إيران تواصل سرقة ثروات العراق

قضية الحقول النفطية العراقية المشتركة مع إيران.. تعود إلى الواجهة من جديد حيث عاد الحديث عنها وتوجيه انتقادات إلى الحكومة العراقية لصمتها عن تجاوزات إيران على الحقول المشتركة واستغلالها، خاصة بعد أن أعلن مسؤول إيراني بدء إنتاج بلاده النفط من حقل مشترك بين البلدين، من دون اتفاق مع بغداد يضمن الاستثمار المشترك لهذه الحقول التي تمتد علـى مسافة غير قصيرة ضمن الحدود المشتركة.

وحذر مسؤولون عراقيون من استثمار هذه الحقول من جانب واحد لأنه سيسبب مشاكل حقيقية.

حول هذا الموضوع أجريت حوارا خاصا لأخبار الآن مع القاضي وائل عبد اللطيف محافظ البصرة السابق للحديث عن حق نفط العراق في الحقول المشتركة مع إيران وكيفية محاسبتها قانونيا لتجاوزها على هذه الحقول.

القاضي وائل عبد اللطيف.. أهلا بك في هذا الحوار: العراق لديه حقول نفط مشتركة مع إيران وهناك تجاوز على هذه الحقول خاصة حقل الفكة هل هناك صيغة قانونية تمكن العراق من استرداد حقه والتدخل قانونيا لحل هذه الأزمة؟

 

القاضي: سؤال مهم جدا يتعلق بثروات وقوت الشعب العراقي تحديدًا ولكن الحكومة لا تملك إرادة لتتحرك ضد إيران لكي تفعل الحقول المشتركة فالحقول المشتركة استغلالها من جمهورية إيران يعود إلى ٢٠٠٣ وانهيار الدولة العراقية بالكامل.

حتى هذا اليوم لدينا أربعة حقول وليس حقل واحد.. الآن وفي الحقيقة تستغلها الحكومة الإيرانية استغلالا كبيرا وغير مكترثة لهذا الاستغلال من الجانب الايراني وأنتِ تعرفين الأسباب.

ماهي الأسباب سيادة القاضي الناس لا تعرفها وضحها؟

القاضي: هناك أشخاص لديهم انتماءاتهم دعينا نطلق عليها عقائدية إسلامية وبعض الأحيان يطلق عليهم الولائيون هؤلاء بالتأكيد أصبح لديهم قوة في الدولة العراقية وفي المجتمع العراقي وبالتالي الحديث عن الآبار المشتركة يبدو من الأمور الصعبة ليس مع إيران فقط وحتى مع الكويت الآن الآبار النفطية المجاورة بمسافة مئة متر عن الآبار العراقية تجدين أن الآبار العراقية متوقفة والآبار الكويتية تعمل في حين أن الأرض في هذه المنطقة تكون منخفضة في اتجاه الكويت ومرتفعة باتجاه العراق ولهذا هم استفادوا من ترسيم الحدود في حقول “السجيل الاعلى وحقل صفوان وحقل الزبير وهذه من حقول الرُميلة الجنوبية” التي يتميز نفطها بالنفط الخفيف الذي يزيد أربعة إلى خمسة دولارات عن النفط الثقيل من الرميلة الشمالية فما فوق، وأيضا العراق رغم كل الرسائل وكل الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت في جنوب العراق في البصرة إلا أن الحكومة لا تريد أن تفعل الحقول المشتركة بحجة أنهم سيجلبون شركة لعملية التعاطي مع هذا الموضوع في حين أن الاستخدام للنفط الخام مستمر ويوميا.

 

سؤال: قانونيا ماذا يجب على الحكومة العراقبة فعله؟

وائل: أولا يجب تبليغ الطرفين إيران والكويت بإيقاف استخراج النفط من هذه المناطق وثانيا الاتفاق على جلب شركة نفطية ويتفق عليها الطرفان وأيضا عندما يتم تشغيل هذه الشركة النفطية يجب أن تعرف كيف تقسم الحصة بين الدولتين الجارتين وهذا العمل بسيط جدا ومتعارف عليه.

 

سؤال: الحكومات المتعاقبة ومنذ عام ٢٠٠٣ لغاية الآن لم نجد أي حكومة منها طالبت بحق الشعب العراقي، من سيطالب بحقهم؟

القاضي: في العلن وداخل العراق كردستان بلغ صادراتها من نفط أربيل ربما مع كركوك ما يقارب المليون برميل يوميًا يصدر عن طريق جيهان ويرسل الى العديد من الدول العالم ومنها إسرائيل هذا الموضوع ومنذ عام ٢٠١٤ الى الآن لم تستطع الحكومة العراقية اتخاذ قرار بشأنها وهو في داخل العراق وليس في خارج العراق إلى أن صدر قرار المحكمة الاتحادية قبل خمسة عشر يوما تقريبا وهذا القرار جاء بعد دعوة رفعت بتاريخ ١/٨/٢٠١٢.

