داعش يعتمد على إثارة النعرات الطائفية والمشاكل العرقية للتمدد في ساحات جديدة

  • التنظيم حاول التواصل مع مجموعات إيغورية بهدف التوسع
  • داعش يحاول استقطاب المجموعات الإيغورية التي كانت مقربة من طالبان
  • طالبان قد تضحي بأقلية الإيغور لتخدم استثماراتها مع الصين

أدت حادثة استهداف مسجد سعيد آباد في ولاية قندوز الأفغانية من قبل داعش الإرهابي مؤخرا، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص، إلى وضوح رؤية التنظيم فيما يتعلق بأهدافه وخططه المستقبلية، لا سيما استقطاب أقلية الإيغور المسلمة التي تخلت عنها طالبان بعد مطالبة الصين لها بتسليم أفراد الأقلية المسلمة، المتواجدون في أفغانستان.

ماذا يريد تنظيم داعش من الإيغور؟

في حديث خاص لـ “أخبار الآن”، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية أحمد سلطان، إن “تنظيم داعش يعتمد على إثارة النعرات الطائفية والمشاكل العرقية وغيرها للتمدد في ساحات جديدة، وحاول عقب انهيار الخلافة المكانية في مارس آذار 2019 أن يوسع نطاق عمله ونطاق الكتائب والمجموعات المبايعة له سواء في إفريقية أو في آسيا أو في غيرها وسعى في هذا الإطار إلى التواصل مع مجموعات إيغورية من بورما وهدفه من هذا أن يواصل التوسع ويستثمر في علامته الجهادية القائمة على فكرة البقاء والتمدد”.

وأضاف سلطان أن “التنظيم يريد إرسال رسالة لأتباعه بشكل أساسي أنه ما زال باقٍ وأن انهيار الخلافة المكانية أو عدم سيطرته على ولايات مكانية في الوقت الحالي لا يعني نهاية التنظيم، كما يريد إرسالة رسال أخرى للقوة الدولية أنه لا يفرق ما بين الولايات المتحدة والصين وحركة طالبان وأن بالنسبة له أنه يقاتل العالم بلا استثناء كما قال سابقا وأنه يخوض حربا عالمية ضد قوى الكفر المجتمعة كما يقول”.

هذه السردية تخدم مزاعم داعش وأهدافه في تجنيد المجموعات المحلية سواء الإيغور أو غيرهم ويسعى من خلال استقطاب الإيغور إلى بدء صراع آخر مع الصين، وفقا لأحمد سلطان

وهذا يوضح رؤية التنظيم أن الكل “الصين، الولايات المتحدة وطالبان” في خندق العدو وأنه يخوض الحرب ضدهم جميعا.

 

الصين وطالبان وداعش.. كيف اجتمعوا ضد أقلية الإيغور؟

صورة أرشيفية لرجال من أقلية الإيغور في شينجيانغ. غيتي

سلطان: طالبان تعهدت للصين بأنها ستسلم أقلية الإيغور المسلمة

وأشار الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أحمد سلطان إلى أن “التنظيم يحاول استقطاب المجموعات الإيغورية التي كانت مقربة من حركة طالبان ويقول لهم إن طالبان ستتخلى عنكم لصالح الصين فانضموا إلينا حتى نواصل قتال هذه الحرب، وهذا كان واضحا من صيغة البيان الذي نشرته “وكالة أعماق” التابعة لداعش بعد استهدافه لمسجد سعيد آباد في ولاية قندوز الأفغانية، الذي أكد على أن طالبان تعهدت للصين بأنها ستسلم الإيغور وهنا يخاطب التنظيم المجموعات الإيغورية التي جاءت إلى أفغانستان منذ تسعينيات القرن الماضي خاصة أن طالبان في تلك الفترة ضمت وسمحت لجميع الجماعات الجهادية من جنوب آسيا وغيرها بالتواجد داخل أفغانستان وإيجاد معسكرات تدريب والسماح لها بممارسة أنشطتها بكل حرية وهو الآن يقول إن حركة طالبان تغيرت وإنها حركة وطنية تنصب اهتماماتها على مصالحها الذاتية وإن هؤلاء الإيغور سكونون في دائرة استهدافها وسيكونون في وضع صعب وعليه الانضمام لداعش وبهذا فالتنظيم يستثمر فكرة العداء الموجود لدى الصين ويستثمر في نفس الوقت فكرة طالبان الوطنية لتحقيق انتشار أكبر بما يخدم مزاعم التنظيم”.

