الولايات المتحدة تستهدف رفاق أبو سارة العراقي في داعش

  • مقتل إياد الجبوري يكشف تحول إدلب لـ”ملاذ آمن” لقيادات داعش

أعلنت القيادة المركزية الأمريكية ” USCENTCOM” مقتل خالد أحمد الجبوري الذي يُعرف أيضًا بـ”إياد الجبوري”، القيادي البارز بتنظيم داعش، في غارة جوية نفذتها طائرات أمريكية شمال غربي سوريا، مضيفة أن القيادي القتيل كان مسؤولًا عن التخطيط لهجمات في تركيا وأوروبا، وتطوير البناء الهيراركي/ هيكلية التنظيم.

ووفقًا للبيان الصحفي الصادر عن القيادة المركزية الأمريكية فإن مقتل خالد الجبوري/ إياد الجبوري سيعيق، مؤقتًا، قدرات تنظيم داعش على تخطيط وتنفيذ هجمات خارجية.

ويعد خالد الجبوري/ إياد الجبوري واحد من كبار قادة داعش الذين قُتلوا خلال الفترة الأخيرة، ويأتي استهدافه في إدلب شمال غربي سوريا بعد نحو شهر من استهداف وقتل أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، أمير الإدارة العامة للولايات بتنظيم داعش على طريق قاح دير حسان بريف إدلب في شمال غربي سوريا.

من هو إياد الجبوري/ خالد الجبوري؟

وعُرف إياد الجبوري باسم حركي آخر هو “خالد عبد الله الخليف” واسمه الحقيقي خالد أحمد الجبوري، ينحدر من عشيرة الجبور العراقية، وكان قياديا عسكريا بارزًا في تنظيم داعش، وجرى استهدافه من قبل الطائرات الأمريكية، أمس، على طريق بلدة كفتين قرب بلدة كللي شمالي إدلب أثناء توقفه لإجراء مكالمة هاتفية.

مسؤول خلايا داعش في تركيا وأوروبا.. مقتل إياد الجبوري يُربك خطط داعش

بقايا الصاروخ الذي استهدف القيادي في داعش إياد الجبوري

ونشط إياد الجبوري بشكل أساسي قبل مقتله في مناطق ريف دير الزور والتي تتواجد فيها العديد من خلايا داعش، وغادر المنطقة قبل 10 أيام فقط هربًا من الملاحقة الأمريكية حيث انتقل إلى مدينة إدلب واستأجر منزلًا فيها.

وبحسب المعلومات المتوافرة عنه من مصادر مقربة من التنظيم فإن إياد الجبوري ينتمي لما يُعرف بجيل الجهاد العراقي والذي انضم للتنظيم في الفترة التي تزامنت مع الغزو الأمريكي للعراق، وكان ضمن كوادر ديوان الأمن في فترة تنظيم دولة العراق الإسلامية، النسخة الأسبق لداعش.

مسؤول خلايا داعش في تركيا وأوروبا.. مقتل إياد الجبوري يُربك خطط داعش

كما عمل كقيادي في الإدارة العامة للولايات الداعشية والتي عُرفت من قبل باسم إدارة الولايات البعيدة، والتي قُتل أميرها أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر أواخر فبراير/ شباط الماضي في غارة أمريكية على ريف إدلب، وفي نفس الوقت كان نائبًا لأمير مكتب الشام (يُعرف أيضًا بمكتب الأرض المباركة)، وهو واحد من المكاتب الخارجية الثمانية التي تعمل كقيادات إقليمية لداعش.

ويتولى مكتب الشام الإشراف على دول سوريا ولبنان فضلًا عن أنه أصبح مسؤول عن الإشراف على خلايا داعش في تركيا، منذ منتصف 2021، بعد تنفيذ أجهزة الأمن والاستخبارات التركية حملة اعتقالات في صفوف عناصر وقيادات داعش المسؤولين عن مكتب تركيا والذي عُرف، قبل إغلاقه، بمكتب الفاروق.

وكان إياد الجبوري مقربًا من أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، وأُسندت له عدد من الأدوار في قيادة داعش منها التنسيق مع خلايا العمليات الخارجية في تركيا وأوروبا ودول آسيا الوسطى والإشراف على إعادة بناء شبكات داعش في تركيا، وتنسيق عمليات الدعم اللوجستي للتنظيم.

