أقلية الإيغور.. لم يعد ذكر ذلك العرق من الأمور التي يستغربها العالم، فقضية هؤلاء في إقليم شينجيانغ شمال غرب الصين، لا تغيب عن الجدل السياسي الدولي، ولا عن صفحات الصحافة العالمية والعربية… ناشطون ومنظمات حقوقية رائدة لا يتوقفون عن نشر الوقائع ومناشدة العالم، فيما الناجون وعائلات الضحايا يعتبرون أهم توثق لتلك الإنتهاكات. إذاً ما الجديد الذي نكشفه في فيلمنا الوثائقي هذا.

  • محكمة الإيغور في لندن تؤكّد أنّ الحزب الشيوعي الصيني يقوم بعملية إبادة جماعية بحق تلك الأقلية
  • الصيني غوان غوان يوثق توسّع معتقلات الإيغور في شينجيانغ متعمداً على صور الأقمار الإصطناعية
  • وثائق سرية تفيد بأنّ عمليات القتل بحق الإيغور تحصل بأمر من رأس القيادة الصينية ومسؤولين حكوميين
  • الوثائق السريّة مهمّة لأنّها تُظهر روابط بين مطالب القيادة الصينية عام 2014 وما حدث لاحقاً في شينجيانغ
  • رايتس ووتش: نحتاج لمزيد من الضغط الديبلوماسي لتجريم مسؤولين صينيين لارتكاب جرائم ضد الإنسانية 

 

في 9 ديسمبر أصدرت محكمة الإيغور، وهي محكمة مستقلّة مقرّها لندن، قراراً أكّد أنّ الحزب الشيوعي الصيني يقوم بعملية إبادة جماعية لمسلمي الإيغور. وقالت مسؤولة ملف الصين في منظمة هيومن رايتس ووتش صوفي ريتشاردسن، لـ”أخبار الآن“، إنّ رئيس محكمة الإيغور أصدر  حكماً مفاده أنّ مسؤولين من الحكومة الصينية مذنبون بتهم جرائم إبادة بحق الإنسانية، وانتهاكات أخرى في مجال حقوق الإنسان. وتابعت: “من المهم أن نلفت النظر إلى أنّ تلك المحكمة هي هيئة مستقلة، ولا تملك مكانة قانونية، لكن مواقفها تأتي من قاعدة أخلاقية وأدبية معينة، وقد استمعت إلى شهادات مئات الضحايا والخبراء… ولا شك أنّ عملية التقييم التي قامت بها متزنة جدّاً”.

البحث عن معسكرات اعتقال الإيغور في شينجيانغ

غوان غوان (guanguan) هو شاب صينيي يملك حساباً في موقع يوتيوب، يوثّق فيه بالعادة مواضيع مختلفة يجدها مثيرة للإهتمام.

ذات يوم، قرر الشاب الصيني الذهاب إلى إقليم شينجيانغ، حيث أنشأت الحكومة الصينية في السنوات الأخيرة العديد من معسكرات الإعتقال، لسجن أقليات عرقية محلية ومنهم الإيغور. وأتى ذلك القرار أتى بعد قراءة واطلاع معمّقين على الةاقع في الإقليم.

اعتمد غوان غوان في رحلته داخل إقليم شينجيانغ على صور التقطت بواسطة الأقمار الإصطناعية، وراح يصّور رحلته تلك، مستكشفاً ما تخفيه السلطات الصينية في ذلك الإقليم، ليعود بمقطع فيديو من 20 دقيقة، يُظهر أكثر من 10 مرافق احتجاز في شينجيانغ، ما يشكّل أدلّة جديدة على اضطهاد الصين للأقليات، ويجدّد النقاش حول حملة الصين الواسعة النطاق ضدّ الإيغور.

الأكاديمي الألماني أدريان زانز الذي يهتم بملف الإيغور، قال لـ”أخبار الآن“، إنّ غوان غوان شجاع جدّاً، وما قام به مهم للغاية، فهو يظهر ما نراه عبر الأقمار الإصطناعية، سجون كبيرة وواسعة، معسكرات موقتة توسّعت أيضاً بشكل كبير، وقد استطعنا رؤية ذلك في الوثائق الحكومية خصوصاً عبر الأقمار الصناعية. ذلك يعكس حقيقة ما نراه عبر الأقمار الإصطناعية. في الواقع، استطعنا رؤية البنايات وأبراج المراقبة بأسوار وأسلاك شائكة، كاميرات الشرطة على الطرقات، مراكز الشرطة، ورأينا أيضاً أنّه لا يزال يوجد عدد كبير من الناس في المعسكرات والسجون في شينجيانغ”.

