أزمة مياه تضرب جنوبي العراق

  • أزمة المياه وأثرها على سكان الأهوار في العراق

  • الثروة السمكية مهددة في جنوب العراق بسبب شح المياه

  • سكان ذي قار جنوب العراق يعانون شح وتلوث مياه الشرب
عاما بعد عام، تزداد أزمة المياه في العراق مع تراجع معدلات هطول الأمطار  وأزمة مياه هي الأكثر سوءا منذ سنوات، إذ تضرب محافظات جنوبي العراق وباتت تهدد بتوقف مشاريع المياه الصالحة للشرب بعد أن أثرت بشكل كبير على جميع الأنشطة الزراعية في المحافظات التي تعتمد على مياه نهري دجلة والفرات.

ويعاني  العراق منذ سنوات من انخفاض متواصل من الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، وفاقم أزمة شح المياه كذلك تدني كميات الأمطار المتساقطة في البلاد على مدى السنوات الماضية.

وتعّد محافظة ذي قار جنوب العراق، أكثر المحافظات تضررا من تدني منسوب نهري دجلة والفرات، باعتبارها تقع في آخر سلم المستفيدين من مياه النهرين القادمة من الشمال.

أخبار الآن ذهبت إلى جنوب العراق إلى محافظة ذي قار بمسافة ٤٩٠ كيلوا مترا إلى تلك المناطق التي كانت تنعم بالمياه والزراعة أصبحت صحراء قاحلة سكانها يشكون العطش وزراعتها تلفظ الانفاس الأخيرة ومواشيها وبقية الحيوانات الأخرى تواجه الموت.

تحدثنا إلى المواطنين في هذه المناطق وأوضحوا لنا ما يمرون به من أزمة أوقفت حياتهم وأنهت أعمالهم وينتظرون الدور الحكومي لعله يتوصل إلى حل مع ايران التي أصبحت تتدخل بكل شيء وتؤثر بكل شيء في هذا البلد حسب ما قاله بعض المواطنين.

"المياه انتهت والجوع قتلنا".. استغاثة مزارعي العراق بسبب الجفاف في بلاد الرافدين

جنوب العراق يعاني من الجفاف وشح المياه

ويشكو السكان -وهم خليط من فلاحين مستقرين في أراض زراعية وصيادي أسماك ومربي جواميس يعيشون في الأهوار- من تدني مستويات المياه التي تصل إليهم، فضلاً عن رداءتها.

يقول المزارع العراقي سجاد نعمة في حديث لأخبار الآن معه “الشط كله انتهى وقتلنا الجوع بسبب هذه الأزمة، لم يبق لدينا مصدر للدخل والكثير من السكان هاجروا بسبب هذه الأزمة ولم يبق لدينا أي شيء بسبب الجفاف وهذه حرب على الشعب العراقي والسبب بكل هذا إيران التي تتحكم بكل أشكال الحياة “.

"المياه انتهت والجوع قتلنا".. استغاثة مزارعي العراق بسبب الجفاف في بلاد الرافدين

سجاد نعمة – مزارع عراقي

اما أبو علي صاحب مزرعة فقال لنا: “حالياً العمل متوقف إذا لم تأتي المياه حتى الزراعة سوف تتوقف والآن لا يوجد زراعة وكثير من المحاصيل الزراعية توقفت، والآن الصيف قادم وسوف نعاني بسبب شح المياه ومن المحتمل أن نقوم بحفر آبار بسبب هذه المشكلة ونطالب الدولة أن تنظر إلى هذه المشكلة لان الناس تعبت “.

"المياه انتهت والجوع قتلنا".. استغاثة مزارعي العراق بسبب الجفاف في بلاد الرافدين

ويعاني العراق من شح المياه نتيجة قلة تساقط الأمطار في المنطقة مما أدى إلى قلة إيرادات نهري دجلة والفرات، إضافة إلى قيام إيران بتغيير مجاري بعض الأنهار التي تصب في العراق.

ماء العراق في خطر

ويشهد العراق منذ سنوات أزمة مائية ارتفعت حدّتها خلال العامين الماضيين جراء قيام إيران بقطع أكثر من 42 نهراً ورافداً مما تسبب بموجة جفاف غير مسبوقة، قضت على آلاف الدوانم وارتفاع نسب التصحر، بما دفع إلى نزوح مئات العوائل ممن يعتاشون على الزراعة.

كانت وزارة الموارد المائية العراقية بدأت منذ أواخر العام الماضي، بتدويل ملف المياه وأزمتها مع إيران بعد تمسك الأخير بخنق المياه عن الأنهر العراقية.

"المياه انتهت والجوع قتلنا".. استغاثة مزارعي العراق بسبب الجفاف في بلاد الرافدين

جنوب العراق يعاني من الجفاف وشح المياه

تُعد الجواميس إحدى أهم الثروات النادرة لسكان الأهوار، لكنهم باتوا اليوم على وشك فقدانها إلى الأبد.

