مطلع يناير الماضي برزت معلومات عن اختفاءٍ مفاجئ لعشرات الشبان من شمال لبنان عموماً، ومدينة طرابلس تحديداً، وبعد أسابيع عديدة تبيّن أنّ هؤلاء انخرطوا بتنظيم داعش في العراق. الأهالي يقولون إنّ الجهاز الأمني اللبناني أكّد لهم أنّ أبناءهم بحوزته، فكيف انتقلوا من السجن في لبنان إلى حضن التنظيم الإرهابي في العراق؟
واقع إقتصادي مرير في طرابلس يساهم إلى جانب عوامل عديدة، لا سيما الترهيب الأمني، بدفع الشباب الطرابلسي إلى مصير مجهول
تعتبر طرابلس المدينة الأكثر فقراً والأكثر حرماناً على ساحل البحر الأبيض المتوسط. تتجاوز نسبة الفقر هناك الـ 70 %، ووفق تقديرات المراقبين والمتابعين للأوضاع في المدينة، فالمنطقة تقف على فوهة بركان إجتماعي وأمني قد ينفجر في أيّ لحظة، فيما تغيب أيّ خطط إنقاذية جدّية من جانب الدولة اللبنانية على مرّ السنوات، وبالتالي غياب أدنى مقومات العيش الكريم.
فكيف ينعكس ذلك الواقع على شباب طرابلس وشمال لبنان عموماً؟ كيف يساهم غياب فرص العمل وتردّي الأوضاع الإقتصادية، والأهم الترهيب الأمني، في زجّ الشباب الطرابلسي في دوامة الإرهاب، التي تنتهي حتماً بالقتل أو المصير المجهول.
تفاصيل “المؤامرة” بلسان عائلات الشبّان
تحدّث عدد من عائلات الشبّان الطرابلسين لـ”أخبار الآن“، فقالوا إنّ الجهاز الأمني اللبناني أكّد لبعضهم أنّ بعض الشبّان موجودون لديه، لكنّهم تفاجأوا لاحقاً وبعذ أخذ ورد استمر أيّاماً عديدة، أنّهم في العراق حيث التحقوا بتنظيم داعش، وقد قتل بعضهم. يتراوح عددهم بين الـ 70 و100 شخص.
بعد مرور أسابيع عديدة، وردت اتصالات إلى الأهالي من أولادهم تفيد بأنّهم متواجدون في العراق وزعمت الإتصالات بأنّ هؤلاء انضموا إلى التنظيم الإرهابي. في ذلك السياق، تسرد أم يوسف، والدة الشاب إبراهيم مغربي، الراوية فتقول: “ذات يوم تلقيت اتصالاً من إبني من رقم غريب، حينها فرحت حيت سمعت صوته، فقال لي سامحيني، فسألته لماذا وأين أنت فردّ بأنّه في العراق”. وهنا أوضحت أنّها سألته كي وصل إلى العراق بينما ليس لديه حواز السفر أو الهوية، حتّى أنّه ليس بحوزته أموالاً.
يقول إبراهيم مغربي لوالدته إنّ أحدهم اتصل بهم وقال لهم إنّكم مطلوبون وعليكم أن تهربوا… وفي سياق الحديث بين الأم وابنها، أبلغها الأخير أنّهم ومجموعة من الشبان تعرّضوا للكذب والغدر. واضافت أم يوسف: “إبني عمره 18 عاماً، فبماذا سيكون مطلوباً، وحتّى لو كان مطلوباً أمنياً، أيّ حلّ هذا بأخذهم إلى العراق”. وأردفت قائلةً: “بسبب الظلم في لبنان، والرعب الذي يزرعونه في نفوس أبنائنا والناس، ربمّا وجدوا أنّ ذلك الخيار قد يكون مخرجاً، لكن شعرت خلال المكالمة أنّ إبني ليس مرتاحاً بينما كان يقول لي إنّه يريد أن يعود إلى المنزل”.
