أصبحت ليتوانيا أول دولة من الاتحاد الأوروبي تنهي اعتمادها على الغاز الطبيعي من روسيا، أكبر مورد للوقود في الكتلة، وفقاً لوزير الطاقة الليتواني داينيوس كريفيس، الذي صرّح بأنّ الشركات في ليتوانيا خفّضت تدفقات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى الصفر خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، من دون الحاجة إلى حظر من الحكومة.

  • ليتوانيا تقاطع غاز روسيا الطبيعي وتطرد سفيرها الروسي من فيلنيوس: لن نمول حرب بوتين الإجرامية 
  • نائب وزير خارجية ليتوانيا: أوروبا دفعت نحو 35 مليار يورو بشهر واحد الماضي لروسيا مقابل الغاز 
  • الإتحاد الأوروبي يعمل على فرض عقوبات إضافية على روسيا ومفاعيلها ستظهر أكثر في المستقبل

وأضاف أنّ الحكومة ستفرض مثل ذلك الإجراء إذا لزم الأمر، و ستعتمد على واردات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة والنرويج، كما تدرس خيارات لتوسيع محطة الغاز الطبيعي المسال على بحر البلطيق. 

قرار إنهاء اعتماد ليتوانيا على الغاز الطبيعي من روسيا قد تنتج عنه مخاطر عديدة بالنسبة لنا، لكنّه رسالة قوية لروسيا

نائب وزير خارجية ليتوانيا مانتاس أدوميناس

تجدر الإشارة إلى أنّه في العام الماضي، وفّرت روسيا نحو 26% من احتياجات ليتوانيا من الغاز بشكل مباشر، وجاءت 12% أخرى من الغاز المخزن في لاتفيا، وفقاً لمشغل خط الأنابيب في ليتوانيا. 

تبدو حرب روسيا من منظار دول البلطيق خطرة جدّاً، بالنسبة إلى أبناء ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، لا سيما أولئك الذين عاشوا في ظل الإتحاد السوفياتي. فقد أثارت عدوانية روسيا حيال أوكرانيا شيئاً من القلق في نفوس بعضهم، إذ يخشون أن يكونوا هدفها التالي، وقد أعادت الحرب إلى الأذهان ذكريات الترحيل الجماعي والقمع.

 بالنسبة إلى دولة ليتوانيا، قد اعتبر نائب وزير خارجيتها في حديث خاص مع “أخبار الآن“، أنّ إتخاذ قرار إنهاء اعتمادهم على الغاز الطبيعي من روسيا قد ينتج مخاطر عديدة بالنسبة لليتوانيا، خصوصاً أنّها تملك حدوداً مع روسيا وبيلاروسيا، لكن القرار هو رسالة لروسيا. وقال أدوميناس: “بالطبع كلّ العقوبات لها آثار اقتصادية، وأنا لا أقول إنّه لن تكون هناك آثار على ليتوانيا، لكن المهم بالنسبة لنا هو توجيه رسالة مفادها أنّه يمكننا مع القرارات الصحيحة، أن نوقف إعتمادنا على النفط والغاز الروسي، ونتوقف عن تقديم الأموال لنظام يستخدمها لاحتلال دولة مستقلة، وذلك ما رأيناه في صور المجزرة في بوتشا وأماكن أخرى. أعتقد أنّها أصبحت نوعاً من القرارات الحاسمة بالنسبة لأوروبا، لكنّ ليتوانيا كانت في المقدمة، منذ الثاني من أبريل، لم نشترِ أيّ غاز طبيعي أو نفط من روسيا”. 

 

نائب وزير خارجية ليتوانيا لأخبار الآن: نرفض تمويل حرب بوتين الإجرامية على أوكرانيا

 

 

أوروبا دفعت من 22 مليار إلى 35 مليار يورو الشهر الماضي فقط مقابل النفط والغاز من روسيا، في حين أنّ المساعدة المباشرة لأوكرانيا ليست سوى مليار واحد

