أمن واستقرار تعيشه محافظة حضرموت بعد سنوات على تحريرها من براثن تنظيم القاعدة. واقع عززه تصاعد الخلافات بين زعيم التنظيم في جزيرة العرب خالد باطرفي، وبين أبو عمر النهدي القيادي الشرعي والميداني في فرع القاعدة باليمن.

  • استقرار أمني تعيشه حضرموت بعد نحو 5 سنوات على طرد القاعدة من المحافظة
  • الخلافات بين النهدي وقيادات القاعدة عززت الأمن في حضرموت
  • القوات الأمنية في حضرموت مازالت تلاحق فلول التنظيم
  • المواطنون ساهموا في اجتثاث مقاتلي القاعدة المتخفين في حضرموت
  •  القيادات الأمنية في حضر موت استوعبت المنشقين عن القاعدة

تلك الخلافات ألقت بظلالها على وضع التنظيم في اليمن، وسط تساؤلات لاحقت القاعدة عن مصير النهدي، وإمكانية تسليم نفسه إلى السلطات الأمنية في البلاد بعدما فقد مكانته لدى التنظيم.

العميد صالح المعاري، رئيس شعبة التوجيه المعنوي في المنطقة العسكرية الثانية، قال خلال مقابلة مع أخبار الآن، إن واقع انقسامات القاعدة وخاصة فيما يتعلق بالنهدي عادت بشكل إيجابي على الوضع الأمني في حضرموت.

وأوضح: “الخلافات بين قادة القاعدة في اليمن، بدأت بشكل فعلي منذ أيام القائد السابق للقاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي قبل مقتله، وفي الوقت الحالي بات قادة القاعدة مشردين وفقدوا قوتهم وبالتالي فإن خطر القاعدة على المحافظة بات معدوما”.

واقع الخلافات بين قيادات القاعدة في اليمن، وإن كان ليس وليد اللحظة، إلا أنه يعكس حالة الضعف والوهن الذي يعيشه التنظيم، ليس فقط في جزيرة العرب، بل على مستوى القيادة المركزية خاصة بعد فشل زعيم القاعدة أيمن الظواهري في حل الخلاف بين النهدي وباطرفي، وقال المعاري: “أبو عمر النهدي من أبرز قيادات القاعدة في اليمن، وكان له الدور الكبير حين كانت القاعدة تسيطر على حضرموت.. حاليا القاعدة تعاني من انقسامات حدة داخل اليمن، وهذا يشكل مكسب كبير لنا لأن التنظيم لا يمكن له أن يشن هجمات في ظل واقعه المتشظي وبالتالي كل ذلك انعكس على الناحية الأمنية في حضرموت”.

وأردف: “بعد تحرير حضرموت من براثن القاعدة، شهدت المحافظة استقرارا أمنيا كبيرا، وهذا بشهادة القادمين من المحافظات الأخرى، إضافة إلى الوفود الأجنبية، فعلى سبيل المثال زيارة السفير الأمريكي كريستفر هينزل إلى حضرموت، وهذا كما أسلفنا يدل على تمتع المحافظة باستقرار أمني كبير، وأيضا بعثات الأمم المتحدة عاودت تقديم طلبات لفتح مكاتب لها في حضرموت”.

اليمن - القاعدة

إرساء الأمن والاستقرار في حضرموت، كلله استمرار القوات الأمنية في ملاحقة جيوب القاعدة، وكذلك إبلاغ المواطنين عن المتخفين من أفراد التنظيم داخل المجتمع الحضرمي، وقال المعاري: “في الحقيقة أن السلطات الأمنية تلاحق حتى الآن كل منتسبي القاعدة المتوارين عن الأنظار، والعملية الأمنية مازالت جارية للقبض عليهم جميعا، فهذا التنظيم لا يؤمن جانبه وبالتالي هذا الواقع دفع السلطات الأمنية مواصلة عملياتها ضد من بقي من فلول التنظيم في حضرموت”.

وأضاف: “الحاضنة الشعبية في حضرموت كان لها الدور الأكبر في تحقيق الاستقرار الأمني وتطهير حضرموت من القاعدة، فالبلاغات ضد التنظيم كانت تأتي أول بأول سواء قبل التحرير أو بعده، فكان يتم إبلاغنا عن أماكن تواجد مقاتلي القاعدة وعلى ضوئها كانت تتم عمليات الدهم والقبض على منتسبي القاعدة، وحقيقة تمكنا من إلقاء القبض على المئات من عناصر القاعدة عبر تلك البلاغات”.

تنظيم القاعدة وإن كان لا يؤمن جانبه، إلا أن القيادات الأمنية في حضرموت شجعت أعضائه على الانشقاق عن التنظيم، في محاولة منها لاستيعاب من غُرر بهم وهو أمر سيعمل بدون أدنى شك على إضعاف القاعدة بشكل متزايد، وقال المعاري: “لابد أن نفرق بين المنشقين والتائبين، فالمنشقون ربما يتوجهون إلى تنظيمات أخرى أو يقوموا بإنشاء مجموعات لها أجندة تخريبية، أما التائبون، فهم العناصر الذين اعلنوا توبتهم ونبرأهم من التنظيم وعادوا إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بعيدا عن التطرف، وهنا أشدد على أن كل من أعلن توبته فإننا نكفل له تقديم ضمانات بعدم المساس به شرط إلا يكون قد ارتكب جرائم يعاقب عليها القانون”.

وأوضح: “القيادة الأمنية في حضرموت أطلقت مبادرة بعد تحرير المحافظة من القاعدة، بأن كل عنصر يريد التوبة ويرغب بالعودة إلى أهله ومجتمعه، فإن القيادة ترحب به، وهذه المبادرة مستمرة إلى الآن”.

وكحال القيادات الأمنية في حضرموت، رحب المجتمع الحضرمي بالتائبين من تنظيم القاعدة، وخاصة أن الكثير منهم هم من أبناء ذلك المجتمع، وقال مواطن يمني يعيش في حضرموت لأخبار الآن: “من الممكن أن يعيش التائب في المجتمع الحضرمي بشكل طبيعي، والقيادة على مستوى المحافظة أطلقت مبادرة لاستيعاب التائبين عن القاعدة، والكثير من عناصر القاعدة التائبين عادوا إلى أهاليهم ومجتمعاتهم ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي”.

وقال مواطن آخر لأخبار الآن: “”كل من أراد التوبة والعودة إلى مجتمعه وممارسة حياته بشكل طبيعي، بعيدا عن التواصل مع تلك التنظيمات، فإنه من الطبيعي أن يرحب المجتمع بهم وخاصة أنهم من أبناء المجتمع وتم التغرير بهم من قبل التنظيمات المتشددة، والآن النخبة الحضرمية مسيطرة على مدينة المكلا وساحل حضرموت، وتعمل على استيعاب جميع التائبين عبر برامج التوعية التي تقدمها لهم”.

الفرصة ماتزال سانحة لأعضاء القاعدة في اليمن ليعلنوا توبتهم وتبرأهم من التنظيم، وربما على أولئك المتشبثين برحال القاعدة؛ أن يعوا أن الوقت قد حان ليعلنوا توبتهم، وتغير موازين القوى في الساحل الحضرمي؛ لن يجديهم نفعا طالما بقوا متمسكين ببراثن التنظيم.