مع الحديث عن مقتل زعيم بوكو حرام أبو بكر محمد شيكاو في نيجيريا، وتحديداً في غابة سامبيسا التي تعتبر منطقة استراتيجية في أفريقيا، وهي تقع شمال شرق نيجيريا، يسود الترقب بانتظار تطوّر جديد ما، أو بيان سيصدر عن “ولاية غرب أفريقيا” لحسم مصيره والإعلان عن الخطوة المستقبلية.

وفي هذا السياق، تشير معلومات “أخبار الآن” إلى أنّ تنظيم داعش في ولاية غرب أفريقيا عقد إجتماعاً خاصاً من أجل تولية زعيم للفرع، خصوصاً أنّهم كانوا طردوا شيكاو في العام 2016، وعينوا لاحقاً ابو مصعب البرناوي قبل أن يتمّ طرده أيضاً في العام 2019، ليتم تعيين با إدريسا مكانه.

ومن المتوقع أن يكون با ادريسا المتحدث والزعيم الرسمي والروحي لداعش في أفريقيا، كما كان أبو بكر البغدادي في العراق وسوريا، وفق الباحث الإستراتيجي في الشؤون الأمنية الأفريقية إدريس آيات، الذي قال إنّ ما يسمى بولاية غرب أفريقيا ستستحوذ على منطقة سامبيسا، التي تبعد 60 كيلومتراً جنوب شرق ميدجوري، عاصمة بورنو وهي ولاية بوكو حرام. ورجح آيات أن المعارك بين أفرع داعش من جهة، وبين داعش والقاعد من جهة ثانية، ستكون محتدمة في المرحلة المقبلة سعياً لتثبيت النفوذ.

وفي ما يتعلق بالخليفة المحتمل لشيكاو، أوضح آيات أنّ “بابا قورة لم يتم تعيينه كرئيس رسمي لحركة بوكو حرام، لكن من المرجح أن يتولى القيادة في حال تمّ تأكيد مقتل شيكاو، مع الإشارة إلى أنّ الرجل أقل تشدداً من الأخير”.

بانتظار الراوية الحقيقية، إليكم سرد مفصل لخريطة الصراع

منذ العام 2015، كانت القاعدة المنظّمة المتشدّدة الدولية الوحيدة الموجودة على أراضي منطقة الساحل الأفريقي، وذلك بفضل جناحها المعروف باسم القاعدة في المغرب الإسلامي. لكن بدءاً من ذلك العام، تعيّن على المجموعات التي زعزعت استقرار شمال مالي ووسطه، أن تتعايش مع منافس جديد، هو تنظيم داعش في الصحراء الكبرى.

تحديداً في أيار/ مايو من العام 2015، أعلن عضو سابق في الحركة من أجل الوحدة والجهاد (MUJAO)، ولاءه لتنظيم داعش. ثم يبرز الجزائري مختار بلمختار وهو رئيس المرابطون (مجموعة ولدت من اندماج الموجاو والموقعين بالدم)، لينفصل عن عدنان أبو وليد الصحراوي،  الي أعلن البيعة لداعش، فيما بقي بلمختار يحتفظ بولائه لتنظيم القاعدة في المعرب الإسلامي.

 

خارطة "الجهاديين"في أفريقيا تنذر بمعارك دموية.. ومَنْ الخليفة المحتمل بعد شيكاو؟

عدنان أبو وليد الصحراوي – قائد تنظيم داعش في الصحراء الكبرى

واستقر الصحراوي، الجهادي المتحدّر من الصحراء الغربية (منطقة تبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع تقع في شمال غرب إفريقيا يطالب بها المغرب) ورجاله على حدود مالي مع بوركينا فاسو والنيجر، إلّا أنّه في منطقة ميناكا وبهدف تسيير أعمالهم هناك، عقد اتفاق “ديبلوماسي” – إن صح التعبير – بين داعش في الصحراء الكبرى الذي لم يتم الإعتراف به قبل العام 2016، والفروع المحلية العديدة لتنظيم القاعدة، مثل أنصار الدين وجبهة تحرير ماكينا والمرابطون.

المحلل “هاني نسيبيا” الذي يعمل لصالح المنظمة غير الحكومية المعروفة باسم مشروع “بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها”، علّق في حديث لـ”أخبار الآن” على الإتفاق السابق قائلاً: “ما يفسّر ذلك، العلاقات الشخصية التي تُرجَع إلى عامل مشترك بين المجموعات والروابط الطويلة الأمد. فهذه المجموعات لطالما كان لديها الأعداء نفسهم (قوى دولية ومحلية، ميليشيات..)، والأهداف نفسها من خلال القيام بعمليات تخريبية في الدول التي تحاربها”.

