بدأت الحرب في غزة منذ الـ7 من أكتوبر الماضي
ذكرت صحيفة واشنطن بوست، السبت نقلا عن مصادر مطلعة أن إسرائيل والولايات المتحدة وحركة (حماس) تقترب من التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح عشرات النساء والأطفال المحتجزين كرهائن في غزة مقابل وقف القتال لمدة خمسة أيام.
من ناحيتها، قالت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، الأحد، إنه لم يتم بعد التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة أو وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” الفلسطينية.
وأضافت واتسون عبر منصة إكس (تويتر سابقاً): “نواصل العمل الجاد للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و”حماس”، مشيرة إلى تقرير نشرته صحيفة”واشنطن بوست” بشأن اتفاق مبدئي بين الجانبين بوساطة أمريكية.
We have not reached a deal yet, but we continue to work hard to get to a deal. https://t.co/rbSqcqfaKo
— Adrienne Watson (@NSC_Spox) November 19, 2023
وفي السياق، قُتل 80 شخصا على الأقل بينهم 32 من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي على مخيم جباليا في شمال غزة حسب وزارة الصحة التابعة لحماس، في حين غادر المئات صباح السبت مجمع الشفاء، أكبر مستشفيات القطاع، بعد إنذار بالإخلاء وجّهته إسرائيل.
وأعلنت الوزارة مقتل 80 على الأقل، بينهم 32 من عائلة واحدة، في غارتين إسرائيليتين منفصلتين السبت في جباليا، استهدفتا منزلا ومدرسة للأمم المتحدة تؤوي نازحين.
وقال مسؤول في الوزارة لوكالة فرانس برس إن “ما لا يقل عن 50” شخصا قُتلوا السبت في قصف استهدف فجرا مدرسة الفاخورة بجباليا.
وفي غارة منفصلة استهدفت منزلا، قتل 32 شخصا من عائلة أبو حبل في المخيم، بينهم 19 طفلا، وفق الوزارة.
وأظهرت لقطات انتشرت على شبكات التواصل وتأكدت فرانس برس من صحتها جثثا مضرجة بالدماء وملقاة في ممرات المدرسة. وكان بعض الجثث ممددا على أغطية وفرَش.
ولم يعلّق الجيش الإسرائيلي على هذه الغارات لكنه قال إن قواته توسع عملياتها في غزة بما في ذلك في جباليا “لاستهداف إرهابيين وضرب البنية التحتية لحماس”.
دان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني السبت الغارات “المروعة” على مدارس للوكالة. وقال “وقف النار لأسباب إنسانية لا يمكن أن يتأخر أكثر من ذلك”.
وكان مخيم جباليا هدفا لقصف إسرائيلي مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، امتد ثلاثة أيام وأدى إلى أكثر من 200 قتيل، وفق حكومة حماس.
أما مستشفى الشفاء فأصبح منذ أيام محور العمليات البرية وقد اقتحمه الأربعاء الجيش الإسرائيلي الذي يتهم حماس باستخدامه ستارا لمنشآت عسكرية وقيادية، وهو ما تنفيه الحركة.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على منصة إكس “اليوم، قادت منظمة الصحة العالمية بعثة تقييم مخاطر عالية جدا تابعة للأمم المتحدة إلى مستشفى الشفاء في غزة ورأى الفريق أن المستشفى لم يعد قادراً على العمل”.
وأضاف “طلب العاملون الصحيون الدعم لإجلاء المرضى الذين لم يعد بإمكانهم تلقي الرعاية المنقذة للحياة هناك بعد الآن. نحن نعمل مع الشركاء لوضع خطة إخلاء عاجلة ونطلب التسهيل الكامل لهذه الخطة”.
The full @WHO statement on the @UN assessment mission to the Al-Shifa hospital, which colleagues described as a “death zone.”
The extreme suffering of the people of #Gaza demands that we respond immediately and concretely with humanity and compassion.https://t.co/2jDWgW0KXS pic.twitter.com/YqxPMrw9r9
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) November 18, 2023
وأتى الانذار بإخلاء المستشفى فيما تواصل إسرائيل قصف القطاع منذ 43 يوما. وتسببت غارة ليلية في خان يونس بمقتل 26 شخصا، وفق مسؤولين صحيين في القطاع.
وصباح السبت، طلب الجيش الإسرائيلي عبر مكبرات الصوت من مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية إخلاءه خلال ساعة.
وأفاد صحافي في فرانس برس أن المئات خرجوا سيرا من المجمع الطبي الواقع بغرب مدينة غزة وتحاصره دبابات إسرائيلية منذ أيام.