نائب وزير خارجية ليتوانيا مانتاس أدوميناس

و تابع وزير الخارجية الليتواني: “نتيجة لقرارنا تعتبر المخاطر المالية والإقتصادية  في المقام الأّول من بين الاحتمالات، بمعنى أنّه يتعيّن علينا إعادة إمداد أنفسنا من خلال الغاز الطبيعي المسال من خلال محطتنا في محطة كلايبيدا للتخزين العائم للغاز الطبيعي المسال، لذا فإنّ ذلك بالطبع يأتي بسعر أعلى من خط أنابيب الغاز من روسيا الذي يعبر في ليتوانيا، لذلك ذلك هو الجانب السلبي الأساسي. ومن خلال الحسابات، تبيّن أن  أوروبا دفعت من 22 مليار إلى 35 مليار يورو الشهر الماضي فقط من خلال دفع ثمن النفط والغاز الذي تتلقاه من روسيا، في حين أنّ المساعدة المباشرة لأوكرانيا ليست سوى مليار واحد، بمعنى أنّنا لا ينبغي أن نحاول مساعدة أوكرانيا بيد واحدة وتمويل الحرب ضدّها”. 

 

بالإضافة إلى وقف ليتوانيا اعتمادها على الغاز الطبيعي من روسيا وإعلان وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاندسبيرجيس طرد السفير الروسي من بلاده وإغلاق القنصلية الروسية في مدينة كلايبيدا، هدّد الإتحاد الأوروبي بأنّه يعمل أيضاً على فرض عقوبات إضافية على روسيا، واقترحت المفوضية الأوروبية على الدول الأعضاء وقف مشترياتها من الفحم الروسي، والتي تشكّل 45 % من واردات الإتحاد وإغلاق موانئ أمام السفن التي يشغلها روسيا. 

وهنا يقول أدوميناس: “العقوبات ستزيد في الأسابيع القادمة، وأعتقد أنّها إشارة خطيرة للغاية لفلاديمير بوتين من أجل وقف تلك الحرب، لكنّنا سنرى التأثير لاحقاً في الأسابيع المقبلة أو في الأشهر المقبلة، وبالطبع يستغرق الأمر وقتاً حتى تظهر النتائج الكاملة، لكن حسب معرفتي لم يتم تطبيق مثل ذلك المستوى من العقوبات في نصف قرن ضدّ أيّ بلد، لذا فإنّ ذلك الأمر في جوهره أمر خطير للغاية، مضيفاً: “وإذا كان هناك شيء واحد سيفعله بوتين، فمن الواضح أنّه سيعيد المجتمع الروسي إلى القرن العشرين من خلال إغلاق التكنولوجيا وواردات النقل والوسائل الأخرى”.

 

علينا أن نبذل كلّ جهودنا  لنتأكّد من فوز أوكرانيا بالدفاع عن أراضيها واستعادة سيادتها الوطنية وأراضيها

نائب وزير خارجية ليتوانيا مانتاس أدوميناس

ورجّح نائب وزير خارجية ليتوانيا أن يهاجم بوتين دولًا أخرى إذا لم تهزم روسيا في أوكرانيا، معتبراً أنّه سيكون مستعداً لنشر التكتيكات العدوانية والحرب ضدّ جيرانه مرّة أخرى، “وذلك ما يمكن السماح به”. ووصف بوتين بأنّه شخص غير عقلاني قائلاً: “نحن لا نتعامل هنا مع إنسان عقلاني، إنّه شخص يعيش في أوهامه الخاصة إذ أّنه فقد أيّ اعتبار للقيم الإنسانية، والمجزرة التي قام بها ضدّ المدنيين تثبت ذلك”.

وشدّد على “وجوب إيقاف بوتين عمّا يفعله في أوكرانيا، وذلك واجب مشترك علينا القيام به”، وقال: “ما يقوم به هو مشروع لإستعادة نوع من الإمبراطورية السوفيتية أو الروسية كما هو الحال في محاولة استعادة مناطق أخرى، لذلك، إنّه تهديد لشيوعي البلطيق، وتهديد لدول الناتو الأخرى ودول وجنوب القوقاز لكازاخستان وغيرها”.

واعتبر أنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان على حق عندما قال، إذا لم تنتهِ الحرب في أوكرانيا ستكون لاتفيا وليتوانيا وإستونيا الدول التالية للغزو الروسي. لذلك علينا أن نبذل كلّ جهودنا  لنتأكّد من فوز أوكرانيا بالدفاع عن أراضيها واستعادة سيادتها الوطنية وأراضيها “. 

