تشون أون لي منشق عن النظام في كوريا  الشمالية. كشف في لقاء خاص عن كيفية و دوافع هروبه من كوريا الشمالية:

  • وضبنا سمّ الجرذان لتناوله في حال تم القاء القبض علينا.
  • كنت جزءا من المنظومة الحاكمة التي تهدف الى  بث الرعب في نفوس الناس.
  • الإيحاء باحترام الحريات الدينية في كوريا  الشمالية مجرد نفاق.

 

أن تكون شخصاً عادياً وتنشق عن النظام في كوريا الشمالية قد يبدو عادياً أو منطقياً ولكن أن تكون جزءاً من المنظومة الحاكمة التي كانت جزءاً من الترهيب وبث الرعب في النفوس في كوريا الشمالية فللأمر أهمية بالغة.

تلك هي باختصار قصة تشول اون لي الذي كان يعمل في مؤسسة أمن الدولة ودورها مراقبة تحركات الكوريين الشماليين ورفع تقارير فيهم بعد التجسس عليهم.

دور تشول اون لي ينتمي إلى عائلة ميسورة ورفيعة المستوى، قرر الهروب من كوريا الشمالية لأسباب عديدة شرحها لنا في لقاء خاص، فهو وصّف بشكل دقيق مهمته وكيف كان يراقب الكوريين وكيف قادته قراراته إلى الهرب من البلاد.

جاسوس سابق لدى النظام الكوري الشمالي: الإيحاء باحترام الشعارات الدينية في كوريا الشمالية مجرد نفاق

يشرح تشول اون لي مهمته بالقول أنّ كل حارس مسؤول عن 20 إلى 40 مخبراً وكل مخبر هو جاسوس بكل بساطة، وتلك كانت طريقة يستعملها الجواسيس لمراقبة ما بين 700 و1200 كوري شمالي فهم يلجأون إلى التحدّث مع السكان ويتناولون الشراب معهم ويتسكعون معهم بينما يراقبون كل شيء بسريّة تامة وينقلون المعلومات التي يحصلون عليها إلى المفوّض الأمني، إن تمّ اكتشاف مواطن لديه مشاعر سلبية تجاه كيم جونغ أون فلا بدّ من معاقبته ولكن لا يُعاقب على الفور بل تبدأ مراقبة الشخص المعني على المدى الطويل، وإن تبيّن بشكل واضح بعد مراقبة طويلة أن المواطن غير راضٍ عن النظام الكوري الشمالي، يُنفّذ العقاب إذاً.

الجدران تملك عيوناً وأذاناً

تعمل مؤسسة أمن الدولة تماماً مثل وكالة الإستخبارات الأميركية ووكالة الإستخبارات الكورية الجنوبية وتقوم بأعمال مراقبة داخلية وخارجية، ولكن هناك فارق صغير في كوريا الشمالية هو أن المؤسسة تعتمد على التجسس والمؤامرة المنظمة ضد الحكم، بمعنى آخر تراقب المؤسسة الكوريين الشماليين وتسيطر عليهم.

فعليهم مثلاً أن يلتزموا التهذيب في كلامهم عن كيم جونغ أون حتى عندما يحتسون الكحول ويتسكعون، كما لا يحق لهم أن يقولوا ما يشاءون عن كيم جونغ أون لأن مؤسسة أمن الدولة تراقب وتتنصّت من خلال أجهزة الاتصال الهاتفي أو كاميرات المراقبة المزروعة في كل مكان بالطبع، إلا أن الخوف متجذّر في عقول المواطنين فنحن مثلاً غير قادرين على أن نثق بأفراد عائلتنا لأن العقاب في كوريا الشمالية معيب ومهين، فالمواطنون يجتمعون لمشاهدة أفراد من عائلتهم يُقتلون أمام عينيهم، من خلال ذلك، يعتمد أمن الدولة سياسة الخوف فهي طريقته لتربية آلاف المواطنين عبر قتل مواطن واحد منهم بوحشية، هكذا يشعر المواطنون بالضغط المستمر، “هناك تملك الجدران عيوناً وأذناً” هكذا يعلق غالباً الكوريون الشماليون.

يتحدث تشول اون لي بإسهاب عن عملية فراره التي استغرقت ساعات طويلة، فهو هرب عبر البحر مع صديقه ومرّا بساعات عصيبة.

