يصادف في الحادي والعشرين من فبراير من كل عام، “اليوم العالمي للغة الأم”، وفي تلك المناسبة سألت “أخبار الآن” مجموعة من الشباب العرب، لمعرفة كيفية تفاعلهم مع لغتهم الأم، وكيف ينظرون إليها.

في ذلك التقرير، اتخذنا عيّنة صغيرة جدّاً من دول عربية مختلفة، لكنّها تعكس فكرة سريعة عن كيفية استعمال اللغة العربية لدى الشباب العربي… نعرض إليكم ما كانت إجاباتهم لنستخلص في النهاية النتيجة.

في البداية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ متوسط العمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يبلغ 26.8 عاماً، وفق ما أورد كبير خبراء التحليل والإستشارات طارق جولريز في كتابه، فيما أورد مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنّ نحو 60 % من السكان العرب تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وهم أكثر من نصف مجموع السكان العرب، ويُفسّر ذلك على أنّ مستقبل اللغة العربية بين أيديهم إذاً.

الفصحى مقابل اللغة الإنجليزية

من الأسباب الرئيسية التي جعلت اللغة الإنجليزية تهيمن، أنّ اللغة العربية تحتوي على لهجات كثيرة، تختلف بين منطقة وأخرى في البلد الواحد، وبعض الشباب أشار إلى أنّه بسبب ذلك الإختلاف، اختار ربّما التحدث باللغة الإنكليزية مع عرب آخرين بدلاً من الفصحى.

ماريت إسكندر، وهي فتاة مصرية تعمل في مجال التسويق تبلغ من العمر 21 عاماً، قالت لـ “أخبار الآن” إنّ معظم المحتوى العربي ليس بالفصحى، إنّما باللهجة المحلية لكلّ بلد، ومعظم العرب لا يعرفون الفصحى، وقد يكون ذلك سبباً لجعل اللغة الإنكليزية أكثر شيوعاً إلى حدّ ما. وحدّد شاب إماراتي آخر ، فضّل عدم الكشف عن هويته، 3 أسباب تجعل المراهقين الذين يعرفهم يتحدثون اللغة الإنكليزية أكثر من اللغة العربية.

في الواقع، لقد قال معظم الشباب الذين قابلناهم إنّهم يستهلكون محتوى على الإنترنت باللغة الإنكليزية أكثر من اللغة العربية، وينسحب ذلك على الكتب. ويبدو أنّ بعض الإحصائيات تدعم ذلك. على سبيل المثال، وفقاً لشركة W3Techs، اعتباراً من نوفمبر العام 2021 كانت اللغة العربية هي اللغة الرئيسية للمحتوى بنسبة 1.2 % فقط بين أفضل 10 ملايين موقع على الإنترنت.

وفي الوقت نفسه، عندما يتعلق الأمر بالتواصل مع الأصدقاء، فإنّهم يستخدمون مزيجاً من الإنكليزية والعربية، لكنّهم يميلون أكثر إلى اللغة الإنكليزية. وقال سلام فيصل، وهو مواطن سوري يبلغ من العمر 24 عاماً يعمل في العلاقات العامة: “نظراً لأنّ دائرة أصدقائي ثنائية اللغة في الغالب، فإنّنا نتواصل باستخدام اللغة الإنكليزية مع بعض اللغة العربية. لذا، إذا كنت سأعطي نسبة مئوية، ستكون 60 % للغة الإنجليزية و 40 % للغة العربية”.

إحصائية لافتة

في العام 2017، وجد مسح الشباب العربي، الذي أجرته وكالة العلاقات العامة “أصداء بي سي دبليو” كل عام ، أنّ نحو 68 % من الشباب العرب في دول مجلس التعاون الخليجي قالوا إنّهم يستخدمون اللغة الإنكليزية أكثر من اللغة العربية. في الآونة الأخيرة، في العام 2021، كشف الإستطلاع أنّ 5 % فقط من الشباب العرب يعتبرون اللغة مركزية لهويتهم، فالدين والأسرة والجنسية كانت أكثر أهمية.

غالبية الذين قابلناهم قالوا إنّ معرفة اللغة الإنكليزية شرط أساسي للوصول إلى الوظائف والمهن بشكل أفضل، مستدركين أنّ ثنائية اللغة عامل مهم في زيادة الفرص في الحصول على عمل.

أمل في المستقبل

على الرغم من كلّ تلك القضايا، يمكن القول إنّ مَنْ تمّت مقابلتهم أدركوا أنّ اللغة العربية كانت أكثر قرباً إلى “قلب المتابع”، بمعنى أنّها تعبّر عن العواطف بشكل أفضل، فيما اللغة الإنكليزية كانت أكثر حدّة. بالإضافة إلى ذلك، أقرّ جميعهم بأنّهم ما زالوا يستخدمون اللغة العربية بشكل أساسي مع عائلاتهم، ما يشير إلى أنّهم ما زالوا على اتصال بلغتهم الأم، كما مازالوا يقرأون الكتب باللغة العربية، ومازالوا يحبون مشاهدة الأفلام الكوميدية باللغة العربية.

إلى جانب ذلك، لفت بعض الشباب إلى أنّهم يحاولون جاهدين تحسين لغتهم العربية. فقال خليفة المهيري، الإماراتي البالغ من العمر 26 عاماً وهو يعمل في أحد المصارف: “مع تقدمي في السن، أدركت أنّ لغتي العربية لم تكن متقنة كما كنت أريد، لذلك أعطيت الأولوية للتحدث فقط باللغة العربية، وقد أدّى ذلك إلى رفع مستوى مهاراتي في لغتي الأم إلى نفس مستوى اللغة الإنجليزية”.

“بصفتي كاتب محتوى عربي، تبلور اللغة العربية إبداعاتي في الكتابة، وتلك هي وظيفتي”، تقول حنان يحيى، 24 عاماً، وهي مواطنة سورية. إذاً ففي الوقت نفسه، تسعى المنظمات في كلّ أنحاء الشرق الأوسط جاهدة أيضاً للحفاظ على اللغة العربية.

كما تحدثت “أخبار الآن” إلى سعاد السركال، عضو مجلس الإدارة التنفيذي لـ MEPRA، التي قالت: “نظراً لكون اللغة الإنكليزية لغة يتمّ التحدث بها في الغالب في كل أنحاء العالم ، فليس من المستغرب أنّ المحتوى الرئيسي لمواقع الويب هو اللغة الإنكليزية، ومع ذلك، تركّز MEPRA (جمعية العلاقات العامة في الشرق الأوسط) على دعم اللغة العربية وتعزيزها في الشرق الأوسط. ومن الطرق التي ندعم بها اللغة من خلال مبادرات مثل جوائز MEPRA للإتصالات العربية لعام 2022 التي أنشأتها MEPRA، الهيئة الصناعية الرائدة في المنطقة لمحترفي الإتصال للإحتفال بالتميّز في الحملات التي تقودها اللغة العربية وتسليط الضوء على ألمع متخصصي الاتصالات العربية”.

شاهدوا أيضاً: أول بلد في العالم يواجه أزمة غذائية بسبب الإحتباس الحراري