رهينة لـ 6 سنوات مع القاعدة

روى السويدي “جوهان غوستافسن“، لـ”أخبار الآن” كيف أمضى 6 سنوات مع القاعدة، اذ بدأت قصته في نوفمبر العام 2011، شمال مالي حيث كان يقوم برفقة الجنوب أفريقي ستيفن ماكغاون والهولندي سياك رييكه وآخرين، برحلة على الدراجات النارية إلى جنوب أفريقيا. وعندما استقروا في فندق “كومبانت هوغون”، بمدينة تمبكتو في مالي، اختطفهم عناصر من تنظيم القاعدة.

وقال: “لقد احتُجزنا سوياً نحن الثلاثة وبقينا معظم السنوات الـ 3 الأولى في المنطقة الغربية بالقرب من موريتانيا، حينها كنت أفكر دائما بالهروب.

وأضاف: “بعد 3 سنوات تقريباً، نقلوا الرجل الهولندي، واحتجزت أنا ورجل آخر من جنوب أفريقيا سوياً خلال كل تلك الفترة، وبشكل عام أمضيت وقتي بالقيام ببعض الهوايات”.

هل عمليات خطف الرهائن "مربحة" حقاً للإرهابيين؟

وبعد أكثر من 6 سنوات أفرج عن “غوستافسن” إثر مفاوضات ونقل من المخيم بسيارة عبر الصحراء، وبعدها عبر طائرة الى السويد، ولكن اللافت أنه كان دائما يرفض أن تدفع حكومة بلاده فدية مقابل اطلاق سراحه، نظرا لضرر الأموال على حياة المدنيين، قائلا:

إن ضرر الفدية أكثر من حياة شخص واحد

وعمدت وسائل إعلامية عدة الى إلقاء الضوء على عمليات خطف الرهائن التي تقوم بها الجماعات الإرهابية، وذهب بعضها الى تضخيم كل ما يتعلق بحيثياتها ونتائجها المربحة.

وإذا صدقت تلك التقارير، فإن الخاطفين يجنون ملايين اليورو من هذه العمليات، إضافة إلى إنقاذ رفاقهم من السجون. ولكن إذا كانت المنظمات الإرهابية تعتبر الاختطاف “تجارة” والفدية “دخل”، فما هي بالضبط “تكلفة” هذه التجارة ؟ دعونا نلقي نظرة على الصورة الأكبر.

دخل غير واضح

“دفع الفدية سيشجع المزيد من عمليات خطف الرهائن وهذا فخ لا نهاية له” بهذا المنطق البسيط ترفض العديد من الدول التفاوض مع محتجزي الرهائن. لكن من الواضح أن دولاً أخرى مستعدة لدفع فدية لإنقاذ مواطنيها من أيدي الخاطفين.. لكن ما هو أقل وضوحًا.. هو حجم الأموال في هذه العمليات.

وبما أنه لا يوجد من هو على استعداد للإفصاح عن مثل هذه الأرقام السرية، فمن المستحيل معرفة الإيرادات الدقيقة للجماعات المتطرفة من عمليات الاختطاف. ومع ذلك، بما أن مثل هذه الجماعات تعتبر الكذب أمراً مشروعاً، فيجب أن نثق بفرضية أنها تبالغ في الإيرادات المعلنة من وراء عمليات خطف الرهائن كذلك.

هل عمليات خطف الرهائن "مربحة" حقاً للإرهابيين؟

هذه الجماعات تعتبر الكذب أمراً مشروعاً، فيجب أن نثق بفرضية أنها تبالغ في الإيرادات المعلنة من وراء عمليات خطف الرهائن كذلك

لا تحظى حالات الفشل باهتمام كبير

عندما يحصل محتجزو الرهائن على الفدية التي يطلبونها، تتصدر هذه الأخبار كل وسائل الإعلام وتصبح حدثاً عالمياً. لكن في كثير من الأحيان لا تنجح هذه الجماعات في الحصول على مبتغاها , وتفشل عملية الاختطاف ويتم قتل الخاطفين . عمليات خطف الرهائن الفاشلة هذه لا تحظى بنفس القدر من التغطية مثل عمليات الخطف “الناجحة”. الحقيقة هي أن الاختطاف عمل غير مؤكد، وخطير للغاية، وفي كثير من الحالات “عمل مميت”.

