“هناك 50 مليون شخصاً في ميانمار يحاربون من أجل الديمقراطية، يضحون بحياتهم لإرساء ذلك في البلاد وكي يحظوا بحياة أفضل، وكي يسود السلام، لكن في ظل مثل تلك ظروف، وفي حال أتت دولة كإيران لتبيع أسلحة وتقدّم دعماً تقنياً لتعزيز قدرات الجيش، فسيموت العديد من البشر”.. هذا ما قاله المستشار في وزارة حقوق الإنسان في ميانمار، أونغ كياو مو لـ”أخبار الآن“.

  • هبوط طائرات إيرانية محمّلة بالأسلحة في ميانمار يثير تكهّنات بوجود تعاون عسكري سرّي مع المجلس العسكري
  • الأمم المتحدة: أكثر من 1000 شخص قد يكونون قتلوا منذ الإنقلاب العسكري في البلاد بجرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب
  • الجرائم في ميانمار على ما يبدو أنّها ستزداد خصوصاً مع توريد الأسلحة إلى بورما دعمأ للمجلس العسكري
  • الإنقلاب العسكري يغرق ميانمار بفوضى عارمة وسط تكثيف أعمال القمع التي أدّت لنزوح عشرات آلاف لا سيما الروهينغا

عام مرّ على انقلاب العسكر في بورما، والذي أطاح بالزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي لينهي عملية انتقال ديمقراطي كانت بدأت قبل عقد من الزمن. المواطنون هناك أحيوا الذكرى الأولى بالصمت، بإضراب على نطاق واسع في كلّ أنحاء بورما.

كبير محققي الأمم المتحدة حول بورما، كشف مؤخراً أنّ أكثر من 1000 شخص قد يكونون قتلوا منذ الإنقلاب العسكري في البلاد، في ظروف يمكن وصفها بأنّها جرائم ضدّ الإنسانية أو جرائم حرب. وأضاف نيكولاس كومجيان الذي يرأس الآلية الأممية للتحقيق المستقل حول بورما، أنّ قوات الأمن اعتقلت آلاف المدنيين في ظلّ ظروف تعسفية وعمليات تعذيب وعنف جنسي، وحتى قتل أثناء الإحتجاز”.

رحلات جوية مشبوهة.. ماذا يفعل الحرس الثوري الإيراني في ميانمار؟

تلك الجرائم تعتبر جرائم ضدّ الإنسانية في بورما، وعلى ما يبدو أنّ تلك الأرقام سترتفع، وأنّ سفك الدفاء لن يتوقف، خصوصاً مع توريد الأسلحة إلى بورما دعمأ للمجلس العسكري.

أثار هبوط طائرات إيرانية في ميانمار تكهّنات بوجود تعاون عسكري سرّي، بما في ذلك مبيعات أسلحة إيرانية حسّاسة محتملة. ذلك الوفد الإيراني الذي هبط في ميانمار، كان إمّا الثاني أو الثالث الذي يزور البلاد منذ استيلاء الجيش على السلطة.

وفقاً لبيانات موقع Flightradar24، فإنّ طائرة مملوكة لشركة طيران الشحن الإيرانية قشم فارس طارت من مشهد، ثاني أكبر مدينة إيرانية، إلى ميانمار في 13 يناير، وكشفت بيانات تعقّب الرحلة أنّ الطائرة عادت إلى إيران قادمة من ميانمار.

في ذلك السياق، يقول مو لـ”أخبار الآن“: كانت هناك رحلتان سريتان إلى ميانمار في الأشهر والأسابيع الماضية، حملتا معدّات دفاعية إلى ميانمار تزامناً مع وجود القوّات العسكرية. لم تكن هناك في الماضي علاقات تجارية أو إقتصادية بين الحكومة الإيرانية وحكومة بورما، كما لم يكن هناك تعاون عسكري أو تنسيق ظاهر للعيان بين البلدين، فبطبيعة الحال التواصل مع بلد في الشرق الأوسط كإيران هو أمر مفاجىء و صدمة كبيرة للعملية الديمقراطية، خصوصاً أنّ المسلمين في ميانمار وملايين الروهينغا اللاجئين يدفعون لمغادرة البلاد، ونحو 500 ألف من الروهينغا يعيشون خائفين من الإبادة الجماعية هنا في ميانمار”.

