غذاء الشرق الأوسط مهدد بسبب انتهاكات روسيا في أوكرانيا

منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير من هذا العام، شهد العالم مستويات غير مسبوقة من التضخم وزيادة في أسعار المواد الغذائية.

حيث سجل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار المواد الغذائية، رقما قياسيا جديدا بلغ 159.3 نقطة في آذار/ مارس 2022، بزيادة 12.6٪ عن فبراير، إذ أدت الحرب في أوكرانيا إلى خفض الإمدادات. وفي الوقت نفسه، أدت زيادة تكاليف الطاقة والأسمدة إلى تفاقم المشكلة.

 

 

وقد سبب ذلك أيضا ارتفاع أسعار القمح العالمية إلى مستوى قياسي، حيث وصلت إلى 523.69 دولارا أمريكيا للطن الواحد، وفقا للبيانات التي تم الحصول عليها من مجلس شيكاغو للتجارة (CBOT).

 

 

بيانات مجلس شيكاغو للتجارة

يقول مجلس شيكاغو للتجارة، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليست محصنة ضد الوضع السياسي العالمي، مما يعني أن هذه الزيادات في الأسعار جعلت الأمور أسوأ بالنسبة لبعض الدول العربية. ومن بين أكبر 5 مستوردين للقمح في العالم، يوجد اثنان في شمال إفريقيا.

كما حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مؤخرا من أن السلع الأساسية باهظة الثمن في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضع مرونة الناس في “نقطة الانهيار”.

 

 

الشرق الأوسط في أزمة

على الرغم من أن مصر تتمتع باستقرار سياسي أكبر بكثير من الدول المجاورة، إلا أنها تواجه أزمة غذاء كبيرة.

وهي أكبر مستورد للقمح في العالم وتأتي 85 في المائة من إمداداتها من روسيا وأوكرانيا.

 

 

وصرح وزير التموين المصري علي مصيلحي في فبراير أن بلاده لديها مخزون كافٍ لتغطية خمسة أشهر من الاستهلاك، لكن المستقبل بعد ذلك غير واضح.

وفي الوقت نفسه، يواصل لبنان تحذيراته الرسمية من نقص حاد قادم في القمح، حيث يتم استيراد 600 ألف طن من القمح كل عام، 60 في المائة من هذه الواردات تأتي من أوكرانيا وحوالي 20 في المائة من روسيا ورومانيا.

كذلك الوضع في سوريا المجاورة، حيث توجد علاقات وثيقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى وجود عسكري روسي كبير في سوريا.

وفور بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية تدريجياً في الأسواق السورية وسرعان ما تطور الأمر إلى نقص في بعض السلع الغذائية الحيوية أيضا.

 

 

وكانت أسعار القمح ترتفع بالفعل بسرعة قبل الصراع في أوكرانيا، وارتفع السعر متجاوزا مستوى قياسيا بلغ 11.50 دولارا للبوشل في بداية شهر مارس. هذا وتثير الأزمة السياسية في روسيا احتمال أن تواجه موسكو اضطرابات في الإمدادات الخاصة بها في الأشهر المقبلة، مما قد يتسبب في مزيد من الاضطرابات في الأسواق السورية. تُظهر البيانات الأخيرة للقمح غير المدعوم وعلبة الخبز غير المدعومة أن الأسعار تضاعفت في عام واحد فقط في سوريا:

 

 

لا يختلف الحال كثيرا في تونس، لأنها تستورد أكثر من 60 في المائة من حبوبها من أوكرانيا وروسيا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. على الرغم من أن وزارة الزراعة قد توصلت إلى اتفاقيات لاستيراد الحبوب من فرنسا وأمريكا الجنوبية والولايات المتحدة، فإن التكلفة ستكون أعلى حيث تم رفع سعر الشحن المرتفع بالفعل بنسبة 10 في المائة.

ومن الممكن يمكن للعديد من البلدان أن تحل محل القمح الأوكراني، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ورومانيا وبلغاريا، لكن ذلك لن يكون رخيصا أبدا.

ومما زاد الطين بلة، أن البلدان التي تنتج فائضا من الحبوب الغذائية تخزن أيضا إمداداتها من خلال فرض قيود على الصادرات، مما يجعل من الصعب توفير الحبوب الغذائية لبلدان مثل الشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية، ولكن أيضا بالنسبة للاقتصادات الفقيرة في إفريقيا.

العالم في أزمة غذائية

وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، تم الإبلاغ عن أكبر زيادة في أسعار الحبوب (17.1٪ على أساس شهري) بسبب ارتفاع أسعار القمح والحبوب الخشنة والزيوت النباتية (23٪) بسبب زيت عباد الشمس والنخيل والصويا وزيت بذور اللفت.

كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 2.6٪ بسبب عدم كفاية إنتاج الحليب في غرب أوروبا وأوقيانوسيا، وارتفع السكر بنسبة 6.7٪، عاكسة معظم الانخفاض الذي شهدته الأشهر الثلاثة السابقة، حيث أدت الزيادة الحادة في أسعار النفط الخام إلى زيادة التوقعات بزيادة استخدام منتجات الألبان.

ووفقا للبنك الدولي، من المحتمل أن تدفع كل زيادة بمقدار نقطة مئوية 10 ملايين شخص إلى هوة الفقر المدقع.

والجدير ذكره، قفز مقياس الفاو للأسعار العالمية بنحو 75٪ منذ منتصف عام 2020، متجاوزا المستويات التي شوهدت في عامي 2008 و2011 والتي ساهمت في حدوث أزمات غذائية عالمية. وسجل ارتفاع الأسعار في مارس سابع مكاسب ربع سنوية على التوالي، وهي أطول فترة من نوعها منذ عام 2008.