الظواهري يهاجم منظمة اليونسكو بشكل خاص

  • ما يأتي في تسجيلات السحاب مؤخرا لا يجيب عن أسئلة أنصار التنظيم
  • في هذا التسجيل فكرة واحدة وهي أن الأمم المتحدة ووكالاتها ”تتناقض مع الشريعة”

بثت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للقيادة العامة لتنظيم القاعدة، تسجيلاً مؤرخاً بتاريخ نوفمبر ٢٠٢١، ظهر فيه زعيم التنظيم أيمن الظواهري محذراً من الانضمام إلى الأمم المتحدة. 

التسجيل المعنون ”نصيحة الأمة الموحدة بحقيقة الأمم المتحدة“ يمتد ٣٨ دقيقة، وهو الثاني للظواهري في شهرين تقريباً. في ١١ سبتمبر الماضي، وفي الذكرى العشرين لهجمات نيويورك، ظهر الظواهري في تسجيل لم يبتّ للمناسبة بصلة، ولكنه ذكر فيه أحداثاً استُدلّ بها على أنه على قيد الحياة على الأقل حتى يناير ٢٠٢١. منذ أكتوبر ٢٠٢٠، راجت شائعات بأن الرجل توفي. 

ليس في هذا التسجيل ما يدل على توقيت أو ميقات. والحقيقة لم يعد هذا مهماً: حياة الظواهري أو وفاته. المهم هو ما تفعله قيادة تنظيم القاعدة ومن أين؟ ما يأتي في تسجيلات السحاب مؤخرا لا يجيب عن أسئلة أنصار التنظيم نفسه ولا يُعلّق على أحداث مهمة أو يحلّ خلافات حادة بل وقاتلة. هذا هو المهم. 

في هذا التسجيل فكرة واحدة وهي أن الأمم المتحدة ووكالاتها ”تتناقض مع الشريعة،“ وبالتالي فمن ينضمّ إليها هو بالضرورة ”يقبل بالتحاكم لغير الشريعة،“ وهو بذلك ”ارتضى أن يوحد جهوده مع الكفار.“ 

طوال ٣٨ دقيقة، يقول الظواهري الشيئ ذاته باستخدام كلمات كثيرة. يفند ميثاق الأمم المتحدة بنفس المنطق الأعوج؛ وكذلك يهاجم منظمة اليونسكو بشكل خاص ويعتبر أنها تشجع على الإلحاد إذا يشير إلى تدخل اليونسكو لإقناع الملا محمد عمر، زعيم طالبان السابق، بالعدول عن قراره تحطيم تماثيل بوذا في باميان. 

هل بدأ خلاف تنظيم القاعدة مع طالبان؟

إصدار جديد لتنظيم القاعدة يظهر فيه زعيم التنظيم أيمن الظواهري.

لا تمت للواقع أو للأحداث الراهنة بصلة

ربما اعتدنا على تسجيلات الظواهري التي لا تمتّ للواقع أو للأحداث الراهنة بصلة، لكن هذا التسجيل قد يكون موجهاً إلى طالبان. ربما ليس من قبل الظواهري نفسه، وإنما بالتأكيد من قبل المؤسسة الإعلامية للقاعدة المركزية. 

في سبتمبر الماضي، عينت حكومة طالبان سهيل شاهين سفيراً لها في الأمم المتحدة، وخاطبت الأمين العام أنطونيو غوتيريش حتى يسمح لهم بمخاطبة العالم من منبر الجمعية العامة. 

في ذلك الوقت، انقسم الجهاديون فيما بينهم. فمنهم من رأى أن طالبان تمارس سياسة تسعى منها إلى التمكين أولاً – ومن ذلك تقاربها مع أعداء تقليديين في أدبيات الجهاديين مثل الصين وروسيا وإيران. ومنهم من رأى أن على طالبان ألا تنساق وراء سياسة من هذا النوع. 

وهكذا تجددت جدلية مسألة الانضمام إلى الأمم المتحدة. حدث شيء مشابه عندما كانوا طالبان في السلطة في الفترة من ١٩٩٦ إلى ٢٠٠١. في سبتمبر من كل عام ضمن تلك الفترة، كان قادة طالبان يرسلون أسماء مفوضين لشغل مقعد أفغانستان في الجمعية العامة؛ لكن الأمم المتحدة فضلت وقتها الإبقاء على ممثل الحكومة الأفغانية السابقة في ذلك الوقت، حكومة ربّاني. 

في المطلق، الجهاديون لا يعترفون بالأمم المتحدة. بل إنهم لا يعترفون بأي جهة كانت ما لم تكن قائمة على أيديولوجيتهم. ويقرّون بأن الانضمام إلى الأمم المتحدة هو توافق على ”كفر.“ 

ما قاله الظواهري في هذا التسجيل ليس جديداً. هو اجترار لما قاله غيره من منظري الجهادية. 

في ٢٠١٦، نشر أبو محمد المقدسي، أحد عرابي الجهادية، كتيباً رداً على الصادق الغرياني الذي تكلم في وقت سابق مستحسناً المنظمة الدولية. كتب المقدسي: “من يشارك في هيئة الأمم (المتحدة) لا بد له ليس فقط أن يقر الكفر الوارد في ميثاقها بل لا بد له أن يلتزم به ويؤيده ويسعى لتحقيق بنوده ويلتزم بها.“

هل بدأ خلاف تنظيم القاعدة مع طالبان؟

لكنه في ٢٠٢١، علّق على تعيين طالبان سفيراً لها في الأمم المتحدة واعتبره ”منزلفاً للتنازلات والخضوع السياسي للأعداء“ لا يلائم طالبان؛ مستثنياً من ذلك ”التواصل مع الدول والمنظمات لتحقيق مصالح الدولة وتحصيل الضروريات.“ 

وقتها، تعجب معارضو المقدسي من هذا اللين الذي يبديه الرجل تجاه طالبان؛ فتحوّل ”الإقرار بالكفر“ إلى ”منزلق وخضوع سياسي.“ 

هل بدأ خلاف تنظيم القاعدة مع طالبان؟

يعوّل الجهاديون كثيراً على طالبان منذ استحوذت على الحكم في أفغانستان في أغسطس الماضي. لكن، إلى أين وحتى متى يستمر هذا الحماس؟ 

قد يكون تسجيل السحاب الأخير هذا هو بداية خلاف علني بين الجماعتين. وقد يكون مجرد أرشيف يُعاد اجتراره كما هي عادة إعلام القاعدة في العامين الماضين.