وأضاف: “تُرجم التعاون بينهما أحياناً بأعمال منسّقة أكثر انضباطاً، وأيضاً من خلال حملات أوسع ضدّ أعداء مشتركين. الجانبان كان لديهما أفراد يعملون كضباط  يؤمنون الإتصال بينهما، ولكن هذا الميثاق لم يصمد مع الوقت، فبرزت ملامح التعايش المستحيل بينهما وسط مالي، حيث يتركز جوهر أعمال “جبهة تحرير ماكينا”، وهو الذي سبب الخلاف الرئيسي بينهما”.

اختلاس واستبعاد

بناءَ على ما سبق، استبعد أمادو كوفا، قائد جبهة تحرير ماكينا، أبو محمود المعروف باسم المغدادي، وهو المسؤول عن الخزينة وإدارة الغنيمة للاشتباه بسوء إدارته وفساده، بعد بروز شبهات باختلاسه أموال مقاتلين بشكل شهري.

بدوره اتهم المغدادي أمادو كوفا بتأسيس نظام يضرّ بالجنود في ما يتعلق بإعادة توزيع “الغنيمة”، فحلّ الفراق بين الرجلين، وفي ظل هذه الظروف انضمّ أبو محمود المعروف بالمغدادي إلى تنظيم داعش في الصحراء الكبرى وأسس كتيبة خاصة به في نامبالا وأطلق عليها اسم “الدولة الإسلامية في نامبالا”.

داعش

منطقة نامبالا حيث تمّ رصد أولى الانشقاقات بين الجماعات المتشددة في مالي

المغدادي اتفق مع أصدقائه القدامى على ألا يشنّ عمليات في وسط مالي، إلّا أنّه ورجاله لم يلتزما بالإتفاق. فاندلع القتال بين جبهة تحرر ماكينا وتنظيم داعش في نامبالا، ومالت الدفّة إلى الجبهة، وانتقل القتال إلى المنطقة الحدودية المشتركة حيث يلتقي مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهذا يُعرف باسم ليبتاكو – غورما.

اشتعال ليبتاكو غورما

ليبتاكو – غورما هي كناية عن منطقة تمتد على مسافة 1325 كلم من الحدود المشتركة بين مالي وبوركينا فاسو، و838 كلم بين بوركينا فاسو والنيجر، بحسب التقرير النهائي لمشروع تعزيز الأمن الأهلي واللحمة الإجتماعية.

وتتمثّل مالي بمنطقة غاو والنيجر بمنطقة تيلابيري، بينما تتمثّل بوركينا فاسو بمنطقة الساحل. وتعد الزراعة وتربية المواشي النشاط الأبرز في المنطقة، لكن باطن الأرض لا يخلو من الموارد الثمينة، مع تنامي ظاهرة سرقة المواشي في المنطقة، واندلاع النزاع بين المجموعتين المتشددتين، ناهيك عن وجود مشاكل قديمة بين المجموعات الأهلية.

ومن أجل استقراره في المنطقة وتعزيز قدرته على التوظيف، استفاد التنظيم في الصحراء الكبرى من الانتهاكات التي وقع ضحيتها المواطنون الذين ينتمون إلى إثنية “بول” والتي قامت بها جماعة طوارق إمغاد للدفاع عن النفس وحلفائهم والحركة الوطنية لتحرير ازواد.

وازداد الوضع السائد سوءاً بسبب محاولة داعش في الصحراء الكبرى إظهار نفسها على أنّها منظمة قوية قادرة على شنّ عمليات واسعة النطاق. وتمكنت من إثبات هذه الصورة المنشودة بعد الكمين الذي وقع ضحيته في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2017 أربعة جنود من القبعات الخضر في الجيش الأمريكي بالقرب من بلدة تونغو- تونغو  في إقليم والام (منطقة تيلابيري).

داعش

يحيى أبو همام مع عدد من المقاتلين في تنظيم القاعدة

وفي مارس / آذار من العام نفسه، قامت مجموعة أنصار الدين التابعة لإياد أغ غالي، والمرابطون التابعون لمحمد أولد نويني المعروف باسم حسن الأنصاري، وجبهة تحرير ماكينا التابعة لأمادو كوفا وإمارة القاعدة في المغرب الإسلامي في الصحراء التابعة للجزائري يحيا أبو الهمام، بتأسيس مجموعة الدعم للإسلام وللمسلمين أو جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.