يقول: راودني الشك بحق النظام الكوري الشمالي وشعرت بالنفور منه، وكان يتم تداول شائعات كثيرة في المجتمع الكوري الشمالي مفادها أن كيم جونغ إيل بنى كوريا الشمالية وجعلها تزدهر حتى العام 2012، ولكن ذلك غير صحيح، كانت الحياة لا تزال صعبة والأمور دوماً معقدة، وفكرت كثيراً بينما كنت أكتشف ثقافة كوريا الشمالية شيئاً فشيئاً فخطر في بالي أنه عليّ أن أهرب.

جاسوس سابق لدى النظام الكوري الشمالي: الإيحاء باحترام الشعارات الدينية في كوريا الشمالية مجرد نفاق

وضبنا سما للجرذان لأكله في حال القي القبض علينا

و يضيف: جئت برفقة صديق في 15 أغسطس/ آب من العام 2016، شاهدت على التلفاز الرئيسة بارك غوين هي تلقي خطاباً بمناسبة ذكرى استقلال كوريا، كان بوسعي أن أشاهد التلفزيون الكوري في منطقة قريبة بينما كان المواطنون العاديون غير قادرين على مشاهدته بالطبع لأن قواتنا المسلّحة قد وُجدت لمراقبتهم بينما نحن كنا قادرين على فعل ذلك، كما كنت أشاهد أيضاً برامج ترفيهية شعبية على غرار “رانينغ مان”.

وطئت قدمانا الماء في تمام الساعة الثامنة مساءً في 18 سبتمبر/أيلول عام 2016، استلزمت الرحلة 8 ساعات من السباحة، كنت قادراً على رؤية سفينة كورية في البحر ليلاً لكنني لم أتعرف عليها حينذاك، فاختبأنا منها لأنها قد تكون كورية شمالية.

جاسوس سابق لدى النظام الكوري الشمالي: الإيحاء باحترام الشعارات الدينية في كوريا الشمالية مجرد نفاق

ابتدأنا نتساءل عن فرص نجاحنا وراحت دموعنا تمتزج مع ماء البحر، بعد انقضاء 6 ساعات على بدء السباحة، قال صديقي إنه مضطر إلى أن يستسلم فقد قال إنه لم يعد قادراً على السباحة وأن أكمل الطريق لوحدي، حتى أنني فكرت في التخلي عنه لكنني لم أتمكن من فعل ذلك لأنني فكرت أنه إما أن نحيا معاً أو نموت معاً، فساعدنا بعضنا البعض وأكملنا طريقنا مستعينين بتدليك الأطراف وما شابه، لدى وصولنا إلى جزيرة الحجارة، وجدناها مغطاة بزهور تنمو بين الأحجار وبأصداف المحار التي جرحت يديّ ورجليّ لدى صعودنا إلى الجزيرة، لقد نزفنا الكثير لكننا لم نأبه لذلك.

جمعنا أموراً مختلفة في الجزيرة وبنينا منها قارباً، وعندما كنا على متن القارب التقينا بسفينة كورية جنوبية وهكذا وصلنا إلى كوريا الجنوبية على متن سفينة حربية واستجوبتنا وكالة الاستخبارات الوطنية، في غضون ذلك الوقت كانت الرئيسة بارك غون-هي تتحدث عن الإقالة بينما كان الشعب ينظم وقفات احتجاجية على ضوء الشموع لذلك لم يستغرق الاستجواب طويلاً وتمكنت من دخول البلاد بعد انتهائه.

لقد وضّبنا سماً للجرذان في حقائبنا في حال تم القبض علينا خلال هربنا، فقد كنا نفكر بتناوله والموت بسرعة ما أن يقبض علينا الجنود الكوريين الشماليين لأن العقاب شديد إن تم القبض علينا أثناء هربنا، ويكون العقاب أشد قسوة من عقاب عامة الشعب لأننا نعمل في مؤسسة أمن الدولة، لذلك فكرت أنه من الأفضل أن أموت على الفور بدلاً من أن يتم اعتقالي لأنني كنت أعرف كلفة الألم جيداً، فالموت أفضل من العار والعذاب على وقع الشتائم، فلو التقينا بجندي كوري شمالي في طريقنا، لكنت قد تناولت سم الجرذان حالاً.​​

جاسوس سابق لدى النظام الكوري الشمالي: الإيحاء باحترام الشعارات الدينية في كوريا الشمالية مجرد نفاق

كيم ايل سونغ أسس نظامه على إلغاء الدين

ليس للكوريين الحق في الإيمان بالله.. بهذه العبارات ردّ تشول اون لي على خبرته مع قمع النظام في بلاده للحريات الدينية مشيراً إلى أن كيم أسس نظامه على أساس إلغاء جميع الجماعات والمؤسسات الدينية.

