علّقت مسؤولة ملف الصين في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، صوفي ريتشاردسن (Sophie Richardson)، في حديث خاص مع “أخبار الآن“، على زيارة المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت الصين، خصوصاً أن الأخيرة اختتمت الزيارة بدعوة إلى مراجعة مكافحة الإرهاب، مدافعةً بالتالي عن زيارتها المثيرة للجدل.

على باشليت أن تنشر التقرير الذي وضعه مكتبها حول تعدّيات الحكومة الصينية وجرائمها ضدّ أقلية الإيغور للحفاظ على مصداقيتها ومصداقية الأمم المتحدة

صوفي ريتشاردسن

وقالت ريتشاردسن إنّ “ما يجب أن تفعله للمحافظة على مصداقيتها ومصداقية الأمم المتحدة، هو نشر التقرير الذي وضعه مكتبها حول تعدّيات الحكومة الصينية وجرائمها ضدّ أقلية الإيغور وسكان تلك المنطقة، وأن تشرح قيّدت السلطات الصينية حركتها، ونحن نعلم أنّهم قاموا بذلك، فهم لم يسمحوا لها برؤية إلّا ما يوافقون عليه”.

كما دعتها إلى “وضع جدول أعمال قوي للغاية لرصد تلك الإنتهاكات من قبل الحكومة الصينية والإبلاغ عنها، وأن تضع آلية معينة لتقديم تقارير بطريقة دورية، فتلك دولة من الأعضاء الخمسة الأساسية في الأمم المتحدة، وهي تقوم بجرائم فظيعة، وهي في ذلك المنصب وإذا ما فشلت بالتصرف بالطريقة المناسبة، فذلك يعني أنّ الحكومة الصينية ستظن أنّ بوسعها التنصل من تلك الجرائم حتى من خلال تلك المنظومة”.

إنطباعان لدى منظمة “هيومن رايتس ووتش”.. ما هما؟

وعن التسريبات الأخيرة التي ظهرت مؤخراً، قالت: “لدي انطباعان، الأوّل هو حول المعلومات التي تضمنتها التسريبات إذ تؤكّد علم السلطات السياسية جميعها، من أعلى الهرم إلى أسفله بالانتهاكات، بالتالي  يدعم ذلك الأدلّة التي بحوزتنا والتي تدل على أنّ السلطات الصينية ترتكب جرائم إنسانية بحق الإيغور والترك، ولكن من ناحية أخرى بعيداً عن القانون، وإذا ما نظرنا إلى الأمر من ناحية إنسانية، فتلك صور تظهر بوضوح مدى الرعب والإرتباك الذي يعيشيه المعتقلون، وهم يدركون أنّهم يعتقلون فقط بسبب هويتهم”.

"هيومن رايتس ووتش" لأخبار الآن: على باشليت أن تنشر التقرير عن انتهاكات الصين لاستعادة مصداقيتها

على العالم أن يتحرك بعد تلك التسريبات

وحذّرت ريتشاردسن من مغبّة السكوت عن تلك التسريبات المريبة من حيث انتهاك حقوق الإنسان، إذ قالت: “أعتقد أنّه إذا لم تحرك تلك الصور الناس لاتخاذ إجراء ما، خصوصاً في ما يتعلق بتحميل مسؤولية ما يحدث لمن يقوم بتلك الجرائم، فنحن سنواجه حكومة صينية تعتقد أنّ بإمكانها التنصل من أفعالها، وذلك أمر مخيف”.

وأردفت بالقول: “تلك التسريبات تعطينا معلومات عن كبار المسؤولين الحكوميين كتشانغ تشانغ وا بالاضافة الى تفاصيل عن مرافق محدّدة أو ما حدث في مواقع معينة، وذلك كله يعزز ملفات المدعي العام لمحاسبة المسؤولين الصينيين عن تلك الجرائم، في عالم عادل”.

وعن كيفية توظيف تلك التسريبات في سياق محاكمة السلطات الصينية على جرائمها، رأت أنّ “تلك التسريبات قد حفّزت حكومات عدة للوقوف بوجه الانتهاكات، فقالت “لاحظنا خلال الأيّام الفائتة أنّ التجاوب من بعض الحكومات كبير جدّاً، وهم يدعمون العدل والمساءلة، وأعتقد أنّهم يرون في تلك الصور أكثر من مجرّد كوارث إنسانية، ولديهم الدافع لإيجاد نوع من العدالة”.

وأضافت: “إنّما السؤال هو ما إذا كانوا قادرين على الإجتماع بشكل فعّال في مجلس حقوق الإنسان على سبيل المثال، وما إذا كانت بعض الحكومات ستمضي في المسار القضائي العالمي الذي رأيناه مؤخراً كمحاكمة مرتكبي التعذيب السوريين في ألمانيا”. ريتشاردسن أوضحت أن المدعين العامون الدوليون يمكنهم فتح قضايا تشمل الجرائم التي ارتكبت في شينجيانغ إذ هناك بحسبها عدة خطوات يمكن أن تتخذها الحكومات، لكن السؤال بحسبها “هل هم مستعدون للإستفادة من تلك المعلومات الجديدة واتخاذ خطوات فعالة للمحاسبة”.

محاكمة الصين هو اقتراح صعب نظراً لمدى قوّة الحكومة الصينية ورفضها للتحقيق، كما لكونها ليست طرفاً في بعض آليات العدالة الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية

صوفي ريتشاردسن

ريتشاردسن تحدثت عن إزدواجية المعايير وعن التغاضي الحاصل من الحكومات والمجتمع الدولي حول انتهاكات الصين. وإذ أكّدت أنّ ذلك يعود إلى قوة الصين، دعت إلى أن يكون العمل خدمة لحقوق الانسان أقوى وأشمل، مضيفةً: “من المسلّم به أنّ محاكمة الصين هو اقتراح صعب نظراً لمدى قوّة الحكومة الصينية ورفضها للتحقيق، كما لكونها ليست طرفاً في بعض آليات العدالة الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية، لكن يمكن للمؤسسات مثل محكمة حقوق الإنسان إنشاء هيئات لخدمة التحقيق ويمكن للحكومات أن تفعل ذلك أيضا خارج سياق الأمم المتحدة، كما يمكنهم أيضاً متابعة التحقيقات والملاحقات القضائية للأفراد في بلدانهم، وقد رأينا أنّ بعض الحكومات قد قامت بالفعل بإصدار سلسلة من العقوبات على بعض الأشخاص المتواطئين في تلك الجرائم.

وختمت ريتشاردسن حديثها برسالة للحكومات، قائلةً: “نحثهم الآن أكثر من أيّ وقت مضى خصوصاً في مواجهة هذه الزيارة التي تقوم بها ممثلة حقوق الانسان في العالم، أن يتصرفوا بما يخدم مصلحة الضحايا والناجين”.

شاهدوا أيضاً: محنة الإيغور.. وثائق تفضح الرئيس الصيني و”غوان” يخترق أسوار شينجيانغ