اعترافات الظواهري

أنا لست عضوا بأي تنظيم ولا يوجد أي علاقة مع تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية”  بهذه الكلمات بدأ أيمن الظواهري اعترافاته في قضية اغتيال الرئيس محمد أنور السادات 6 أكتوبر 1981،  وهي القضية التي حملت رقم 462/ 1981،  آمن  دولة عليا،  حيث حاول أيمن الظواهري التبرأ من عضويته بتنظيم الجهاد ونفى أي صلة مع التنظيم والعناصر التي اغتالت الرئيس السادات،  بل وصل الأمر للأداء بمزيد من الاعترافات علي كل أصدقاءه في محاولة للنجاة بنفسه من اتهام أجهزة الأمن المصري،  ولعل ما يثبت ذلك اعترافه ضد أقرب أصدقائه،  عصام القمري،  الضابط المفصول من الجيش المصري ورفيقه في التنظيم،  بجانب اعترافه على عبود الزمر الضابط السابق أيضا،  ما دفع العديد من قيادات تنظيم الجماعة الإسلامية يتشككون في أيمن الظواهري ووصفة بالشخص الانتهازي ضعيف الشخصية وخصوصا مع الإفراج عنه في 1984.

هذه الاعترافات تعتبر مدخلا رئيسيا في فهم شخصية وتركيبة وسيكولوجية أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة.

مولده والبحث عن الذات

ولد أيمن محمد ربيع محمد الأحمدي محمد إبراهيم الظواهري في 19 يونيو 1950، بحي حلوان جنوب القاهرة بمنزل جده والد والدته الدكتور عبد الوهاب عزام والذي شغل منصب سفير مصر الأسبق في المملكة العربية السعودية مرتين الأولي 1947، والثانية 1954، وسفير مصر في باكستان 1950، وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة الأسبق عام 1945.

وهو ما جعل من أيمن الظواهري يعرف بناء على نسبة لجدة الأكثر شهرة ونفوذا ما جعل أيمن الظواهري يبحث عن مساحات بعيدة عن أسرته الشهيرة ليتمكن فيها من البحث عن الذات،  حتى تعرف الظواهري في السن المراهقة على مؤسسي تنظيم الجهاد نبيل البرعي وإسماعيل طنطاوي النواة المؤسسة لتنظيم الجهاد أثناء ذهاب الظواهري للصلاة في مسجد حسين صدقي بحي حلوان وهو ما شكل علاقة قوية بينهم.

النشأة الأولى في مدارس الإرهاب

تتلمذ الظواهري فقهيا على يد الشيخ خليل هراس الدكتور في جامعة الأزهر والقيادي في جمعية أنصار السنة بالقاهرة،  بجانب تتلمذه تنظيميا على يد نبيل البرعي،  هذه العلاقة المزدوجة أثر بشكل كبير في شخصية الظواهري ككونه الرجل الثاني في خلية الجهاد الأولي وهو الدور والصفة تمكن الظواهري بلعبها على مدار خمسين عاما حتى مع تواجده في قيادة تنظيم القاعدة،  وهو الدور الذي شكل للظواهري أزمة نفسية لكونه ليس الرجل الأول سواء في تنظيم الجهاد بمصر أو في تنظيم القاعدة في أفغانستان ما جعل من الظواهري شخصا ضعيف الشخصية،  يسعى إلى إثبات الذات عبر الإفراط في العنف،  مع التشكيك في كل من حولة حتى الأطفال في التنظيم وهو ما حدث فيما يعرف ( بالمحكمة الشرعية) التي أسفرت عن قتل الظواهري طفلين أكبرهم لم يتجاوز 15 عاما في تسعينيات القرن الماضي اثناء تواجد أيمن الظواهري في السودان تحت حجة تعاون الطفلين مع أجهزة الامن المصرية في نقل أخبار التنظيم والظواهري للأمن.

وأطلق الظواهري الرصاص علي الطفلين وتم توثيق عملية الإعدام علي شريط فيديو،  وهي الواقعة التي أدت الي حدوث أول انشقاق في تنظيم الجهاد عبر انشقاق القيادي في تنظيم الجهاد محمد شرف،  المكني أبو الفرج اليمني والد الطفل مصعب (13 عاما)الذي تم قتله علي يد أيمن الظواهري،  ومن ثم ترك أبو الفرج السودان وتنظيم الجهاد وذهب الي اليمن.

هذه الحادثة تعد تعبيرا دقيقا علي حالة الظواهري السيكولوجية المتشككة في كل الدوائر المحيطة نتيجة تخوفه من قيام احد قيادات التنظيم بالاعتراف عليه كما فعل الظواهري مع أصدقاءه في تنظيم الجهاد المصري والجماعة الإسلامية أثناء تحقيقات قضية اغتيال الرئيس أنور السادات.

الرجل الثاني بتنظيم القاعدة

مع خروج أيمن الظواهري من مصر في أعقاب الإفراج عنه من قضية اغتيال الرئيس أنور السادات ذهب الظواهري إلى المملكة العربية السعودية وتعرف فيها على أسامة بن لادن وعبد الله عزام ومنها سافر إلى أفغانستان في منتصف الثمانينيات لمواجهة الاتحاد السوفيتي.

