كيف استغل داعش زلزال تركيا؟

حاول تنظيم داعش توظيف زلزال تركيا، الذي ضرب مناطق جنوبي تركيا وشمال غرب سوريا، في الهجوم على خصومه ووصفهم بالانحراف عن النهج القويم، فيما اعتبرت قنوات مناصرة للتنظيم، ومحسوبة على إعلامه شبه الرسمي، أن الزلزال انتقام إلهي من تركيا بسبب انخراطها في حرب التنظيم وطردها مقاتليه من مناطق حلب السورية في عملية “درع الفرات” التي انطلقت أواخر عام 2016.

ونشرت  صحيفة النبأ الأسبوعية، الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي لداعش والناطقة بلسان التنظيم، مقالًا افتتاحيًا في عددها الأخير (377) بعنوان: “وما نُرسل بالآيات إلا تخويف”، قالت فيه إن الزلازل من الابتلاءات والنوازل التي تصيب جميع البشر، معتبرًا أنها تحدث لتخويف العباد بسبب ذنوبهم وأخطائهم، على حد تعبير الصحيفة.

 

ويُعلل داعش الأحداث والنوازل، في المعتاد، بأنها ابتلاءات ربانية واختبارات للتفريق بين الثابتين والصابرين وغيرهم، وهي الطريقة التقليدية التي يبرر بها التنظيم مثل هذه الأحداث وما شابهها كالهزائم والخسائر التي يُمنى بها.

واستغلت صحيفة النبأ زلزال تركيا للهجوم على خصوم التنظيم من الدعاة والمؤسسات الدينية الرسمية في البلدان المسلمة، والذين وصفتهم الصحيفة بأنهم “دعاة جهنم الذين أضافوا إلى جريمة الإرجاء العقدي إرجاءً دعويًا..”، معتبرةً أنهم يتحدثون عن الرحمة الإلهية فقط لا العذاب وهو ما يُعد خروجًا عن النهج الصحيح، على حد وصف الصحيفة.

وفي نفس السياق، نشرت قناة “صوت الزرقاوي”، إحدى أبرز المؤسسات الإعلامية المناصرة (شبه الرسمية) لداعش صورتين إحدهما تُظهر صور المباني المدمرة جراء المواجهات بين مقاتلي داعش ومقاتلي الجيش الوطني السوري المدعوم بالجيش التركي خلال عملية درع الفرات في ديسمبر/ كانون الأول 2016، والأخرى تُظهر المباني المهدمة جراء زلزال تركيا، قائلةً إن الزلزال انتقام إلهي من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسبب انخراط بلاده في حرب داعش، على حد زعمها.

داعش يحاول استغلال زلزال تركيا.. والتنظيم وآلته الدعائية يتراجعان مجددًا

وأطلق مناصرو داعش وسمًا/ هاشتاغا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان: “#العدل_الإلهي” هاجموا من خلاله تركيا بسبب حربها على التنظيم، واعتبروا أن الزلزال نوع من العقاب الذي تلقته الحكومة التركية جراء حربها على داعش، على حد قولهم.

تراجع جديد لـ”صحيفة النبأ”

وفي سياق متصل، تقلصت أعداد صحيفة النبأ، مرة أخرى، خلال هذا الأسبوع إذ جاء العدد الجديد من الصحيفة (377) في 8 صفحات فقط، مقارنة بـ12 صفحة خلال الأسبوع الماضي وما سبقه.

داعش يحاول استغلال زلزال تركيا.. والتنظيم وآلته الدعائية يتراجعان مجددًا

ويبدو أن التراجع الجديد لصحيفة النبأ يُعزى إلى وجود عدد من مشرفي الصحيفة في المناطق التي ضربها الزلزال بشمال غربي سوريا، لا سيما أن التنظيم نقل عدد من قياداته إلى تلك المناطق التي يقع جزء منها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، لمواصلة العمل التنظيمي في مرحلة ما بعد انهيار الخلافة المكانية.

وانتظمت صحيفة النبأ في الصدور منذ 16 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015، وصدرت في 16 صفحة وظلت بنفس عدد الصفحات حتى العدد 104 والذي صدر بتاريخ 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وجاء في 12 صفحة فقط، ومع أن التنظيم مر بعدد من الأزمات والهزائم الكبرى منذ ذلك الحين وحتى الآن، إلا أن الصحيفة ظلت تصدر بنفس عدد الصفحات (12 صفحة)، حتى صدور العدد الأخير (377)، بتاريخ 9 فبراير/ شباط 2023.

