شبكة حقاني تصعد الأزمة وانتقاداتها تطال آخوند زاده

  • حقاني تحدث عن “احتكار السلطة” و”التشهير بالنظام”
  • تصريحات حقاني تؤشر للخلافات والخلل داخل جماعة طالبان
  • ذبيح الله: “من الأفضل توجيه الانتقادات خلف الأبواب المغلقة وليس علناً”

“على طالبان تهدئة المواطنين، والتصرف بطريقة لا يكرهها الناس ويكرهون معها الدين”.. لم يكن هذا التصريح ضمن البيانات المتلاحقة لمنظمات حقوق الإنسان المنتقدة لانتهاكات جماعة طالبان، بل جاءت على لسان وزير داخلية الجماعة، سراج الدين حقاني، كانتقادات مبطنة إلى القائد الأعلى للجماعة ومرشدها المنعزل، هبة الله آخوند زاده، والقادة الذين لم يكشف عن أسمائهم واتهمهم “باحتكار السلطة”.

الخلافات داخل جماعة طالبان باتت تطفو إلى السطح، وإن لم تكن صريحة ومباشرة، فإنها متبادلة. فبعد تصريحات حقاني، في كلمة له أمام تجمع ديني في إقليم خوست بشرق البلاد، لم تصمت الجماعة إزاء الانتقادات، فخرج المتحدث باسم الجماعة ذبيح الله مجاهد إلى دعم الأمير، والهجوم على حقاني. موضحاً أن مبادئ الأخلاق الإسلامية لا تسمح بإهانة الأمير وانتقاده بأي طريقة.

فما قصة صراع السلطة بين قادة طالبان، الذي خرج مؤخراً إلى العلن، في ضوء تصريحات حقاني، وذبيح الله؟

حقاني Vs ذبیح الله.. ما قصة صراع السلطة العلني في أفغانستان؟

اتهامات متبادلة

تصريحات حقاني، الرجل الأول داخل جماعة طالبان المسيطرة على الحكم في أفغانستان، أدلى بها في خطاب ألقاه خلال عطلة نهاية الأسبوع في حفل تخرج في مدرسة دينية إسلامية، قال فيها إن “احتكار السلطة والإضرار بسمعة النظام بأكمله ليس في مصلحتنا”. وأضاف “لا يمكن التسامح مع هذا الأمر”.

وأوضح القائد الذي يدير جناحاً هو الأقوى والأعنف داخل الجماعة، وهو شبكة حقاني، التي تضع طالبان على حافة صراع داخلي يهدد بتقسيم الجماعة المسيطرة على الحكم في أفغانستان، بأنه محبط من الوضع دون أن يسمي أحداً، وتحدث أيضا عن “احتكار السلطة” و”التشهير بالنظام” و”تحديه” قائلا إن الوضع “غير مقبول”.

وتابع حقاني في الخطاب الذي نشره أنصاره على مواقع التواصل الاجتماعي: “اليوم، نحن نعتبر أن من حقنا تحدي واحتكار وتشويه سمعة النظام بأكمله وقد أصبح هذا أمراً شائعاً”. كما أشار إلى أن “المزيد من المسؤوليات وضعت على أكتاف الحركة، منذ توليها السلطة، وبالتالي بات عليها إظهار مزيد من الصبر”.

تصريحات حقاني التي تؤشر الخلافات والخلل داخل جماعة طالبان، جاءت في أعقاب حملة القمع المستمرة على حرية النساء والفتيات في البلاد. بعد منع الحركة الجامعات من استقبال الفتيات، بعد أن حظرت على المدارس الثانوية تعليمهن، بحجة أنهن “لا يحترمن قواعد اللباس”، و”لم يحترمن التعليمات بشأن الحجاب”، في إشارة إلى الإلزامية المفروضة من الحركة لتغطية رأس المرأة ووجهها وجسدها بالكامل، بجانب منع النساء من العمل في المنظمات غير الحكومية.

ووفقاً لمصادر مقربة من دوائر السلطة في طالبان، فإن مواجهة للسيطرة على حكومة الجماعة تقترب بسرعة. بعكس حديث حقاني بضرورة إظهار مزيداً من الصبر، وهو ما يعكس الصراع على السلطة من خلال ما يجري داخل أروقة أجنحة الاستخبارات.

