محاولات داعشية لاستغلال أحداث تونس والسودان بعد مقتل قادة التنظيم

اعترف تنظيم داعش، ضمنيًا، بمقتل عدد من قادته ومعاناته من انتكاسات وتراجع، خلال الفترة الأخيرة، قائلًا إن الابتلاءات قدر محتوم لمن يتبعون النهج الجهادي وأنها بمثابة إعداد وتجهيز لمرحلة النصر،.

كما حذر التنظيم عناصره من التمرد أو عصيان الأوامر التي تُصدرها قيادة التنظيم في ظل الظروف الحالية التي يمر بها، وحث عناصره على استغلال التوترات السياسية والعسكرية الحاصلة في تونس والسودان.

وفقد التنظيم عدد من كبار قادته على مدار الأسابيع الأخيرة، في مقدمتهم أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر أمير الإدارة العامة للولايات التي عُرفت سابقًا باسم إدارة الولايات البعيدة، ونائبه إياد الجبوري/ خالد الجبوري، الذي تولى مسؤولية الإشراف على على خلايا داعش في تركيا وأوروبا، وحذيفة اليماني أحد ميسري ومنسقي هجمات داعش في سوريا، بالإضافة لعبد الهادي محمود الحاج، مسؤول التخطيط لهجمات في أوروبا والشرق الأوسط، وإبراهيم المعن الأمني العام لداعش في سوريا ونائب والي ولاية الشام.

وقال التنظيم في العدد الجديد من صحيفة النبأ الأسبوعية (387)، الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي والناطقة بلسان داعش، إن الابتلاءات التي يتعرض لها داعش ضرورية حتى يُنقى الصف ويُعرف الثابت من المنتكس، ومن ثم يصل الثابتون إلى النصر، على حد تعبير التنظيم.

 

داعش يعترف ضمنيًا بمقتل قادته ويحاول الاستفادة من أحداث السودان

ويلجأ داعش إلى تبرير تراجعه عبر وصفه بأنه ابتلاء وامتحان لتتمايز الصفوف، وهو تكتيك معهود يتبعه التنظيم في حالات الضعف والهزيمة ونقص عدد مقاتليه وتراجع معدلات التجنيد في صفوفه.

وتضمن العدد الجديد من صحيفة النبأ مقالين مطولين في 3 صفحات، عن الابتلاءات والانتكاسات والهزائم وقتل القادة، أي أن التنظيم خصص 25% من مساحة صحيفته الرسمية لهذا الموضوع، على خلاف العادة، وهو ما يعكس تأثر التنظيم بحملة استهداف كبار قادته المستمرة منذ أسابيع.

وأقر التنظيم بأن عناصره يعيشون أوضاعًا صعبة في الوقت الحالي، مضيفًا أنهم أصبحوا بين هارب ومطارد في الصحراء، وسجين قابع في السجون والمخيمات، لكنه اعتبر أن تلك الحالة تهيئة وإعداد لهم حتى يستعدوا للمرحلة القادمة التي سينتصر فيها التنظيم، على حد زعمه.

تحذير من تمرد عناصر داعش

وعلى صعيد متصل، حذر داعش عناصره من عصيان الأوامر أو مخالفة أمراء وقادة التنظيم تحت أي دعوى مثل الأوضاع الميدانية التي لم تطلع عليها القيادة، معتبرًا أن أثر أي تمرد أو عصيان سيكون خطيرًا لا يقتصر على العناصر والأفراد الذين تمردوا أو خالفوا الأوامر وإنما سيمتد ليشمل التنظيم بأسره.

وليست هذه المرة الأولى التي يُحذر داعش عناصره من التمرد أو مخالفة قيادتهم، ويبدو أن تلك التحذيرات تأتي بسبب وجود حالة تململ في صفوف عناصر بسبب الأوضاع الصعبة التي يمرون بها وفشل التنظيم في حماية قادته فضلًا عن عناصره.

داعش يعترف ضمنيًا بمقتل قادته ويحاول الاستفادة من أحداث السودان

 

ضعف التنسيق بين داعش وأنصاره في الفلبين

ومن جهة أخرى، كشفت صحيفة النبأ عن وجود حالة من الضعف في التواصل والتنسيق بين قيادة داعش المركزية وفرعه في الفلبين الذي يُعرف بولاية شرق آسيا، إذ نشرت الصحيفة تقريرًا عن تفجير عبوات ناسفة في قرية “ليغواسان” بمنطقة لاناو ديل سور بجنوبي الفلبين، وهي أحد مناطق النشاط المتبقية لأنصار التنظيم في الدولة الآسيوية، بعد أسابيع من الهجوم الذي وقع مطلع رمضان الماضي.

