أكثر من مليون شخص عبروا من أوكرانيا إلى بولندا منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير الماضي، وفق ما قال حرس الحدود في بولندا التي تشترك في حدودها بـ310 أميال مع أوكرانيا.

  • أكثر من مليون لاجيء من أوكرانيا إلى بولندا في أقل من أسبوعين منذ بداية حرب بوتين 
  • أزمة اللجوء جرّاء الحرب الروسية على أوكرانيا هي الأزمة الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية
  • الصحافي البولندي ميخاو بوتوتسكي: ردة فعل الغرب هي حتماً الأقوى بتاريخه بعد الحرب
  • سيُمنح الأوكرانيون إذونات عمل للعمل في بولندا بحرية، كما سيُسمح للأولاد بارتياد المدارس

وقد استقبلت نحو 1.7 مليون شخص تركوا منازلهم في أوكرانيا منذ بدء الحرب، بالتوازي مع جهود الإغاثة التي يديرها إلى حد كبير المتطوعون وكذلك المنظمات غير الحكومية والبلديات إذ يجد معظم الأشخاص الذين يصلون إلى بولندا أماكن إقامة قصيرة الأجل يوفرها المواطنون والشركات الخاصة. وأعلنت بولندا عن خطط لإنشاء صندوق بقيمة 8 مليارات زلوتي (1.34 مليار جنيه إسترليني) للأشخاص الفارين من أوكرانيا، بما في ذلك توفير دفعة لمرّة واحدة بقيمة 300 زلوتي (50 جنيهاً إسترلينياً) لكل لاجئ.

سيُمنح الأوكرانيون إذونات عمل ليتمكنوا من العمل في بولندا بحرية، كما سيُسمح للأولاد بارتياد المدارس البولندية

الصحافي البولندي ميخاو بوتوتسكي

“إنّها أكبر موجة لاجئين في تاريخ بولندا” يقول الصحافي البولندي ميخاو بوتوتسكي لـ “أخبار الآن“، مضيفاً: “إستنادا إلى المعلومات الرسمية، فقد وصل العدد إلى أكثر من مليون لاجىء إلى بولندا، وربّما إلى مليون ومئتي ألف حتى الآن، والمثير للإهتمام أنّه لا يوجد مخيّمات للاجئين لأنّ معظم الذين قدموا إلى بولندا يعيشون في شقق أو بيوت مع عائلات بولندية أو أوكرانية كانت تعمل هنا قبل الغزو الروسي، فالعائلات البولندية تساعد اللاجئين الأوكرانيين، والحكومة تعمل على بعض التشريعات التي ستسمح بدعم ليس فقط هؤلاء اللاجئين، بل أيضاً مَنْ تمّت استضافتهم في المنازل، ستكون هناك مساعدة مادية، وسيُمنح الأوكرانيون إذونات عمل ليتمكنوا من العمل في بولندا بحرية، كما سيُسمح للأولاد بارتياد المدارس البولندية، وعلى الأرجح تلك التشريعات سيوافق عليها مجلس النواب هذا الأسبوع، وسيوقعها رئيسنا، ونحن أيضاً ننتظر الدعم من الإتحاد الأوروبي لأنّ ذلك عبء كبير على بلدنا، عدد سكان بولندا يبلغ 37 مليون نسمة و الآن أكثر من مليون لاجىء وصلوا خلال أسبوع أو أسبوعين، فذلك تحد كبير، لذلك نحن ننتظر الدعم المادي من الإتحاد الأوروبي، وعلى الأرجح عدد من هؤلاء اللاجئين سيقصد بلداً أوروبياً آخر لأنّه توجد جاليات أوكرانية كبيرة في عدد من الدول الأوروبية كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وغيرها، فربّما بعد وقت ستنخفض تلك الأرقام لكن الآن العبء كبير، وهناك الكثير من العمل يجب أن تقوم به حكومتنا والمنظمات غير الحكومية والناس العاديون، فالتحدي كبير والعبء ثقيل”.

 

بوتوتسكي كان زار أوكرانيا منذ أيّام قليلة، فالفوضى عارمة، ويقول: “لقد ذهبت إلى محطة القطارات في لفيف وهي مدينة كبيرة تقع بالقرب من الحدود البولندية، وهي حالياً ملجأ للهاربين من الحرب… المشاهد في محطة القطار تشبه المشاهد التي نتذكرها في مطار كابول التي حصلت في أغسطس، الآلاف يحاولون الهروب والصعود إلى القطار المتجه إلى الحدود البولندية أو الى بولندا، وغالبيتهم من النساء والأطفال لأنّ الدولة الأوكرانية لم تسمح للرجال بمغادرة البلد، الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 60 عاماً”.