“لماذا لا أذهب أنا إلى شينجيانغ”!

يقول غوان غوان في الفيديو: “زرت شينجيانغ مرّة واحدة في العام 2019 في رحلة على الدراجة، لكن الغرض من زيارتي هذه المرّة مختلف تماماً. قرأت قصة على BuzzFeed News، حدّد فيها الصحافيون مواقع العديد من الإحتجاز… المراكز في شينجيانغ من خلال مقارنة صور الأقمار الصناعية”.

وأضاف: بسبب القيود التي تفرضها الحكومة الصينية، من الصعب على الصحافيين الأجانب أن يصلوا إلى شينجيانغ من أجل إجراء مقابلات. فكرت في نفسي إنّه إذا كان ذلك صعباً على الصحافيين الأجانب، فأنا استطيع. بالإضافة إلى ذلك، كنت أريد القيام ببعض الفيديوهات في المناطق الريفية والحضرية، وهو تسجيل بعض الأشياء المفيدة، فمقاطع الفيديو لم تعد تقتصر على التسلية”.

كلّ شيء في أورومتشي كان يدلّ على مرافق الإحتجاز في شينجيانغ، وكُتبت شعارات عن الإصلاح على جدران بعض المباني

الأكيد أنّ ثمّة مخاوف كبيرة على حياة غوان غوان بعد تصوير ذلك الفيديو، الذي أثار القلق بشأن حملة الصين على الأقليات العرقية. ويقول الباحثون إنّ تلك المقاطع تقدّم أدلّة جديدة.

زار غوان غوان عدداً من المناطق مستقلاً سيارته، وبدأ رحلته في مدينة هامي الشرقية، ثمّ مقاطعة موري الكازاخية ذاتية الحكم في شينجيانغ.. وهكذا دواليك، لكن عندما وصل إلى أورومتشي، عاصمة شينجيانغ، كان عدد منشآت أبراج المراقبة مع الأسوار العالية ذات الأسلاك الشائكة، لافتاً للغاية. كلّ شيء في أورومتشي كان يدلّ على مرافق الإحتجاز في شينجيانغ، وقد كُتبت أيضاً شعارات عن الإصلاح على جدران بعض المباني.

أليسون كيلينج، وهي مهندسة معمارية عملت مع BuzzFeed News لإنشاء خريطة من صور الأقمار الصناعية للمعسكرات، علّقت على تلك الصور قائلةً إنّ المعلومات الجديدة من الفيديو، تؤكّد ما يحدث في شينجيانغ. وأضافت أنّ فيديو غوان غوان يساعد في تأكيد ما إذا كانت العديد من المنشآت عبارة عن سجون أم مراكز احتجاز.

وأوردت كيلينغ في سلسلة تغريدات لها في سياق المقارنة، صوراً من فيديو غوان غوان، وأرفقتها بالصور التي التقطت بالأقمار الإصطناعية، شارحةً الأماكن التي زارها الشاب الصيني بالاستناد إلى الدراسة التي عملت عليها، والتي تؤكّد أن دائرة المعتقلات توسّعت في إقليم شينجيانغ.

 

 

وفي معرض تعليقها على تلك الصور، قال ريتشاردسن لـ”أخبار الآن“: “لسنا مخوّلين التأكيد على تلك المعلومات، لكنّنا قمنا بأبحاث عديدة خاصة بنا، سواء من خلال إجراء مقابلات مع أشخاص اعتُقلوا تعسّفاً في ما يسمّى معسكرات إعادة التأهيل، أو من خلال كشف تطبيقات استعملتها السلطات في المنطقة لتعقب الإيغور تعسّفاً ولاعتقالهم بعيداً عن أيّ عملية قانونية. إذاً هناك الكثير من الأدلّة التي تبيّن تحرّكنا ضدّ السلطات”.

