في تصريح لافت، قال نائب وزير الدفاع في الصومال عبد الفتاح قاسم للصحافيين في العاصمة مقديشو، إنّ جماعة الشباب طلبت إجراء مفاوضات مع الحكومة الصومالية. وإذ أوضح أنّ ثمّة مجموعتين داخل جماعة الشباب، جزءٌ أجانب وجزءٌ آخر من الصوماليين المحليين، أكّد أنّ لهؤلاء السكان المحليين فرصة لفتح المفاوضات، لكن ذلك لا يحقّ للأجانب الذين غزوا الصومال، والخيار الوحيد هو العودة إلى حيث أتوا.

وأضاف نائب وزير الدفاع: بالنسبة للصوماليين، نحن مستعدون لاستقبالهم لأنّهم على استعداد للاستسلام للحكومة الصومالية، ويجب عليهم اتباع تعليمات الحكومة، وإعادة الاندماج في مجتمعهم، أو مواجهة الجيش الوطني الصومالي في الخطوط الأمامية.

في السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي حسن الشيخ لـ “أخبار الآن أنّ كلام نائب وزير الدفاع في الصومال لا يعني دعوة من جماعة الشباب الصومالية للتفاوض مع الحكومة.

الخيانات تحكم جماعة الشباب الصومالية.. ومهاد كاراتي متهم بالعمالة
وكانت الحكومة الصومالية صرحت في الماضي، بأنّها منفتحة على المفاوضات مع جماعة الشباب، لكن تلك هي المرّة الأولى التي تقول فيها الحكومة إنّ الجماعة المتطرفة طلبت إجراء محادثات.

 

جماعة الشباب الصومالية تفشل بتغطية التضعضع

ورغم عملياتها الإرهابية المتفرّقة، والتي تريد من خلالها ترهيب الصوماليين والقول إنَّها بخير، تفشل جماعة الشباب الصومالية في تغطية التضعضع والتفكّك الداخلي في صفوفها. كذلك تفشل في الظهور بصورة موحّدة وقوية بسبب ترافق العمليات النوعية للقوتين الحكومية والأفريقية المدعومتين من قوات محلية، مع خلافات داخل القيادة تظهر إلى العلن وتكشف الواقع الحقيقي للجماعة.

متابعون صوماليون للجماعة وتحركاتها يعتبرونها “طريحة الفراش” مثل زعيمها الحالي أبو عبيدة أحمد ديرية، الذي يعاني أزمة صحية حادة وبالتالي يفشل في اختيار خليفة له، خصوصاً في ظلّ عدم قدرته على قيادة تلك الجماعة الإرهابية بسبب وضعه الصحي.

انشقاقات جماعة الشباب: نوعان مختلفان

الانشقاق عن جماعة الشباب الصومالية ينقسم إلى قسمين، بحسب متخصّصين بالشأن الإرهابي، يتمثّل القسم الأوّل بمنشقين خلعوا ثوب التطرف والفكر الإرهابي بعد اكتشاف زيف ادعاءات الجماعة. ومن هؤلاء إبراهيم أدم إبراهيم المعروف بـ “إبراهيم نظارة” الذي يشغل حالياً منصب مستشار رئاسة مجلس الوزراء الصومالي لشؤون توعية المجتمع حول الأفكار المنحرفة، بعدما كان على مدى 10 سنوات أحد عناصر جماعة الشباب البارزة التي كانت تظهر جنباً إلى جنب مع أخطر قياديي الجماعة. 

أمّا القسم الثاني، فيتمثّل بالذين انشقوا عن الجماعة أو ساروا عكس تيار زعيمها لأسباب محض شخصية مرتبطة بمآرب فردية ومصالح خاصة، من دون أن يكونوا قد تخلّوا عن الفكر الإرهابي. في ذلك السياق، يبرز اسم مهاد كاراتي، أحد أخطر شخصيات جماعة الشباب الذي يتبوأ منصب نائب الزعيم، لكنّه على خلاف تام وشامل مع الزعيم نفسه.

بداية من هو مهاد كاراتي وما هي أحدث المستجدات حوله؟

مهاد كاراتي، أو عبد الرحمن محمد ورسامي، أو مهد محمد علي كاراتي، كلُّهَا أسماءٌ مستعارة لنائب زعيم جماعة الشباب الصومالية الإرهابيةِ، أو زعيمها في الظل، وأحد أخطر شخصياتها والعقلِ المُخطط لأكثر العمليات الإرهابية دمويةً، التي نُفِذت تحت اسم جهاز “أمنيات”، الجناح الاستخباراتي والأمني لجماعة الشباب، ذلك الجناح الفكرة التي راودت عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، وقد حوّلها كاراتي إلى حقيقة. 