وذكر مصدر عراقي على صلة بجهاز الاستخبارات الوطني العراقي إلى أن “الجبوري” صُعد في 2021 لعضوية مجلس الشورى في داعش، لكن لم يتم التوثق من تلك المعلومة من مصدر مستقل.

وفي سياق متصل، يؤكد مقتل إياد الجبوري/ خالد الجبوري على وجود نوع من الاختراق الاستخباري لدائرة القيادة العليا لداعش، وهو ما مكن الولايات المتحدة الأمريكية من التوصل إلى عدد من كبار قادة التنظيم واستهدافهم خلال الفترة الأخيرة.

ونفذت القيادة المركزية الأمريكية بالتعاون مع قوات مكافحة الإرهاب العراقية وقوات سوريا الديمقراطية في مارس/ آذار الماضي، 37 هجومًا ضد داعش، (28 منها في العراق، و9 في سوريا)، وأسفرت تلك العمليات عن مقتل 9 من كوادر وقيادات التنظيم الفاعلين، والقبض على 9 آخرين، بحسب بيان صدر، اليوم، عن القيادة الأمريكية.

 

ولفت منشقون عن داعش، من بينهم قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” إلى وجود صراع بين قادة داعش العراقيين والسوريين، وإلى قيام بعض قادة وعناصر التنظيم بالإدلاء بمعلومات أدت لاعتقال أو قتل قيادات وكوادر بالتنظيم، خلال الفترة الأخيرة.

وأردف المنشقون إن الصراع احتدم بعد استنزاف قيادة داعش العليا ومقتل أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر وتبادل قيادات داعش الاتهامات بالخيانة والعمالة والجاسوسية، وأيضًا التقصير في اتباع الإجراءات الأمنية مما أدى إلى سقوط عدد كبير من عناصر وقادة التنظيم، كان آخرهم إياد الجبوري/ خالد الجبوري.

من دير الزور لـ”أرض الجولاني”.. ملاذ قادة داعش

ومن اللافت أن القيادي الداعشي إياد الجبوري انتقل إلى مدينة إدلب السورية قبل 10 أيام فقط واستأجر منزلا باستخدام اسمه المستعار “خالد عبد الله الخليف”، لكن لم يلبث بها طويلًا حتى استهدفته الطائرات الأمريكية بغارة في ريف إدلب الشمالي، وهو ما يعني أن هناك من أمد القيادة المركزية بمعلومات تفصيلية أدت لاستهدافه.

ويُشير انتقال إياد الجبوري/ خالد الجبوري إلى إدلب التي تُسيطر عليها هيئة تحرير الشام، ومن قبله مقتل أبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر فيها، إلى وجود نوع من العلاقات السرية بين قيادات داعش ونظرائهم في هيئة تحرير الشام مما جعل إدلب أو الأرض التي يُسيطر عليها أبو محمد الجولاني، زعيم الهيئة، ملاذًا آمنًا لكبار قادة داعش وخصوصًا مسؤولي الإدارة العامة للولايات (إدارة الولايات البعيدة سابقًا)، وكذلك خلفاء داعش الذين قتل 2 منهم هما أبو بكر البغدادي، وأبو إبراهيم القرشي/ حجي عبد الله قرداش في إدلب.

ومن الجدير بالذكر أن عدد من قادة هيئة تحرير الشام البارزين عملوا سابقًا كقيادات في تنظيم داعش قبل انشقاقهم عن التنظيم مع أبو محمد الجولاني ليؤسسوا هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، ومن أبرز هؤلاء القادة أبو أحمد حدود، مسؤول المعابر والحدود بهيئة تحرير الشام، وأبو مارية القحطاني القيادي البارز بالهيئة.

مسؤول خلايا داعش في تركيا وأوروبا.. مقتل إياد الجبوري يُربك خطط داعش

ويتهم خصوم هيئة تحرير الشام أمراء الهيئة باتباع نهج براجماتي في التعامل مع غيرهم من الجهاديين، ويشمل هذا النهج إيواء قيادات جهادية، من بينهم قيادات بداعش، مقابل مبالغ مالية يتلقونها، وفي نفس الوقت يقومون بـ”بيع الجهاديين” إلى التحالف الدولي لدحر داعش وإلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وعزز من هذه الشكوك، التصريحات التي أطلقها أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، والتي تحدث فيها عن وجود اتصالات سرية بين الهيئة والولايات المتحدة الأمريكية، وعن سعي الهيئة لتكون شريكًا في مكافحة الإرهاب، على الرغم من أن الهيئة ما تزال مدرجة على القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية منذ سنوات.