وأردف: “منذ أسبوع كانت هناك طوابير كبيرة على الحدود، كان الناس في السيارات ينتظرون يومين أو ثلاثة كي يتمكنوا من اجتياز الحدود إلى بولندا، و بعض الناس القادمون سيراً على الأقدام كان عليهم الوقوف في صفوف على الحدود حتّى يحصلوا على تصريح لدخول بولندا، كما أنّ الطقس كان سيئاً جدّاً، في الليل كانت تصل الحرارة إلى ما دون الصفر، فالوضع كان مأساوياً بالفعل”.

ردّة فعل الغرب تجاه أزمات اللجوء.. "من حسن حظّ لاجئي أوكرانيا وسوء حظّ غيرهم"

وأوضح لـ “أخبار الآن” أن الوضح لاحقاً تحسّن “لأنّ الإجراءات تغيرّت وأصبح الحراس البولنديون والأوكرانيون مستعدين بشكل أفضل على الحدود. بعض اللاجئين حاول عبور الحدود الأوروبية لأنّ تلك المنطقة تتشارك الحدود أيضاً مع سلوفاكيا وهنغاريا ورومانيا. يمكن وصف الوضع بأنه أقرب إلى كارثة إنسانية”.

وأشار إلى أنّ “هناك العديد من المتطوعين الذين يعملون على مساعدة الناس، من جهتي الحدود. فمثلاً في لفيف هذه المدينة الكبيرة التي تقع قرب الحدود حولوا الملعب إلى مركز للاجئين حيث يمكنهم المبيت لليلة أو ليلتين، توجد أسرّة وماء وكهرباء وطعام، وهناك من يساعد أولئك النسوة وأولادهن الذين يحاولون الهروب من أوكرانيا، والوضع نفسه ستراه عند الحدود البولندية، العديد من أصدقائي البولنديين والأوكرانيين ممن يعيشون هنا و البيلاروسيين وحتى الروس الذين يعيشون في بولندا، ساعدوا النازحين لاستئجار الباصات أو السيارات لينتقلوا من الحدود إلى بعض المدن الكبيرة في بولندا كوارسو وغيرها من المدن”.

كيف ستؤثر أزمة اللجوء على اقتصاد بولندا؟

وعن كيفية تأثير أزمة اللجوء على اقتصاد بولندا، قال: “لا أحد يعلم لأنّنا مازلنا لا نعرف إلى متى ستستمر تلك الكارثة. إذا انتهت وكما يأمل الجميع بعد أسابيع أو أشهر قليلة، فعلى الأرجح أنّ معظم النازحين سيحاولون العودة إلى منازلهم لأنّهم لم يغادروا البلد بإرادتهم بل أجبروا على ذلك، لكن إذا استمرت الأزمة لوقت أطول وأصبحت تشبه الحرب في سوريا من حيث الدمار الكبير الذي حلّ بالمدن، فسيزداد عدد الناس الذين يريدون مغادرة أوكرانيا واللجوء إلى بولندا، وربّما سيصل العدد إلى 3 أو 4 ملايين أوكراني.

وهنا أوضح أنّ “أوكرانيا بلد كبير يعيش فيها نحو 35 أو 38 مليون نسمة، وذلك سيشكل تحدياً كبيراً على الإقتصاد أيضاً، فهؤلاء بحاجة إلى أن يجدوا عملاً ومسكناً، و على الأرجح أن الناس الذين استقبلوا النازحين في بيوتهم لن يتحملوا بقاءهم لـ 6 أشهر أو لعام أو عامين، فذلك سيشكل عبئاً على الإقتصاد لإيجاد عمل لهم وبيوت. أيضاً لا يمكننا أن ننسى نتائج الأزمة، فقد ارتفع سعر الدولار واليورو مقارنة مع عملتنا الوطنية، وبالتالي ارتفع التضخم وسنواجه مشكلة في مصادر الطاقة لأنّ معظم مصادر الطاقة كالغاز والنفط التي يستعملها البولنديون تأتي من روسيا، والآن المدن الغربية كما بولندا يفكرون في مصدر جديد لهذه المواد، فلا يجب أن نشتريها من الدولة المعتدية، اذاً نحن نبحث عن مصادر جديدة للنفط والغاز، من المحتمل أن نشتري من الدول العربية أو الولايات المتحدة أو النروج أو الدنمارك، وذلك سيكلفنا أعباء إضافية. إنّه تحدّ للإقتصاد ككل”.