وتشير التقديرات إلى أنّ غوان غوان حمّل الفيديو على قناته على YouTube في فترة ليست بعيدة، لكن يُعتقد أنّه ذهب إلى شينجيانغ وصوّر تلك المنشآت في العام 2020.

لكن بغض النظر، يمكن القول إنّه مرّة جديدة، يهزم مقطع فيديو دعاية الدولة الصينية والمعلومات المضللة عن الإيغور السعداء. إلّا أنّ الضربة على رأس الحزب الشيوعي الصيني لم يكن فقط ذلك الفيديو، فقد تزامن ذلك مع تسريب وثائق تثيبت تورّط الرئيس الصيني شي جين بينغ بعمليات قمع الإيغور.

الإضطهاد والقتل بأمر الحاكم شي جين بينغ

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

بالتوازي، أفادت وثائق سرّية مسرّبة حصل عليها الأكاديمي الألماني أدريان زانز، بسعي الحكومة الصينية لفرض تغييرات ثقافية وديمغرافية بحق الإيغور. وتضمّنت الوثائق تعليمات من قيادات الحزب الشيوعي الحاكم، بإعادة تثقيف الإيغور وإعادة توطينهم، لتصحيح عدم التوازن بين أقلية الإيغور وعرق الهان في إقليم شينجيانغ.

وأوضح زانز لـ”أخبار الآن” أنّ الوثائق المصنفة سريّة للغاية، تحمل أهمية كبيرة لأنّها تُظهر روابط متعددة بين مطالب القيادة الصينية في العام 2014، وما حدث لاحقاً في شينجيانغ. وأضاف: الوثائق تتضمن مجموعة من 11 ملفاً وما مجموعه 317 صفحة، منها 300 صفحة فريدة من نوعها تتضمن خطابات سرية للغاية لتشي جين بينغ، وخطابات سرية أخرى لقادة  في الحكومة المركزية، رئيس الوزراء وبعض المسؤولين في شينجيانغ، و3 وثائق رسمية مركزية حول مواضيع مختلفة وجميعها أوراق سرية.

الرئيس الصيني شي جين بينغ كان أكّد في خطاب ألقاه في العام 2014، أنّ مشروع الحزام والطريق يتطلب بيئة أمنية محلية مستقرة، ولفت إلى أنّ الأمن القومي للصين بأكملها، وتحقيق الأهداف الرئيسية للبلاد في القرن الحادي والعشرين، سيكونان في خطر إذا لم تتم السيطرة على الوضع في جنوب شينجيانغ.

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

وثيقة تفيد بأنّ الحملة القمعية القاسية التي شنتها بكين مؤخراً في شينجيانغ مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأهمية الجيوسياسية المتزايدة- وثائق مسربة

وطالب شي جين بينغ في خطابه، بأنّ تنخرط المنطقة في معركة شاملة لمنع الأنشطة الإرهابية في شينجيانغ من الانتشار إلى بقية الصين، وفق تعبيره، مجادلاً بأنّ الإستقرار في كلّ أنحاء شينجيانغ، وحتى في كلّ أنحاء البلاد، يعتمد على شينجيانغ، داعياً إلى ضربة ساحقة إستباقية.

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

وثيقة تؤكّد وجوب تنفيذ بحزم وحزم روح سلسلة خطابات شي جين بينغ… “مجموعة الضربة القاضية”- وثائق مسربة

ويقول زانز: تظهر تلك الوثائق أنّ شي جين بينغ شخصياً أصدر الأوامر للمسؤولين في شينجيانغ  بالإعتقال والقتل، وادّعى بأنّه على المجتمع أن يحصل على نوع من الحصانة ضدّ التطرّف الديني، وهو قصد الدين بشكل عام وليس ما نعتبره نحن تطرّفاً، وحتى الدين في الزواج وفي مراسم الدفن، حتى ما نعتبره الشكل العرفي للإسلام، اعتبر أنّ المجتمع يجب أن يكون محصّناً منه لأنّه يعتبر الإسلام كنوع من الأمراض أو الوباء.