ومع الانسحاب السوفيتي بدأ الظواهري يبحث عن لعب دور أكبر عبر محاولة إحياء تنظيم الجهاد مرة أخرى وهو ما دفعه للذهاب للسودان بعد انقلاب البشير والذي دعم الظواهري ماليا ومعلوماتيا وكان نقطة مهمة في بناء تنظيم الجهاد،  وعلى الرغم من الدعم الكبير من سودان البشير للظواهري إلا أن الظواهري لم يتمكن من السيطرة الفعلية على تنظيم الجهاد ولم يتمكن من توسيع نشاط التنظيم لافتقاده الزعامة والقدرة على لعب دور الرجل الأول ما دفع الظواهري للتسليم بزعامة أسامة بن لادن كونه الرجل الأول والأقوى وصاحب كاريزما القيادة،  والاكتفاء بدور الرجل الثاني وخصوصا مع انتقال الظواهري من السودان إلى أفغانستان،  فأسامة بن لادن هو ما أعطى لتنظيم القاعدة البعد الأمني وصاحب التأصيل النظري لمفهوم (العدو البعيد) والذي تم ترجمته في العملية الإرهابية ضد سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في كينيا وتنزانيا 7 أغسطس 1998، وهي العملية التي أظهرت تنظيم القاعدة بشكل فعلي في العالم.

فرصة القيادة وضعف تنظيم القاعدة

مع مقتل أسامة بن لادن مايو 2011،  جاءت الفرصة لأيمن الظواهري لأول مرة من أربعين عاما ليكون الرجل الأول في أي تنظيم،  وهي الفرصة التي أثبت ضعف شخصية الظواهري وعدم قدرته على الإدارة ولعب دور الرجل الأول ما جعل من تنظيم القاعدة يتراجع سواء على مستوى التنظيم المركزي في أفغانستان أو ببقية أفرع التنظيم المختلفة والتي تراجع عددها إلى الثلث مع انشقاق العديد من أفرع تنظيم القاعدة وفك الارتباط التنظيم والبيعة للظواهري وإعلان البيعة والتبعية لتنظيم الدولة داعش منذ عام 2014 وحتى عام 2017،  والتي بدأت بتنظيم القاعدة في العراق وصولا لتنظيم بوكوحرام،  حيث شهد تنظيم القاعدة تحت قيادة الظواهري فقدان للقدرة والسيطرة التنظيمية بجانب فقدان العديد من قيادات تنظيم القاعدة سواء على المستوى المركزي أو الأفرع عبر استهداف قوات الأمن بدول الإقليم أو أجهزة أمن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا لهم،  كما حدث بمقتل قاسم الريمي،  وعبد الملك دروكدال،  وأبو القسام الأردني،  وخالد العاروري وقبله ابو خديجة الأردني،  وبلال خريسات،  وأيضا أبو خلاد المهندس،  وسامي شهاب،  أبرز قيادات التنظيم في سوريا والعراق وأبو محمد السوداني وهو من القيادات الشرعية التي لعبت أداورا في اليمن وسوريا.

تلك الاغتيال اثرت علي تماسك بنية التنظيم مع تصاعد الخلافات البينية الداخلية وضعف قيادة الظواهري.

الظواهري وأزمة الخلافة في حياته ومماته

منذ مقتل أسامة بن لادن وهناك أزمة قيادة مستمرة على الرغم من تولي أيمن الظواهري لقيادة التنظيم نتيجة ضعفه قيادة الظواهري والذي يقترب لمستوي مفتي للتنظيم من كونه زعامة للتنظيم وهو ما دفع العديد من قيادات مجلس شوري التنظيم وبعض الأفرع بدول الإقليم،  الحديث عن نقل السلطة لحمزة بن لادن قبل مقتل الأخير،  وعلى الرغم من مقتل حمزة بن لادن إلا أن العديد من أفرع التنظيم بدأت تتحدث عن ضعف شخصية الظواهري ومحاولة البحث عن أسماء بديلة،  وهو الأمر الذي بدا يطرح بقوة خلال المرحلة الأخيرة مع تنامي احتمالات وفاة أيمن الظواهري،  مما أدى إلى طرح العديد من الأسماء مثل محمد صلاح الدين المكني باسم سيف العدل،  مسؤولا عن اللجنة الأمنية ومهندس المتفجرات بالتنظيم والمقرب من أسامة بن لادن والمقرب من القيادة الأمنية في طهران بجانب تصاعد اسم محمد صالح زيدان والذي تولى مسئولية التنظيم لفترة قصيرة في أعقاب مقتل أسامة بن لادن قبل اختيار أيمن الظواهري،  وهو الأقل في الكاريزما والسيطرة مقارنة مع سيف العدل ما يجعل من اختيار القيادة الجديدة أحد أهم الأسباب التي ستكون محددة لقدرة ومسار تنظيم القاعدة خلال مرحلة (ما بعد الظوهري)،  فبغض النظر عن صدق احتمالات وفاة أيمن الظواهري من عدمه إلا أن ايمن الظواهري ظل بارعا في لعب دور الرجل الثاني طوال حياته منذ دخوله لتنظيم الجهاد المصري حتى رحيله عنه،  وفشل كذلك في أن يكون الرجل الأول خلال خمسين عاما بالتنظيمات الإرهابية والمتطرفة.