القاعدة وداعش.. قراءات في رصد تفاعلات الحسابات الرقمية الجهادية

  • ما هي وثائق أبوت آباد التي كشفت أسرار بن لادن وخبايا القاعدة؟
  • فخر الانتماء
  • الحق في الإخبار
  • التشكيك ونقض الأدبيات الجهادية
  • الخروج من سيطرة دول المركز

تروم هذه المقالة التوقف عند قراءات أو إشارات من وحي خوض تجربة التفاعل مع حسابات رقمية في مواقع التواصل الاجتماعي، أياً كانت حقيقة هذه الحسابات، كأن تكون حقيقية أو مزورة، لكن القاسم المشترك بينها وهو القاسم الذي يهمنا أكثر في تفاعلات هذه الحسابات، عنوانه الدفاع عن خطاب الجهاديين، من قبيل تنظيم “القاعدة” أو تنظيم “داعش“، أو حسابات أخرى غير ذات علاقة بالمرجعية الجهادية لكنها تساهم في ترويج الخطاب نفسه.

تعددت القضايا والروابط الرقمية التي انخرطنا في التفاعل معها عبر المنصات الرقمية، وخاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” أو موقع “يوتيوب”، ونذكر من بين هذه القضايا، الانشقاقات التي تطال الجهاديين، تفاعل أتباع الحالة الجهادية مع مضامين وثائق أبوت آباد، متلازمة طهران، أداء الجماعات الجهادية في اليمن وسوريا ضمن قضايا أخرى.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

تندرج المقالة ضمن سلسلة مقالات تدور في الفلك نفسه، أي عرض تلك القراءات الأقرب على خلاصات أولية، لأنه لا يمكن التوصل إلى خلاصات نهائية من وحي تأمل هذه التفاعلات، ما دامنا نتحدث عن نماذج أو عينة محدودة من الحسابات الرقمية المعنية بالتفاعل، والحال أن الكتائب الإلكترونية المحسوبة على المرجعية الجهادية لا حصر لها في شبكة الإنترنت، بل ازدادت كماً ونوعاً مقارنة مع أولى السنوات التي تلت إطلاق شبكة الإنترنت في مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث كان الحضور الجهادي الرقمي أو الإلكتروني يقتصر حينها على إطلاق مجموعة من المواقع الإلكترونية، لعل أبرز موقع “التوحيد والجهاد”، لكن إطلاق مواقع التواصل الاجتماعي ابتداءً من 2004 (مع “فيسبوك”) و2005 (مع “توتير”) ومواقع أخرى، ساهم في تكثيف  الرقمي للحسابات الجهادية، والتفاعل مع هذه الحسابات أو مع حسابات متأثرة بالخطاب الجهادي هو المقصود تحديداً من هذه سلسلة المقالات هذه.

ارتأينا أن تكون أولى القراءات مُخصّصة للتفاعلات التي تهم موضوع وثائق أبوت آباد، وهي الوثائق التي سبق أن كشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وناهزت حينها 470 ألف ملف، تهم بالدرجة الأولى الزعيم السابق لتنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن، كما تهم أسماء أخرى في التنظيم.هناك أربعة اتجاهات على الأقل في تفاعل هذه الحسابات الجهادية، وهي تقرأ بعض الأشرطة المخصصة لقضية وثائق أبوت آباد، وخاصة الشريط الذي يوجد في موقع “يوتيوب” تحت عنوان “ما هي وثائق أبوت آباد التي كشفت أسرار بن لادن وخبايا القاعدة؟“، وبيان ذلك كالآتي:

 

فخر الانتماء

1 – اتجاه أول هدفه الدفاع عن المسميات التي ارتبطت بالجهاديين، بما في ذلك التعبير عن “فخر الانتماء” للمنظومة الجهادية، من قبيل الاعتراض على وصف أتباع تنظيم “القاعدة” بالإرهابيين، لأنهم “مجاهدون وليس إرهابيون” بتعبير أحدهم، أو لأنه لا يجب أن “نصف هؤلاء بالإرهاب” ضمن تفاعلات في السياق نفسه.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