يقول المنشق الكوري الشمالي: يكذب مَن يقول ان لديه تجربة دينية وكنسية في كوريا الشمالية، هناك بعض الكنائس في كوريا الشمالية كما تعلم ربما، حتى مع الأحزاب السياسية، هناك أكثر من واحد ولكنهم موجودون فقط لأغراض الدعاية، فهناك خطة شكلية وضعت لتظهر أن البلد عادي داخلياً وخارجياً على حد سواء إلا أن كل هذا كذب.

ما علينا أن نعلمه هو أن الكوريين الشماليين لا يملكون حرية دينية، فليس مسموحاً لهم أن يؤمنوا بالله الذي يريدونه، على سبيل المثال كان هناك جماعة دينية تجتمع سراً إلا أنه تم اكتشافها بسهولة.

لقد أسس كيم – إيل سونغ النظام مرتكزاً على إلغاء كل الجماعات والمؤسسات الدينية، وبالتالي تملك حفنة من المواطنين معلومات عن الله، إن رأى مواطن الكتاب المقدس في كوريا الشمالية يلقى الموت، القى مواطن كنت أعرفه نظرة على الكتاب المقدس “مرة” فحُكم بالسجن لمدة 15 عاماً فأمضى 15 عاماً في السجن بمجرد إلقاء نظرة واحدة على الكتاب المقدس، لا يمكنك أن ترى إلا أيديوليجية كيم إيل سونغ ومبادئه، إن الكنيسة التي تريها كوريا الشمالية للعالم هي كذب، وهذا ما تريه أيضاً للأجانب عندما يزورون كوريا الشمالية إلا أن هذه ليست الحقيقة، فكل المواطنين المجتمعين هناك هم حرّاس وقادة في أمن الدولة… هذا استعراض من أجل الإستعراض ويُنفّذ بحسب النص المكتوب له، قد يفكر الأجانب أنهم مؤمنون ولكنهم أمنيون في الحقيقة، هذه ليست إلا كذبة.

جاسوس سابق لدى النظام الكوري الشمالي: الإيحاء باحترام الشعارات الدينية في كوريا الشمالية مجرد نفاق

الكوريون لا يأكلون لحد الشبع

يتابع تشول اون لي بدقة ما يرشح من معلومات من كوريا الشمالية، أزمات الغذاء والكوفيد وظاهرة نقص وزن الزعيم الكوري الشمالي.

يقول المنشق الكوري الشمالي: لقد شاهدت تقارير عن خسارة كيم جونغ أون وزنه وعن أزمة الغذاء التي كانت جدّية منذ البداية، حتى قبل فراري إلى كوريا الجنوبية، كان هناك أزمة غذاء لأن الحال وصلت بالكوريين الشماليين إلى ألا يأكلوا حتى الشبع، كما هناك مشكلة في المحاصيل الغذائية لأن الحبوب لا تنمو كما يجب بسبب نقص المكونات الدهنية في التربة مما يجعل الزراعة صعبة من دون زيوت وسماد، إلا أن المجتمع الدولي فرض عقوبات وإن حاول النظام طلب المساعدة منه فسيتعرض كيم جونغ أون للضغط لأنه طلب إليه التخلي عن برنامج الأسلحة النووية الذي يدعمه، كما لا أظن أنه كان مسروراً إزاء ردة الفعل الخارجية والأخبار عن وزنه، لذلك من الممكن أن يكون قد خسر الوزن بسبب تعرّضه للضغط أو بسبب حمية غذائية، هناك عدة فرضيات لكنني أقدّر أنه خسر الوزن من أجل صحته.

أما عن أزمة كورونا فيقول تغطي وسائل إعلام عديدة حالة وباء كورونا في كوريا الشمالية وتشير المصادر إلى وجود حالات كثيرة مؤكدة بالإصابة بفيروس كورونا في البلاد، كما هناك نظريات مختلفة تقول إن النظام قتل كل المصابين، بحسب الأخبار التي وصلتني، ليس هناك من مرضى مصابين بكورونا في كوريا الشمالية، وربما لهذا السبب يصرّ كيم جونغ أون على أن بلاده خالية من الفيروس ويحضر الحفلات من دون ارتداء الماسك، أظن أن هذا هو السبب.

لمتابعة الفيلم :