رحلات جوية مشبوهة.. ماذا يفعل الحرس الثوري الإيراني في ميانمار؟

 

عند إعلان العقوبات، حدّد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية طائرتين مملوكتين لشركة قشم فارس، يبدو أنّ إحداهما المسجلة “EP-FAA” ، كانت الطائرة التي حلقت إلى ميانمار منتصف يناير، وفقاً لخدمات تعقّب الرحلة.

شركة قشم فارس للطيران، التي كانت تعمل في الأصل كشركة طيران تجارية بين العامي 2006 و 2013، استأنفت عملياتها في العام 2017، وقام أسطولها المكوّن من طائرتين من طراز B747 بتشغيل رحلات شحن منتظمة إلى دمشق، لتسليم البضائع، بما في ذلك شحنات الأسلحة، نيابةً عن الحرس الثوري الإيراني – فيلق القدس.

أونغ كياو مو: من الصعب جدّاً تقبّل تدخل دولة مثل إيران ومحاولتها بيع الأسلحة لميانمار في وقت نسعى فيه لإرساء الديمقراطية، وعلى إيران أن تخجل

المصادر التي تراقب الرحلات الجوية الإيرانية الأخيرة، تشير إلى أنّ طهران ربما تعرض تزويد المجلس العسكري في ميانمار بصواريخ موجهة، مع الإشارة إلى أنّ المجلس العسكري في ميانمار، استخدم بشكل متزايد القصف الجوي والهجمات بواسطة طائرات الهليكوبتر ضدّ قوات المقاومة.

ويشير مو إلى أنّه “من الصعب جدّاً تقبّل تدخل دولة مثل إيران ومحاولتها بيع الأسلحة بينما يحاول المجتمع الدولي فرض عقوبات، لذا أنا أقول إنّه من غير اللائق إنسانياً، وذلك أهم من التأثير على المسلمين طبعا،ً القوات المسلحة البورمية محلياً لا تستطيع تمويل أيّ عمل حكومي نظراً لعدم تمتّعها بشرعية محليّة، فمعظم الشعب البورمي لا يريد أن تحكم القوات المسلّحة البلاد، ويريدون إنهاء تلك الديكتاتورية مرّة واحدة وإلى الأبد”.

إيران متهمة بتقديم معدّات عسكرية وأسلحة لأذرعها في المنطقة، والنتيجة واضحة لاسيما في سوريا واليمن ولبنان، تدمير البنية الإقتصادية والأنظمة الديمقراطية في تلك البلاد، ومن هنا يمكن استشراف المستقل لميانمار، التي تعتمد في الغالب على روسيا والصين وكذلك الهند، في تسليحها.

“ثمّة أحداث تاريخية مشابهة حصلت حيث لعبت إيران دوراً في بلدان أخرى في الشرق الأوسط كانت تمرّ بظروف مشابهة وزادت الأوضاع سوءاً”، يقول مو لـ”أخبار الآن“، ويضيف: “فما يحصل ليس مفاجئاً من ذلك المنطلق، فعندما تتدخل إيران ويحاول المجلس العسكري إشراك أولئك الذين لديهم عقلية مماثلة وطرق مماثلة للقيام بالأشياء، أعتقد أنّ ذلك يجعل مستوى القلق عالياً جدّاً ويجب على إيران أن تخجل، وعلى المنظمات الإسلامية أن ترفع الصوت للوصول إلى مرحلة اتخاذ خطوات عملية ضدّ إيران لوضع حدّ لها”.

أونغ كياو مو: ثمّة أحداث تاريخية مشابهة حصلت ولعبت إيران دوراً في بلدان أخرى في الشرق الأوسط وزادت الأوضاع سوءاً لديها، ويجب وضع حدّ لها

تجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2019، كانت فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على طيران قشم فارس، بدعوى نقلها أسلحة إلى الجماعات المدعومة من طهران في الحرب السورية نيابة عن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. كما أنّه تم فرض عقوبات مالية جديدة استهدف أفراداً وكيانين، على ارتباط بالنظام العسكري في بورما.

في المحصلة، أنّ الإنقلاب العسكري أغرق ميانمار في فوضى عارمة، وسط تكثيف العسكر أعمال القمع والعنف التي أدّت إلى نزوح عشرات آلاف الأشخاص، لا سيما من الروهينغا، تلك الأقلية التي يلفظها وظنها.

شاهدوا أيضاً: أفغانية ثائرة تواجه طالبان في شوارع كابول بقوة.. مَنْ هي وماذا تريد؟