كشفت ”أخبار الآن“ مؤخرًا عن واحدة من أكبر أكاذيب داعش، فقد أدّعى التنظيم مقتل المتحدث باسمه أبو حمزة القرشي، مع خليفته المزعوم أبي إبراهيم الهاشمي القرشي المعروف أيضًا بحجي عبد الله قرداش، في غارة للتحالف شمال إدلب في الثالث من شهر فبراير الماضي. 

وأظهر تحقيق أخبار الآن أن أبو حمزة مات في منطقة جرابلس قبل ذلك بأشهر. وبعد أن نشرنا نتائج تحقيقنا الذي فضح الكذبة الكبرى، هاجم أنصار داعش على الإنترنت القصة بطريقة غير مسبوقة، ليُقدّموا بذلك دليلاً آخر على أهمية تحقيقنا. 

وتمكّن أنصار داعش من تقييد إمكانية وصول المشاهدين إلى نسخة الفيديو الخاص بتحقيق ”أخبار الآن“ على موقع يوتيوب ووضع عدد من المحاذير عليها، في محاولة منهم للحد من انتشاره، لكن مئات الآلاف من المشاهدين ما زالوا قادرين على مشاهدة التقرير عبر فيسبوك وعلى شاشة التلفزيون.

لكن لماذا كذب داعش بشأن مصير أبو حمزة؟

يرجع ذلك إلى عدم الكفاءة، وانقطاع الاتصالات وتباين المصالح داخل إعلام داعش، والتنافس بين كبار القادة في التنظيم والفصائل الموالية لكل منهم.

صحيح أنه بخلاف عبدالله قرداش، قُتِلَ رجل آخر خلال غارة التحالف في إدلب في شهر فبراير الماضي، وحاول داعش الادعاء بأن الرجل الثاني يمكن أن يكون أبو حمزة. وبهذه الطريقة، كان يأمل التنظيم في التستر على كذبته السابقة بشأن مصير أبو حمزة.

ولكن كانت هناك مشكلة كبيرة في هذا النهج الذي اختاره التنظيم، فقد ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الرجل الثاني الذي قُتل في إدلب هو أبو أحمد الحلبي، المعروف أيضًا باسم مصطفى الشيخ يوسف. 

وقد وجدت صحافية ”أخبار الآن“ جنان موسى دليلًا يكشف هوية القتيل الثاني في الغارة، وهو مجرد شخص يتولى مهمات لوجستية. وبعبارة أخرى، لم يكن أبو حمزة.

غزوة الثأر للشيخين.. حملة متعددة الاستخدامات

وهنا يجب أن نتذكر أن أبو الحسن، المتحدث الأخير باسم التنظيم، قد توفي هو الآخر في جرابلس. وبعد ذلك، أعلن داعش عن ”غزوة الثأر للشيخين“ في عام 2020. 

ويبدو أنه عندما تم التستر على مقتل أبو حمزة، ثم وقعت غارة إدلب بشكل غير متوقع، أصيب قادة داعش بالذعر عندما رأوا أن وسائل الإعلام تُركِّز على اسم أبو حمزة. لأنهم كانوا يعرفون أن أبو حمزة قد مات بالفعل. 

ولذلك عندما حدثت غارة إدلب في شهر فبراير الماضي، جددوا الحديث عن ”غزوة الثأر للشيخين“. وهكذا انتهى بهم الأمر باختلاق كذبة أن أبو حمزة قد مات في إدلب.

في ذلك الوقت، ربما شعرت وسائل الإعلام التابعة لداعش بالرضا عن طريق اختلاق هذا التستر الذي بدا لهم ذكيًا. ولكن في النهاية، تبيّن أنه كان أكثر ضررًا بالنسبة لهم من مجرد الاعتراف بما حدث بالفعل لأبو حمزة الذي توفي في جرابلس في وقت سابق.

كشف المستور

أكاذيب داعش المستمرة حول مصير أبو حمزة تكشف بعض الحقائق الأساسية حول التنظيم، أولها أن وسائل الإعلام والقيادة العليا مفككة وتفتقر للكفاءة. 

كما تخفي فصائل التنظيم المعلومات عن بعضها البعض، لتعظيم مكاسبها في صراعات السلطة الداخلية. 

وتواصل وسائل الإعلام التابعة لداعش عملها ونشر المواد الدعائية الخاصة بالتنظيم والتركيز على أراض بعيدة، لكن مصداقيتها تضررت بشدة في أعين أعضاء وأنصار التنظيم.

وكلما تأخرت وسائل الإعلام التابعة لداعش في الاعتراف بالسر، كلما تضاعف الضرر الناتج عن هذه الكذبة. فتُرى متى ستعترف صحيفة النبأ بالسر؟.