بسبب استمرار الاشتباكات.. الآلاف يفرون من السودان إلى مصر براً

  • نون: خضعنا للتفتيش في كمائن تابعة للجيش وقوات الدعم قبل الخروج من السودان.. والطريق إلى مصر هو الأكثر أماناً
  • نون: الخرطوم عبارة عن بيوت محروقة وشوارع خالية.. وتم منع أخوتي من دخول مصر بسبب عدم امتلاكهم لتصريح
  • نون: إجلاء الرعايا الأجانب من السودان خلق حالة من الرعب الشديد

مصر باتت ملجأ للسودانيين الفارين من جحيم الحرب، بحسب عدة مصادر، في ظل تعثر وصعوبة عمليات الإجلاء من السودان لأي دولة أخرى.. “أخبار الآن” تحدثت إلى نون عبد الباسط، وهي مواطنة سودانية متواجدة الآن في القاهرة خرجت مع 10 من أفراد أسرتها من السودان إلى مصر براً بواسطة “الباص”. وجاء اللقاء كما يلي:

السؤال الأول: نبدأ من الجزء الأهم في الرحلة وهو الصعود إلى “الباص”.. هل كان سهل عليكم شراء التذاكر أم العملية كانت معقدة؟

عملية شراء التذاكر لم تكن سهلة مع أننا أشترينا أول الناس هذه التذاكر للخروج من السودان، وواجهنا صعوبة بشرائها وحجزنا باص وكان مفترض أن يأخذنا في يوم معين لكن لم يستطيع أن يأتي في هذا اليوم، ومن ثم ذهبنا معه في اليوم التالي.

السؤال الثاني: ماهو عدد الناس التي كانت تحاول الخروج من السودان؟ هل نتحدث عن أعداد بالآلاف أم هي عائلات صغيرة؟

في البداية عندما نحن عبرنا إلى خارجح السودان كانت الأعداد قليلة جداً التي كانت تقطع الحدود وتدخل مصر، لكن منذ يوم أمس والآن الآف الباصات تدخل مصر في نفس الوقت ويوجد كثير من الناس لاتملك جوازت سفر وتم منع البعض من دخول مصر بسبب عدم وجود تصريح دخول أو انتهاء جوازات سفرهم وهناك كارثة إنسانية على الأبواب في مدينة “حلفا”ويوجد عندي أخين في “حلفا” محتجزين هناك بإنتظار أن يأخذوا فيزة والقنصلية مغلقة ومن غير المعروف متى سوف تفتح أبوابها .

السؤال الثالث: يعني ممنوع على اي شخص دخول الأراضي المصرية إلا بجواز سفر وتأشيرة مصرية؟

نعم صحيح لايستطيع اي شخص الدخول إلى مصر كلاجئ لذلك هنالك أشخاص كثيرين محتجزين.

السؤال الرابع: قبل أن نتحدث عن الرحلة بحد ذاتها لعلمي إنها رحلة طويلة وصعبة.. قرارك بالخروج من الخرطوم أنتي وعائلتك كم كانت صعبه هذه اللحظة؟

بالفعل كان قرار صعب جداً, ومنزلنا ضُرب بقذيفة تفجرت داخله وكسرت الأبواب والزجاج وخرجنا وتركنا الباب مفتوح، وتركنا أشغالنا وأعمالنا وأنا طالبة طب في المستوى السادس وتركت جامعتي وغير معروف ماذا سيحصل.

السؤال الخامس: هل أستطعتم أخذ اي شيء من المنزل قبل المغادرة؟

لم نأخذ اي شيء كل شخص فقط أخذ معه المال وبعض الملابس.

السؤال السادس: هل من الممكن أن تخبرينا كيف تركتم منزلكم وتحدثينا عن رحلة الباص.. لأن الخرطوم تشهد اشتباكات و أعمال عنف فكيف كانت الرحلة بهذا الجزء؟

الحمد لله عندما خرجنا كانت الشوارع هادئة نوعا ما، وخضعنا للتفتيش في كمائن تابعة للجيش وقوات الدعم قبل الخروج من السودان، لكن الحمد لله نحن كنا أسرة كبيرة وكان معنا الأطفال لذلك لم يسألونا، لكن شكل الخرطوم بحد ذاته أن نرى البيوت محروقة والناس تمشي في الشوارع مع شنطها والشوارع خالية مُحزن بشكل كبير جداً وكان شيء مُخيف، كيف نحن مُـنذ أيام قليلة كنا نعيش حياة طبيعية والآن أصبحت حياتنا وبلادنا بهذا الشكل لذلك حزنت على هذه الحالة.