الجهات الأمنية اللبنانية تنفي وجود أيّ معلومات بشأن الشبّان الذين غادورا إلى العراق
وعمّا إذا كانت الجهات الأمنية اللبنانية أبلغتهم أيّ أخبار عن أولادهم، أشارت أم يوسف في حديثها لـ”أخبار الآن“، إلى أنّ الدولة أبلغتهم بأن لا معلومات لديها بذلك الصدد، مضيفة: “بعد أيّام عرفت أنّ ثمّة شاباً أصغر من إبني في الحي نفسه، ذهب إلى العراق، فذهبت إلى عائلته للإطلاع على الأمر، فالتقيت هناك برجل من المخابرات، سألته عن إبني فقال لي إنّ إبني في سوريا، هنا قلت له عليكم أن تفعلوا شيئاً لإعادة إبني وهؤلاء الشبان إلى بلدهم، فردّ قائلا: إحمدي الله أنّ لديك غيره هنا”.
لم يكن لدى إبراهيم مخطط للهروب أو لمغادرة لبنان باتجاه العراق، فهي تقول إنّه كان ينوي إكمال دراسته في المهنية وكان مندفعأً، الأمر الذي يثير الشكوك أكثر حول كيفية ذهابه إلى العراق. تقول: “كان يدرس في معهد تكييف وتبريد في معهد بمنطقة الميناء، ويعمل في الوقت نفسه مع والده في الكار ذاته. قبل يوم من اختفائه قال لي إنّه المهنية أبلغتني بحصولي على منحة، وكان متحمّساً، وذلك الأمر زادني قناعةً أنّ إبني لم يغادر إلى العراق من قرارة نفسه، وأنا اعتبره مخطوفاً وأحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية الكبرى”، وسألت: “كيف يمكن للدولة اللبنانية أن لا تعرف شئاً عن هؤلاء الشبّان، ليس شاباً واحداً بل مجموعة”.
بكر سيف.. اختفى فجأة!
بكر سيف مواطن طرابلسي آخر، سجن هذا الشاب لفترة 7 سنوات في الماضي، تعرّض خلالها للتعذيب وفق عائلته. بعد فترة خرج من السجن فقرّر حتّى عدم استخدام هاتف جوال، عاد إلى حياة طبيعية وبات يعمل لكنّه بقي يعيش في خوف شديد. ارتبط هذا الشاب لاحقاً بفتاة كان من المفترض أن يعقد قرانه رسمياً عليها في الـ 25 من ديسمبر الفائت، لكنّه اختفى فجأة. أبلغت العائلة الجهات الأمنية لكنهّا اصطدمت بالمراوغة وتمييع القضية، وفق ما يقول المحامي محمد صبلوح لـ”أخبار الآن“، مشيراً إلى أنّ العائلة أبلغت المخفر باختفاء إبنها، فطلب المسؤول الأمني منهم التريث بالأمر لكّن العائلة اصرّت، إلى أن يبلغهم المخفر أنّ ابنها لدى جهاز الأمن العام.
وثائق الإتصال بحق آلاف الشبّان في طرابلس أحد الأسباب التي تدفعهم نحو المجهول
المحامي محمد صبلوح
وأضاف: “في اليوم التالي يبلغهم شخض من الأمن العام بأنّه يتم العمل على حلحلة مسألة وثيقة الإتصال 303 بحق بكر سيف، وفور الإنتهاء من ذلك سيتم الإفراج عنه”، مشدّداً على أنّ “وجهات أمنية عديدة أكّدت للعائلة وجود الشاب لدى الأمن العام، لكن بعد 20 يوماً يتحدّث الشاب مع عائلته عبر تقنية الفيديو ويخبرهم بأنّه موجود في العراق، قائلاً لهم: الله ينتقم من الذي ظلمني، ولاحقاص قيل إنّه مات بقصف للطيران العراقي”.
أم محمود، والدة بكر سيف، تقول لـ”أخبار الآن“: “واصلنا السؤال عن إبني، وفجأة يصلنا خبر أنّه قتل”، وسألت مستغربةً: “كيف ذهب إلى العراق وكيف وصل إلى هناك، كيف اختفى. أنا أحمّل الدولة اللبنانية والأمن العام المسؤولية”، وتتابع: “ما ذنب إبني، فهو كان سجن لـ 7 سنوات وعندما خرج قرّر حتّى عدم اقتناء هاتف جوّال، كان شديد الخوف، وارتبط بفتاة وزفافه كان قريباً، وإذ به يختفي فجأةً ولم أعد أعرف شيئاً”. وسألت: “على أساس هو بيد الدولة، فكيف وصل من السجن في لبنان إلى العراق؟ يريدون أن يجعلونا إرهابيين؟ يريدون أن يجعلوا طرابلس عروس الثورة إرهابية؟ كيف يمكن ذلك وهو يخاف من نفسه حتّى”؟
من ناحيته، يقول شقيقه محمود إنّ بكر تواصل مرّة وحيدة معهم، وحينها رفضت أمّه التحدّث إليه نظراً لحجم الحزن الذي يعتريها”، مشدّداً على أنّه السلطات اللبنانية كانت تؤكّد دائماً أنّ شقيقه موجود لدى جهاز الأمن العام”.