داعش - القاعدة

اجتماع يضم عدداً من قادة تنظيم القاعدة

وشعر تنظيم داعش في الصحراء الكبرى بالقوة بعد هجوم تونغا – تونغا، فعزّز هجماته في منطقة الحدود الثلاثية، خصوصاً في العام 2019 بعدما هاجم القواعد المتقدّمة لجيوش البلدان الثلاثة المذكورة أعلاه.

داعش

يحيى أبو الهمام قائد القاعدة السابق في صحراء المغرب الإسلامي (هو جزائري الجنسية وقد قتل في فبراير 2020)

فمن مارس/ آذار، إلى ديسمبر/ كانون الأول، نفّذ التنظيم عشرات الهجمات الواسعة النطاق بحقّ جنود من النيجر ومالي وبوركينا فاسو موقعاً حصيلة بشرية غير مسبوقة.

وعلى سبيل المثال، أوقع هجوم إينات في جنوب غرب النيجر 71 ضحية في صفوف الجيش، أما في إينديليماني في محيط أنسونغو (منطقة غاو)، فقد أعلن مقاتلو داعش في الصحراء الكبرى أنّهم أوقعوا 80 جندياً. كما شنّت المجموعة نفسها في يناير/ كانون الثاني من العام 2020 هجوماً على القوات المسلحة التابعة للنيجر والمنتشرة في شينيغودار بالقرب من الحدود مع مالي أوقع 77 ضحية بحسب السلطات، في وقت أعلنت المجموعة أنّها أوقعت 89 ضحية.

وفي العام نفسه، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عقد قمّة مصغرة في فرنسا للتناقش في مستقبل التعاون بين بلاده ودول مجموعة الساحل الخمس. ولكن في الاجتماع الذي عقد في منطقة  بو الواقعة جنوب فرنسا، تمّ التطرق أيضاً إلى ضرورة الضغط على تنظيم داعش في الصحراء الكبرى.

في غضون ذلك، أعاد جناح التنظيم في أفريقيا الغربية والموجود في منطقة الساحل، تفعيل نشاطه على جبهة أخرى، هو الذي تصفه فرنسا وحلفاؤها في المنطقة بأنّ له طابع الأولوية، وكان الهدف هذه المرة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين. ولكن هذه المواجهة بين الحلفاء السابقين كان قد تسبب بها الصحراوي وشركاؤه ومنهم الأبرز والأكثر نشاطاً  موسى موميني، وهو ينتمي إلى إتنية بو وقبيلة تولوبي التي تعيش في النيجر، ويتمتع برعاية عبد الحكيم الصحراوي.

أمّا جعفر ديكو وهو خليفة مالام ابراهيم ديكو على رأس مجموعة أنصار الإسلام في بوركينا فاسو، والتي اندمج قسم منها في مجموعة نصرة الإسلام والمسلمين، فقد تعيّن عليه أن ينتظر إشارة من أمادو كوفا ليدخل في نزاع مفتوح مع تنظيم داعش في الصحراء الكبرى.

معارك طاحنة

في 18 أبريل/ نيسان، وقعت اشتباكات بين مقاتلي داعش في الصحراء الكبرى، و مجوعة نصرة الإسلام والمسلمين في غوسّي بمنطقة غورما في مالي. وذكر الموقع الإلكتروني المالي “نور سود جورنال” وقوع 40 قتيلاً من المتشددين وتم الإستيلاء على آلياتهم من قبل مناصري القاعدة.

وقبل ذلك بأسبوع، لقي كذلك 40 مناصراً لمجموعة نصرة الإسلام والمسلمين حتفهم في اشتباكات مع تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وذلك في شمال بوركينا فاسو. أمّا في يونيو/ حزيران فقد فاجأت وحدة من داعش في الصحراء الكبرى رجالاً تابعين لمجموعة نصرة الإسلام والمسلمين في إينتيليت  في جنوب غاو، وقتلت عدداً كبيراً منهم.

داعش

التجهيز لمعركة بين القاعدة وداعش في أفريقيا

إلّا أنّ المعارك الأكثر عنفاً، وقعت في نداكي في جنوب غاو حيث ترك متشددون تابعون لداعش نفسهم يقعون ضحية “إخوتهم الأعداء” من الجبهة المقابلة.