إلى جانب كونه رئيس جهاز “أمنيات”، يتولّى كاراتي المتحدّر من قبيلة هوية من فخذ هبرجدر، ذات النفوذ الكبير جنوب الصومال لاسيَّما في العاصمة، الشؤون المالية للجماعة. 

كاراتي، المسؤول عن هجوم أبريل العام 2015، الذي استهدف كليّة جامعة غاريسا في كينيا وأودى بحياة 150 شخصاً، تعاظمت سلطته داخل الجماعة منذ عهد زعيمها السابق أحمد عبدي غوداني الذي قتل بغارة جوية أمريكية في الأوّل من سبتمبر العام 2014.

تبوأ نيابة رئاسة الجماعة الإرهابية في عهد غوداني وكانت نفوذه أقوى من نفوذ الأخير في صفوف الجماعة، بسبب سياسة التشبيح المعتمدة في الجماعة التي يديرها كاراتي نفسه، فهو من يتقاضى الأموال من تجارة مقديشو ويفرض عليهم الخوّة والضرائب، وإليه يصل تمويل الجماعة التي تدير ميزانية سنوية تبلغ 100 مليون دولار بحسب تقرير للأمم المتحدة. مع مقتل غوداني، توجهت أصابع الاتهام أيضا إلى كاراتي.

ومنذ اغتيال غوداني رأس الجماعة الإرهابية أبو عبيدة أحمد ديرية الذي حاول إبعاد كاراتي عن المشهد القيادي للجماعة، وفعلاً غاب الأخير، عن الإعلام على الأقل، إلى أن ظهر بعد تفجير وزارة التربية في شهر نوفمبر من العام 2022، حيث ظهر في رسالة يقول فيها إنَّ هجمات الجماعة ستستمر. وفي وقت يعاني فيه زعيم الجماعة من مرض جعله طريح الفراش، لكنَّه يرفض تسليم القيادة لكاراتي ما زاد الانقسامات والتصفيات الداخلية بين الزعيم الإسمي من جهة ونائبه من جهة أخرى وجماعتيهما. 

مصادر مطّلعة على تصدّع الجماعة والخلافات بين القسمين، تؤكّد لـ”أخبار الآن” أنّ كاراتي يستفيد من صلة القربى التي تجمعه مع رئيس جهاز أمني رفيع المستوى (هما من نفس القبيلة الجنوبية)، وذلك للتخلّص من منافسيه داخل الجماعة والقيادات المعارضة له، في حين استبعد المصدر نفسه إمكانية ترؤس كاراتي لجماعة الشباب الإرهابية بعد موت أبو عبيدة بسبب التساؤلات الكبيرة حول أمواله، من دون استبعاد فرضية تأسيس كاراتي لجماعة إرهابية جديدة، أو انضمامه إلى داعش في الصومال الذي أيضاً يعاني انقسامات.

عضو سابق في جماعة الشباب يكشف تفاصيل مرتبطة بكاراتي

اعتقال مهاد كاراتيه في كينيا في وقت سابق وإعادة إطلاقه يشوبُه الكثير من الغموض، وقد أثير حول ذلك الكثير من التساؤلات والشكوك التي كانت تناقش حول الروابط الاستخباراتية الكينية وغيرها من الروابط المحتملة لكاراتي. في ذلك السياق، قال العضو السابق في جماعة الشباب الصومالية إبراهيم نظارة لـ”أخبار الآن“: “تمّ اعتقال الضابط مهاد كاراتي في كينيا في أوائل العام 2002 أو 2003، وذلك قبل تأسيس جماعة الشباب والمحاكم الإسلامية، وكان وقتها يعمل في نيروبي، من ثم نُقل إلى إثيوبيا كما يقال، وبعد ذلك لا أحد يعرف أين سُجن ومتى خرج من السجن، ولكن فجأة رأت الناس أنَّه في صفوف المحاكم الاسلامية أولا، وثانيا في جماعة الشباب بعد تأسيسها وانفصالها عن الماحكم”.