هل عمليات خطف الرهائن "مربحة" حقاً للإرهابيين؟

جذب النوع الخاطئ من الانتباه

عندما تقوم جماعة ما بخطف مجموعة من الرهائن، فإنها تصبح هدفاً ذا أولوية لعمليات مكافحة الإرهاب الإقليمية والعالمية. تبدأ الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار والوحدات الخاصة لمكافحة الإرهاب في التركيز عليها أكثر.

هذه العملية الدقيقة من المراقبة والمتابعة لا تتوقف.. حتى تتآكل قدرة هذه الجماعات على إحداث المزيد من الضرر.

بمجرد أن تلجأ جماعة ما إلى عملية اختطاف، يصبح من المستحيل عليها عملياً الاختباء مرة أخرى. لا تؤثر عمليات المراقبة والتتبع على أعضاء المجموعة فحسب، بل تؤثر أيضاً على عائلاتهم وقبائلهم وبلداتهم وأي شخص.. وأي شيء يتعلق بهم.

هل عمليات خطف الرهائن "مربحة" حقاً للإرهابيين؟

بمجرد أن تلجأ جماعة ما إلى عملية اختطاف، يصبح من المستحيل عليها عملياً الاختباء مرة أخرى

كشف الأسرار

على الرغم من المحاولات المضنية للتكتم على الأمر ، فإن الإرهابيين عندما يقومون بخطف رهائن ينتهي بهم الأمر بكشف مواقعهم وهياكل صنع القرار ونقاط ضعفهم. في كثير من الحالات، تتبع حالات الاختطاف عمليات أمنية واسعة النطاق ، تؤدي في كثير من الأحيان إلى تكبيد هذه الجماعات خسائر كبيرة ودمارهائل، ومحو أي مكاسب مالية.

المال يشق صفوف محتجزي الرهائن

تتمثل إحدى التكاليف الرئيسية بهذه العمليات في أن الأموال تذهب إلى جيوب أسوأ القادة المجرمين في كل منظمة، لا توجد مشاركة عادلة. لذلك فإن الأموال التي تاتي من الخطف تؤدي إلى تدمير وحدة الجماعة وتزيد من حدة التوترات والفتن الداخلية . العناصر الإجرامية لها اليد العليا، غالباً عن طريق قمع الأعضاء ذوي الدوافع الأيديولوجية. بشكل عام، تصبح المجموعة نفسها أكثر إجراماً.

المجتمع الأوسع يعاني

ينحدر محتجزو الرهائن من مجتمعات تعاني بالفعل من مشاكل عرقية واقتصادية وبيئية وغيرها. عندما تشارك مجموعة من الأفراد من هذا المجتمع في عمليات خطف الرهائن ، فإنهم يجذبون المشاكل لقراهم ومجموعاتهم العرقية. هذا يؤدي إلى استمرار الخسائر والدمار. في هذه الصورة المشوشة، إذا كان للجماعة مظالم اقتصادية وسياسية مشروعة، فإنها تفقد قوتها وتصبح أضعف بسبب الخاطفين بينهم.

الخلاصة

لذلك، وفي حين أنه من المستحيل إجراء تحليل دقيق لتكلفة خطف الرهائن للحصول على فدية، يمكن القول بوضوح إن هذه العمليات ليست مربحة كما تظهرها بعض وسائل الإعلام، ولها تكلفة كبيرة على محتجزي الرهائن ومنظماتهم ومجتمعاته م. يتم إنفاق أموال الفدية بسرعة.. ولكن تكلفة هذه العمليات تستمر في الإضرار بمرتكبيها لسنوات.

وبالتالي فإن خطف الرهائن من أجل الحصول على فدية.. تجارة خطيرة ومميتة حتى للخاطفين ومجموعاتهم ومجتمعاتهم.