استمرار ثقة الشعب به. فقد اعتبر سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، أن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت “محترمة”، مشيرًا إلى أن توجه الناخبين للتصويت يظهر وعيًا بدورهم في رسم مستقبل البلاد. ويضيف الناصري أن نتائج الانتخابات تعكس حرية الناخبين في اتخاذ قراراتهم، بعيدًا عن التأثيرات الخارجية أو حملات التشويه التي تستهدف الرئيس.

كما أن النتيجة عادية حسبهم  في ظل مقاطعة المعارضة للانتخابات ومن امتنع عن ممارسة حقه الانتخابي، فقد تخلّى عن أمانته الوطنية وترك مصير البلاد في أيدي من اختاروا المشاركة وقرروا مسارها

ورأوا أن المشاركة في الانتخابات ليست مجرد حق، بل واجب وطني، ومن يُهمل واجبه يفقد حقه في الاعتراض على النتائج، لأن الديمقراطية تقوم على المشاركة والالتزام بما يقرره من اختاروا أن يكون لهم صوت.