فلسطينيون يحملون حماس مسؤولية فقر غزة

  • حمل الناشطون حماس مسؤولية الفقر والبطالة والظروف الاقتصادية والإنسانية القاسية.
  • “خطفوا غزة” حملة فلسطينية على الإنترنت تلقي باللوم على حماس في بؤس القطاع.
  • يقول القائمون على الحملة أن حقوق سكان غزة التي تم مصادرتها من قبل كافة الأطراف السياسية يجب إعادتها.

أطلق فلسطينيون حملةً جديدةً على مواقع التواصل الاجتماعي بوسم #خطفوا_غزة احتجاجاً على طريقة إدارة حماس لقطاع غزة، إذ حملوها مسؤولية الفقر والبطالة والظروف الاقتصادية القاسية، وتزايد إقبال الشباب على الهجرة من غزة بحثاً عن بقعة أخرى من العالم توفر لهم الأمان، بينما سارع أنصار حركة حماس إلى اتهام النشطاء المشاركين في الحملة بالتعاون مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية بهدف إسقاط المقاومة، التي تَعتبر حماس نفسها محورها في القطاع، على الرغم من أن مطالب المشاركين لم تتجاوز تحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع وتوفير فرص عملٍ للشباب.

واتجه منظمو الحملة هذه المرة إلى موقع “توتير” ابتداءً من إطلاق الهاشتاغ وانتهاءً بالمحادثة الصوتية “المساحة” التي باتت أمراً اعتيادي مساء كل يوم، ويشارك بها مئات النشطاء، ليعبروا عن رفضهم للواقع الصعب الذي يعيشونه بسبب سوء إدارة حماس للقطاع، وعدم اكتراثها لهمومهم.

نظمو الحملة معظمهم من الشباب الذين هاجروا هرباً من القطاع بعد أن اعتقلتهم حماس مراراً لاعتراضهم على سياساتها في الحُكم، ومشاركتهم في الحراك الشعبي “بدنا نعيش” الذي قمعته حماس بعنف شديد في مارس/آذار 2019.

أحد القائمين على الحملة، عامر بعلوشة، المقيم حالياً في إسطنبول، والذي كان من القائمين على حراك “بدنا نعيش” واعتقلته حماس ووجهت له تهم عديدة وكانت ستعرضه على القضاء العسكري، لولا تدخل الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية التي حالت دون ذلك، وتم الإفراج عنه وهو باقي النشطاء بشرط عدم المشاركة بالحراك مرة أخرى.

“إن الحملة تأتي في سياق مجموعة حملات تم إطلاقها على مدار السنوات الماضية للتعبير عن الوضع الكارثي الذي يعيشه السكان في القطاع منذ عام 2007”

عامر بعلوشة أحد القائمين على حملة خطفوا غزة

وأكد أن قطاع غزة يعاني من نسب مهولة من الفقر والفقر المدقع والبطالة، ما دفع الأمم المتحدة إلى الإعلان أن قطاع غزة لا يصلح للعيش الآدمي بحلول عام 2020. وقال: “سكان قطاع غزة بحاجة إلى إعادة الاعتبار لمعاناتهم التي لطالما تجاهلها المسؤولون وولاة الأمر”.

وأوضح أن الحملة لن تتخذ أي مسار له علاقة بتحرك شعبي ميداني على الأرض، موضحاً أن الحملة ستبقى إلكترونية قائلاً: “الأمن لا يقبل بمثل هذه التحركات على الأرض”.

غزة

عامر بعلوشة – أحد القائمين على حملة شبابية تتهم “حماس” بسوء إدارة غزة

وبيَّن أن هدف الحملة فقط توصيل رسالة المعاناة، والمطالبة بحقوق الشعب التي سُلبت منه على مدار عقد ونصف من الزمن.

وشدد على أن الكثير من الحملات تأتي بشكلٍ غير منظم أو معد له، لافتاً إلى أن #خطفوا_غزة بدأها مجموعة من الشباب على توتير، للتعبير عن حالة النقم السياسي على حركة حماس في قطاع غزة، مبيناً أن الوسم -قبل اعتماده- كان وسيبقى حالة معارضة سياسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

أهالي غزة لهم كامل الحقوق المعيشية والإنسانية

عامر بعلوشة

حقوق سكان غزة التي تم مصادرتها من قبل كافة الأطراف السياسية يجب إعادتها وفق بعلوشة.

كما استبعد أن تستجيب حماس لمطالب الحملة، إذ تَعتبِر استجابتها لتلك المطالب (خضوع لمجموعة نشطاء)، متسائلاً عن مصير المبالغ المالية التي تجمعها حماس من الضرائب، إذ يعرف المواطن أوجه الجباية ولا يعرف أوجه الصرف، وكيف تدير حماس شؤون البلاد.

واستنكر بعلوشة تحميل حماس مسؤولية الأوضاع البائسة في غزة لإسرائيل، متسائلاً عمن يفرض الضرائب في غزة، ويجمعها، مشيراً إلى أن حماس تشارك الناس في رزقها بشكلٍ غير مبرر، وبدون أي مقابل خدماتي.

وقال: “لا يجوز لحماس أن تبرئ نفسها من المسؤولية، فعليها تحمل مسؤولية القطاع طالما تحكمه، أو تسلمه إلى حكومة أخرى”.

