القاعدة وشبكة حقاني.. حلفاء الإرهاب في أفغانستان

بعد أسابيع معدودة من سيطرة جماعة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، عام 2021، خرج أمير القاعدة السابق “أيمن الظواهري”، في إصدار مرئي، ليهاجم قيادة الجماعة العليا بسبب رغبتها في الانضمام لمنظمة الأمم المتحدة داعيًا طالبان لمواصلة دعم الجماعة الجهادية العالمية التي يُمثلها القاعدة، وقبل أن يمر عام على الانسحاب الأمريكي من البلاد، فجرت واشنطن مفاجأة كبرى حينما أعلنت أنها قتلت “الظواهري” في منازل مملوك لأحد مساعدي سراج الدين حقاني، وزير داخلية طالبان، وزعيم شبكة حقاني المرتبطة بالقاعدة.

ومثل الإعلان الأمريكي صدمة لأنصار تنظيم القاعدة، ولقيادة جماعة طالبان العليا التي كانت تعمل على ترويج صورة جديدة لنفسها تقوم على القطيعة مع الماضي بما يحويه من علاقات من تنظيم القاعدة، بيد أن شبكة حقاني، والذي يُفترض أن تكون واحدة من مكونات/ تيارات طالبان، رفضت فك الارتباط بتنظيم القاعدة واختارت أن تؤوي التنظيم على حساب مستقبل الجماعة، ومصير الشعب الأفغاني.

ولا تعد العلاقات بين شبكة حقاني مع التنظيمات الجهادية العابرة للحدود الوطنية، كتنظيم القاعدة، وجماعة عسكر طيبة (لشكر طيبة) الباكستانية، وجماعة تحريك طالبان (طالبان باكستان) غيرها، أمرًا جديدًا، لكن احتفاظ الشبكة بالعلاقات مع القاعدة رغم تأكيد قيادة جماعة طالبان ومتحدثها الرسمي ذبيح الله مجاهد على عدم وجود علاقات مع التنظيم أو السماح له بتأسيس قواعد عملياتية في أفغانستان، كشف وجود تباين وخلافات داخل جماعة طالبان، وأكد أن شبكة حقاني تعمل وفق أهدافها ومصالحها الذاتية دون مراعاة القيادة العليا لطالبان.

شبكة حقاني.. النشأة وبدايات التحالف مع القاعدة

تأسست شبكة حقاني على يد مولوي جلال الدين حقاني، والد سراج حقاني وزير داخلية طالبان حاليًا، عام 1996، وكان مؤسس الشبكة قبل ذلك أحد كوادر الحزب الإسلامي الأفغاني وأحد قادة الفصائل التي قاتلت ضد الاتحاد السوفيتي، حتى انسحابه من أفغانستان، أوائل تسعينيات القرن الماضي، وانحدر غالبية مقاتليها من قبيلة “زدران” وهي قبيلة بشتونية أفغانية، وهذا يعني أنها شبكة قبلية مسلحة في المقام الأول.

وتعرف جلال الدين حقاني إلى المقاتلين العرب وعلى رأسهم أسامة بن لادن، إبان سنوات القتال ضد السوفيت، وعندما عاد “بن لادن” ورفاقه من السودان إلى أفغانستان، مرة أخرى، في نهاية عام 1996، عادت العلاقات بين الطرفين لتنشط من جديد.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

مولوي جلال الدين حقاني، مؤسس شبكة حقاني ووالد سراج حقاني

وبايع جلال الدين حقاني زعيم جماعة طالبان المؤسس الملا عمر وبذلك صارت شبكته جزءًا من جماعة طالبان، من الناحية الشكلية على الأقل، وتركزت في مناطق شرق أفغانستان ومناطق الحدود مع باكستان (شمال غرب باكستان)، وتولى الأول منصب وزير شؤون الحدود والقبائل في إمارة طالبان الأولى، التي انهارت بالغزو الأمريكي عام 2001.

ووظف “حقاني” علاقاته وشبكاته لمساعدة مقاتلي القاعدة على الهرب من أفغانستان نحو باكستان عبر منطقة الحدود القبلية، عقب الاحتلال الأمريكي، وتعززت العلاقات مع التنظيم خلال السنوات التالية لتصل إلى مرحلة التحالف الإستراتيجي والتعاون العملياتي واللوجيستي.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

 

ودخلت العلاقات بين شبكة حقاني، التي تتبنى أيضًا نهج الجهادية العالمية، وتنظيم القاعدة طورًا جديدًا بعد مرض ثم وفاة جلال الدين حقاني، والتي أعلنت جماعة طالبان عنها عام 2018، إذ احتفظ خليفته ونجله سراج الدين حقاني بعلاقات وثيق مع تنظيم القاعدة وخلاياه المنتشرة في منطقة الحدود الأفغانية الباكستانية وغيرها.