 وخصصت الصحيفة ربع عدد صفحاتها، صفحتين من أصل صفحاتها الثمانية، لتناول زلزال تركيا فأوردت المقال الافتتاحي والرئيس في الصفحة الثالثة، كما نشرت تصميمًا غرافيكيًا عن الزلازل في صفحتها الأخيرة ووصفتها بأنها من “الآيات الإلهية التي لا يجوز نسبتها للطبيعة”، وأنها تأتي لتخويف الناس على حد قول الصحيفة.

استمرار الصراع بين داعش وبوكو حرام في نيجيريا

على صعيد آخر، خلت إحصائية العمليات التي تنشرها صحيفة النبأ من ذكر أي عمليات للتنظيم في غرب إفريقيا (نيجيريا ودول حوض بحيرة تشاد)، للمرة الأولى، منذ العدد 191 للصحيفة والذي صدر بتاريخ 18 يوليو/ تموز 2019، وذلك في الوقت الذي سجلت فيه عمليات التنظيم تراجعًا عامًا في جميع المناطق التي ينشط فيها التنظيم.

وتخوض ولاية غرب إفريقيا الداعشية مواجهات، في الوقت الحالي، مع جماعة بوكو حرام التي أعلنت أنها ستواصل قتالها ضد المجموعات المبايعة لداعش في نيجيريا حتى القضاء عليها.

داعش يحاول استغلال زلزال تركيا.. والتنظيم وآلته الدعائية يتراجعان مجددًا

وذكرت قناة “فضح عُباد البغدادي والهاشمي” والتي يُديرها منشقون عن التنظيم، أن ولاية غرب إفريقيا تشهد انقسامًا كبيرًا بين قادة داعش بسبب الموقف من قضايا ومناطات التكفير، التي تُشكل أحد مرتكزات الفكر الداعشي، موضحةً أن العديد من العناصر الذين انشقوا عن جماعة بوكو حرام وبايعوا داعش، عام 2021، لم يتخلوا عن أفكار التكفير التي كان عليها زعيم بوكو حرام الأسبق أبو بكر شيكاو، لذا دخلوا في مواجهات جديدة مع قيادة داعش في غرب إفريقيا.

وأردفت القناة أن داعش في غرب إفريقيا يشهد تمزقًا منهجيًا من الداخل، وهذا التمزق سيُترجم خلال وقت قصير إلى حرب شعواء تقضي على التنظيم هناك، لافتةً إلى أن ديوان الإعلام المركزي للتنظيم ما زال يتكتم على تلك الحرب خشية أن تنفضح ويصل خبرها لمقاتلي داعش، وهو ما قد يؤدي إلى انشقاقات جديدة في صفوفه.

داعش يحاول استغلال زلزال تركيا.. والتنظيم وآلته الدعائية يتراجعان مجددًا

إلى ذلك، ظل منحنى العمليات ثابتًا منذ الأسبوع الماضي، فسجلت لجان الرصد والمتابعة التابعة لداعش والتي تنقل عنها صحيفة النبأ إحصائيات العمليات، 11 عملية فقط في جميع المناطق التي ينشط فيها التنظيم، وهو ما يعني استمرار حالة التراجع العملياتي التي يعيشها داعش منذ فترة.

واحتلت موزمبيق صدارة العمليات الإرهابية التي شنها التنظيم بـ5 هجمات طوال الأسبوع، مقارنة بـ3 هجمات خلال الأسبوع السابق أي بارتفاع قدره 60 %، وسجلت ولاية وسط إفريقيا (الكونغو الديمقراطية) ارتفاعًا بهجوم واحد فشهدت 3 هجمات مقارنة بهجومين فقط في الأسبوع الماضي أي بارتفاع قدره 33%، وتراجعت الهجمات في العراق، التي يُفترض أنها ساحة العمليات المركزية للتنظيم بنسبة 50% حيث شهدت هجوم واحد مقارنة بهجومين في الأسبوع السابق، فيما ظلت الهجمات في سوريا ثابتة خلال الأسبوعين بمعدل هجوم واحد لكل أسبوع، وسجلت ولاية شرق آسيا هجومًا وحيدًا ، للمرة الأولى منذ أسابيع.

ولم تشهد مناطق شبه جزيرة سيناء، وأفغانستان، وليبيا، والساحل الإفريقي أي هجمات جديدة لداعش خلال هذا الأسبوع، أو الأسابيع السابقة له، وهو ما يُظهر حالة التراجع التي تشهدها أفرع داعش المحلية في تلك المناطق.

لمزيد من التفاصيل:

بعد مقتل بلال السوداني.. أسرار تمويل داعش عن طريق ولاياته الخارجية

داعش يعترف بهزيمته في سيناء.. ويواصل حربه في إفريقيا

مسرحية البعثيين.. ولايات الخلافة الوهمية للسيطرة على تنظيم داعش