غزة

صيادون فلسطينيون يفرزون ما يشربونه من الأسماك التي تم اصطيادها في شباكهم على طول شاطئ في مدينة غزة ، 29 يناير 2022 – أ ف ب

أما القائم على الحملة حمزة المصري المقيم في الخارج فأكد لـ”أخبار الآن” أنهم انطلقوا بالحملة، لإيصال رسالةٍ للعالم بأن من حق الناس في القطاع العيش بحياة كريمة، لافتاً إلى أن الحملات الممولة التابعة لحكومة حماس بدأت بمهاجمة النشطاء، واتهامهم بالخضوع لأجنداتٍ خارجية. وقال: ” يمنع عليك التحدث في قطاع غزة أو كتابة منشور”.

وبيَّن أنه صدر في حقه ما يقارب الـ 50 فيديو، وأكثر من 20 صورة مدبلجة بهدف اغتياله المعنوي، كما تم تهديد عائلته بالقتل، مؤكداً أنه لن يتوقف عن المطالبة بحقوق الشعب.

وأضاف المصري لأخبار الآن : “مليارات الدولارات التي تصل إلى قطاع غزة لا تصل إلى الفقراء”.

في ذات السياق، أكد الناشط والمشارك في الحملة سليمان البحيصي لـ”أخبار الآن” أن مشاركته في الحملة جاءت بدافع التعبير عن مظلومية ومعاناة أهالي غزة، موضحاً أنه من الطبيعي أن يغرد بالوسم لإيصال الصوت لكل العالم، ولكل جهة مسؤولة عن الشعب في القطاع الذي يعيش في معاناةٍ متراكمة منذ ما يزيد عن 16 عاماً.

وقال: “التغريد لا يخص إنساناً فقيراً بعينه، بل هو واجب أخلاقي ووطني على كل مواطن يشعر بمعاناة الآخرين”.

غزة

حمزة المصري – أحد القائمين على حملة شبابية تتهم “حماس” بسوء إدارة غزة

ولم تكن هذه هي الحملة الأولى التي يشارك بها سليمان، إذ شارك في حراك بدنا نعيش عام 2019، للمطالبة بأبسط الحقوق الإنسانية، وتم اعتقاله.

وأكد أن هدفه من المشاركة هو إيصال صوته للمسؤول المباشر عن القطاع وهو حكومة حماس، ومطالبتها بتخفيف حدة الضرائب عن كاهل المواطن الذي يفتقر للعمل، والعدالة الاجتماعية في الوظائف، لافتاً إلى أن الخريج لكي يحصل على وظيفة في القطاع يجب أن ينال تزكية من مسؤول أو (أمير) مسجد.

شرح أن سقف الحريات متدنٍ جداً، إذ تعرض للاعتقال والمسائلة والتسخيف فقط بسبب مطالبته بالحصول على عمل.

وعن مدى خوفه من الاعتقال مرة ثانية بسبب مشاركته في الحملة قال البحيصي : “مهما تعرضنا للاعتقال فلن نتوقف عن المطالبة بحقوقنا”.

وتابع: “حرية الرأي والتعبير كفلها لنا الدين والقانون”. وأوضح أنهم لا يطالبون حماس بحياةٍ وردية، بل أن توفر لهم حياةً كريمة، وهي أبسط الحقوق المدنية التي قد ينعم بها أي إنسان على وجه الأرض.

وقال: “نريد أن نعيش في نفس مستوى حماس، أو فلتعش حماس في نفس مستوانا”.

وعن رسائله التي يريد توجيهها فكانت لكل مسؤول بأن ينظر إلى الشعب بغزة بنظرة المسؤولية، وأن يقف عند واجباته، لافتاً إلى أن حماس تعيش بمعزلٍ تامٍ عن مسؤوليتها عن مليوني مواطن يعيش في غزة، واصفاً الأمر بغير المنطقي، مطالباً بالمزيد من تسليط الضوء على معاناة الشباب والناس في غزة، والمشاركة بالتغريد على وسم الحملة.

غزة

سليمان البحيصي – ناشط ومشارك في حملة خطفوا غزة

وجاءت تلك الحملة بعد تقريرٍ صدر عن المرصد “الأورومتوسطي” في 24 يناير/ كانون الثاني، أفاد بأن نسبة البطالة وصلت عند نهاية عام 2021 إلى 50.2% وهي من أعلى معدلات البطالة في العالم، بينما شهدت معدلات الفقر ارتفاعاً حاداً إذ وصلت إلى 69% نهاية العام الماضي، مؤكداً أن أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة؛ فقراء.

كما ذكر التقرير أن الحرب الإسرائيلية على القطاع في مايو/ أيار الماضي، تسببت بتدمير مئات المنشآت الاقتصادية، بإجمالي خسائر بلغ نحو 400 مليون دولار.

ويعاني القطاع من نقصٍ حادٍ في المياه، وتهالك البنية التحتية، فضلاً عن سوء معالجة مياه الصرف الصحي، وانقطاع التيار الكهربائي لفترةٍ تزيد عن 16 ساعة يومياً.

كما جرت بعض الأحداث الداخلية التي استفزت مشاعر الغزيين، إذ تُوفى طفل رضيع يبلغ من العمر شهراً واحداً في خانيونس جنوب القطاع بسبب توقف قلبه نتيجة البرد القارص الذي تعرضت له فلسطين الأسبوع الماضي، وفق ما أكد الأطباء.

وفي 27 يناير/ كانون الثاني قتل طفل يبلغ من العمر 14 عاماً، في مكب نفايات جحر الديك شرق قطاع غزة، بعد أن دُفن تحت أكوام القمامة في المكب دون أن ينتبه له عاملوا آليات المكب هناك، إذ اعتاد أن ينبش في القمامة بحثاً عن نفايات بلاستيكية يمكن أن يبيعها ليعتاش منها هو وعائلته، التي حمَّلت بلدية غزة مسؤولية وفاته.