لا يمكن أن نبوح بتفاصيل المعلومات الإستخباراتية لكن نمتلك معطيات دقيقة ساهمت في القضاء على العناصر الإرهابية
يحيى رسول
ذات ليلة في شهر يناير الفائت، أفادت مصادر أمنية عراقية نقلاً عن الوكالة الوطنية العراقية، بأنّ لبنانيين من طرابلس وشمال لبنان قتلوا بغارات جوية خلال عمليات مكافحة الإرهاب، والتي جاءت ردّاً على هجمات التنظيم الدامية في الأسابيع الأخيرة، بينها الهجوم الليلي الذي استهدف قاعدة عسكرية في ديالى، وأسفر عن مقتل 11 جندياً عراقياً، وأعلنت الوكالة مقتل ستة لبنانيين بعمليات استهدفت تنظيم داعش في العراق.
“أخبار الآن” سألت الناطق الإعلامي باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، اللواء يحيى رسول، عن المعلومات التي زوّد بها الجانب اللبناني الجانب العراقي بخصوص هؤلاء الشبّان الطرابلسيين، فقال إنّ “هناك جهداً إستخباراتياً ومعلومات لا يمكننا البوح بها في وسائل الإعلام، لكن يمكنني أن أؤكّد أنّ هناك تعاوناً جيّداً مع الجانب اللبناني، وكان ثمرة ذلك التعاون الإستمرار في ملاحقة مَنْ يحاول العبث بأمن وسلامة العراق، وكذلك في الوقت نفسه يمكن أن يعبث بأمن وسلامة لبنان أو أيّ دولة أخرى في المحيط العربي أو العالمي”.
إمّا أن تكشف الأجهزة الأمنية اللبناية عن الغرف السوداء ومَنْ أرسل أولادنا إلى العراق، إمّا إنّها تشارك بالمؤامرة
المحامي محمد صبلوح
وتابع: “ما لديّ من معلومات أنّ العملية نُفّذت من خلال جهد إستخباراتي دقيق، وقد تمّ استهداف أحد الأوكار التي يتحصّن فيها الإرهابيون بعد العملية التي أودت بحياة 10 جنود عراقيين إضافةً إلى ضابط. فنحن كجانب عراقي كنّا نتابع حركة عناصر داعش وتلك الخلية التي تمّ استهدافها بضربة موفّقة، وتمّ قتل المجموعة بالكامل”.
ولدى سؤال رسول عن كيفية معرفة الأمن العراقي أسماء العناصر التي تمّ استهدافها فيما ليس بحوزة الشبّان أيّ أوراق ثبوتية، فردّ بالقول: “أين ذهب الجهد الإستخباراتي الذي نقوم به، وأكرّر أنّه لا يمكن أن نبوح بكلّ تفاصيل العمل الإستخباراتي الذي نقوم به… كيف وصلنا إلى أبي بكر البغدادي وتمّ قتله، وكذلك عبد الله قرداش وتّم قتله… بالطبع نمتلك معلومات دقيقة تتابع أدق التفاصيل”.
في المقابل، أبدى المحامي محمد صبلوح استغرابه لناحية أنّ الجانب اللبناني زوّد الجانب العراقي بالمعلومات القيّمة التي ساهمت بالقضاء على هؤلاء الشبان بقصف للطيران العراقي، سائلاً: “كيف يمكن للجانب اللبناني أن يزوّد العراق بتلك المعلومات فيما يقول للأهالي إنّه لا يمتلك معلومات أبدأً”، مشيراً في ذلك الصدد إلى أنّ “الأجهزة الأمنية اللبناية أمام اختبار، إمّا أن تكشف عن الغرف السوداء ومَنْ أرسل أولادنا إلى العراق، إمّا إنّها تشارك بالمؤامرة”.