وبدورهم، ألمح جهاديون إلى وجود تنسيق وعلاقة بين قيادة هيئة تحرير الشام (أبو محمد الجولاني، وأبو مارية القحطاني) وبين منفذي الغارات التي تستهدف الجهاديين في شمال سوريا، إذ ألمح حساب “مزمجر الشام”، المقرب من التيار الجهادي، إلى تزامن تحليق الطائرات الأمريكية وطائرات التحالف الدولي في سماء إدلب مع الاجتماعات والاستعراضات العسكرية التي يحضرها “الجولاني”، و”القحطاني”، وهو ما يعني وقوفهما، بصورة أو بأخرى، وراء عمليات اغتيال الجهاديين في شمال إدلب، حسب تعبيره.

ومع ذلك، تظل إدلب واحدة من أهم الملاذات الآمنة لقادة داعش، بل إنها تحولت لمقر أو ما يُشبه الولاية الخفية لإدارة أفرع داعش الخارجية من قبل أمراء الإدارة العامة للولايات كأبو سارة العراقي/ عبد الرؤوف المهاجر، وإياد الجبوري/ خالد الجبوري الذي قُتل قبل ساعات في ريف إدلب الشمالي.

التفرقة بين قادة داعش وجنوده

وعلى صعيد متصل، تكشف عملية استهداف إياد الجبوري/ خالد الجبوري عن وجود نوع من التفرقة والتمييز بين قادة داعش وجنوده، إذ أن التنظيم أصدر تعميمًا جديدًا في مارس/ آذار الماضي يحظر على مقاتليه استخدام الهواتف وغيرها من أجهزة الاتصالات الإلكترونية، وتوعد بإعدام أي فرد أو عنصر يخالف هذه التعليمات.

ولم يكن هذا التعميم هو الأول من نوعه بل سبقه تعميم من خليفة داعش (الأسبق) أبو بكر البغدادي في مارس/ آذار 2019، وتعميم آخر من أمير اللجنة المفوضة والأمير الأسبق للإدارة العامة للولايات، فايز العقال، في 2020 يحظر على مقاتلي وقادة داعش حمل الهواتف المحمولة، ويشدد على عدم استخدامها مطلقًا.

مسؤول خلايا داعش في تركيا وأوروبا.. مقتل إياد الجبوري يُربك خطط داعش

ولم يلتزم إياد الجبوري/ خالد الجبوري بالتعميم الصادر عن قيادة داعش العليا وظل يستخدم الهاتف المحمول، وتلقى آخر اتصال له قبيل ثوانٍ معدودة من استهدافه بصاروخ من قبل الطائرات الأمريكية على طريق بلدة كفتين قرب بلدة كللي شمالي إدلب.

مسؤول خلايا داعش في تركيا وأوروبا.. مقتل إياد الجبوري يُربك خطط داعش

الصاروخ الذي استهدف الجبوري القيادي في داعش (أخبار الآن)

الخلاصة

إلى ذلك، تُجدد عملية اغتيال إياد الجبوري/ خالد الجبوري الحديث عن وجود اختراق عالي المستوى داخل قيادة داعش العليا، ووجود نوع من الحرب السرية بين قيادات التنظيم العراقيين ونظرائهم السوريين، وهو ما تحدث عنه منشقون عن التنظيم في أوقات سابقة.

وتبين العملية التي استهدفت “الجبوري” في ريف إدلب الشمالي أن أمراء داعش البارزين والمسؤولين عن العمليات الخارجية جراء عملهم في الإدارة العامة للولايات، وهي الإدارة الأهم في داعش حاليا، اختاروا اللجوء إلى “أرض الجولاني” التي صارت بمثابة ولاية خفية تمكن التنظيم من مواصلة نشاطه في ظل التراجع الذي يضرب أركانه في الوقت الراهن.

ويُثبت مقتل إياد الجبوري/ خالد الجبوري فشل داعش في حماية عناصره وقادته، وهو ما يعكس حالة الضعف التي يمر بها التنظيم وخلافته التي أضحت “فانية وتتدهور“.