وشاهد الصحافي أطفالا ونساء ورجالا بعضهم مصاب أو مبتورة أطرافه ينزحون جنوبا باتجاه شارع صلاح الدين، مؤكدا عدم مشاركة أي سيارة إسعاف في الإجلاء. وفي الطريق نحو الجنوب، أكد الصحافي رصد ما لا يقل عن 15 جثة بعضها في مراحل متقدمة من التحلل على الطرق المدمرة حيث شوهدت سيارات مقلوبة ومدمرة.
وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن 120 جريحا لا يزالون في المستشفى بينهم أطفال خدّج.
وكان مسؤول في الوزارة أكد في وقت سابق أن “450 جريحا ومريضا” عالقون مع عدد قليل من أفراد الطاقم الطبي.
وشوهدت دبابات وناقلات جند وغيرها من الآليات الإسرائيلية المدرعة في محيط المستشفى بينما حلقت فوق المنطقة مسيّرات. وقال الجيش إنه سيخصص “ممرا إنسانيا” للنازحين.
وإلى القدس وصل أقرباء رهائن محتجزين في غزة، بختام مسيرة استمرّت أياما لمواصلة الضغط على الحكومة في هذا الملف. وتجمّع الآلاف أمام مكتب رئيس الوزراء للمطالبة بتحرير الرهائن.
وجدّدت واشنطن السبت، التأكيد أن الإفراج عن الرهائن هو شرط لإعلان وقف النار وإدخال مساعدات إنسانية إضافية إلى غزة. وقال كبير مستشاري البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك خلال النسخة الـ19 من منتدى حوار المنامة، “سيحصل تدفق للمساعدات الإنسانية والوقود ووقف إطلاق النار، عندما يُفرَج عن الرهائن”.
عمليات تفتيش
ولليوم الرابع تواليا، واصل الجيش الإسرائيلي عمليات تفتيش المجمع الطبي “كل مبنى على حدة”، إذ يتهم حماس بإخفاء أسلحة ومنشآت داخله. واعتبرت الحركة الاتهام ذريعة لاستهداف “الشفاء”.
واستجوب جنود بعضا ممّن كانوا داخل المجمع، وكانت الأمم المتحدة قدّرت عددهم بـ2300 شخص.
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في أعقاب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أدّى إلى مقتل نحو 1200 شخص غالبيّتهم مدنيّون قضوا بمعظمهم في اليوم الأوّل للهجوم، وفق السلطات الإسرائيليّة.
وتوعّدت الدولة العبريّة بـ”القضاء” على حماس، وتشنّ حملة قصف جوّي ومدفعي كثيف، وبدأت بعمليّات برّية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، ما تسبّب بمقتل 12 ألفا و300 شخص في قطاع غزّة غالبيّتهم مدنيّون. وبين القتلى أكثر من خمسة آلاف طفل و3300 امرأة.
فجر السبت، أعلن مدير مستشفى ناصر في خان يونس بجنوب القطاع مقتل 26 شخصا في قصف استهدف ثلاثة مبان سكنية بالمدينة. وقال لفرانس برس إن الضربة الجوية التي وقعت في منطقة حمد أسفرت أيضا عن 23 جريحا.
وتؤكد السلطات الإسرائيلية أن قرابة 240 شخصا بينهم أجانب، أخِذوا رهائن في هجوم حماس ونُقلوا الى غزة. ولا تزال قضية الرهائن مدار بحث بين أطراف عدة.
وربطت إسرائيل بين مستشفى الشفاء والبحث عن الرهائن. وتحدث رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو عن “مؤشّرات قويّة إلى أنّ رهائن كانوا محتجزين في مستشفى الشفاء”.
وقود للاتصالات
أدت الحرب الى نزوح أكثر من 1,65 مليون شخص في القطاع، من أصل إجمالي عدد سكانه البالغ 2,4 مليون شخص.
بُعيد اندلاع الحرب، أطبقت إسرائيل حصارها المفروض على القطاع منذ 2007، وقطعت المياه والكهرباء والغذاء والوقود، ما سبّب أزمة متصاعدة خصوصا بظل الكميات الضئيلة من المساعدات التي تدخل عبر معبر رفح.
ونفد الوقود لدى معظم مستشفيات غزة ما يحول دون تشغيل مولداتها. وبحسب حكومة حماس، خرجت عن الخدمة 24 من المستشفيات الـ35 في القطاع.