واتسم سراج الدين حقاني باتباع نهج متشدد، بشكل واضح، بصورة تفوق حتى والده ومؤسس الشبكة جلال الدين حقاني، ووقف “حقاني” الابن وراء العديد من الهجمات الدامية التي استهدفت القوات والمصالح الأجنبية في أفغانستان، كما خطط لمحاولة اغتيال الرئيس الأفغاني (الأسبق) حامد كرازي عام 2008، وغيرها.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

اتسم سراج الدين حقاني باتباع نهج متشدد، بشكل واضح، بصورة تفوق حتى والده ومؤسس الشبكة جلال الدين حقاني

ونتيجة الدور الفاعل الذي لعبه سراج الدين حقاني في قيادة الشبكة، خلال تلك السنوات، اختاره أمير طالبان (السابق) الملا أختر منصور ليشغل منصب نائب أمير الجماعة، عام 2015، وبذلك أصبح واحدًا من 3 نواب لأمير طالبان، وبقي في منصبه بعد وصول الملا هبة الله آخوند زاده، زعيم طالبان الحالي، لإمارة الجماعة.

غير أن تصعيد سراج الدين حقاني في قيادة جماعة طالبان لم يسهم في تغيير نهجه المتشدد بل إن شبكة حقاني واصلت عملها كمجموعة شبه مستقلة عن طالبان، واحتفظت بمجلس شورى خاص بها بعيدًا عن المجموعة المعروفة بـ”مجلس شورى كويته” والتي تمثل قيادة طالبان العليا، في الوقت الراهن، وأبرزهم الملا هبة الله آخوند زاده، كما قوت علاقتها بتنظيم القاعدة منذ ذلك الحين.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

ويُلاحظ أن شبكة حقاني أبقت على كيانها الذاتي متمايزًا وغير مندمج في داخل جماعة طالبان، فاحتفظت بمقاتليها الذين تُقدرهم بعض المصادر الأمريكية بنحو 10 آلاف مقاتل (أي حوالي 20%: 30% من إجمالي قوات جماعة طالبان)، بعيدًا عن قيادة طالبان العليا، بحيث صارت شبكة حقاني عبارة عن تنظيم مستقل داخل الجماعة الأفغانية، كما أنها تمتعت باستقلالها المادي ومولت عملياتها عن طريق عمليات الإتجار في المخدرات، والخطف والفدية، وغيرها من الأنشطة غير المشروعة بجانب التبرعات المالية التي تلقتها من تنظيم القاعدة وجهات أخرى.

حقاني والقاعدة.. تنسيق ودعم عملياتي

وعلاوة على استقلالها العملياتي عن قيادة طالبان العليا وزعيمها الملا هبة الله آخوند زاده، عملت شبكة حقاني، في مرحلة ما قبل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021، بالتنسيق مع تنظيم القاعدة على ترسيخ وتعزيز سيطرتها على المناطق الأفغانية المختلفة.

والتقى 2 من أبرز قيادات شبكة حقاني هما يحيى حقاني المعروف أيضًا باسم قاري صاحب (صهر سراج الدين حقاني)، وحافظ عزيز حقاني المعروف أيضًا بعزيز حقاني (شقيق سراج الدين حقاني)، بأمير القاعدة (السابق) أيمن الظواهري، في فبراير/ شباط 2020، أي في نفس الشهر الذي وقعت فيه جماعة طالبان اتفاق الدوحة للسلام مع الولايات المتحدة، وأطلاعه على نتائج المفاوضات مع الولايات المتحدة، وذلك وفق تقرير سابق لفريق الدعم التحليلي المعني برصد جماعة طالبان في مجلس الأمن الدولي صدر في مايو/ آيار 2020.

وفي الحقيقة، لم يكن لقاء يحيى حقاني، المدرج على قوائم الإرهاب الأمريكية والدولية (لا تزال الولايات المتحدة ترصد 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه)، وحافظ عزيز حقاني بأيمن الظواهري سوى واحد من لقاءات عديدة جمعت قيادة الشبكة بأمير القاعدة، ولا سيما أن الطرفان (الشبكة والتنظيم) بينهما روابط أيديولوجية وعملياتية عديدة تنطلق من فكر الجهادية العالمية، كما أن يحيى حقاني هو المسؤول عن عملية التنسيق بين الشبكة والقاعدة، منذ عام 2009.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

وشارك مقاتلو وقادة القاعدة في عمليات تمويل وتدريب وتأهيل مقاتلي شبكة حقاني، وأشارت مصادر أمريكية إلى أن تنظيم القاعدة أدار مجموعة من معسكرات التدريب التابعة لشبكة حقاني في 12 ولاية أفغانية، وضمت تلك المعسكرات أكثر من 600 مقاتل.