وضمن هذه الأجواء، تحرّكت المجموعتان طوال العام في ليبتاكو غورما  ومالي وبوركينا فاسو مع تسجيل انتصارات لكلي الجانبين. فالكيانان أبديا علناً عداءهما المتبادل. وبين 15 مايو/ أيار 2020 و2 مارس/آذار 2021، اعترف تنظيم داعش بمسؤوليته عن 62 هجوماً في الساحل على مواقع للقاعدة.

خارطة "الجهاديين"في أفريقيا تنذر بمعارك دموية.. ومَنْ الخليفة المحتمل بعد شيكاو؟

مقاتل من داعش في الصحراء الكبرى خلال معركة ضد مقاتلي القاعدة في مالي

وفي إحصاء بُني  على ما أوردته صحيفة “النبأ” الصادرة عن تنظيم داعش، تم إحصاء 59 هجوماً في عام 2020 و3 هجمات عام 2021 حتى تاريخ 2 مارس/ آذار، ما يؤكّد أنّ المجموعتين لم ترحما بعضهما البعض، وهذا العدد يمثل أكثر بقليل من ثلث الهجمات التي اعترفت بها رسيماً داعش في أفريقيا الغربية بمنطقة الساحل منذ العام 2015.

ووصفت صحيفة “النبأ” مقاتلي القاعدة بـ”المرتدّين”، وتروي بالتفصيل في الصفحة 13 من عددها 233  الصادر في 7 مايو/أيار 2020، المعارك المختلفة ضد “مرتدّي القاعدة” في مالي وبوركينا فاسو.

داعش

العددرقم 233 من صحيفة النبأ التابعة لداعش

بدورها، نشرت وكالة “أماك” فيديو لمعارك ضد مقاتلين من القاعدة في أغسطس/آب 2020 في جنوب غرب تيلاتاي.

خارطة "الجهاديين"في أفريقيا تنذر بمعارك دموية.. ومَنْ الخليفة المحتمل بعد شيكاو؟

معارك بين داعش والقاعدة في مالي العام 2020 (وكالة أعماق التابعة لداعش)

وكان من المفترض بهذه الحرب “الأخوية” التي أُضيفت إليها الضغوط التي مارسها الجيش في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وعملية “بارخان”، أن تُضعف الفرع المحلي لتنظيم داعش.

وأعاد رجال عدنان أبو وليد الصحراوي انتشارهم عام 2020 في شرق بوركينا فاسو، حيث أُفيد عن وقوع هجمات عديدة غالباً ما استهدفت المدنيين. كما صوّت نواب بوركينا فاسو  في يناير/كانون الثاني 2020  على قانون لتأسيس مجموعة من المتطوعين للدفاع عن الأمة بهدف تعزيز فعالية مكافحة المجموعات المتشددة.

محصّلة

وفي ما يتعلق “بالانتصارات”، تصرّح كل مجموعة من جهتها أنها تقدّمت على الأخرى. ولكن عملياً، عزّزت جبهة نصرة الإسلام والمسلمين وجودها في الوسط وانتشرت في غرب مالي. وفي غورما، أعادت الجبهة السيطرة على نداكي التي كانت تشكل أكبر سوق لإعادة تموين تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، والذي يبقى متحصناً في منطقة تيسيت بالقرب من نهر النيجر.

وتتواجد الجبهة كذلك في أودالان وسينو في بوركينا فاسو وأيضاً في منطقة ليبتاكو بمالي وفي النيجر، بعبارة أخرى تتواجد جنوب الطريق السريع RN20 (وهي طريق الترانزيت بين أنسونغو وميناكا).

ملخص ما ذكر سابقاً، أنّ الجهتان دفعتا أثماناً باهظة في هذا النزاع. في حين أكّد “هاني نسايبيا” في تصريحاته لـ “أخبار الآن”، بأنّه أحصى وقوع 800 قتيل تقريباً مع تقدّم بسيط لجبهة نصرة الإسلام والمسلمين التي قد خسرت أقل بقليل من 400 مقاتل.

وأضاف: “في الوقت عينه، لا بدّ من تسليط الضوء على بعض الأبعاد. فداعش في الصحراء الكبرى عبر ماكينته الإعلامية، يروّج لانتصارات مزعومة في المعارك ضدّ جبهة نصرة الإسلام والمسلمين، في حين حاولت الجبهة التخفيف من وطأة التنظيم”.