 

نائب وزير خارجية ليتوانيا لأخبار الآن: نرفض تمويل حرب بوتين الإجرامية على أوكرانيا

خط أنابيب غاز يربط روسيا وبيلاروسيا وليتوانيا عند افتتاحه في العام 2009. ومنذ ذلك الحين ، عملت ليتوانيا على تقليل اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا – Liusjenas Kulbis / Bloomberg

في تقرير جديد لهما، أعلنت منظمتا “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” إنّهما وثقتا حالات اغتصاب و عمليات إعدام بإجراءات موجزة من قبل القوات الروسية، وحذّر زيلينسكي من ارتكاب فظائع أسوأ ما لم يتم الكشف عنها.  في ذلك الصدد، رأى أدوميناس أنّ الأدلة تتزايد لتؤكّد أفعال القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية، كاشفاً أنّ ليتوانيا أرسلت فرقاً من الخبراء الطبيين لتحليل تلك الأدلّة. 

أعتقد  أنّه مع تحرير بلدات عديدة في أوكرانيا من قبضة الإحتلال الروسي، الأمر سيكون أكثر رعباً ممّا شهده العالم في بوتشا، وعلينا إرسال فرق تحقيق مستقلّة تذهب إلى هناك بموجب تفويض دولي

نائب وزير خارجية ليتوانيا مانتاس أدوميناس

وتابع أنّ “الصور المرعبة التي تمّ التقاطها في بوتشا هي مجرد جزء صغير لما جرى في البلدات التي ما زالت تحت الإحتلال الروسي، وبالطبع سنكتشف المزيد عندما تتمكن أوكرانيا من تحرير تلك البلدات والقرى، أعتقد أنّ الأمر سيكون أكثر رعباً، ويجب علينا العمل معاً لتكون لدينا فرق تحقيق مستقلّة تذهب إلى هناك بموجب التفويض الدولي. واعتبر أنّ التصويت في الأمم المتحدة لإزالة روسيا من مجلس حقوق الإنسان، خطوة جيّدة جدّاً في ذلك الإتجاه لكشف جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، التي يجب التحقيق فيها بشكل كامل من قبل خبراء مستقلين موثوق بهم وعلى استعداد لتزويد المتخصصين للقيام بذلك.

 

 

 

نائب وزير خارجية ليتوانيا لأخبار الآن: نرفض تمويل حرب بوتين الإجرامية على أوكرانيا

رجل يعمل على تعداد جثث لمدنيين قتلوا في بوتشا قبل نقلهم إلى المقبرة – Getty

ما رسالتك إلى المعارضة داخل روسيا؟

في ذلك السياق، رد أدوميناس في حديثه لـ”أخبار الآن” بالقول: “لقد أدركنا منذ بداية الحرب أنّ غالبية المعارضة كانت صامتة، ولهذا السبب نحن نشجعهم على التصرّف أو الاحتجاج بأيّ طريقة ممكنة، لأنه سيأتي وقت يتمّ فيه الحكم على الذين اركبوا كلّ جرائم الحرب تلك. وسيُسأل كلّ روسي في أي جهة يقف، وما إذا كان يؤيد الحرب التي أودت بحياة الآلاف من النساء الأوكرانيات الأبرياء والأطفال والمدنيين الآخرين أم لا ، وأعتقد أنّ ذلك هو المأزق التي سيضطر المجتمع  أن يعيشها لعقود”.  

يهدف الاتحاد الأوروبي إلى توسيع ضوابط التصدير على المزيد من التكنولوجيا المستخدمة في قطاع الدفاع والصناعات الرئيسية الأخرى، فضلاً عن القيود المفروضة على مبيعات معدات الغاز الطبيعي المسال. وتقترح الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أيضاً إضافة عشرات الأشخاص والكيانات إلى قائمة الأفراد والشركات الخاضعين للعقوبات. 

تجدر الإشارة إلى أن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، كانت زارت كييف الأسبوع الماضي، والتقت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في إطار دعم أوروبا لأوكرانيا، مع الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي قال في وقت سابق إنّه سيساعد أوكرانيا في جمع أدلّة على جرائم حرب محتملة

شاهدوا أيضاً: مع غزو أوكرانيا.. هل يعيد فلاديمير بوتين الكرة ويفتح جبهة جورجيا مجدداً؟