 

سؤالي هنا سيد وائل قرار المحكومة الاتحادية بخصوص كردستان هل فعلا سيطبق أم أنه حبر على ورق وستحل القضية من خلال صفقات سياسية بين الأحزاب؟

القاضي: أعتقد بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا وهي قرارتها ملزمة وقاطعة على السلطات كافة لكن الحكومات المتعاقبة كانت تلجا إلى تأجيل عملية تنفيذ هذا القرار ولاحظنا أن رؤساء الوزراء المتعاقبين كانت لديهم علاقات استراتيجية مع الجانب الكردي وكانوا يفضلون عدم إثارة هذا الموضوع أو عدم المطالبة به، أتذكر أن مرة واحدة فقط ذهب عادل عبد المهدي عندما كان وزيراً للنفط وجاءنا ببشرى أن كردستان سوف تدفع ٢٥٠ ألف برميل يوميا وهذا الكلام كان بين عامي ٢٠١٢-٢٠١٣ وإلى اليوم كردستان لم تدفع برميل واحد من نفط الخام إلى سومو وهي الشركة المختصة في الصادرات النفطية وليس ذلك فحسب وإنما كردستان تتمرد على حكومة بغداد في رسوم الطائرات والموانئ والجمارك والضرائب التي تجبى من المواطنين من الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية، لكن الحكومة العراقية تجبر السماوة هذه المدينة الفقيرة على دفع الضرائب وتذهب إلى خزانة الدولة العراقية وكردستان يأخذ جزءا من هذه الرسوم ولا يدفعون دولارا واحدا او ديناراً واحداً للحكومة العراقية.

 

 

سؤال: الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني قال إن الإنتاج في حقل “الفكة” كان صفراً يعني الحقل المشترك وإن حكومته تستخرج 65 ألف برميل يومياً منه، وأضاف روحاني أنه استرجع حقوق الشعب ويقصد الشعب الإيراني.

لماذا لم نسمع ردا من الحكومة العراقية على هذا التصريح ولا من مسؤول يطالب بحقوق الشعب العراقي من حقل الفكة؟

وائل: نعم كما بينت وأضيف أن هناك وفدا ذهب برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير النفط دكتور حسين الشهرستاني آنذاك لتفقد الحقول المشتركة، قال لي أحد الأشخاص فقد صرح لي شخصيا أنه “طردنا من هذه الحقول المشتركة ولم يسمح لنا بالوصول إليها” هذا الكلام لا أعلم مدى دقته بصراحه لأنه دائما مثل هذه الأحاديث لا تتوسع بالجانب العراقي وكانه الحكومات المتعاقبة لديها اتفاقات خاصة.

 

 

سؤال: هل يمكن إلغاء اتفاقية الجزائر، قبل أيام كان هناك عن اجتماع لوفد عراقي إيراني للحديث حول اتفاقية الجزائر؟

القاضي: نتمنى أن نمتلك هكذا رجال يستطيعون الإفصاح ويقولون لإيران إنكم جمدتم مياه الشط العرب من “رأس البيشه” إلى المعقل بمسافة تقدر بمئة وخمسة وثلاثين كيلو مترا وبالتالي هذا التجميد صدر منهم على اعتبار أن العراق لا يستطيع أن يجري عمليات التطهير والطمى والغريم ولم يجعل ميناء المعقل مشغولا طوال الوقت طبعا ميناء المعقل يعتبر من أقدم الموانئ في الشرق الأوسط حيث بدأ العمل به كميناء رسمي عام  ١٩١٦ وأيضا الحدود المشتركة للشط بيننا وبين إيران هي للبلدين ولكن ميناء المعقل انتهى نهائيا ولم يبقى سوى ميناء أبو الفلوس الذي يبعد مسافه قليلة عن “رأس البيشه” ورأس البيشه أكيد على رأس الخليج العربي كان يسمى ببحر البصرة.

و”رأس البيشه؛ كان ميناؤه الغاطس لا يسمح للبواخر الكبيرة التي تحتاج إلى عمق كبير فأصبح يستخدم لحاجات بسطية جدا، وهذا الموضوع جعل العراق يفقد التجارة بالموانئ وأيضا وجعل المياه وفقدنا المياه الصالحة للشرب فنحن أصبحنا نعاني من مشكلتين مشكلة عدم توفر الملاحة للبواخر والمشكلة الثانية هو تمدد السان الملحي من البحر الذي يصل تقريبا إلى منطقة العشار وهي مركز التجارة العالمية طبعا هذا في أيام زمان لذلك نحن نخسر يوميا من شط العرب وإيران تستفيد يوميا من موانئها على البحر.

