وصف الخبير الإقتصادي معز الجودي الوضع الإقتصادي والمالي في تونس بالحسّاس والمتردّي للغاية، مشيراً في حديث لـ”أخبار الآن” إلى أنّ البلاد تشهد صعوبات عديدة على مستوى ميزانية الدولة وعجزها، وعلى مستوى التوازنات المالية، وعلى مستوى الميزان التجاري وميزان المدفوعات.

  • العجز في الميزان التجاري لتونس بلغ ذروته في الأعوام الأخيرة إذ بلغ نحو 20 مليار دينار 
  • دعوة لاتحاد الشغل في تونس للإبتعاد عن التجاذبات السيياسية والاهتمام بالإقتصاد
  • صندوق النقد الدولي يطالب تونس بإجراء إصلاحات ضرورية وبنيوية للشروع بالمساعدة

وقال: “إضافةً إلى ذلك، فأنّ نسبة المديونية أصبحت كبيرة جدّاً، وقد تجاوزت نسبة االـ 100 % من الناتج المحلي. وشهدت تونس مؤخراً نسبة تضخم وصلت إلى حدود الـ 6.6 % نهاية العام 2021، مع نمو ضعيف للإقتصاد.
ولفت الجودي إلى هناك مشاكل سياسية عديدة وصعوبات على مستوى الإستقرار وتطبيق القانون وحوكمة عجلات الدولة، فيما على مستوى الأحزاب السياسية هناك البعص منها، يُعتبر فاسداً وخرّب البلاد ولم يحسن إدارة شؤونها، مع وجود تجاذبات واختلافات سياسية عديدة في غيرها.

وأوضح أنّ هناك اختلافات كبيرة بين الإتحاد العام التونسي للشغل والحكومة الحالية، حول البرامج الإصلاحية بالدرجة الأولى، فتونس اليوم بحاجة إلى تمويل خارجي لا سيما من قبل صندوق النقد الدولي الذي يشترط على تونس القيام بمجموعة من الإصلاحات، منها: الإصلاح في الوظيفة العمومية، الإصلاح في منظومة الدعم، الإصلاح الجبائي، إصلاح المنظومة البنكية والمالية، إصلاح عميق على مستوى المؤسسات العمومية… وذلك ما يرفضه الإتحاد لأنّه يرى أنّ في ذلك جانباً ليبرالياً يهضم نوعاً ما حقّ العمّال. وأضاف أنّ “الوضع صعب للغاية لأنّ الحكومة الحالية تقع ما بين مطرقة صندوق النقد الدولي، وسندان الإتحاد العام التونسي للشغل والشركاء في الداخل”.

عجز تونس التجاري في الذورة.. ودعوة لاتحاد الشغل بالإبتعاد عن التجاذبات السياسية

دعوة للقيام بخطوات عملية

وإذا أشار إلى أنّ الإتحاد العام التونسي للشغل هو هيكل عريق في المنظومة السياسية والإجتماعية، قال الجودي لـ”أخبار الآن“، إنّه “يعاني من تجاذبات عديدة حتّى من الداخل، إذ أنّ هناك تيارات سياسية تخترقه، وثمّة حسابات سياسية ضيقة، وبالتالي نعم يمكن للإتحاد أن يلعب دوراً سياسياً، لكن في الوقت نفسه أن ينتبه إلى الواقع الإقتصادي. إنّ الحكومات المتتالية حكومات ضعيفة، ومن هنا وجد الإتحاد نفسه في مركز قوّة، يدافع عن العمال والإجراء ويعتبر نفسه مشاركاً في ثورة العام 2011، لكن اللوم يبقى على الحكومة لأنّها هي التي تمثّل الدولة، فيما الحكومة الحالية لا تملك برنامجاً واضحاً وأهدافاً، فحتى الآن لا نعرف توجهات الحكومة وبيانها، وهي تفتقر إلى النفس الإصلاحي، ما أسفر عن ارتباك حكومي دفع لأن يكون الإتحاد في مركز القوّة”.

وأوضح أنّ “هناك مشاكل على مستوى التجارة الخارجية وعلى مستوى العجز، فالعجز في الميزان التجاري كبير جدّاً ويتفاقم من عام إلى آخر، وقد انخفضت صادارات تونس لا سيما في الفترة الأخيرة بسبب نقص على المستوى الإنتاجي، مقابل ارتفاع حجم الواردات خصوصاً من الصين وتركيا. العجز الأعلى هو مع الصين تليها تركيا، فيما المواد التي نستوردها منهما تقوم تونس بتصنيعها أو ثمّة مواد شبيهة بها، وبالتالي فلسنا بحاجة لاستيرادها، وهناك علامة استفهام حول الإتفاقية التجارية مع تركيا التي يكتنفها الإختلال، ذلك العجز الكبير مكلف جدّاً بالعملة الصعبة ويضرُّ باقتصاد تونس.

الجودي: في الأعوام الأخيرة، وصل عجز تونس في الميزان التجاري إلى 20 مليار دينار، أي ما يعادل 7 مليار دولار، وهو رقم مهول.

وكشف الجودي أنّ “العجز التجاري مع الصين يبلغ من 3 إلى 4 مليار دينار، وفي الفترة الأخيرة ارتفع ذلك العجز في الميزان التجاري، أمّا العجز مع تركيا فما بين 1.5 و2 مليار دينار، وفي ذروة التجارة الخارجية يصل إلى 3 مليار دينار وأكثر في بعض الأحيان. في الأعوام الأخيرة، وصلت تونس إلى عجز في الميزان التجاري إلى 20 مليار دينار (يعادل 7 مليار دولار)، وهو رقم مهول”.

وتابع: “الإتحاد الذي يرأسه نور الدين الطبوبي كان انتقد في العديد من المناسبات ذلك العجز في الميزان التجاري، لكن في الوقت نفسه على الإتحاد أن يطرح البديل والحلول ويشجع الإنتاج، والكف عن الإعتصامات والإضرابات في بعض الإحيان. من حقّه أن ينتقد الآداء الحكومي وأن يكون له دور، لكن يجب أن يلعب دوراً على مستوى الإنتاج وأن يقوم بالعمل المثمر”.

ودعا الجودي في حديثه لـ”أخبار الآن” الإتحاد العام التونسي للشغل في تونس إلى أن يتحلى بالمزيد من المرونة، وأنّ يبتعد عن التجاذبات السياسية والعقائدية والإيديولوجية، كما أنه عليه أن يكون متفهماً ويطوّر مقارباته على المستوى الإقتصادي، وأن لا يحصر دوره في العمل على زيادة الأجور لأنّ ذلك يؤدّي إلى تضخّم كبير، وبالتالي أن يراعي طبيعة المرحلة الصعبة وأن يعمل على إيجاد برنامج إنقاذ، والتعامل مع المؤسسات الدولية والإصلاحات لما فيه مصلحة تونس.

شاهدوا أيضاً: بحارة تونس بوجه الغزو الصيني