ومع إعلان السلطات العراقية “انتصارها” على داعش نهاية العام 2017، إلّا أنّ الخلايا النائمة للتنظيم تواصل العمل في العراق وسوريا، وهي تتألّف من شبّان يُجنّدون من مختلف المناطق، بما في ذلك لبنان. وفق وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، فإنّ 37 شاباً لبنانياً انضموا إلى التنظيم، 10 منهم غادروا الأراضي بشكل قانوني عبر مطار بيروت، مضيفاً: منذ آب 2021 قتل شخصان، لبناني وفلسطيني، في العراق.
ويقول صبلوح إنّ “ثمّة شخصاً آخر يُدعى عمر سيف، وصله عبر أصدقائه أنّ رجل أمن كان يسأل عنه في المنطقة، في اليوم التالي تلقى اتصالاً يفيد بأنه تتم فبركة ملف إرهاب بحقّه، وكان زفافه قريباً أيضاً، فغادر إلى العراق ويرجح أنه مات مع بكر سيف”. وأوضح أنّ والدته تلقت اتصالاً يقول لها إنّ “الداعشي قد مات”. واعتبر أنّ “هناك علامات استفهام عديدة تتطلب إجابات، وفي حال لم نتلقَ أجوبة على تساؤلاتنا، فذلك يعني أنّ الأجهزة الأمنية في لبنان متهمة بالمؤامرة”.
عدد حالات الإختفاء الفعلية تقدر بأقل من 100 ومعلومات عن وجود 50 شاباً في عداد المفقودين
يقدّر أمنيون عدد حالات الإختفاء الفعلية بأقل من 100، وحتّى الآن يُقال إنّ نحو 50 شاباً هم في عداد المفقودين، بينهم 15 فقط اتصلوا بأقاربهم وأخبروهم أنّهم خارج الأراضي اللبنانية، أي بين سوريا والعراق على الأرجح، فيما أعلن وزير الداخلية مقتل 8 منهم مطلع كانون الثاني، وآخرون قتلوا من قبل السلطات العراقية.
روايات عديدة حول أسباب ذهب هؤلاء الشبان إلى العراق، لكن ثمّة رواية تقول إنّ الشبان يهربون خوفاً من أن يتمّ القبض عليهم من قبل السلطات نظراً لوجود وثائق اتصال بحقّهم. وتقول مصادر أمنية إنّ الشبان باتوا يشعرون بأنّهم كبش فداء، يتمّ تحميلهم مسؤولية كلّ العلل التي تصيب البلاد. وفي ذلك السياق، يقول المحامي محمد صبلوح لـ”أخبار الآن” إنّ “التعاطي الأمني والقضائي السيء لعب دوراً كبيراً في تلك المسألة، وإذا أردنا أن نسلّط الضوء على الشبان الذين غادروا إلى العراق، فلا بدّ من القول إنّه ثمّة ضيقة إقتصادية خانقة في لبنان، والشبان هم من أفقر المناطق في طرابلس، وادي النحلة، القبّة، التبانة والمنكوبين وغيرها. الفقر يلعب دوراً لكنّه ليس أساسياً، فهناك التخويف الأمني من فتح ملفا أمنية”.
وأضاف:” أمّا الأمر الثالث أنّ قيادة الجيش السابقة أوجدت 11 ألف وثيقة اتصال بحقّ أبناء طرابلس (وثيقة الإتصال هي عبارة عن أنّ مخبراً رأى شخصاً لم يرق له، فأبلغ الجهة الأمنية بأنّه مشروع إرهاب)، وبالتالي تعتبر تلك الوثائق غير قانونية لأنها لا تستند إلى أي أمر قضائي”. وتابع: “في العام 2014 أطلق مجلس الورزاء مرسوماً لإلغاء وثائق الإتصال لكنّ شيئاً لم يحصل”.