فعندما وصلت طالبان إلى السلطة، أنشأت منظمة استخبارات وطنية جديدة تسمى “المديرية العامة للاستخبارات“. ويرأس دائرة المخابرات العامة السجين السابق في غوانتانامو عبد الحق واثق.

ومع ذلك، فإن شبكة حقاني، الجناح الأكثر تطرفاً في أفغانستان، تدير شبكتها الاستخباراتية المنفصلة الموالية لوزير الداخلية سراج الدين حقاني، وليس لزعيم طالبان هبة الله آخوند زاده، وهو ما يعمق الخلاف بين قادة الجماعة، ما بات واضحا من خلال تصريحات حقاني، وردود الفعل العلنية من قيادات الجماعة عليها.

سراج الدين حقاني ضد ذبيح الله.. كيف انتقل صراع شبكة حقاني وطالبان إلى العلن

“ليس علناً”

ولعل تعليق المتحدث باسم الحكومة ذبيح الله مجاهد، عكس غضب مسئولي الحركة في كابول، من تصريحات حقاني – دون أن يسميه – إذ قال إنه “من الأفضل توجيه الانتقادات خلف الأبواب المغلقة وليس علناً”.

وأضاف ذبيح الله، الموالي لهبة الله آخوند زاده، خلال بث للتلفزيون الرسمي الذي تسيطر عليه الجماعة، في خطبة له بتجمع ديني، “أنه في حال خروج بعض الأشخاص عن منهج الإمارة الإسلامية في الانتقاد في السر، فهذا يعد أمراً فردياً، لأنه يجب على جميع المسؤولين اتباع منهج الخلفاء الراشدين، وعدم انتقاد الأمير أو تشويهه في العلن، بل توجيه النصيحة إليه في السر”. ما يشير لاعتراضه على انتقادات حقاني العلنية، المنافية لتعاليم ومنهج الإسلام، بحسب قوله.

أما عبد الغني فايق، نائب وزير العدل في حكومة طالبان، فكان أكثر صراحة في رده على حقاني، حين حذر المسئولين من المساس بتوزيع السلطة القائم في الحركة. وأوضح فايق، في حفل تخريج محامين في كابول، إن أي مسئول مهما بلغ موقعه لا يمكن التسامح معه إذا تحرك ضد الإمارة الإسلامية.

 

علاقات مشبوهه

الاختلافات الهيكلية بين قادة طالبان وشبكة حقاني، التي عكستها تصريحات سراج الدين، وذبيح الله، لا تتعلق فقط بطريقة الحكم والقضايا الداخلية، والانتقاد العلني، ولكن يبدو أن فرع قندهار قلق للغاية وغير راضٍ عن دعم الشبكة لتنظيم القاعدة.

فعلى الرغم من أن أحد عوامل عدم الاعتراف بالحكومة الأفغانية هو قضايا مثل الضغط على الأقليات، وعدم قدرة الجماعة على توفير الأمن، وحملات القمع المستمرة على حرية النساء والفتيات في البلاد، إلا أن العلاقات بين الشبكة وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص، تسببت في عدم اعتراف المجتمع الدولي بالحكومة الحالية، بحسب الخبراء.

وبشكل عام، كانت علاقات الشبكات الإرهابية مع بعضها البعض دائماً في حالة من الغموض. إذ يساعدهم هذا الوضع على البقاء آمنين ومحميين من خطر استهدافهم من قبل القوات الحكومية.

ولكن تلقي مقاتلو “حقاني” تدريبات عملياتية وتكتيكية ولوجستية واستخباراتية واقتصادية من قبل قوات تنظيم القاعدة، يؤثر سلباً على وضع الحكومة الأفغانية عالمياً. إذ كيف يتعاون المجتمع الدولي مع جماعة لا تزال تعمل مع القاعدة، في مجالات مثل تبادل المعلومات، ونقل الأسلحة، وتوفير الملاجئ، والقواعد التكتيكية والعملياتية. الإمر الذي يعمق خلافات شبكة حقاني، وقادة حكومة طالبان.