وذكرت الصحيفة أن الجيش الفلبيني شن حملة كبيرة شارك فيها المئات من الجنود وبدأها بشن غارات جوية مكثفة وقصف مدفعي على مناطق يتواجد بها أنصار داعش في غابات لاناو ديل سور، وهو ما اضطر عناصر داعش للانسحاب من المنطقة التي زرعوا فيها عدد من العبوات الناسفة.

صورة توضيحية لغابات لاناو ديل سور

ويلجأ أنصار داعش لتجنب الاشتباك المباشر مع القوات الفلبينية بسبب نقص أعداد مقاتلي التنظيم وخشيتهم من أن يتم القضاء على من تبقى منهم حال انخرطوا في قتال مباشر مع الجيش الفلبيني.

ومن اللافت أن داعش لم يُدرج تفجير العبوات الناسفة في إحصائية العمليات التي تضمنتها صحيفة النبأ لهذا الأسبوع أو في الأسابيع الماضية، وهذا يعني أن التنظيم لم يرصد أي خسائر في صفوف الجيش الفلبيني جراء تلك العملية كما أنه غير متأكد ما إذا كان تفجير وقع أثناء دخول القوات الفلبينية للمنطقة أم بفعل تأثير حملة القصف الجوي والمدفعي المكثف على مناطق داعش بغابات لاناو ديل سور.

ارتفاع نسبي في هجمات داعش

وعلى ذات الصعيد، ارتفعت هجمات التنظيم خلال الأسبوع الماضي بنسبة 9% مقارنة بالأسبوع السابق، إذ سجلت إحصائيات العمليات 27، و22 هجومًا على التوالي، أي أنه نفذ 5 هجمات إضافية خلال الأسبوع الماضي.

وتركزت الزيادة في الهجمات في منطقة غرب إفريقيا والتي زاد فيها  فرع داعش في غرب إفريقيا المسمى بولاية غرب إفريقيا هجماته من 6 خلال الأسبوع قبل الماضي إلى 11 هجومًا خلال الأسبوع الماضي.

ونشرت صحيفة النبأ إحصائية عن الهجمات التي شنتها ولاية غرب إفريقيا في شهر رمضان المنصرم، مدعيةً أنها بلغت 39 هجومًا في 3 دول هي نيجيريا والكاميرون والنيجر، وأنها خلفت 107 قتيلًا وجريحا، حسب إحصاء داعش الذي لم يتم التأكد منه من مصدر مستقل.

وواصل التنظيم هجماته ضد المدنيين في نيجيريا (غرب إفريقيا)، والكونغو الديمقراطية (وسط إفريقيا)، وموزمبيق (جنوب شرق القارة السمراء)، كما هاجم السكان المحليين في قرية مويدومبي بمقاطعة كابو ديلغاو بعد نحو أسبوعين على عودتهم للقرية التي هربوا منها سابقًا بسبب القتال بين الجيش الموزمبيقي والمجموعات المحسوبة على داعش في موزمبيق (ولاية موزمبيق).

داعش يعترف ضمنيًا بمقتل قادته ويحاول الاستفادة من أحداث السودان

هجوم على “الجهاديين”.. وسعي لتوظيف أحداث تونس والسودان

على صعيد آخر، شن التنظيم ، في افتتاحية العدد الجديد من صحيفة النبأ، هجومًا على الجهاديين الذين يُخالفون نهج داعش مثل تنظيم القاعدة والمجموعات الموالية له وهيئة تحرير الشام، قائلًا إنهم هاجموا التنظيم بسبب نهجه الذي أدى لتدمير مدن السنة في العراق وسوريا وغيرها في حين أن مناطقهم لم تسلم من القصف والدمار، على حد تعبير التنظيم.

ولفت التنيم الإرهابي إلى إيداع رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي السجن، على خلفية قضية التآمر على أمن الدولة، قائلًا إن جماعة الإخوان انتهت إلى مصير معروف حدث معها في مصر وتونس، كما تطرق إلى القتال المندلع منذ أيام بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي”، معتبرًا أن كل فريق من الفريقين المتقاتلين يتحالف ويوالي جهة معينة، حسب تعبيره.

ويحاول داعش من خلال تركيزه على الأحداث في تونس والسودان أن يستقطب أنصار جدد بعد أن تراجعت معدلات التجنيد في صفوفه، خلال الفترة الماضية، كما يُحاول أن يبرر فشله وهزائمه بالتركيز على فشل غيره من جماعات الإسلام السياسي وغيرها من الجماعات السياسية، حتى يستوعب حالة السخط والغضب الموجودة في صفوف عناصره تجاه قيادة التنظيم.