فقد وصلت نسبة الملوحة في أنحاء مختلفة من الأهوار إلى مستوى خطير من التلوث الفتاك نتيجة الجفاف ما أدى إلى تسجيل هجرة واسعة للسكان المحليين من الأهوار.

يقول أبو رياحين وهو صياد سمك: هذه السنة نعاني من الجفاف وشح المياه وأثرا بشكل كبير على الأهوار وأهلها، ومنذ نهاية شهر أكتوبر عام 2021 إلى هذا اليوم أغلب الأنهار تجري جريان عكسي من الأهوار إلى الفرات ومياه الأهوار الآن تعتمد على بنسبة ثمانين في المئة على على مياه المصب العام ومستويات المياه بالفرات متدنية جداً أدت إلى  تغير نوعية المياه وإرتفاع نسبة الملوحة وهجرة بعض مربي الجاموس “.

"المياه انتهت والجوع قتلنا".. استغاثة مزارعي العراق بسبب الجفاف في بلاد الرافدين

وصلت نسبة الملوحة في أنحاء مختلفة من الأهوار إلى “مستوى خطير من التلوث الفتاك نتيجة الجفاف”، ما أدى إلى “تسجيل هجرة واسعة للسكان المحليين من الأهوار الوسطى، وبات حيوان الجاموس عُرضة للانقراض”، وفقاً لحديث د. جاسم الأسدي، الاستشاري في منظمة طبيعة العراق المعنية ببيئة الأهوار.

أبو غدير  وهو صياد سمك تحدث بحرقة عن ما يعانيه المواطنين في المنطقة بسبب الجفاف وموت الأسماك.

وقال: “لا يوجد مياه فقد انتهى الماء فقد توقف بشكل كامل والسمك مات ولا يوجد سمكة واحدة بالهور”.

وأضاف: “أصبح جفاف كبير لدر جة أن بعض الناس حفرت بئرا حتى المياه لم تخرج، والحيوانات تموت بشكل يومي بسبب شح المياه ويجب على الحكومة فعل شيء لنا ونحن كمواطنين ماهو ذنبنا بسياسات الحكومات  حتى القارب الصغير لا نستطيع تحريكه بسبب قلة المياه والناس تعاني من الجوع ومرضت بسبب هذا الجفاف “.

"المياه انتهت والجوع قتلنا".. استغاثة مزارعي العراق بسبب الجفاف في بلاد الرافدين

ابو غدير – صياد سمك عراقي

الموقف الحكومي

ولم تخف وزارة الموارد المائية مخاوفها من أزمة المياه التي تضرب محافظات الوسط والجنوب، فتحدثنا مع مستشار وزير الموارد المائية عون ذياب عن الحلول التي يسعى العراق لإيجادها وكيفية التعامل مع هذه الأزمة الخطرة فقال “إن الخزين المتاح من المياه حاليا بالرغم من تناقص الواضح فيه إلا أن هذا الخزين سيكون كافياً للأمور الأساسية كمياه الشرب والأستخدمات البشرية وأيضاً تأمين يقي البساتين وزراعة الخضر أما المحاصيل الصيفية التي تستهلك كميات كبيرة من المياه وخاصة محصول الرز لا يزال الوقت مبكراً للإعلان عن إمكانية الزراعة او تقليص المساحة او عدم الزراعة بالكامل ” .

ويضيف ذياب: “الآن نعمل على تأمين الوضع البيئي لمنطقة شط العرب لأنه بحالة النقص الحاد بكميات المياه سوف تكون هناك مخاطر تقدم المد الملحي إلى مناطق في شط العرب ونأخذ هذا الموضوع على محمل الجد ونعمل على أن يستمر تجفق المياه الى شط العرب بشكل مستمر وحتى الآن لايوجد أي اتفاق مع دول الجوار تركيا أو إيران والموجود فقط هي مذكرات تفاهم مع تركيا أما مع إيران فقط هناك بروتوكول ملحق باتفاقية عام 1975 والتي هي الآن معطلة من الجانب العراقي لأسباب سياسية حول هذه الاتفاقية ولدينا رغبة بالحوار مع الدول الجيران من أجل عدم التقليص من مياه الصيف القادم لأن في الصيف درجة الحرارة مرتفعة لذلك سنكون بحاجة إلى إطلاق المياه من الخزانات من كلا البلدين”.

العراق

العراق الأكثر تضررا من التغيرات المناخية

وتصنف الأمم المتحدة العراق على أنه “خامس دولة في العالم معرضة لتهديدات” التغير المناخي  وسط توقعات بأن يشتد تضرر البلاد من هذه الظاهرة في المستقبل المنظور.

وتتجلى ظاهرة التغير المناخي في العراق، بحسب خبراء، في الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، ويترافق ذلك مع تصحر وتقلص للأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، فضلا عن العواصف الترابية والغبارية، التي باتت أكثر شدة قوة مما سبق.

وتفيد أرقام رسمية بأن التصحر بات يجتاح 39 بالمئة من الأراضي العراقية، كما تهدد زيادة ملوحة التربة القطاع الزراعي في 54 بالمئة من الأراضي المزروعة.