وعلاوة على المشاركة في إدارة معسكرات تدريب “حقاني”، خططت قيادة الشبكة لتأسيس وحدة أو فيلق عسكري يضم 2000 مقاتل تحت قيادة حافظ عزيز حقاني، بالتعاون مع قيادة القاعدة وبتمويل مباشر من التنظيم، وجرى تحديد قطاعين جغرافيين لانتشار الفيلق هما منطقة لويا بكتيا (تضم ولايات خوست، ولوكر، وبكتيكا، وبكتيا)، والتي تخضع لإشراف “عزيز حقاني”، والأخرى منطقة كونر ونورستان والتي تخضع لقيادة “عبد الله شير خان“، رئيس استخبارات شبكة حقاني.

شبكة حقاني والسعي للسيطرة على أفغانستان

واستفادت شبكة حقاني من المقاتلين الذين تلقوا تدريبهم على يد عناصر القاعدة، في مرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والتي سعت الشبكة خلالها للسيطرة على مراكز القوى الرئيسية في البلاد والاستئثار بالسلطة والنفوذ على حساب مكونات/ تيارات طالبان الأخرى، بما فيها تيار مجلس شورى كويته الذي يمثل القيادة العليا للجماعة.

ومهدت الشبكة لتوسيع دائرة انتشارها ونفوذها عن طريق حملة قام بها نائب وزير الحدود في طالبان محمد إبراهيم عمري (عم سراج حقاني، وشقيق جلال الدين حقاني مؤسس الشبكة)، وأنس حقاني (شقيق سراج حقاني)، لإقناع قادة القبائل الأفغانية بعدم القتال إلى جوار قوات الجيش الأفغاني السابق، ونجحت تلك الحملة بنسبة كبيرة، بحسب ما يذكر تقرير صادر عن فريق الدعم التحليلي بمجلس الأمن الدولي.

 

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

أنس حقاني شقيق سراج حقاني

وعقب الانسحاب الأمريكي، دفعت شبكة حقاني بآلاف من مقاتليها للسيطرة على العاصمة الأفغانية كابول بحيث يصبح لها الثقل الأكبر (تُقدر مصادر أن مقاتلي حقاني في كابول نحو 6 آلاف مقاتل، بما فيها كتيبة النخبة بدري 313 وبذلك تُصبح شبكة حقاني أفضل فصيل مجهز عسكريا في العاصمة)، وركزت شبكة حقاني على السيطرة على المؤسسات الكبرى والهامة في البلاد ومن بينها، وزارة الداخلية، والمخابرات الأفغانية، وإدارة أمن العاصمة كابول، والإدارة المختصة بإصدار جوازات السفر والهويات وغيرها، كما سعت للسيطرة على الجيش بتعيين الحاج مالي خان، (صهر سراج حقاني ووالد يحيى حقاني)، وفقًا لتقرير فريق الدعم التحليلي.

ويُلاحظ أن شبكة حقاني ركزت على السيطرة على المؤسسات الأمنية والاستخبارية والجهات المعنية بإصدار وثائق الهوية وجوزات السفر، حتى تتمكن من توظيف كل هذه المؤسسات في خدمتها، وإصدار هويات مزيفة لعناصر القاعدة لإيوائهم داخل أفغانستان دون علم قيادة جماعة طالبان، تمامًا كما حصل مع أمير القاعدة (السابق) أيمن الظواهري.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

وبدوره، انحاز تنظيم القاعدة إلى شبكة حقاني وهاجم أيمن الظواهري قيادة طالبان العليا (مجلس شورى كويته)، واعتبر أن سعها للاندماج في المجتمع الدولي بمثابة تخلي عن نهج الجهادية العالمية.

وخطط “الحقانيون” لتولية سراج الدين حقاني منصب نائب رئيس وزراء أفغانستان، لكن مجموعة من كبار قادة طالبان عارضوا هذه الخطوة بما فيهم الملا يعقوب نجل زعيم مؤسس طالبان الملا محمد عمر ووزير الدفاع الحالي، والملا فضل منصور، نائب رئيس أركان الجيش، والملا محمد حسن آخوند، رئيس الوزراء الأفغاني، والملا عبد الغني بردار النائب الأول لرئيس الوزراء، وهو ما يؤكده تقرير فريق الدعم التحليلي.