تعليقات البعض في الاتجاه الأول للدفاع عن المسميات التي ارتبطت بالجهاديين

الحق في الإخبار

2 – اتجاه آخر يدور في فلك التشكيك أساساً بحقيقة وثائق أبوت آباد، معتبراً، كما نقرأ في تفاعل أولي أن “هذه الوثائق قد تكون مغلوطة، لأن أمريكا طرف في النزاع”، بل يستشهد صاحب التفاعل بما جاء في أحد برامج فضائية “الجزيرة” القطرية”، وتحديداً ما جاء في إحدى حلقات برنامج “سري للغاية” للإعلامي السابق في الفضائية يسري فودة، ما يُفيد زعم صاحب الحساب، دون أن يُشير صاحب التفاعل نفسه أن يسري فودة سوف ينفصل لاحقاً عن الفضائية المعنية في سنة 2009، وسوف يصدر سلسلة كتب تحت عنوان “سري للغاية” تفرض أن يعيد صاحب التفاعل النظر في مضامين الاستشهاد الذي أحال عليه.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

تعليقات تعمل على التشكيك بحقيقة وثائق أبوت آباد وصحة المعلومات

أهمية هذا التفاعل موزعة على عدة أوجه، منها تسليط الضوء على تأثير الدعاية التي قامت بها الفضائية في حقبة سابقة، على شعوب المنطقة، ومن ذلك فتح الأبواب الإعلامية لخطاب “الجهاديين” من أجل تمرير خطابهم باسم “الحق في الإخبار”، قبل قدوم أحداث 2011 ــ 2013، لنعاين إعادة نظر لدى شعوب المنطقة في أدوار القناة.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

التشكيك ونقض الأدبيات الجهادية

3- هناك اتجاه ثالث ينهل بشكل جلّي من عقلية المؤامرة، وهذه عقلية لا نجدها عند أتباع الظاهرة الجهادية أو الظاهرة الإسلامية الحركية وحسب، وإنما متداولة في مخيال شعوب المنطقة، بصرف النظر عن مؤشراتها بين هذه الفئة المجتمعية أو تلك.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

اقتناع صاحب التعليق بـ”نظرية المؤامرة”

ضمن هذا الاتجاه إذن نقرأ التشكيك في اعتداءات نيويورك وواشنطن، حيث اعتبر أحدهم أن “الأمريكان هم من فجّر الأبراج” [كذا]، كما اعتبر آخر أن “هناك فيديوهات لألمان تؤكد أن التفجيرات تمت بمتفجرات وليس بالطائرات”، وقراءات في هذه الطينة، تركت موضوع وثائق أبوت آباد جانباً ليُصبح التفاعل يدور في التشكيك في اتهام الجهاديين بالوقوف وراء تلك الاعتداءات من جهة، وتوجيه التهمة إلى الإدارة الأمريكية من جهة ثانية في ما يُشبه تبرئة أداء الجهاديين، وهذا موقف يصب في نقيض الأدبيات الجهادية التي صدرت عن تنظيم “القاعدة”، والتي تعلن عن مسؤوليتها ليس عن هذه الاعتداءات وحسب، ولكن أعلنت مسؤوليتها حتى عن اعتداءات أخرى طالت الدول العربية، من قبيل اعتداءات الرياض مثلاً، التي جرت في 18 مايو 2008، ضمن اعتداءات أخرى.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

التشكيك في اعتداءات نيويورك وواشنطن والذهاب بعيدًأ في “نظرية المؤامرة”

الخروج من سيطرة دول المركز

4- وأخيراً، هناك اتجاه رابع يستحق التأمل، ويرى تبرير الاعتداءات الصادرة عن تنظيم “القاعدة” في سياق الصراعات السياسية والجيوستراتيجية القائمة، من قبيل تدقيق أحدهم، مستعرضاً مجموعة أهداف تقف [وتبرّر] هذه الاعتداءات، نذكر منها “إخراج الوجود العسكري الأمريكي من الخليج” و”الخروج من سيطرة دول المركز” قصد إدخالهم “في الدول الإسلامية”، وهذا اتجاه يتقاطع مع بعض مضامين كتاب “إدارة التوحش” لأبو بكر ناجي، أو بعض أجزاء “موسوعة المقاومة الإسلامية العالمية” لعمر عبد الحكيم، الملقب بأبي مصعب السوري، أحد أهم منظري المشروع الجهادي خلال العقدين الأخيرين.

كانت هذه وقفة أولى مع هذه التفاعلات التي تعج بالخلاصات وتقتضي الكثير من القراءات حول أداء الكتائب الجهادية في العالم الرقمي بشكل عام، وفي شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص.

القاعدة وداعش.. كيف أثرت منصات التواصل في الدفاع والترويج للإرهاب؟

تبرير الاعتداءات الصادرة عن تنظيم القاعدة