“أردت أن أكون صوت الأشخاص الذين يجدون صعوبة بالغة في جعل أنفسهم مسموعين. يمكن أن يكون هؤلاء أطفالاً، وقد يكونون أشخاصاً ذوي إعاقة، ويمكن أيضاً أن يكونوا مسجونين ومسلوبي الحرية”.

  • 2019 انتخب ديفيد ليغا عضواً في البرلمان الأوروبي وعمل في لجنة الشؤون الخارجية الفرعية لحقوق الإنسان
  • ديفيد ليغا صوت الإيغور الصارخ وربّما ألهم البعض لإعلان ما تقوم به الصين بالمجزرة وآخرهم فرنسا
  • ليغا: على المجتمع الدولي أن يعترف أنّ ما تقوم به بحق الإيغور مجزرة وتحميل الحزب الشيوعي المسؤولية
  • ليغا: المضطّهدون ومسلبو الحريّات يستحقون فرصة في الحياة كما حظيت أنا بفرصة بالمساعدة ذات يوم

هذا ما يعتقد به السويدي ديفيد ليغا الذي تمكن من على كرسيه المتحرّك أن يحقق إنجازات باهرة، بدءاً من حياته المهنية إذ حطّم 14 رقماً قياسياً كسباح عالمي، وصولاً إلى إسماع صوته للعالم بعد دخوله عالم السياسة. لكن لماذا يهتم شخص مثله يحظى برفاهية إجتماعية بقضية الإيغور، ومن أين ينطلق دفاعه عن تلك الأقلية؟

تشغل قضية الإيغور في شينجيانغ العالم، ولو أنّه ليس هناك من خطوات عملية يمكن أن تغيّر واقع تلك الأقلية، نظراً لعوامل عديدة، أوّلها وقع العلاقات التجارية التي تقيمها الصين مع دول كثيرة، والتي تلوي من خلالها ذراع الدولة التي تطلق مواقف سياسية رافضة لسياسة الإضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان في الصين.

في العام 2019 انتخب ليجا عضواً في البرلمان الأوروبي، وعمل في لجنة الشؤون الخارجية ولجنتها الفرعية لحقوق الإنسان. دفخول ليجا ذلك المجال يأتي من كونه حظي بفرصة بمساعدة آخرين كي يكون ما هو عليه اليوم، ومن هنا، فهو يشعر يتوجب عليه رد الجميل، بإعطاء الفرص للآخرين، إنْ كانوا على كرسي متحرك، أم نسلبي الحرية في المعتقلات. وفي ذلك السياق، يندرج دفاعه عن الإيغور، فتجده يأخذ تلك المسألة على عاتقه، في ظل صمتٍ دولي أو تدخل دولي خجول.

يعتبر ليغا أنّ الأشخاص الذين يواجهون المشاكل والمضطهدين وغيرهم، يستحقون فرصة في الحياة، كما حظي هو بفرصة ذات يوم

يقول ليغا إنّ الوضع في شينجيانغ مرعب حقّاً، والمذابح التي ترتكب بحق أقلية الإيغور يجب أن تتوقف فوراً، والهدف من وراء الحملة التي يقوم بها الحزب الشيوعي الصيني هو محاربة التطرّف بعد حصول بعض الحوادث العنيفة، لكن ذلك ليس صحيحاً. الحقيقة هي أنّ النظام أدخل أكثر من مليون إيغوري إلى معسكرات الإعتقال ومنع الإيغور من ممارسة طقوسهم الدينية، وحاول إدخالهم في العقيدة الشيوعية.

يتعرّض الإيغور للتعذيب ومحاولات تغيير عقائدهم وعمليات إجهاض قسرية، يضيف ليغا ويشير إلى أنّ ذلك أدّى إلى انخفاض كبير في نسبة الولادات، فقد شهد معدل المواليد تناقصاً سريعاً في التاريخ الحديث، بما في ذلك الإبادة الجماعية في رواندا والحرب في سوريا، إذاً سياسة التشويه الوحشي تجاه الإيغور والمجازر يجب على المجتمع الدولي أن يعترف أنّها مجزرة ويعتبر الحزب الشيوعي الصيني مسؤولاً عنها.

من على كرسيّه المتحرّك إلى قبة برلمان أوروبا.. ديفيد ليغا صوت الإيغور الصارخ بوجه الصين

ما هي الخطوات التي تطالبون الإتحاد الأوروبي والحكومة السويدية باتخاذها لوقف تلك الإنتهكات لحقوق الإنسان ووضع حدّ لها؟

