تأثير العقوبات الغربية بدأ يظهر بشكل أكبر على الاقتصاد الروسي

  • بدأ تأثير العقوبات الغربية يظهر بشكل أكبر على الاقتصاد الروسي
  • يسعى الكرملين لاتخاذ خطوات غير عادية لصد “الهجوم الاقتصادي” على البلاد
  • أفادت مواقع إخبارية روسية خلال الأسابيع الماضية بحدوث إغلاقات عديدة بين المتاجر الكبرى ومراكز التسوق

 

بعد نحو شهرين من غزو موسكو لـ أوكرانيا، بدأ تأثير العقوبات الغربية يظهر بشكل أكبر على الاقتصاد الروسي، فيما يسعى الكرملين لاتخاذ خطوات غير عادية لصد “الهجوم الاقتصادي” على البلاد.

ومع تحرك الغرب لقطع وصول روسيا إلى احتياطياتها الأجنبية، والحد من الواردات التكنولوجية واتخاذ إجراءات تقييدية تعزل الاقتصاد الروسي، أطلق الكرملين إجراءات صارمة لحماية الاقتصاد، برفع أسعار الفائدة إلى ما يصل لـ20 في المئة، ووضع ضوابط على رأس المال، وإجبار الشركات الروسية على تحويل أرباحاها للروبل.

ونتيجة لإجراءات الكرملين تعافت قيمة الروبل مؤخرا بعدما انخفضت في بداية الحرب، وخلال الأسبوع الماضي عكس البنك المركزي جزءا من زيادة سعر الفائدة، الأمر الذي جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول إن البلاد صمدت أمام “هجوم الغرب” من العقوبات.

وقال خبير الاقتصاد مصطفى برزكان في حوار مع أخبار الآن: “إن العقوبات المفروضة على روسيا لم يشهدها العالم من قبل من حيث شدتها وسرعتها وكذلك بمشاركة الدول فيها، لذلك لا أعتقد أن المخطط الروسي العسكري أو الإقتصادي قد توقع ذلك”.

العقوبات الدولية التي تواجهها استثنائية ولم تحدث من قبل

مصطفى برزكان

وأضاف أن روسيا كانت تملك قبل حربها على أوكرانيا أكثر من 630 مليار دولار من الاحتياطات في  الخزائن الأجنبية، لكنها الآن فقدت أكثر من نصف المبلغ.”

وأشار مصطفى برزكان أن شدة العقوبات المفروضة على موسكو بلغت حدّ أن السفن التي تحمل العلم الروسي أضحت ممنوعة من أن ترسوا في الموانئ الأمريكية.

وأكد برزكان أن الاتحاد الأوروبي يتخذ توجها جديدا  يتمثل في التخلص من الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية وهي النفط، والغاز والفحم، حيث قال: ” إذا واصلت روسيا بيع نفطها وغازها ستجني أكثر من 321 مليار دولار خلال هذا العام ولذلك تحاول الدول الغربية تجفيف هذه المصادر التي تعتمدها روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا.”

الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت على اقتصاد العالم وعصفت بالدول الفقيرة

مصطفى برزكان

كما نوّه الخبير الاقتصادي إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا أثرت على اقتصاد العالم من حيث سلاسل الامداد وأسعار الغذاء وتدفع بالدول الفقير نحو المجاعة.

 

وقال مايكل أليكسيف، أستاذ الاقتصاد في جامعة إنديانا، إن الحكومة الروسية تريد رسم صورة مفادها أن الأمور ليست سيئة كما هو الأمر في الواقع.

ووفق تقرير لوكالة أسوشيتد برس، تكشف نظرة فاحصة للأوضاع في روسيا أن العقوبات تقتل الاقتصاد الروسي.

وكشفت بيانات وكالة الإحصاءات الاقتصادية الرسمية الروسية “روسستات” أن البلاد تعاني من أسوأ نوبة تضخم منذ عقدين، بلغت 17 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ 2002.

وأجبرت بعض الشركات الروسية على الإغلاق، فيما تشير تقارير عديدة إلى أن الشركات المصنعة للدبابات اضطرت إلى وقف الإنتاج بسبب نقص الأجزاء، فيما يشير مسؤولون أمريكيون إلى إغلاق مصانع السيارات في لادا، كدليل على تأثير العقوبات.

وقال عمدة موسكو إن المدينة تتوقع فقدان 200 ألف وظيفة من الشركات الأجنبية التي أغلقت عملياتها، إذ انسحبت أكثر من 300 شركة، وأغلقت سلاسل التوريد الدولية وخروج شركات نقل دولية من السوق الروسية.

وتواجه روسيا تعثرا تاريخيا في سداد سنداتها، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى عزل البلاد خارج أسواق الديون الدولية لسنوات.

ويحث مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية، ومعظم الاقتصاديين على التحلي بالصبر، مؤكدين أن العقوبات تستغرق شهورا حتى يكون لها مفعولها الكامل، خاصة إذا لم تتمكن روسيا من الحصول على الحصول على الإيرادات، وقطع الغيار، فيما يتوقع إغلاق مزيد من المصانع والشركات، بما سيدفع بزيادة معدلات البطالة.

وبعد معاقبة روسيا على استيلائها على شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014، استغرق الأمر ما يقرب من عام كامل لتظهر علامات التأثير على بياناتها الاقتصادية، بارتفاع التضخم، وتراجع الإنتاج الصناعي، وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وقال ديفيد فيلدمان، الأستاذ المتخصص بالاقتصاد، إن المؤشرات التي يجب أن نبحث عنها لمعرفة ما إذا كانت العقوبات تعمل، ليس من السهل رؤيتها بعد.. سنبحث عن أسعار البضائع والكميات التي تنتج وجودتها.

الشفافية في كيفية تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي محدودة، ويعود ذلك إلى المساعي غير العادية التي اتخذها الكرملين، خاصة في ما يتعلق بقطاع النفط والغاز، الذي يعتمد على الأسواق الأوروبية والآسيوية.

وإذا قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا بحظر استيراد النفط والغاز الروسي، فقد ينكمش الاقتصاد الروسي بأكثر من 20 في المئة، بحسب تقديرات صادرة عن معهد التمويل الدولي والاقتصاديين بنيامين هيلجنستوك وإيلينا ريباكوفا.

ووافق الاتحاد الأوروبي على حظر الفحم الروسي بحلول أغسطس ويناقش عقوبات على النفط، إلا أنه لا إجماع بشأن وقف الغاز الطبيعي، إذ تعتمد الدول الأوروبية على الإمدادات الروسية بشكل كبير، وتبلغ الإيرادات الروسية من أوروبا مقابل النفط والغاز حوالي 850 مليون دولار يوميا.

وأفادت مواقع إخبارية روسية خلال الأسابيع الماضية بحدوث إغلاقات عديدة بين المتاجر الكبرى ومراكز التسوق بعد أن أوقفت الشركات والعلامات التجارية الغربية عملياتها، وانسحبت من السوق الروسية.