وخلال الصراع بين شبكة حقاني ومعارضيها داخل طالبان، جرى إلقاء القبض على مولوي علم جول حقاني (عم سراج حقاني، وشقيق جلال الدين حقاني)، بتهم فساد مالي وأخلاقي، وذلك دون الرجوع لسراج حقاني، وهو ما يعد تحديًا إضافيًا لسلطة وزير الداخلية الحالي.

ومن الواضح أن الصراع بين شبكة حقاني ومجلس شورى كويته (يتكون بالأساس من مجموعة القندهاريين داخل طالبان)، له أبعاد قبلية أيضًا، فشبكة حقاني تتكون من مقاتلين من قبيلة “زدران” التي تنتمي لمناطق شرق أفغانستان، بينما معارضي حقاني ينحدرون من قبائل أخرى فالملا يعقوب نجل الملا محمد عمر ووزير الدفاع الحالي ينتمي بقبيلة هوتاك وهي فرع من قبيلة غيلزاي التي تنحدر من جنوب شرق أفغانستان، والملا عبد الغني بردار ينتمي لقبيلة دوراني التي تنحدر من جنوب أفغانستان، وتمتلك تلك القبائل (الشرقية، والجنوبية) تاريخ طويل من التنافس في أفغانستان.

ولعل الصراعات والتنافسات الداخلية في جماعة طالبان بين شبكة حقاني ومعارضيها، كان من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت الشبكة لاحتضان قادة ومقاتلي تنظيم القاعدة، بعد الانسحاب الأمريكي عام 2021، وتوفير ملاذات آمنة لهم كما حصل مع أيمن الظواهري الذي أقام في منزل أحد مساعدي سراج الدين حقاني بالحي الدبلوماسي بالعاصمة كابول.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

انقسام طالبان بسبب العلاقات مع القاعدة

وتسبب اغتيال أمير القاعدة السابق في قلب العاصمة كابول في حدوث ضجة كبيرة داخل جماعة طالبان الأفغانية، فسهيل شاهين ممثل حكومة طالبان المعين في الأمم المتحدة (لم توافق المنظمة الأممية على ضمه لها حتى الآن)، قال إن الجماعة فتحت تحقيقًا في ما وصفه بالمزاعم الأمريكية حول مقتل “الظواهري” في كابول، مضيفًا أنه لو ثبتت إقامته في كابول فسيتم محاسبة المتورطين في إيوائه.

وحتى الآن، لم تُؤكد جماعة طالبان الأفغانية مقتل أيمن الظواهري داخل كابول، وقال المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد إنهم لم يعثروا على جثة الظواهري وأن التحقيقات لا تزال جارية، على الرغم من أن جماعة طالبان باكستان (تحريك طالبان)، اعترفت صراحةً في مجلة تُصدرها بمقتل أيمن الظواهري.

ويبدو أن الخلافات بين شبكة حقاني ومكونات طالبان الأخرى، كان لها دور في عدم إعلان طالبان الأفغانية مقتل أمير القاعدة السابق، ويُرجح أن تؤدي تلك الخلافات والموقف من العلاقة مع تنظيم القاعدة إلى حدوث انشقاق هيكلي في جماعة طالبان وخروج شبكة حقاني منها، إذ أن الشبكة تتبنى فكر الجهادية العالمية وتدعم “القاعدة” في الوقت الذي تحاول فيه قيادة طالبان العليا التركيز على الداخل الأفغاني والاندماج في المجتمع الدولي.

خبراء أفغان يكشفون لـ”أخبار الآن” كواليس العلاقة بين القاعدة وحقاني

وفي هذا السياق، قال حسين إحساني، الباحث بمعهد الدراسات الأفغانية، إن هناك علاقات ممتدة بين شبكة حقاني وتنظيم القاعدة، وهذه العلاقات تشمل التلاقي والتوافق في الأهداف والتكتيكات نظرًا لأن تلك العلاقات تكونت قبل سنوات وتعززت خلال القتال ضد الولايات المتحدة، مضيفًا أن الهيكل التنظيمي لشبكة حقاني يضم العديد من كوادر ومقاتلي القاعدة.