في ذلك السياق، يقول ليغا: هناك أمور كثيرة بوسعنا فعلها وحتى لو أنّ بعض دول الإتحاد الأوروبي كليتوانيا مثلاً التي اعتبرت ما حصل مع الإيغور مجزرة، لكن للأسف البرلمانات الأوروبية والإتحاد الاوروبي لم يفعلوا ذلك بشكل رسمي، لذا أنا أعمل للإعتراف بتلك المجازر، وسأواصل القيام بذلك، لكن يجب الإعتراف بأنّ الإتحاد الأوروبي قد اتخذ بعض الخطوات المهمّة  للضغط على الصين، فالبرلمان قد منع استيراد كلّ المصنوعات التي تنتجها معامل العمل القسري مثلاً، ومنذ بضعة أشهر أعلنت اللجنة أن ذلك الحظر بات حقيقة، ونحن الآن بصدد صياغة مشروع تفويض جديد يحمل المسؤولية لكلّ شركة على حدى، وهدفه تحريض الشركات على اتخاذ موقف للحدّ من الآثار البيئية مثلاً ولمراعاة حقوق الانسان أثناء عملية الإنتاج كما يمكننا أن نرى أنّ العديد من الدول حول العالم بدأت تأخذ بعض الخطوات أيضاً، مثلا مجلس النواب الأمريكي دعم القانون الذي يفرض حظراً على كلّ الواردات من شينجيانغ إلّا في حال تقديم دليل على أنّ الإيغور لم يجبروا على القيام بذلك العمل.

يتمتّع ديفيد ليجا بجرأة كافية ليدعو الإتحاد الأوروبي لاعتبار ما تقوم به الصين بحق الإيغور مجزرة، وهو موقف فردي لا ترقى إليه الدول بشكلها الرسمي حتى الآن

ويتابع: إذاً هناك أمور عديدة يمكننا القيام بها، أعني العديد من الدول الأوروبية أعلنت المقاطعة الديبلوماسية للألعاب الأولمبية الشتوية التي ستقام في بكين الشهر المقبل، وهذه إحدى الطرق التي يمكننا اتباعها، لكن الأهم هو أن ننسق كيف يجب أن تكون علاقتنا مع الصين، لا يمكننا أن نناقش أموراً كالتجارة والنظام الرقمي من دون التطرق إلى اجراءاتهم القمعية محلّياً وإلكترونياً.

وعن حجم الدعم الذي استطاع جمعه لتعزيز جهوده، ردّ بالقول إنّ الدعم يختلف بحسب اللجان، فنحن نعمل بصورة رئيسية مع لجنة حقوق الإنسان  لجنة الشؤون الخارجية ودعمهم كبير جدّاً، لكن علينا زيادة الدعم في باقي اللجان مثلاً لجان التجارة، لكنّنا حققنا تقدماً وما زلنا نعمل على ذلك، وآمل أن نصل قريباً. أعني إذا اتحد أعضاء الإتحاد الأوروبي، فسيكون موقفهم قوياً، فعندما نتحد نصبح أقوى سوق في العالم، ومعاً فقط يمكننا أن نحدث فرقاً لذا من المهم جدّاً أن نتحد بوجه التهديدات الأجنبية تجاهنا وتجاه حقوق الإنسان.

وعمّا إذا كانت العقوبات يمكن أن تؤدّي إلى نتيجة، يعتقد ليغا بوجوب التشديد على أنّه لا يمكن لأحد وقف الإنتهاكات التي تقوم بها الصين بحق الإيغور باسثناء النظام الصيني نفسه، فالعقوبات لوحدها لا تكفي لوقف عمليات الإبادة، لكنّها تترك أثراً، فهي تشير إلى أنّنا لم ننسَ المجتمع المدني، وتوضح للآخرين كدولة تايوان مثلاً أنّ الإتحاد الأوروبي ليس خائفاً من التحرّك بالرغم من ردّات فعل الصين وتهديداتها.

بإمكان الدول والمنظمات العالمية أن تفرض عقوبات مختلفة عند حصول انتهاكات لحقوق الإنسان، وثمّة عقوبات إقتصادية وديبلوماسية وعقوبات مهمّة تستهدف أشخاصاً معينيين. أمّا لناحية الضغط الإجتماعي، فعلينا أن نستمر في ذلك على قدر ما نستطيع إلى أن تصبح الصين والحزب الشيوعي الصيني عاجزين عن الإستمرار بالقيام بتلك الأعمال الوحشية.

ثمّة العديد من النواب الأوروبيين و السويديين يعتبرون أنّ هناك مصالح بين الصين والإتحاد الأوروبي، وبالتالي لا توجد أي رغبة في إفساد تلك العلاقة، لكن أيضاً ثمّة مَنْ يرى أنّ الإتحاد الاوروبي يمنح شرعية وربّما حتى يدعم الصين للإستمرار في ما تقوم به من خرق لحقوق الانسان، وهنا يعلّق ليغا بالقول إنّ الإتحاد الأوروبي يتخذ إجرءات أكثر صرامة بحقّ الصين على مستويات عديدة، ويجب أن نتذكر أن الإتحاد الأوروبي قد نشأ بعد الأعمال الوحشية التي حصلت خلال الحرب العالمية الثانية، وكيف عاملنا الناس حينها، قلنا حينها إنّ ذلك لن يحصل ثانية وذلك جوهر القيم الأوروبية أنّ حياة كل إنسان مميزة وقيّمة، ما يعني أنّنا يجب أن نتابع ما نقوم به. وكبداية أعتقد أنّ الإعتراف بتلك المجزرة أمر مهم جدّاً، فالكلمات تعني شيئاً والكلمات تحدث فرقاً لوقت طويل، الإعتراف بالمجازر تمّت معالجتها سياسياً في كلّ أنحاء العالم، لذا يجب أن نشدّد على حقيقة أنّه من المهم جدّاً أن تتبع كلّ الدول الأعضاء نفس النهج تجاه الصين.