محافظ البصرة السابق: إيران تستغل نفط العراق.. وبغداد لا تستطيع التحرك ضد طهران

الصورة خلال أزمة الوقود التي حدثت عام 2019 في إقليم كردستان العراق – غيتي

 

سؤال: أين ثروات البصرة من النفط والغاز؟

القاضي: الحالة مأساوية بصراحة كل من يتحدث عن الإعمار والإصلاحات لا وجود له لأن الفساد في هذه الدولة وللأسف بدأ منذ عام ٢٠٠٣ بدأ برواتب الحمايات وفي الوظائف والفساد الإداري في اختيار السفراء الفساد بدأ من القمة وبدأ ينزل إلى القاعدة وبتالي لا مناقصة ولا مقاولة ولا عمل يجري في كل مدن من العراق إلا والفساد جزء منه.

البصرة مدينة كبيرة يأتيها الناس من محافظات ميسان وذي قار والسماوة ومن بعض المدن العراقية يقصدونها للعمل وقد فاق عدد السكان فيها وأصبح ما يقارب خمسة ملايين نسمة إلا أنهم يعطون للبصرة على أساس أن تعداد سكانها مليونين وستمئة ألف فقط، طالبنا كثيرا بإجراء عملية تعداد سكان لأن البصرة بحاجة للكهرباء والمياه والطرق والمدارس والمستشفيات وتحتاج إلى المواد الغذائية وتحتاج للعديد من الخدمات ولا يعقل أن الحكومة المركزية وبسبب خلافاتها مع كردستان وكركوك نبقى معطلين.

منذ عام ٢٠٠٣ عندما كنت في مجلس الحكومة العراقي أصدرنا امرا تشريعيا لإجراء تعداد للسكان وهذا الموضوع طالبنا به عام ٢٠٠٨ أيضا، ولكن للأسف لم يبصر النور وأعتقد أنه لن يرى النور طالما أن كركوك هي القضية التي تشغل الكرد ويطالبون بضمها إليهم وتوسيع الأرض والموارد النفطية على حساب العراق.

 

 

سيد وائل كيف تم استغلال الحقول المشتركة هل بالاتفاق مع الجانب الإيراني؟

القاضي: لا نحن لدينا شركه نفط ميسان فقط وهي تقريبا بالحدود العراقية وليس بعيدة كما الحقول التي تحدثتِ عنها حضرتكِ، إنتاجها لا يتجاوز الـ ٤٥٠ ألف برميل في اليوم ولم تقف الأمور عند هذا الحد لأنه لدينا أربعة حقول أخرى نفطها غزير ولكنها تستغل من الجانب الإيراني فقط ولا يوجد تنسيق مشترك بين البلدين في المقابل هناك سكوت من الجانب العراقي.

 

هل الحقول هي مشتركة فعلا أم أنها جزء من تسويات العراق ما بعد عام ٢٠٠٣؟

القاضي: تناولنا موضوع حقل الفكة “الفكه عراقية وايرانية” نحن لدينا نفط وإيران لديها نفطها لكن لماذا تتجاوز إيران على نفط الفكة العراقي، ايران تسحب من نفط الفكة لأن الأرض ورقعتها نفطية واسعة جدا وتسحب لمئات الكيلو مترات وبالتالي نحن نسمع ونرى سحب النفط العراقي ولم نستطيع أن نعمل سوى أن نستنكر وندين ونطلب ولا توجد استجابة.

 

سؤال: هل في العراق القانون فوق الجميع وهل تثق كقاضي أن القانون يطبق على الجميع ومن هم فوق القانون؟

القاضي: لا عدالة في تطبيق القانون ولا الدستور في الدولة العراقية وكل من يدعي العدالة في هاتين المسألتين فهو كاذب في حق العراق وقوانينها ودستورها وكثير من مواد الدستور معطلة، كثير من مواد الدستور منتهكة كثير من المدد الدستورية لا تحترم من قبل القوى السياسية القابضة على السلطة منذ عام ٢٠٠٣ الى وقت الحالي وبالتالي لأسف لا توجد عدالة نسبية في هذا البلد هناك ناس لا تمسهم العقوبات ولا يمكن أن يحالوا إلى القضاء ولا يمكن لأحد أن يتجرأ على مقاضاتهم وهناك فقراء الذين من السهل جدا يتم القاء القبض عليهم وحالتهم واعدامهم بسهوله جدا دون اي حسابات أخرى.