وأشار “إحساني” في تصريحات لـ”أخبار الآن” إلى أن شبكة حقاني سيطرت على مكتب إصدار وتوزيع جوازات السفر بأفغانستان، مرجحًا أن تكون الشبكة استخدمته في إصدار وثائق ثبوتية لمقاتلي تنظيم القاعدة الأجانب، وأن يقوم هؤلاء الاجانب بنشر الإرهاب في جميع أنحاء العالم، على غرار ما حصل بعد سيطرة طالبان على أفغانستان سابقًا.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

وألمح “إحساني” إلى أن مقتل أيمن الظواهري داخل أفغانستان قد يكون تم بوشاية من أحد مكونات جماعة طالبان سواء داخل شبكة حقاني أو خارجها، موضحًا أن من سرب هذه المعلومات هدفه الاستفادة من العلاقات مع الولايات المتحدة لخدمة مصالحه وسياساته.

وأردف الباحث بمعهد الدراسات الأفغانية أن هناك 3 مستويات من الخلافات بين شبكة حقاني وغيرها من مكونات طالبان، أولها مستوى الخلافات العرقية والقبلية وهذا يرجع إلى انتماء مقاتلي شبكة حقاني لقبيلة “زدران”، وانتماء الفرع القندهاري لطالبان لقبلية دورني وغيرها من قبائل الجنوب، وثاني المستويات الخلافات هو الخلافات على الموارد الاقتصادية لأن كل فرع من طالبان يريد السيطرة على موارد أفغانستان وحرمان منافسيه منها، أما المستوى الثالث والأخير فيرتبط بالصراع على النفوذ لأن كل مجموعة من طالبان تسعى لإحكام سيطرتها على السلطة في البلاد، لكن سيطرتها ترتبط بحدود قوتها وتأثيرها ومن ثم تتنافس كل تلك المكونات (وفي مقدمتها شبكة حقاني) على تعزيز سلطتها وحضورها داخل المؤسسات والوزارات الأفغانية المختلفة.

علاقات المصلحة.. سر ارتباط تنظيم القاعدة بـ"شبكة حقاني" وهجومه على قيادة طالبان

وبدوره، ذكر الباحث الأفغاني نور الهدى فرزام إلى أن قيادات جماعة طالبان مختلفين بشأن وجود تنظيم القاعدة في داخل البلاد، فأعضاء شبكة حقاني يدعمون تواجد التنظيم ويستخدمونه كورقة ضغط يلعبون بها ضد خصومهم وضد دول آسيا الوسطى.

ولفت “فرزام”، في تصريحات خاصة لـ”أخبار الآن” إلى أن مجموعة مجلس شورى كويته (قيادة طالبان العليا) تتعامل ببراجماتية من أجل مصالحها وترفض وجود تنظيم القاعدة في البلاد وتحاول طرد من تبقى من عناصره، لكن سراج الدين حقاني يرفض هذا النهج ويتعامل بناءً على رؤيته الخاصة ويأوي عناصر القاعدة وقادته لأنه يعتبر نفسه “فاتح كابول” فيحق له أن يتصرف كيفما شاء، ولهذا السبب اختار إيواء أيمن الظواهري، أمير القاعدة السابق، في منزل أحد مساعديه قبل أن يُقتل في غارة أمريكية، منذ أشهر.

الخلاصة:

أبقت شبكة حقاني بقيادة وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني على علاقتها الوثيقة بتنظيم القاعدة، وتولت مهمة إيواء قيادات بارزين بتنظيم القاعدة على رأسهم أيمن الظواهري، أمير القاعدة السابق، الذي أقام بمنزل أحد مساعدي “سراج حقاني” داخل الحي الدبلوماسي في العاصمة الأفغانية كابل قُبيل مقتله في غارة أمريكية.

وتثير العلاقات التي تربط شبكة حقاني بتنظيم القاعدة مزيد من الخلافات والانقسام داخل حركة طالبان، ففي الوقت الذي تُحاول فيه قيادة الحركة العليا (مجلس شورى كويته) دمج الحركة في المجتمع الدولي، تجذب شبكة حقاني الحركة وأفغانستان بأكملها إلى الوراء وتُصر على مواصلة اتباع النهج الداعم للجهادية العالمية.

ورغم تأكد قيادة حركة طالبان العليا من استمرار العلاقات بين شبكة حقاني وتنظيم القاعدة إلا أنها ما زالت عاجزة عن كبح جماح “حقاني”، فيما يستمر الصراع والتنافس الداخلي بين قيادات طالبان وحقاني، وهو الصراع الذي يُنذر بتشظي الحركة الأفغانية بعد سنوات من الحرب المستمرة.