الجولاني يشعل معركة جديدة بين الجهاديين في شمال سوريا

أطلقت هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على إدلب بشمالي سوريا، حملة عسكرية جديدة ضد فصائل مسلحة / جهادية متواجدة بجبل التركمان (شمال منطقة اللاذقية بمحافظة اللاذقية بسوريا، على الحدود مع محافظة هاتاي التركية).

واستخدمت هيئة الجولاني عددًا من ألويتها التابعة للجناح العسكري على رأسها ما يُعرف بـ”لواء عثمان، واللواء السادس” اللذين تمركزا في منطقة جسر الشغور ، التي تُمثل قاعدة انطلاق للحملة العسكرية الجديدة ضد فصائل جهادية في جبل التركمان هما: جماعة جند الشام بإمارة أبو مسلم الشيشاني وجماعة جند الله بإمارة أبو حنيفة الآذري.

وقالت المنصات الدعائية للهيئة على تطبيق تليغرام للتواصل الاجتماعي إن الفصيلين يضمان مجموعة ممن تصفهم بـ”الخوارج” الذي يعتنقون فكر الحازمي، والذين طُردوا من تنظيم داعش خلال السنوات الماضية.

ويُقصد بأتباع الفكر الحازمي – من منظور الجهاديين – المجموعات التي تتبنى موقفًا متشددًا في قضايا التكفير، وتتوسع في تكفير الناس بالعموم.

وأضافت منصات الهيئة أن جماعة جند الله راسلوا مجموعات تنظيم داعش في سوريا، وعرضوا عليهم بيعة أبو إبراهيم الهاشمي، خليفة التنظيم، لكن الأخير رفض إتمام هذه البيعة لاعتبارات متعلقة بالخلاف الأيديولوجي بين مجموعة جند الله وتنظيمه.

كما أصدرت مجموعة من الجهاديين الأجانب بيانًا لدعم الجولاني، طالبوا فيه نظرائهم بالوقوف خلف قيادة الهيئة وعدم الاختلاف معها، واصفين جماعتي جند الله، وجند الشام بأنهما لا يؤثران في الأوضاع على الأرض، وليس لهما أي فاعلية عسكرية في مواجهة الجيش السوري النظامي.

ووقع على البيان الحزب الإسلامي التركستاني، وجماعة التوحيد والجهاد الأوزبكية، وجيش المهاجرين والأنصار القوقازي، وفصيل شام الإسلام المغربي، وكتيبة عتبة بن فرقد الآذرية، فضلًا عن جهاديين بارزين منهم أبو معاذ المصري، وأبو الفتح الفرغلي، وأبو قتادة الألباني، وغيرهم.

اشتباكات متبادلة استخدمت فيها المدرعات والأسلحة الثقيلة

وبدأت ألوية الجولاني، الإثنين، هجومها على مقرات جماعة جند الله، وجماعة جند الشام في منطقة جبل الزاوية، معللة هذا الهجوم برغبتها في القضاء على مجموعات الخوارج المرتبطة بتنظيم داعش، على حد وصف منصات إعلامية تابعة لها.

ونشبت اشتباكات بين الطرفين اسًتخدمت فيها المدرعات والأسلحة الثقيلة، وأسفرت تلك الاشتباكات عن إصابة 30 من جنود هيئة تحرير الشام، وفق تقدير مصادر مقربة من الجهاديين الأجانب (من بينهم قناة رد عدوان البغاة، على تطبيق تليغرام للتواصل الاجتماعي)، في حين فشلت الهيئة في اقتحام مواقع الجماعتين المناوئتين لها في جبل التركمان.

كما نشر نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” مقاطع مصورة لمجموعة من الأسرى التابعين لهيئة تحرير الشام، موضحين أنهم أسروا خلال المعارك الدائرة.

وأفاد نشطاء ميدانيون أن هيئة الجولاني استخدمت المدفعية الثقيلة، وطائرات الاستطلاع بدون طيار “الدرونز” في رصد واستهداف مواقع جماعتي جند الله، وجند الشام.

وفي هذه الأثناء، أُصيب أمير جماعة أجناد القوقاز “عبد الملك الشامي” بطلقات نارية، خلال تواجده في منطقة الاشتباكات، حيث لعب دور الوساطة بين الطرفين.

وذكرت قناة “رد عدوان البغاة” أن أبو عبد الملك الشامي تعرض لإصابة طفيفة، وأن حياته ليست في خطر، على حد تعبيره.

"جبل الزاوية" أحدث فصول الصراع بين الجولاني وخصومه في سوريا

 

جند الله تنفي اتهامات هيئة الجولاني

من جانبها، نفت جماعة جند الله اتهامات هيئة تحرير الشام لها، قائلة إنها تركز على القتال ضد الجيش السوري النظامي والقوات الروسية والإيرانية الداعمة له، على محور جبل الزاوية.

وأضافت الجماعة، في بيان أصدرته، أن الهيئة انتزعت منها نقاط عسكرية كانت مخصصة لمواجهة الجيش السوري، وحاولت خلال الأيام الماضية السيطرة على بقية مناطق جبل التركمان، وطرد الجماعة منه.

ودعت “جند الله” الفصائل السورية المسلحة وأبناء الشعب السوري في إدلب للوقوف بجانبها في التصدي لهيئة تحرير الشام، قائلةً إنه لولا الجهاديين الأجانب لسلمت الهيئة جبل التركمان للنظام السوري منذ فترة طويلة.

"جبل الزاوية" أحدث فصول الصراع بين الجولاني وخصومه في سوريا

 

معارك في الفضاء الافتراضي

وعلاوة على المعارك الدائرة على الأرض، دخل الجهاديون المؤيدون والمعارضون لهيئة تحرير الشام، في معركة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال الجهادي المصري الشهير طارق عبد الحليم، إن زعيم هيئة تحرير الشام “أبو محمد الجولاني” خائن وعميل، متهمًا إياه بالتدبير للتخلص من مجموعات الجهاديين الأجانب داخل الشمال السوري، بناءً على ترتيب وتنسيق بين الاستخبارات التركية ونظيرتها الروسية.

وأشار “عبد الحليم” إلى أن هيئة تحرير الشام تعتقل الجهاديين الأجانب وتبلغ التحالف الدولي لحرب داعش (عملية العزم الصلب) عن قادتهم لاستهدافهم واغتيالهم، كما تنزع أسلحة المجموعات الجهادية لتسهيل تسليم الشمال السوري للجيش النظامي وحلفائه الروس.

واعتبر “أبو محمد نصر”، الجهادي المحسوب على تنظيم القاعدة، أن أبو محمد الجولاني وهيئة تحرير الشام يوظفون مقدرات الهيئة وحلفائها من الفصائل المسلحة في السيطرة على الشمال السوري والحفاظ على مناصبهم داخله، مضيفًا أن هذا هو همهم الوحيد وليس القتال ضد الجيش السوري.

في المقابل، وصف أبو  الحارث الزبداني، المحسوب على هيئة تحرير الشام، الهجوم الإعلامي على الهيئة بأنه عاطفة إعلامية كاذبة ونفاق لكسب عواطف أبناء التيار الجهادي على حد وصفه.