من على كرسيّه المتحرّك إلى قبة برلمان أوروبا.. ديفيد ليغا صوت الإيغور الصارخ بوجه الصين

ليغا: لا يمكننا أن ندين انتهاكات الصين الإنسانية، ومن ثمّ نقيم معها اتفاقات إقتصادية تفتح أمام الصين الأسواق الأوروبية

يشير ليغا إلى أنّ كلّ سياسات الإتحاد الأوروبي يجب أن تصبّ في مصلحة الدفاع عن حقوق الإنسان، ويجب أن ننتهز كلّ فرصة لنضغط على الصين بسبب خرقها لتلك الحقوق، لا يمكننا أن ندين انتهاكات الصين الإنسانية، ومن ثمّ نقيم معها اتفاقات إقتصادية تفتح أمام الصين الأسواق الأوروبية، والكاي مثال على ذلك فهو اتفاق اقتصادي تمت المصادقة عليه بعد عقوبات الإتحاد الأوروبي بحق الصين، يجب أن نتابع عملنا نحن بحاجة إلى الإستمرار في القيام بذلك، وإثبات أنّ ذلك النهج في التعامل مع الصين يحمل صكاً دولياً للمشتريات من المعهد الدولي للسلام، حيث يضع نوعاً من التوازن في العلاقة الإقتصادية مع الصين من خلال منح ميزة للإتحاد الأوروبي للتفاوض بشأن وضع أسس لفكرة المعاملة بالمثل في ما يخص المشتريات العامة في البلدان الثالثة، ومن دون أدنى شك العقوبات الديبلوماسية ضدّ الصين في ما يخص مقاطعة الألعاب الأولمبية الشتوية، فنحن نريد أن يربح رياضيونا الميداليات لكنّنا لسنا بحاجة لأن نسمح لقاداتنا السياسيين المشاركة في الحملات الدعائية لتلك الألعاب.

لكن ما هو وضع الحكومة السويدية في مسألة الإيغور؟

لسوء الحظ الحكومة السويدية ضعيفة جدّاً لاتخاذ أيّ قرار ضدّ الصين أو إدانتها  الآن، يقول ليغا ويضيف: لن يشاركوا في الألعاب الأولمبية الشتوية، وبدل أن يقولوا إنّها مقاطعة ديبلوماسية، يقولون إنّهم لن يشاركوا بسبب كوفيد، وعندما يقولون ذلك فهذه ليست مقاطعة بل هم يقوّون موقف الصين عبر القول إنّ بياننا هو أنّنا لن نصدر أيّ بيان، وذلك حقاً مؤسف.

ويتابع: هناك ضغوطات في كلّ بلد، لذا من الصعب تحديد ذلك، آمل أن لا يشارك أحد في الألعاب الأولمبية مثلاً، لكنّني آمل أيضاً أن يتجرأ معظمهم ويردوا سبب ذلك إلى طريقة معاملة الإيغور والوضع في تايوان والوضع المزري في هونغ كونغ، بدل التذرع بحجة كوفيد لأنّ ذلك يقوّي موقف الصين. 

 نحن بحاجة لإدراك مدى قوّة الإتحاد الأوروبي، ويجب أن نركّز على الأمور التي نستطيع أن نحدث فرقاً من خلالها كالتجارة وحرية التحرك والتغيير المناخي وحقوق الإنسان

أظن أنّ كلّ دول العالم باتت تدرك أكثر وأكثر خطورة تهديدات الصين وإيران، وهما لا تشكلان خطراً في المنطقة فحسب بل على العالم بأسره، فما شهدته الدول المجاورة لإيران على مرّ السنوات الماضية، يشهده العالم كله الآن. كما ذكرت في البداية الوضع مخيف الواقع الذي يعيشونه الآن من معسكرات العمل العقم القسري فليس هناك اية ولادات جديدة تقريبا و فكرة أن يكون لديك معسكرات إعادة تأهيل هي  ليست في الحقيقة سوى معسكرات اعتقال و على العالم ان يتخذ مواقف اكثر صرامة.

يعتقد ليغا أنّه إذا اتحد العالم على المستوى العالمي وليس فقط أوروبا والولايات المتحدة، فذلك سيكون أفضل للعالم، عندما يمكننا فعل ذلك بقيمنا المشتركة لحقوق الإنسان والكرامة، ستكون تلك خطوة مهمّة جدّاً وأنا أرحب بكلّ دولة للإنضمام إلى ذلك.

يعتبر ليغا أنّ الأشخاص الذين يواجهون المشاكل والمضطهدين وغيرهم، يستحقون فرصة في الحياة، كما حظي هو بفرصة، لكن في النهاية يتوقف الأمر عليك كي تكون النسخة الأفضل من نفسك، يقول ليغا.

شاهدوا أيضاً: محنة الإيغور.. وثائق تفضح الرئيس الصيني و”غوان” يخترق أسوار شينجيانغ