ردّة فعل الغرب تجاه أزمات اللجوء.. "من حسن حظّ لاجئي أوكرانيا وسوء حظّ غيرهم"

روسيا تهددنا فعلاً وعلى ساسيي الغرب أن يتخذوا قراراً بدعم أوكرانيا بالأسلحة ومساعدة الشعب الأوكراني وفرض أقصى العقوبات على روسيا

الصحافي البولندي ميخاو بوتوتسكي

وأبدى بوتوتسكي اعتقاده بأنّ “العالم الغربي بأكمله يتصرف بشكل أفضل ممّا تصرف إبّان أزمة أفغانستان أو سوريا، أو مع حرب روسيا على أوكرانيا في العام 2014، ربّما لأن الناتو اعتبر أنّ أوكرانيا أقرب إلينا من حيث الموقع الجغرافي، وتلك التهديدات لأعضاء الناتو حقيقية كتهديد بولندا وليتوانيا استونيا ولاتفيا، فتلك البلدان تتشارك في حدودها مع روسيا، وروسيا تهددنا فعلاً، فمن الأسهل على ساسيينا وعلى السياسيين الأوروبيين أن يدركوا أنّ ذلك تهديد لنا أيضاً، ولذلك من الأسهل عليهم أن يتخذوا قراراً بدعم أوكرانيا بالأسلحة ومساعدة الشعب الأوكراني الذي يقصد بلادنا ودعم أوكرانيا سياسيا وديبلوماسياً وأيضاً لإقناع حكومات الدول الغربية والولايات المتحدة وكندا لفرض أقصى العقوبات على روسيا”.

وتابع: “إذا سألتني ما إذا كانت ردة فعل العالم الغربي أفضل من ذي قبل، أقول إنّها حتماً الأقوى في تاريخ العالم الغربي من بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن أيضاً لأنّنا لم نواجه هكذا كارثة إنسانية وعسكرية كبيرة في أوروبا من بعد الحرب العالمية الثانية. في العالم المثالي يجب أن تكون ردّة الفعل هي ذاتها بغض النظر إذا كنّا نتعامل مع أوكرانيا أو سوريا أو أفغانستان أو ليبيا أو اليمن، لكن في العالم الواقعي كلّما كانت الكارثة كبيرة كلما كانت ردّة الفعل أقوى لسوء الحظ، لكن ربّما هذا من حسن حظ الأوكرانيين ومن سوء حظ غيرها من الدول التي تحصل على أرضها بعض التحركات العسكرية، لكن هذا هو الواقع وهذا هو سبب ذلك الاختلاف في ردود الفعل”.

وأشار إلى أنّ “الحكومة البولندية تقول إنّ كل من يغادر أوكرانيا يمكنه العبور إلى بولندا، ونحن نعلم أنّ هناك طلاباً من بلدان مختلفة في أوكرانيا، خصوصاً من آسيا والشرق الأوسط وبنغلادش والهند وباكستان لأنّ مستوى الجامعات الأوكرانية جيّد وكلفتها ليست عالية مقارنة مع الجامعات الغربية والأوروبية، وهؤلاء الطلاب يحاولون أيضاً عبور الحدود”.

وفقاً للقانون البولندي فإنّ كلّ من يحاول الهروب من أوكرانيا مرحّب به في بولندا

الصحافي البولندي ميخاو بوتوتسكي

وختم: “أعلم أنّ بعض وسائل الإعلام الغربية تحدّثت عن بعض الحوادث العنصرية، لكن بحسب معلوماتي وبحسب المنظّمات غير الحكومية المتواجدة على الحدود، فتلك الأمور لم تكن مشكلة منهجية بل مجرّد حادث مؤسف. طبعاً تلك مشكلة لكنّها ليست منهجية، فأنا أعرف أشخاصاً يحملون جنسيات غير أوكرانية يتواجدون في بولندا، ووفقاً للعلماء وأخصائيي الهجرة الذين تحدثت معهم، فإنّ غالبية السكان غير الأوكرانيين لا يريدون البقاء في بولندا بل يرغبون إمّا العودة إلى بلادهم أو التوجه إلى بلدان غربية أوروبية توجد فيها جاليات أكبر، وفي بولندا ليست لدينا جاليات شرق أوسطية كبيرة، وعلى الأرجح إذا ما قرّروا البقاء في أوروبا فسيتوجهون إلى ألمانيا فرنسا وبلجيكا، لكن وفقاً للقانون البولندي كلّ من يحاول الهروب من أوكرانيا مرحّب به في بولندا”.

شاهدوا أيضاً: ماذا لو ربح بوتين الحرب في أوكرانيا؟