وتابع أنّ الأولاد يجب أن يسجلوا في مدارس داخلية وأن يكبروا فيها، وذلك ما حصل فعلاً لاحقاً عندما فصل الأولاد عن أهاليهم، وبعد التوسّع الكبير في بناء المدارس الداخلية. كما تطرق إلى موضوع العمل والتوظيف، وقال إنّ التوظيف في المصانع هو أمر جيّد لأنّ الأقليات العرقية يمكن أن تتكيف مع الثقافة الصينية بهذه الطريقة، وتقوي مناعتهم ضدّ تأثير الأديان.

وأشار إلى زانز إلى أنّ شي جين بينغ تحدّث بإسهاب عن الحاجة لتعزيز أسلوب الحياة العلمانية، وغيره من القادة في الحكومة كرئيس الوزراء ليه كي تشانغ ذكر أيضاً الحاجة إلى توسيع نطاق النقل المنتظم للأقليات العرقية من شينجيانغ لمناطق أخرى شرق الصين للدراسة والتوظيف.

زانز: تظهر تلك الوثائق أنّ شي جين بينغ شخصياً أصدر الأوامر للمسؤولين في شينجيانغ  بالإعتقال والقتل

في إحدى الوثائق يقول شي جين بينغ إنّ نسبة السكان وأمن السكان أسس مهمة لتحقيق السلام والإستقرار على المدى الطويل، وقد جرى نقل هذا البيان حرفياً من قبل مسؤول كبير في شينجيانغ في يوليو 2020، والذي شدّد على أنّ نسبة السكان من عرق الهان قد أصبحت منخفضة جدّاً في الإقليم.

وفي هذا السياق، يقول زانز: بحوزتنا أيضاً روابط يتحدث فيها شي جين بينغ عن سياسة الحد من النسل في جنوب شينجيانغ، فعدد الأولاد يجب أن يكون متساوياً إذا جاز التعبير، والتعبير نفسه استخدمه في وثيقة حكومية أخرى سرية أيضاً ضمن تلك الملفات، وتلك الوثيقة الحكومية تقول إنّه على الولايات زيادة حصة اليد العاملة جنوب شينجيانغ ونقل 300 ألف صيني بينهم الايغور بحلول العام 2022.

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

وثيقة تفيد بوجوب تغليب عرق الهان على عرق الإيغور في أقليم شينجيانغ -وثائق مسربة

وشددت على حصول تساو في النمو السكاني، ونحن قد شهدنا التدني المخيف في نسبة الولادات عند الإيغور والإقتباس الدقيق من شي جين بينغ، قوله إنّ التركيبة السكانية وأمن السكان الذي يتضمن الأقليات العرقية يرتبط بأمن شينجيانغ وأمن الصين القومي، وذلك تعبير قاس لأنّه الآن أصبح يوجد علاقة  بين الإنخفاض الكبير في المعدلين والأهداف لتحسين النمو السكاني عبر زيادة مشاركة اليد العاملة وخفض حصة الأقليات العرقية، حصة الأقليات الإسلامية لتحقيق المستوى الأمثل للسكان وذلك يمكن ربطه بوثيقة حكومية سرية تعود للعام 2017 ولما قاله شي جين بينغ في العام 2014  في خطاب سري.

في أواخر العام 2016، وقبل تنفيذ مجموعة من الإجراءات غير المسبوقة في شينجيانغ، تمّ تسليم طلبات قادة الحزب الشيوعي إلى كوادره في الإقليم، باعتبارها مواد بحثية مهمّة يجب دراستها وإعداد الطرق المناسبة لتطبيقها على أرض الواقع.

وتشير التقارير الحكومية إلى أنّه في فبراير 2017، قبل أسابيع فقط من بدء حملة الاعتقال، خضع كبار المسؤولين في المحافظات والمقاطعات بالإقليم لجدول دراسة مكثف لاثنين من خطابات شي لمدة ساعتين على الأقل كل أسبوع.

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

وثيقة تفيد بأنّ “حملة شينجيانغ للإعتقال الجماعي بدأت فور دخول اللائحة حيز التنفيذ” – وثائق مسربة

وفي وثيقة أخرى، أمر سكرتير الحزب الشيوعي في شينجيانغ، تشين تشوانغو المسؤولين شخصياً، باعتقال كلِّ من يجب اعتقالهم، قائلاً إنّ مرافق إعادة التعليم المهني في المنطقة يجب تشغيلها بثبات لفترة طويلة.