داعش

العدد 233 من “النبأ” في 7 مايو 2020 وفيه حديث عن الصراع بين القاعدة وداعش على مالي وبوركينافاسو

وأردف: “في النتيجة كلّفت الحرب ثمناً باهظاً للطرفين لا سيما بالنظر إلى الخسائر في صفوف المقاتلين والموارد. كما أنها أربكت أيضاً جهودهم الهجومية ضدّ أعدائهم الرئيسيين القدامى وكشفتهم أمام أعين المراقبة والضربات الجوية. وبالتالي أضعفت التمرّد على الرغم من أنّ ذلك كان يبدو موقتاً لا أكثر، وذلك وسط تواصل العمليات وتأثيرها المتنامي”.

عودة داعش إلى الصحراء الكبرى

ويبدو أنّ تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، بدأ يستعيد قواه. فمثلاً فرنسا ودول الساحل الخمس أبدت قلقها من الإنتصارات المتعددة لداعش ضدّ المجموعة المتشدّدة الأخرى، واعتبرت أنّه حان الوقت لتضييق الخناق من أجل إعادة التركيز على جبهة نصرة الإسلام والمسلمين التي تشكل اليوم الخطر الأكبر في المنطقة.

وبطبيعة الحال، استفاد داعش من تلك الأوضاع، وبدأ بتنفيذ عمليات على المنطقة الحدودية المشتركة بين البلدان الثلاثة. وفي 4 مايو/ أيار، قتل 16 جندياً و 4 مدنيين في كمين اعترف بتنفيذه تنظيم داعش في الصحراء الكبرى في منطقة بنيبانغو في جنوب غرب النيجر. وقبل ذلك، أي في شهر مارس /آذار، توغّل المتشددون في عدة قرى في منطقة تيليا في تاهوا الواقعة نحو شرق البلاد ونفّذوا هناك مجزرة وقع ضحيتها ما لا يقل عن 137 مدنياً. أمّا في بوركينا فاسو، فأصبح الشرق الهدف الجديد للمجموعتين المتشددتين. وهكذا في 2 مايو/ أيار، هاجم رجال مسلحون قرية هانتوكورا في كودييل في إقليم فوتوري وقتلوا 12 مواطناً وإثنين من المتطوعين في حركة الدفاع عن الأمة. وبحسب حاكم المنطقة الشرقية، سُجّل وقوع 11 ضحية.

في قراءة معمّقة للأحداث الأخيرة في منطقة الحدود المشتركة بين البلدان الثلاثة وفي شرق بوركينا فاسو، يتبيّن أنّ المدنيين هم الخاسرون الرئيسيون في مناخ انعدام الأمن هذا. فهم يدفعون ثمن ولائهم المفترض لمجموعة أو لأخرى. ولا شك في أن مجزرة تيليا خير دليل على ذلك بحسب خبراء كثر.

وضمن هذا السياق، وُجهت أصابع الإتهام لداعش في الصحراء الكبرى. ففي 2 مايو/ أيار، نُفّذت عملية قطع للأطراف في سوق أسبوعي في تين حاما في محيط أنسونغو. ويذكّرنا هذا الحدث بالأوقات العصيبة التي عاشتها المنطقة خلال احتلال المتطرفين شمال مالي، ويُقرأ كأنّه يأتي بناءً على رغبة رجال عدنان أبو وليد الصحراوي الذين يريدون حكم المنطقة.

ويُرجح أن يكون تنظيم داعش المركزي يحرّك الأحداث عن بعد، في ظلّ وجود وعد بمنحه إقليماً مستقلاً ومنفصلاً عن الجناح الموجود في النيجر. إلّا أنّ هذه الفكرة تبدو غير واضحة بنظر بعض المختصين الذين يرون أنّ داعش في الصحراء الكبرى لم يستعد قدرته الكاملة كما كان في العام 2019، وبالتالي لا يستحق هذه العملية التسويقية.

بغضّ النظر عن كلّ ما سبق، تجد المجموعة حيزاً أكبر في تصريحات داعش ومكاناً بارزاً في حملة “رمضان”، كما أنّ التنظيم في الصحراء الكبرى، افتتح الإحتفالات بعيد الفطر في تليه بنيجيريا بحسب منصات تابعة لداعش.

شاهد أيضاً: حسابات داعشية تؤكّد مقتل زعيم بوكو حرام وتفضح الصراع بين أفرع التنظيم.. فمن هو أبو بكر شيكاو؟