السؤال السابع: نون على النقاط التفتيش هل من المفترض أن يكون معك تصريح معين؟.. هل هناك تحدثوا بها معكم؟ كيف كانت معاملة الجيش وقوات الدعم لكم؟

طبعا في هذا الشيء كل شخص له خبرة معينة يراها لكن بالنسبة لنا كانوا يتعاملون معنا بشكل جيد، وتكلموا معنا بإحترام ولم يهددوا اي شخص فقد دخلوا وشاهدوا من يوجد داخل الباص فقط  وسألوا هل أنتم أسرة أم لا؟

السؤال الثامن: من الذي كان على الحواجز هل الجيش السوداني ام قوات الدعم السريع؟

مررنا في الأول وكان هناك تفتيش لقوات الدعم السريع ومن ثم ايضا كان تفتيش للجيش السوداني فكل منهم متواجد في نفس المنطقة لكن واقف كل منهم في جهة مختلفة.

السؤال التاسع: كيف كانت معنوياتهم؟ يعني هل مثلا حاولوا أن يقولوا لكم أن ترجعوا إلى بيوتكم؟ وهل حاولوا طمئانتكم؟ كيف كانوا كعناصر مسلحة؟

عناصر الجيش كانت تتعامل بطريقة جيدة جداً حتى معنوياتهم مرتفعة كانوا يتكلمون معنا بطريقة جيدة والدعم السريع لم يتحدثوا كثيراً .

السؤال العاشر: أنتم كسيدات داخل الباص هل شعرتم بالخطر خلال الرحلة.. ليس ضروري فقط على الحواجز لانه نعلم في كثير بحالات الحرب النساء هن أكثر عرضة للمشاكل كالتحرش ولأي نوع.. فهل خفتم كسيدات على أنفسكن؟

طبعا بالتأكيد خفنا على أنفسنا وكنا نغطي رأسنا ونلبس العبايات لكي نحاول حماية أنفسنا، ولكن كنا خائفين و الحمد لله كان معنا رجال من أسرتنا لهذا كنا مطمئنين.

السؤال الحادي عشر: هل مسموح للرجال أن يغادروا بالباص؟

الكل مسموح أنه يطلع.

السؤال الثاني عشر: من الخرطوم إلى مصر نتحدث عن مسافة ألف كيلومتر بالصحراء .. بهذه الطريقة الطويلة كيف كانت الرحلة ومن المسيطر عليها الجيش أو قوات الدعم؟ هل صارت هناك اشتباكات؟ وأنتم داخل الباص؟

بهذه السفرة الطويلة لم يكن هناك تواجد للجيش أو تواجد عسكري أو الدعم السريع وآخر ملاقاة معهم كانت في الحدود المصرية السودانية.

السؤال الثالث عشر : كيف كان شعوركم أول ما وصلتم على مصر؟

كان شعور جميل جداً كنا مبسوطين جداً أننا أستطعنا النجاه بأرواحنا لكن في نفس الوقت أن نترك أهلنا وأصحابنا ونترك بلادنا بهذه الحالة كانت صعبة بشكل كبير علينا.

السؤال الرابع عشر: قلتي لنا أنه عند أخوين لم يستيطعوا عبور الحدود مالسبب؟

تم منع أخوتي من الدخول إلى مصر بسبب عدم امتلاكهم إذن دخول لان الرجال من سن 16 إلى 49 سنة عليهم الحصول على إذن دخول إلى مصر، والسيدات لا يحتجن تأشيرات للدخول إلى مصر، وحاولنا أن نُدخلهم إلى مصر كحالات إنسانية ونقول لهم إننا هربنا من الحرب، لكن لم نستطع والقنصلية المصرية في “حلفا” مغلقة ولا نعلم متى من الممكن أن تفتح من جديد.

