الرقة في سوريا تستحضر ملف المفقودين من جديد

  • تعيش المدينة سنوات التعافي بعد أن تم القضاء على تنظيم داعش
  • التحديات لم تكن أمنية وعسكرية فقط بل واجهت المدينة تحدي إعادة الاعمار والترميم
  • ملف المفقودين يعود الى الواجهة لدى سكان مدينة الرقة وريفها

تعيش مدينة الرقة السورية سنوات التعافي بعد أن تم القضاء على تنظيم داعش الارهابي في المدينة وريفها صيف عام ٢٠١٧.

فالتحديات لم تكن امنية وعسكرية فقط بل واجهت المدينة تحدي إعادة الاعمار والترميم وتأهيل المرافق العامة. كما ان ملف المفقودين يعود الى الواجهة لدى سكان مدينة الرقة وريفها.

فكرت في الخروج واللجوء الى الخارج، لكن ابني عيسى قابلني بالرفض

خلف الغازي

دائماً ما تكون صورة أو مشهد فيديو أو معلومة لحظة أمل تنعش قلوب أحباء وعوائل هؤلاء الشبان والنساء، فلم تبقى سوى صورهم في زوايا الغرف أملاً بعودتهم يوماً ما.

الفيديو الذي انتشر حول المجزرة التي ارتكبت بحي التضامن من قبل جنود النظام السوري، أعاد بقوة ملف فقدان أطفال وشباب سوريا إلى ذاكرة اقربائهم، وفيما بعد العفو الذي أصدر بحق المئات من الشباب السوريين. فهناك من اكتشف موت ابنه في ذلك الفيديو وهناك من اكتشف سلامة ابنه في ذلك العفو الصادر، فلم تهدأ تلك القلوب ولو لحظة واحدة.

 

سوريا.. ما هو مصير آلاف المفقودين على يد داعش في الرقة؟

في الرقة السورية لم تهدأ مخيلة وفكر “ابو عيسى”، منذ ثماني سنوات، وهو رجل ستيني العمر، عمل في مجال الزراعة سابقاً. ابنه وحيد المنزل مع ثلاثة فتيات، كان يومه الأسود في عام ٢٠١٤ بعد ان اختطف عناصر تنظيم داعش وحيده من قلبه وهو في عمر السادسة عشر.

أمضى “ابو عيسى” حياته بفرح وبعلاقة صداقة مع ابنه الوحيد عيسى، كان جل اهتمام وحيد المنزل مجال التكنولوجيا والعاب الفيديو، حيث كان يخطط لدراسة تخصص الهندسة المعلوماتية في المستقبل، نقاشاته مع والده كان تتركز حول حبه لمدينته وكيف بامكانه ان يساهم في تقديم الخير لغيره من السكان، كما لعب دوراً وهو في عمر الرابعة عشر ضمن فريق الهلال الأحمر السوري وخصوصاً في بداية تدفق النازحين السوريين من المناطق الداخلية وأرياف العاصمة الى مدينة الرقة بسبب المعارك الدائرة.

يبدأ الآن بالتخطيط لإنشاء رابطة تخص أهالي المفقودين وتوثيق كافة الحالات الموجودة داخل الرقة

لم يفضل والده “خلف الغازي” والملقب بأبو عيسى أن يواصل العيش في المدينة بعد دخول تنظيم داعش، فكر في الخروج واللجوء إلى الخارج، لكن ابنه “عيسى” قابله بالرفض مؤكدا أنه لا يمكنه مغادرة الرقة وتركها لوحدها. عيسى كان لديه ذكاء وتميز من خلال ادراكه لماهية الأمور، فقبل سيطرة داعش ووصوله إلى المدينة، كان يتردد الى والده ويحذره بأن هذا التنظيم سيتطور في ارهابه واجرامه ولا سيما ضد الناس الأبرياء.

لم تنحصر مشاعر والد عيسى بابنه فقط، فبعد ثماني سنوات من الألم، يبدأ الآن بالتخطيط لإنشاء رابطة تخص أهالي المفقودين وتوثيق كافة الحالات الموجودة داخل الرقة ولا سيما توسيع الجهود في مناطق أخرى إن نجحوا في ذلك، فالاحصائيات الموجودة حول عدد المفقودين ليست دقيقة، بسبب عدم ثقة الأهالي بالجهات المسؤولة في المنطقة وعدم توافر جهود محلية ودولية للمساهمة في هذا الملف.