وعن تقييمه للوثائق المسرّبة، قاال زانز: أنا أعتقد أنّه للمرّة الأولى تتسرب هكذا تصريحات سرية للغاية لرئيس صيني، وفي تلك الحالة شي جينغ بينغ للعلن، السرية القصوى هي أعلى درجات السرية في النظام الصيني، أعتقد أن ذلك أمر ملفت والذي سرّب تلك الوثائق هو في دائرة الخطر ويجب تقدير ما فعله. وذلك يدل على أنّه من الممكن الحصول على معلومات مهمة من داخل الحكومة الصينية، كما يظهر في المعلومات التي كانت تحاول الحكومة الصينية أخفاءها عنا.

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

وثيقة تفيد بأن نسبة سكان الهان في جنوب شينجيانغ منخفضة للغاية، وهي أقل من 15٪ – وثائق مسرّبة

الوثائق السرية التي تحدّثت عن وجود اختلالات حادة في الديمغرافيا، تفيد بأنّه من كان المفترض نقل أكثر من 300 ألف شخص من عرق الهان، إلى شينجيانغ بحلول العام 2021، وذلك بحجة العمل لصالح شركة شينجيانغ للبناء والمقاولات، وهي كيان شبه عسكري.

ريتشاردسن: نريد ضغطاً أقوى من أجل تجريم مسؤولين صينيين

وقالت ريتشاردسن: أمضينا 20 عاماً في توثيق كلّ ما حصل بدءاً من عمليات الإختفاء القسري انتهاءً بالقيود المفروضة على الذين في تلك المنطقة، لكن في السنوات القليلة الماضية، أي منذ أن بدأنا التحرك ضدّ الحملة الصينية لاستهداف التطرف وهي حملة شرسة تنفذها الحكومة الصينية في كافة أنحاء المنطقة الخاصة بالإيغور وتبريرها لسياساتها المجحفة، لقد جمعنا إثباتات من أشخاص اعتقلوا في معسكرات الإعتقال التعسفي وتعرّضوا للتعذيب كي يُجبروا على التخلّي عن إسلامهم أو على التوقف عن التحدّث بلغة الإيغور، أو تعرضوا لانتهاكات أخرى أو عانوا الأمرّين من تلك الحملة خارج المعسكرات، وقد أوضحوا بالتفاصيل وعلى نحو كبير مسؤولية الحكومة الصينية في تنفيذ اعتقالات تعسفية بحق عدد هائل من الأشخاص خارج أي عملية قانونية”.

وعمّا إذا كان يمكن أن تكون العقوبات على الصين مفيدة، ردّت ريتشاردسن بالقول لـ”أخبار الآن“: أعتقد أنّ العقوبات قد تكون مفيدة إنْ وجّهت ضدّ مسؤولين حكوميين ثبت تواطؤهم في قمع الإيغور، لكن أيضاً ضدّ شركات أو هيئات حكومية تشارك في القمع في المنطقة. مثلاً العام الماضي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مجموعة شينجيانغ للانتاج وللبناء، وهي هيئة حكومية عسكرية واقتصادية عملاقة ومزيفة خاصة بتلك المنطقة ومضطلعة بقوة بالإقتصاد السياسي فيها، لذلك وجدنا أنّ أسرع ضغط عليها يكون عبر فرض قيود على الشركات التي تعاملت معها المجموعة  لعزلها، وذلك برأينا يشكل أداةً فعالة في عزل الجهات المسؤولة عن القمع المروع هناك.

كما أنّنا رأينا عدداً من النواب وبعض المسؤولين الحكوميين لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية يستعملون عبارة جرائم ضدّ الإنسانية وإبادة لوصف السياسة الصينية تجاه المنطقة الخاصة بالإيغور. ما نودّ أن نراه حقاً هو ليس بعض الإشارات الرمزية فقط على غرار المقاطعة الديبلوماسية لألعاب بكين الأولمبية عام 2022، لكن أبعد وأهم منها، مثل الضغط الديبلوماسي والقانوني القوي لتذليل العقبات التي تحول دون تجريم مسؤولين صينيين بارتكاب جرائم بحقّ الإنسانية ومساءلتهم في محاكم قانوينة ملزمة، وتلك هي الخطوة الدقيقة المرتقبة.