السؤال الخامس عشر: قرات أنك كتبتي على تويتر أن تذاكر السفر اصبحت الآن بسعر مرتفع جداً تقريباً الضعف بنحو أربع مرات.. هل هذا يعني أن الذي سوف يخرج من السودان هو فقط الشخص الذي معه المال أي الناس الفقراء لن يكون عندهم طريق للخروج من البلد؟

عندما خرجنا من السودان حجزنا الباص كاملاً بسعر ـ2 مليون جنيه سوداني والآن السعر وصل 15 مليون لكي تخرج من السودان، وكل ساعة الأسعار تزيد بشكل كبير وكثير من الناس تقوم بحجز باصات لكن لا تأتي لها اي أصحاب هذه الباصات يحاولون إستغلال الموضوع بشكل مادي والإستفادة من هذه الأزمة نحن نريد للشعب السوداني أن يجد مكان أمن يذهب إليه.

السؤال السادس عشر: ماذا يشعر الأشخاص المتواجدين حتى الآن في السودان في حين كثير من الدول تقوم بإجلاء رعاياها وأشخاص أخرين مثلك غادوا السودان، هل نستطيع إعتبار أن من بقي داخل السودان يريد الخروج أم هنالك أشخاص لايرديون مغادرته؟

مثل ماكنا نحن في البداية نقول أننا لن نغادر ونترك بيوتنا وبلادنا ونصبح لاجئين، لكن هناك الكثير من السودانيين متواجدين في السودان سواء برغبتهم أو رغماً عنهم ولأن فئات معينة لا تستطيع مغادرة البلاد بسب ظروف مختلفة وخصوصاً مع إرتفاع أسعار الباصات حالياً.

السؤال السابع عشر: الناس المتواجدين بالسودان الذين سمعوا أن الدول الأجنبية مثل أمريكا أو الدول الأوروبية تقوم بإخراج رعاياها.. هل شعروا بخوف أكبر من أن الوضع سوف يصبح أسوأ؟

إجلاء الرعايا الأجانب من السودان خلق حالة من الرعب الشديد لأنه عندما فكروا أن هذه الدول تخرج رعاياها يعني أن كارثة ما سوف تحدث في السودان، لذلك كثير من الناس تحاول الآن المغادرة لكن هناك مشكلة كبيرة بتوفر المال النقدي أي السيولة المادية في الخرطوم وهنالك إنعدام في “الكاش”.

السؤال الثامن عشر: هل يوجد غير رحلة عبور البر من السودان إلى مصر.. هل هناك طريق أخرى للخروج من السودان أم هي الطريق الوحيدة المتوفرة؟ 

يوجد طريق عبر الباخرة من بورت سودان لكن غير أمن، ويوجد طرق أخرى من أثيوبيا أو جنوب السودان لكن لم يجربها الناس، حتى الآن الطريق إلى مصر هو الأكثر أماناً للخروج من السودان.

السؤال التاسع عشر: ماهي الأشياء الأساسية الي يحتاجها الشعب الذي بقي داخل السودان؟ 

السودانيون في حاجة ماسة إلى الأمان، لكن لا يوجد طعام وحتى المحال التجارية خالية، والذي يوجد عنده مال لكي يشتري الطعام لا يستطيع العثور عليه، ولا يوجد مستشفيات ولاعلاج والحالة صعبة بشكل كبير جداً. ولي صديقة والدها توفى بسبب إغلاق المستشفيات في السودان كان يعان من الفشل الكلوي.

السؤال العشرون: هل أنتي خائفة على الناس الذين مازالوا في الداخل.. وهل تقدري التواصل معهم أم بسبب ضعف شبكة الإنترنت لا تستطعي التواصل؟

شبكة الإنترنت بدأت تضعف بشكل كبير، وحتى شبكة الإتصالات لا تعمل، أحاول التواصل مع أخوتي لكن لم أستطيع الوصول لهم ولانستطيع الإطمئنان على أقاربنا في السودان بسبب انقطاع الإنترنت.

شكرا لك نون عبد الباسط نتحدث عن كارثة بكل المعايير نتمنى أن يتم وقف إطلاق نار جدي ومحادثات لوقف هذه الحرب العبثية التي سيدفع ثمنها طبعا المدنيين.