 

الصين وطالبان وداعش.. كيف اجتمعوا ضد أقلية الإيغور؟

سلطان: نهج طالبان الجديد سيخدم المصالح الصينية فيما يتعلق بالإيغور

ويصب نهج طالبان الجديد القائم على المصالح الذاتية في مصلحة الصين، حيث قال سلطان إن “طالبان تعهدت بعدم السماح بتحول أراضي أفغانستان إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابية، والحركة خاطبت الصين بشكل مباشر وتعهدت لها بأنها لن تسمح للإيغور بأن يمارسوا أي ناشط داخل أفغانستان وستسلم المطلوبين منهم إلى بكين، وسواء أكان هذا التعهد هدفه طمئنت الصين أو التأكيد على نهج طالبان الجديد في النهاية سيخدم المصالح الصينية”.

وأضاف سلطان إلى أن طالبان قد تضحي بأقلية الإيغور لتخدم استثماراتها مع الصين، ولكن هذا السياق يواجه عدة محددات وخاصة من داخل الحركة مثل شبكة حقاني التي ترفض هذا التسليم بناء على أسباب قبلية بحتة ليس لها علاقة بالجهاد المعولم وربما هذا هو العائق الوحيد أمام طالبان لإتمام هذا التبادل ولكن مع ضغط الصين المتزايد قد تقوم بتسليم الإيغور لتقرب من بكين.

سلطان: الإيغور بالنسبة لطالبان عبء ثقيل تريد التخلص منه

وحول القيادة الحالية لطالبان، قال سلطان إنها “قيادة برغماتية بحتة تهمها مصالحها الذاتية ولا تريد العداء مع دول المنطقة، والإيغور بالنسبة لطالبان عبء ثقيل تريد التخلص منه، وحاليا مصالح طالبان هي التي تحدد سلوكها بغض النظر عن دعاوى الجهاد فتسليم الإيغور للصين غير بعيد عنها”.

ما دور المجتمع الدولي؟

بالانتقال إلى المجتمع الدولي، قال أحمد سلطان إن هناك صراع دائر حاليا بين الولايات المتحدة وحلفائها وبين الصين وروسيا من جهة أخرى، واستراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها واشنطن أكدت على أن الصين هي التهديد الحقيق على المدى الطويل للولايات المتحدة، وبناء على هذه المحددات سوف يتم التعامل مع ملف الإيغور.

ملف الإيغور شائك وليس لدى المجتمع الدولي الكثير من الأوراق للعب عليها، ومن هذه الأوراق محاولة الضغط على طالبان من خلال المنظمات الحقوقية أو الدولية التي تركز على أوضاع الإيغور، وتقدم دعما إعلاميا لهم وتبرز الاضطهاد الذي يعانون منه في الصين.

وربما ضغطت الولايات المتحدة وبعض الدول الحليفة لها والتي ما زالت على علاقة مع طالبان لتمنع تسليم الإيغور للصين على الأقل في الوقت الحالي.

ولكن إذا ضغطت الصين بشكل كبير فلن يكون أمام المجتمع الدولي إلا أن يفرض عقوبات قوية على الصين وبالتالي ندخل في حرب باردة أمريكية صينية ولا أظن قادة الدول لديه الرغبة في خوض هذه الحرب في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية معقدة خاصة مع تعدد جبهات المواجهة وتكاثر الأزمات الدولية ومع تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على النظام الاقتصادي العالمي وبالتالي ستتراجع قضايا العرقيات والأقليات خلف الأزمات الاقتصادية الموجودة حاليا وخلف صرعات جيوسياسية أخرى دائرة بين المعسكر الغربي وبين الصين وروسيا وحلفائهما.