مرواغة قضائية في بتّ محاكمات الموقوفين في السجون اللبنانية
إضافةً إلى كلّ ما سبق، فمن المعروف في لبنان أنّ السلطات القضائية تتأخر بمحاكمة الموقوفين، وقد يمتد ذلك على مدى سنوات، فيبقى هؤلاء في السجون لفترات طويلة، يتحملون ظروفاً صحية مأساوية قبل إصدار الأحكام النهائية بحقّهم. بعد ذلك يتم تهديد هؤلاء الشباب بالسجن أو حتى ابتزازهم، وهكذا يصبح الرحيل إلى العراق أفضل بنظرهم، ما دفع بعضهم إلى المغادرة عبر مطار بيروت الدولي، إمّا في رحلات مباشرة أو عبر تركيا. وهؤلاء الشبان لصغر سنّهم، كانوا أقل عرضة للملاحقة من قبل أجهزة المخابرات.
في نهاية العام 2021 اعتقلت مخابرات الجيش خمسة شبان غالبيتهم من القاصرين وهم في طريقهم إلى العراق، وبعد انتهاء التحقيقات، سلّمت القوى الأمنية الموقوفين الـ5 إلى دار الإفتاء في طرابلس. أسئلة عديدة يطرحها المتابعون والأهالي حول مضمون التحقيقات مع الشبان الخمسة والوصول إلى هوية الرأس المدبر.
يصل تشكيك الأهالي الى أنّ بعض الأجهزة، الرسمية وغير الرسمية، ستدفع في لعبة خبيثة ولأغراض سياسية، هؤلاء الشباب إلى التطرف من أجل شيطنة طرابلس، وتصويرها على أنّها صورة قندهار الجديدة، ومعها المجتمع السني بأكمله، علماً أنّ تلك الشيطنة ليست حديثة ولا بريئة. وهنا يسأل أقارب هؤلاء الشباب عن إجابات، وهؤلاء أنفسهم كانوا قد حذّروا الأجهزة الأمنية من الإختفاء المفاجئ لأولادهم، في محاولة لفهم ما يحدث.
وهنا تأتي حادثة اعتقال 5 شبان الشهر الماضي وتسليمهم بعد استجوابهم إلى مفتي طرابلس الموقت الشيخ محمد إمام، وذلك الأمر كان رسالة واضحة من الجيش وأجهزة المخابرات، لتحميل رجال الدين مسؤولية أفعالهم وأقوالهم.
كفى المتاجرة بشباب طرابلس، فتلك المدينة ليست إرهابية وعلى الجهات الأمنية أن تحقق وتدقق
الشيخ بلال بارودي
إمام مسجد السلام في طرابلس الشيخ بلال بارودي، وهو من أهم الشخصيات الطرابلسية الدينية، يقول لـ”أخبار الآن“، إنّ طرابلس دخلت في مرحلة الخطر، لكن الرادع الخلقي والديني هو الذي يمنع الإنفجار الكبير، مضيفاً: “علينا ان ندقق ونحقق، هل هؤلاء فعلاً خرجوا إلى العراق، هل قتلوا فعلياً خلال عمليات قتالية أم تمّت تصفيتهم كما حصل مع أحمد أبو عدس المتهم بقتل الحريري؟ هل تم استدراج هؤلاء؟ على الأجهزة الأمنية أن تحقق بالمسألة لأنّ الأهالي ينفون حتّى الآن ذهاب إبنائهم إلى العراق للقتال والموت.. لماذا ذلك التهويل على الناس. إن شباب طرابلس يريدون أن يعملوا ويعيشوا بسلام، يعيشوا قضاياهم الداخلية قبل الخارجية، فكفى المتاجرة بشباب طرابلس، فتلك المدينة ليست إرهابية”.
وسط كلّ ذلك، يمكن استخلاص مدى تأثير الصعوبات المالية والظروف الإقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون، خصوصاً أهالي طرابلس، وفي ظلّ غياب الدولة ومقوّمات العيش الكريم التي سمحت للشبكات الإرهابية من دخول لبنان وتجنيد بعض الشبان. هؤلاء الشبان إمّا أن يموتوا جوعاً في شوارع مدينتهم، أو يموتون ظلماً في السجون، أو غرقاً في البحر بحثًا عن بعض الأراضي الموعودة، أو يتحولون إلى وقود من أجل تعزيز الأيديولوجيات العمياء. وذلك من أكثر الوجوه البغيضة لتعاسة اللبنانيين اليوم.