محكمة الإيغور.. ماذا بعد قرار تجريم الصين؟

تلك الوثائق كاملة كان تمّ تسليمها في سبتمبر على شكل ملفات رقمية إلى محكمة الإيغور، وهي محكمة مستقلة مقرّها لندن، لكن لم يتم نشرها بالكامل للحفاظ على أمن وسلامة الجهات التي تقف وراء تسريبها. تلك المحكمة تواصلت مع زانز وكلفته التحقّق من صحة تلك المستندات، التي تظهر أنّ أيّ عملية قتل حصلت في شينجيانغ كانت بأمر وبطلب، من شي جين بينغ وغيره من القادة في الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء.

روشان عباس، وهي شقيقة الطبيبة الإيغورية غولشان عباس المعتقلة في شينجيانغ، قالت لـ”أخبار الآن“، إنّ قرار محكمة الإيغور في لندن كان له وقع حلو ومر في الوقت نفسه… أنا أحارب من أجل شقيقتي الدكتورة غولشان عباس منذ أكثر من 3 سنوات. قرار المحكمة مؤخراً أعاد التأكيد على كلّ العذاب الذي عاناه المسلمون الإيغور في تلك اللحظة، اليوم يمكن لكل إيغوري مسلم أن يشعر بالدعم.

محنة الإيغور في شينجيانغ.. فضائح الصين بين التصوير والتسريب

الناشطة الإيغورية روشان عباس تحمل صورة شقيقتها الطبيبة غولشان عباس المعتقلة في شينجيانغ

وتابعت روشان وهي شاركت في جلسة المحكمة: ماذا يمكننا أن نفعل بذلك الحكم الصادر؟ نعم إنّه يوم للإحتفال، لكنه أيضاً يوم لحساب الحزب الشيوعي الصيني الذي لا يمكنه بعد الآن أن يختبىء وراء الأكاذيب والمعلومات المضللة أو جهل العالم. إنّ الحزب الشيوعي الصيني ينفّذ إبادة جماعية نشطة. لقد تحملنا عبء الإثبات، وقد قام الشهود والخبراء بعملهم بشكل جيّد للغاية… لقد أوصلتنا شجاعتهم ودعمهم إلى تلك اللحظة.

وأضافت: الآن يجب أن نسال ما الذي سيفعله الآخرون، يجب أن نسأل ما الذي سيفعله أخواننا وأخواتنا المسلمون… نحن نسأل الحكومات الدولية والشركات الدولية والعالمية، والهيئات الحكومية الدولية، ماذا سيفعلون! لا يمكن أن يكون هناك عمل مع حكومة مشاركة في الإبادة الجماعية، ولا دورة ألعاب أولمبية لحكومة متورّطة في الإبادة الجماعية، ولا شرعية لحكومة متورّطة في الإبادة الجماعية. يجب أن نرسل رسالة مفادها أنّهم لا يستطيعون الإفلات من جرائمهم ضدّ الإنسانية، وأن الإبادة الجماعية غير مقبولة للمجتمع الدولي وزعماء العالم، وأنّهم سيحاسبون، وأنّ وقتهم سيأتي عندما يتعيّن عليهم أن يحاسبوا على جرائمهم. إنّني أتطلع إلى بذل كلّ ما في وسعنا لنضمن أن ينتج عن ذلك الحكم المزيد من الإجراءات الملموسة حول العالم.

على مدى كلّ تلك السنوات الماضية، وحتى اليوم، تتعرض أقلية افيغور لاضطهاد يصل حد الإبادة الجماعية، الحكومة الصينية تصف الاحتجاز الجماعي لما يقرب من مليون أو أكثر من الأقليات العرقية في شينجيانغ بأنه حرب ضد الإرهاب. لكن بعد كل ما تقدّم، السؤال الأهم، متى تتغيّر ظروف أقلية الإيغور؟ سؤال يرسم العالم أجمع. 

شاهدوا أيضاً: روزي يلكون.. هكذا حوّلته الصين من أديب إيغوري إلى إرهابي