هنا في هذا المكان، تجدّ الفتيات الأفغانيات مساحةً للتعبير عن أنفسهن، كما باقي الشعب الأفغاني الذي ينشد السلام في بيئة سئمت من الحرب والتوترات الأمنية والتفجيرات، بسبب طالبان التي يخشى الأفغانيون عودتها إلى التحكّم بالسلطة، لا سيما الفتيات اللوتني يخشين على سلب حرياتهن من جديد.

رسائل أمل تبعثها هؤلاء الفتيات إلى المجتمع الأفغاني وبالتالي العالم. الدفاع عن النفس الرياضة التي تعلّم فنون القتال، وربّما هن اخترن هذه الرياضة في وقت وجدت فيه الفتاة الأفغانية نفسها مضّطرة للدفاع عن نفسها، لا بل عن حريتها.

أفغانستان

رسائل أمل تبعثها الأفغانيات إلى العالم مفادها أنهن قادرات على الدفاع عن أنفسهن وحريتهن

“لا يوجد شيء لنا في أفغانستان”

باروين عسكري، وهي مدربة نسائية في فنون الجودو القتالية، قالت لـ”أخبار الآن“: “أقوم بتدريب الجودو منذ نحو 9 سنوات. لقد تمكّنت من النجاح على الرغم من التحديات والصعوبات التي واجهتها. كما كان هناك جهد من المدربين الذين تعلمت على أيديهم، وأصبحت الآن مدربة وأقوم بتدريب فتيات أخريات”.

افتتح اتحاد الجودو في أفغانستان في العام 1979، ولكن في ذلك الوقت كانت هناك سلسلة من المشاكل التي أغلقت الاتحاد للسبب نفسه. لكن بعد سقوط نظام طالبان وتشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة، أُعيد تأسيس اتحاد الجودو.

وأضافت: “حالياً يخضع أعضاء المنتخب الوطني وأعضاء الفرق الأخرى لتدريبات يومية، حيث تتمرن فرق الفتيات والفتيان بشكل منفصل وفي نوبات منفصلة”.

أفغانستان

باروين عسكري – مدربة نسائية في فنون الجودو القتالية لأخبار الآن: للأسف لا يوجد شيء لنا في أفغانستان

وأردفت باروين: “لسوء الحظ المشاكل كثيرة للغاية، فنحن ليس لدينا مرافق ومعدات. ما زلنا لا نملك مكاناً مناسباً للتدريب. أقسم أنّ هناك العديد من الفرص للرياضيين في الخارج، لكن للأسف، لا يوجد شيء لنا في أفغانستان”.

وأوضحت: “لدينا حالياً 25 لاعبة في المنتخب الوطني للسيدات وصلن إلى المنتخب بعد اجتياز المنافسات المطلوبة، لقد بدأت في رياضة الجودو مذ كنت في المدرسة الثانوية وما زلت أفعل ذلك، فهذه الرياضة ليست بسيطة.. أخاف من اليوم التي تعود فيه طالبان إلى السلطة والانضمام إلى الحكومة. هذا أمر مخيف جدّاً بالنسبة إليّ لأنّ لديهم مشاكل مع النشاطات التي تقوم بها النساء، إذا جاء هذا اليوم ووصلت فيه طالبان إلى السلطة مرة أخرى، فسأطلب من أعضاء فريقي التدرّب في المنزل وعدم التخلّي عن هذه الرياضة أبداً. نحن لن تتخلى عن ذلك أبداً”.

مزيد من الحرية

من جانبها، وصفت قدسية خليلي، وهي عضو في منتخب الجودو بكابول، رياضة الجودو بفن القتال الصعب، وقالت لأخبار الآن: “في بعض الأحيان نصاب بأذى، نقوم بتمارين مسبقة حتى لا نصاب بكسور”.

وأضافت: “حصلت على دعم عائلتي عندما وصلت إلى هنا ووالدي شجعني كثيراً. عندما أفكر في المستقبل والسلام، أصل إلى نقطة مهمّة، أنّه ربّما تتحسن الأمور وستحصل النساء على حقوقهن، وستبصر البلاد الحرية، ومع ذلك فإنّ مشاكلنا سيئة. ففي بداية الأمر، يجب أن أذكر التحديات الأمنية التي أواجهها عندما أخرج. نحن بحاجة إلى بيئة هادئة حتى يمكننا الاستمتاع بالتدريبات والتمارين الرياضية”.

أفغانستان

قدسية خليلي – عضو في منتخب الجودو بكابول لأخبار الآن: ربّما تتحسن الأمور وستحصل النساء على حقوقهن

الخوف من شبح طالبان

وتتخوف أنجيلا حكيمي، وهي لاعبة جودو منذ 10 سنوات، من عودة طالبان إلى حكم أفغانستان، وقالت لأخبار الآن: “إذا عادت طالبان فسوف نشعر بخيبة أمل كبيرة لأنّنا لم نعد قادرين على الاستمرار في ممارسة الرياضة والتدرّب.. والدتي من قندهار وأبي من كابول. لقد بدأت الجودو منذ كنت المدرسة الثانوية. أنا سعيد جدّاً، والداي متعلمان وهما يمنحانني الحق في ممارسة الرياضة”.

أفغانستان

أنجيلا حكيمي – لاعبة جودو تحدثت لأخبار الآن: إذا عادت طالبان فسوف نشعر بخيبة أمل كبيرة

وأضافت: “طالبان مختلفة عنّا لأنّها لا تسمح لنا بممارسة الرياضة وهي تعرقل تقدّم الفتيات، نريد أن تسمح لنا طالبان بالاستمرار بالتدرّب في حال عادت، وعلى الحكومة أن تتعاون معها للسماح لنا بمواصلة رياضتنا”.

وأردفت: “نحن سعداء جدّاً هنا، لدينا مدرسة، لدينا ملابس، لدينا أيضاً مدربة، وأنا شخصياً شاركت في العديد من المسابقات الوطنية والأجنبية.. ليس من السهل العيش تحت وطأة التطرف، وما تقوم به الفتيات في أفغانستان قد ينظر إليه البعض على أنّه أمر عادي يمكن لأيّ فتاة أن تقوم به، لكنّه في الحقيقة بأفغانستان، خطوة تتطلب جرأة وشجاعة، لأنّ الحرب على التطرّف لا تكون فقط باستخدام الحديد والنار، بل بتدبير عقلاني وثقافي يمكّن من انتزاع الحريات بالقوة، وليس عن طريق الاستجداء”.