ورفض نظارة تحديد الجهة الاستخباراتية التي من الممكن أن يكون كاراتي يتجسس لخدمتها، لكنّه قال: “مهاد كاراتي هو متهم في داخل الجماعة، إذ كثر من الضباط وكثر من أتباع الجماعة يتهمونه بالعمالة لأنَّه عندما كان يملك سلطة ونفوذ عالٍ، كان يقوم بتصفية الرموز داخل الجماعة، وكانت كل تحركاته مشبوهة، حتى أن بعضهم اتهمه بقتل رئيس الجماعة الأسبق أحمد غوداني، ولكن لا أحد من عناصر الجماعة يتجرأ على قول ذلك علناً”.

وأضاف في السياق: “كانت عناصر الجماعة تخاف من كاراتي خوفا شديدا ولكنه مازال متهما بقتل غوداني حتى الآن”. ويُردف نظارة بالقول “لا أعلم أنَّ كاراتي تعرض يوما من الأيام لقصف جوي أو لأي شيء آخر ن ذلك القبيل، فهو كان لديه نفوذا كبيرا، يتحرك كثيرا داخل الجماعة، ويقوم بتصفية قيادات وسجن ضباط الجماعة، ولم يكن مطلوبا من داخل الجماعة بل كما تعلم مطلوبا دوليا كما يظهر في الإعلام، إنّما كان يقوم بأعمال شنيعة داخل الجماعة، والكل يتهمه بالعمالة”. 

وتابع نظارة: “من غير المُستبعد أن يكون كاراتي يُسرب معلومات من الجماعة بشكل انتقائي لتصفية خصومه الداخليين واضعافهم وقتلهم، وخير دليل على ذلك أنَّ كاراتي هو من قاد الحملة التي شُنَّت على قياديي الجماعة  مثل معلم علي (إبراهيم حاج جامع ميعاد) ومعلم برهان (عبد الحميد شيخ حاشي)  في براوي (Barrawe) وقد كنت هناك آنذاك، وكان كاراتي قد التقى معنا قبل تصفية القياديين بليلتين، إذ التقى فينا ليلة الثلاثاء بعد صلاة المغرب وقتل قياديين ليلة الخميس، وكان يحمل بيان القيادات العليا الذي يُحلل دماء القياديين ويُشجع على قتل الضباط، لذلك الكل يتهمه بالعمالة وهذا لا شك فيه لدى أتباع الجماعة”.

الخيانات تحكم جماعة الشباب الصومالية.. ومهاد كاراتي متهم بالعمالة

الخيانات داخل الجماعة

وعن الخيانات والإنشقاقات داخل جماعة الشباب الصومالية، تحّدث العضو السابق في الجماعة لـ“أخبار الآن” أنّ خيانة القادة لبعضهم البعض أدّت إلى تقاتلهم وتصفية العديد منهم، قائلاً: “عند تواجدي في الجماعة لاحظت أن خيانة القيادات لبعضهم البعض أدى إلى تقاتلهم وتصفية العديد منهم، وهم بكل الأحوال كانوا يدَّعون تطبيق شريعة الله عزَّ وجل واقامة فريضةالجهاد، في حين أنَّهم كانوا عكس ذلك على أرض الواقع، وقتلوا بعضهم البعض وجرى تصفية أكبر القيادات مثل إبراهيم حجي جامع، المعروف بمعلم علي، ومعلم برهان، وذلك في براوي في عام 2014”.

لتلك الأسباب فشلت الجماعة في اختراق إثيوبيا

في معرض حديثه مع أخبار الآن عن تضعضع جماعة الشباب، وعمَّا شاهده فيها، تحدَّث نظارة عن هزيمة جماعة الشباب في أثيوبيا وفشلها في الدخول إلى ذلك البلد. وقال: “عوامل الجغرافيا والسياسة لم تساعد الشباب في أثيوبيا، لأن الأرض لم تكن صالحة لمشروعهم والشعب الاثيوبي كان ذكياً وعمل مع حكومته لذلك لم يستطع الشباب بالتسلل إلى الأرض بسهولة، فالشعب هنالك كان موحدا وكان يقف مع حكومته جنبا الى جنب. لذلك لقوا في اثيوبيا هزيمة نكراء، حيث قُتلوا جميعهم أو معظمهم، وتم إلقاء القبض على أكثرهم”. 

شاهدوا أيضا: دفنة بيرق.. إعلامية داعش المخضرمة تتنصل من التنظيم