وأعلنت إسرائيل الجمعة أنها وافقت على دخول شاحنتي وقود يوميا إلى القطاع بناء على طلب من الولايات المتحدة، حليفتها وداعمتها عسكريا.
لكن مدير الأونروا في غزة توماس وايت أكد أن هذه الكمية غير كافية، وقال إن الإسرائيليين “وافقوا على 50% فقط مما تحتاج إليه من وقود المساعدات الإنسانية الحيوية”، موضحا عبر “إكس” أن الناس “لن يحصلوا إلا على ثلثي احتياجاتهم اليومية من مياه الشرب”.
والسبت رفض وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أي إمكان لنشر قوات عربية في غزّة بعد الحرب.
وتحدثت تقارير عن طروحات عدة بشأن مصير القطاع بعد انتهاء الحرب، منها نشر قوات عربية لإرساء الاستقرار فضلًا عن دور قد تؤديه السلطة الفلسطينية في إدارته. وتسيطر حماس على القطاع منذ 2007.
واعتبر الصفدي خلال النسخة الـ19 من “منتدى حوار المنامة” الذي ينظّمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أنه “بعد مناقشة هذه القضية مع كثرٍ ومع جميع إخواننا العرب تقريبًا، لن تتجه قوات عربية إلى غزة”، مضيفا أنه لا يمكن السماح بأن ينظر الفلسطينيون “إلينا على أننا أعداء” لهم.
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن السبت إلى إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة مستقبلا تحت “سلطة فلسطينية متجددة”، وهدد بفرض عقوبات على المستوطنين “المتطرفين” الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وكتب بايدن في مقال نشرته واشنطن بوست “ينبغي إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل بنية حكم واحدة، وفي نهاية المطاف في ظل سلطة فلسطينية متجددة” بعد إنهاء حكم حماس.
وإضافة الى دخول المساعدات، يُفتح رفح أحيانا للسماح بخروج أجانب وجرحى من غزة الى مصر. والسبت، وصل ثمانية أطفال فلسطينيين بين مصابين ومرضى، بعضهم برفقة أحد أقاربهم، إلى أبوظبي في طائرة من مدينة العريش في مصر التي وصلوا اليها بعد خروجهم عبر رفح، في إطار مهمة إنسانية تنظّمها الإمارات.
وقال موفد الهلال الأحمر الإماراتي إلى مطار العريش محمد الكعبي لفرانس برس “نودّ أن نقوم بعمليات إجلاء يومية”، واصفًا وضع غزة بـ”الكارثي”.
خمسة قتلى في الضفة
تزامنا، يتواصل التوتر اليومي في الضفة الغربية المحتلة.والسبت، قُتل خمسة عناصر من فتح في قصف جوي على مدينة نابلس، وفق الهلال الأحمر ومصادر في الحركة.
وقال الجيش الإسرائيلي “استهدفت طائرة شقة للاختباء كان يستخدمها عدد من المخربين المتورطين في التخطيط لإطلاق اعتداءات إرهابية وشيكة تستهدف مدنيين إسرائيليين وأهدافاً عسكرية”، وذلك في مخيم بلاطة للاجئين في نابلس الذي يضم 24 ألف شخص بحسب الأمم المتحدة.
ويضم المخيم مقاتلين من فصائل فلسطينية مختلفة بينها حركة فتح، إضافة الى حماس وحركة الجهاد الإسلامي.
وفي أعقاب الضربة، دهم جنود إسرائيليون مخيم بلاطة وفجروا منزلا كان خاليا، وفق شهود.
وقتل منذ 7 تشرين الأول/اكتوبر أكثر من 200 فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي أو مستوطنين حسب وزارة الصحة الفلسطينية في الضفة التي تحتلها إسرائيل منذ حزيران/يونيو 1967.
وأثارت حرب غزة مخاوف من اتساع النزاع، خصوصا بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم إيرانيا.
وتتبادل إسرائيل والحزب القصف يوميا منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر. والسبت، استهدفت غارة إسرائيلية مصنع ألمنيوم بجنوب لبنان يقع على بعد نحو 15 كيلومترا من الحدود، وفق وكالة الأنباء اللبنانية.
وهذه ضربة نادرة في عمق الجنوب اللبناني منذ بدء التصعيد الذي غالبا ما يقتصر على تبادل قصف حدودي.
بالمقابل، أعلن حزب الله صباح السبت استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية، وإسقاطه فجرا مسيّرة إسرائيلية من نوع “هيرميس 450” بواسطة صاروخ أرض جو.